الاقتصاد البريطاني يتجه إلى «المجهول»

شهد أبطأ وتيرة نمو في 6 سنوات... ومحرك «الخدمات» يوشك على التوقف

تشير البيانات الرسمية إلى أن تباطؤ الاقتصاد البريطاني (رويترز)
تشير البيانات الرسمية إلى أن تباطؤ الاقتصاد البريطاني (رويترز)
TT

الاقتصاد البريطاني يتجه إلى «المجهول»

تشير البيانات الرسمية إلى أن تباطؤ الاقتصاد البريطاني (رويترز)
تشير البيانات الرسمية إلى أن تباطؤ الاقتصاد البريطاني (رويترز)

نما اقتصاد المملكة المتحدة بأبطأ وتيرة في 6 سنوات خلال العام الماضي، مع تباطؤ النمو الاقتصادي في الربع الأخير لأدنى مستوى منذ 2012، وهي أرقام تزيد من المخاوف التي تحيط بمستقبل الاقتصاد البريطاني؛ خصوصاً في ظل الغموض المتزايد بشأن وضع المملكة المتحدة بعد الانفصال المزمع عن الاتحاد الأوروبي بنهاية الشهر المقبل.
وأول من أمس، قالت مدير عام صندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، إن «مستقبل ما بعد انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي (بريكست) مجهول». وأضافت خلال الجلسة الافتتاحية للقمة العالمية للحكومات في دبي: «لا نعرف تداعيات هذا الانفصال في مجريات المستقبل».
وأظهرت بيانات رسمية، أمس (الاثنين)، أن اقتصاد بريطانيا تباطأ كما هو متوقع في آخر ثلاثة أشهر من العام الماضي، ليسجل النمو في عام 2018 أقل مستوى له في ست سنوات.
ونزل الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأخير من العام الماضي إلى معدل فصلي بلغ 0.2%، من مستوى 0.6% في الربع السابق. ويتفق ذلك مع متوسط التوقعات في استطلاع أجرته «رويترز» لآراء خبراء اقتصاد، ولكنه أقل قليلاً من تقديرات بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) في الأسبوع الماضي.
وبالنسبة إلى عام 2018 بأكمله، تراجع النمو إلى أقل مستوى له منذ 2012 عند 1.4%، من 1.8% في 2017، وتضررت الصادرات بسبب الضعف العالمي وتنامي قلق المستهلكين والشركات في غياب خطة للانفصال البريطاني عن الاتحاد الأوروبي المقرر في 29 مارس (آذار) المقبل.
وفي الأسبوع الماضي، قلّص بنك إنجلترا توقعات النمو للعام الجاري بواقع 0.5 نقطة مئوية إلى 1.2%، وهو ما سيجعله أضعف عام منذ الكساد في 2009.
وعلى أساس سنوي، فإن نمو الاقتصاد داخل بريطانيا زاد بنحو 1.3% في فترة الأشهر الثلاثة المنتهية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وهو أدنى مستوى منذ الربع الثاني لعام 2012. وعلى مستوى القطاعات، فإن النشاط الخدمي في المملكة المتحدة سجل نمواً بنحو 0.4% في الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) حتى ديسمبر، فيما هبط الإنتاج الصناعي بنحو 1.1%. أما نشاط البناء داخل ثاني أكبر اقتصاد أوروبي، فهبط بنحو 0.3% في الربع الأخير من العام الماضي.
وأكدت البيانات أن استثمارات الأعمال تراجعت للربع الرابع على التوالي بنحو 1.4%، فيما انخفضت بنسبة 0.9% على مستوى 2018. وفي ما يتعلق بالناتج الإجمالي المحلي لدى ثاني أكبر اقتصاد أوروبي في شهر ديسمبر الماضي، فإنه هبط بنحو 0.4%، في مقابل توقعات استقراره. وعلى أساس شهر ديسمبر الماضي، فإن أنشطة الإنتاج الصناعي والبناء تراجعت بنحو 0.5 و0.7% على الترتيب. أما نشاط الخدمات فسجل هبوطاً بنحو 0.4% في الشهر الأخير من العام الماضي. والأسبوع الماضي، أظهرت بيانات مستقلة تراجُع معدل النمو في قطاع الخدمات في المملكة المتحدة إلى أدنى مستوى له خلال عامين ونصف العام، في يناير (كانون الثاني). وأوضحت وكالة «بلومبرغ»، أن هذا يقود الاقتصاد إلى ما يقرب من التوقف، في ظل تزايد مخاوف الشركات من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وتراجع مؤشر «آي إتش إس ماركت» لقطاع الخدمات إلى 50.1 نقطة في يناير، أي إلى مستوى أسوأ مما توقعه خبراء الاقتصاد، عند 51 نقطة. ويجعل هذا التراجع المؤشر يقترب أكثر من حاجز الـ50 نقطة.
وتقول الشركات، إنها تستبعد البدء في مشروعات جديدة، وإن العملاء ينفقون بصورة أكثر حذراً في ظل عدم وضوح الرؤية بشأن الخروج من التكتل الأوروبي.
وأظهرت دراسة أكاديمية أمس (الاثنين)، أن استفتاء الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي في 2016 دفع الشركات البريطانية إلى زيادة كبيرة في الاستثمارات بدول الاتحاد على حساب الإنفاق في الداخل.
وقال الباحثون في مركز لندن للأداء الاقتصادي بكلية لندن للاقتصاد إن الاستفتاء أدى إلى زيادة صفقات الاستثمار الأجنبي المباشر من بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي بين منتصف 2016 وسبتمبر (أيلول) 2018. وتُرجم ذلك إلى زيادة بنحو 8.3 مليار إسترليني (10.7 مليار دولار)، تركزت بالكامل تقريباً في قطاع الخدمات.
ورغم أن الباحثين لم يستطيعوا تأكيد ما إذا كان من الممكن لهذه المبالغ أن تُنفق في بريطانيا لو لم يكن الانفصال، فإنهم أشاروا إلى تقارير إعلامية ومؤشرات من أبحاث تجارية على أن الإنفاق غالباً ما جاء على حساب بريطانيا.
وعلى الجانب الآخر، أشارت الدراسة إلى انخفاض 11% في صفقات الاستثمار من الاتحاد الأوروبي إلى بريطانيا، بما تبلغ قيمته نحو 3.5 مليار إسترليني. وقال أحد المشاركين في الدراسة: «تُظهر البيانات أن الخروج البريطاني جعل المملكة المتحدة أقل جذباً للاستثمار».
وتواجه بريطانيا أضعف نمو اقتصادي في عشرة أعوام في العام الجاري، وفقاً لنبك إنجلترا المركزي الذي ألقى باللوم على الضبابية التي تكتنف الخروج من الاتحاد الأوروبي وتباطؤ الاقتصاد العالمي.
وبينما قالت بنوك مركزية أخرى إنها ستحجم عن رفع تكاليف الاقتراض، أعاد بنك إنجلترا تأكيد توقعات بزيادة تدريجية ومحدودة في أسعار الفائدة في خامس أكبر اقتصاد في العالم، إذا تم تجنب الخروج دون التوصل إلى اتفاق في الأيام الخمسين المتبقية على موعد الانسحاب الرسمي.
وقال صانعو السياسات في «المركزي» إن «النمو الاقتصادي في بريطانيا تباطأ في أواخر 2018. ويبدو أنه ضعف أكثر في مستهل 2019»، وذلك بعد أن صوتوا بالإجماع على الإبقاء على أسعار الفائدة عند 0.75%.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).