في مقتطف من سيرته الذاتية، يحكي نجم ليفربول السابق النرويجي جون آرني ريسه تفاصيل المشاحنات التي حدثت قبل مباراة فريقه وبرشلونة في دوري أبطال أوروبا عام 2007 والتي كادت أن تنهي مسيرته.
سافر فريق ليفربول إلى منطقة الغارف البرتغالية من أجل الاستعداد لمباراته المهمة أمام برشلونة، وكانت الخطة هي أن نقوم على مدى خمسة أيام ببعض التدريبات الخفيفة ولعب الغولف والاسترخاء في الشمس والحديث مع بعضنا البعض.
أقمنا في فندق «بارينغتونس غولف آند سبا»، الذي يقع في منتجع يسمى «فيل دو لوبو». وكنت أقيم في نفس الغرفة مع دانيال أغر. ويوم الخميس، تقرر أن يكون لدينا عشاء للاعبين فقط من دون المدير الفني والإداريين. وفي مثل هذه الحفلات، يُسمح للاعبين بتناول ما يحلو لهم من الشراب، وهو الأمر الذي لم أفعله أبدا.
اتصل ستيفن جيرارد بمالك الفندق وحجز غرفة خاصة لنا في مطعم وحانة «مونتي»، التي تقع في منطقة قريبة من الشاطئ. وكان المكان من الداخل مطليا باللونين الأبيض والأسود. وبدأ اثنان من اللاعبين في تناول الكحول قبل وصول الطعام، وكان من بينهما كريغ بيلامي. وفجأة، استخدم بيلامي الميكروفون الذي كان موجودا على المنضدة وقال: «ريسه سوف يغني! ريسه سوف يغني!» وبدأ يردد ذلك قبل أن يتم تقديم الطعام واستمر في نفس الأمر حتى ونحن نأكل. لقد كان ثملا تماما، وكنت أشعر بالانزعاج الشديد.
وذهبت إليه غاضبا وقلت له: «أنا لا أغني، اخرس وإلا سأوسعك ضربا!» ورد علي وهو يصرخ: «سوف أقتلك».
صمت بيلامي، وغادرت أنا المكان مع سامي هيبيا وركبنا سيارة أجرة وعدنا إلى الفندق. لم يكن أغر يرغب في العودة إلى الفندق، ولذا وعدته بأن أترك باب الغرفة مفتوحا حتى يتمكن من الدخول لدى عودته. وعندما عدت إلى الغرفة شعرت برغبة شديدة في النوم على الفور، وكانت الساعة تتجاوز الثانية عشرة والنصف مساء.
استيقظت في الظلام لأسمع صوت شخص يفتح الباب، واعتقدت بالطبع أنه أغر. استدرت وكنت أشعر بنعاس شديد، لكنني لم أر أي شيء بسبب الضوء المفاجئ والقوي في وجهي، إلا أن شيئا ما جعلني أدرك أنه لم يكن أغر. وسرعان ما استطعت رؤيته - لقد كان كريغ بيلامي بالقرب من فراشي ويمسك مضرب غولف في يديه.
وكان هناك أيضا ستيف فينان، الذي كان يشارك بيلامي في نفس الغرفة، لكنه كان يقف فقط من دون أن يفعل أي شيء. ورفع بيلامي المضرب عاليا فوق رأسه بأقصى ما يستطيع وحاول أن يضربني على ساقي، وهو الأمر الذي كان سينهي مسيرتي الكروية تماما لو حدث، لكنني نجحت في أن أسحب ساقي في الوقت المناسب.
قفزت من فوق الفراش، وسحبت الملاءة ووضعتها بيننا وكأنني أصارع شخصا ما وأنا «نصف مستيقظ». وصرخ بيلامي في وجهي: «لم يجرؤ أي شخص على عدم احترامي بهذه الطريقة أمام اللاعبين!» وكان يبدو أنه قد فقد وعيه تماما.
ورفع المضرب وحاول أن يضربني مرة ثانية وقال: «لا أهتم إذا ذهبت إلى السجن! أطفالي لديهم ما يكفي من المال لاستكمال الدراسة ولكل شيء. أنا لا أهتم.!» وفي هذه المرة ضربني بالفعل على مفصل الورك بكل قوة، لكنني لم أشعر بالألم بسبب تدفق الأدرينالين في جسدي، لكنه ضربني بقوة بالمضرب الحديدي الذي كان يمسكه.
أما الضربة التالية فقد أصابت فخذي. لقد حاولت أن أرفع ملاءة الفراش وأمنعه، لكنه استمر في توجيه الضربات نحوي، وكاد يصيبني بجراح خطيرة. وفي الوقت نفسه، كنت أعرف أنه يمكنني التغلب على بيلامي لأنني كنت أكبر حجما وأكثر قوة.
واكتفى فينان بالوقوف بجوار الباب، وربما كان هناك لإيقاف بيلامي إذا ازداد الأمر سوءا، لكنه كان قصيرًا ونحيفاً. ومع ذلك، كنت أعرف أنه إذا قمت بالرد على ضربات بيلامي بالمثل، فإن مسيرتي مع ليفربول سوف تنتهي.
حاولت تهدئته وقلت له: «اترك المضرب ودعنا نتشاجر بيدينا. هيا! أنا أريد قتالا متكافئا!» وعندئذ، وقف للحظة ونظر إلى وجهي ثم قال: «غداً عند الساعة التاسعة سوف نلتقي وننهي هذا الأمر»، ثم غادر.
لقد حدث الكثير من الأشياء في تلك الليلة، لكنني لم أكن أعرف بمعظمها لأنني ذهبت إلى الفراش مبكراً، لكن عندما نظرت من النافذة رأيت الأضواء تومض من سيارة الشرطة ورأيت حارس مرمى فريقنا، جيرزي دوديك، وهو مكبل في الأغلال. لقد كان يغني ويضرب على سقف السيارة.
اتصلت بالطبيب وطلبت منه أن يأتي لكي يلقي نظرة على الإصابات التي ألحقها بيلامي بي. وبالفعل تحول وركي وفخذي إلى اللونين الأسود والأزرق. وبعد الاعتناء بجروحي، استدعى الطبيب المدير الفني للفريق رفائيل بينيتيز، الذي سارع إلى الطابق العلوي وكانت الصدمة واضحة تماما على وجهه عندما دخل الغرفة، لكنه لم يقل الكثير، فقد كان هادئا ومسيطرا على أعصابه، كما هو الحال دائما. واكتفى بالقول إن جميع المشاركين في هذا الأمر سوف يجتمعون في اليوم التالي للحديث بشأن ما حدث. ثم غادر، وطلب من جيرارد أن يكتب تقريرا حول من الذي ترك الأمور تخرج عن السيطرة في تلك الليلة.
وفي الصباح، استيقظت واستحممت ونظرت إلى المرآة لكي أرى الإصابات التي لحقت بي. غادرت الغرفة في الساعة التاسعة إلا خمس دقائق صباحا، وأراد أغر أن يأتي معي، ثم توجهت إلى غرفة بيلامي وطرقت الباب لكن لم يرد. كانت الساعة التاسعة حينئذ، وهو الموعد الذي حدده بيلامي لإنهاء الأمور بيننا، وكنت جاهزا وطرقت الباب مرة أخرى، لكن لم يفتح أحد.
انتظرنا بالخارج لمدة 10 دقائق، ثم ذهبت أنا وأغر لتناول وجبة الإفطار. وكان من الواضح أن الشائعات بدأت تنتشر حول ما حدث خلال الليل، فقد جلس اللاعبون يتحدثون سويا ويضحكون فيما بينهم. وبعد فترة ظهر بيلامي، ولم ينظر نحوي، لكنه أحضر بعض الطعام وجلس. وساد الصمت أرجاء المكان، ثم جاء دوديك وهناك خدوش على وجهه، وعندئذ بدأ اللاعبون في الضحك.
وتواصل الضحك في الحصة التدريبية، ولم أكن سعيدا باكتفاء اللاعبين بالضحك، لأن أحد زملائي في الفريق قد هاجمني وكان بإمكانه أن ينهي مسيرتي الكروية تماما! وتساءلت: لماذا لم يواجهه أحد بما فعل؟ لكنهم ربما اعتقدوا أن هذا الأمر هو مسألة خاصة بيني وبين بيلامي.
شعرت بأنه كان يتعين علي أن أضربه، لكنني كنت أكن احتراما كبيرا لبينيتيز وللفريق، وكنا على وشك خوض مباراة مهمة، ولم أكن أريد تشتيت تركيز اللاعبين، لأنه كان هناك ما يكفي من الفوضى.
وقد اعتذر بيلامي، لكنه أجبر على القيام بذلك من قبل المدير الفني، الذي فرض عليه عقوبة مالية تصل إلى 80 ألف جنيه إسترليني. أما أنا فلم أتلق أي عقوبات، خلافاً لتقارير بعض الصحافيين.
أما بالنسبة للمباراة، فقد تقدم برشلونة في ملعب «كامب نو» بهدف لديكو، وسط تشجيع منقطع النظير من أكثر من 90 ألف متفرج. لقد كنا نواجه ضغوطا هائلة، وكان هناك شعور بأن كل شيء يمكن أن ينتهي تماما. لقد نجح المدير الفني الهولندي فرنك ريكارد في بناء فريق قوي للغاية لنادي برشلونة، الذي لم يكن يضم فقط أفضل لاعب في العالم في ذلك الوقت وهو رونالدينيو، لكنه كان يضم أيضا موهبة شابة رائعة وصاعدة بسرعة الصاروخ تسمى ليونيل ميسي.
وقبل دقيقتين من نهاية الشوط الأول أحرز بيلامي هدف التعادل، واحتفل بالركض نحو الراية الركنية واحتفل وكأنه يمسك بمضرب غولف! وعندئذ، شعرت بأنه لم يحترمني وبأنه لم يكن صادقا في الاعتذار الذي قدمه لي.
وفي الشوط الثاني، تلقي ديرك كاوت تمريرة من جيرارد، لكنه لم يتمكن من ترويض الكرة من اللمسة الأولى وذهبت الكرة بالقرب من حارس برشلونة فيكتور فالديز. حاول رفائيل ماركيز إبعاد الكرة برأسه لكنها وصلت إلى بيلامي، الذي لم يسدد الكرة عندما رآني في موقف أفضل ومرر الكرة نحوي خارج منطقة الجزاء. ورغم أنني سددت الكرة بالقدم التي لا أجيد التسديد بها فإنها سكنت مرمى برشلونة، وركض بيلامي نحوي وقفز فوقي للاحتفال بالهدف. كنا نشعر بالبهجة، ولا يمكنك التفكير في أي شيء آخر في مثل هذه اللحظات.
لقد أثبت أنا وبيلامي أنه يمكننا استغلال المواقف الصعبة لتحقيق النجاح. لقد نجحنا في التغلب على الضغوط الهائلة ولم ننظر إلى أنفسنا فقط في واحدة من أكبر المباريات التي يمكنك أن تلعبها على الإطلاق. ورغم ذلك، لا يمكن أن نكون أصدقاء مطلقا.
لقد كان القرار الذي اتخذته في الفندق يتسم بالعقلانية. ربما كان يتعين علي أن أدافع عن نفسي بكل قوة. وقال جيرارد لي ذات مرة: «لو كنت في مكانك، لا أعتقد أنني كنت سأستطيع التحكم في رد فعلي».
جون آرني ريسه: بيلامي كاد ينهي مسيرتي الكروية
لاعب ليفربول السابق يروي كيف ضربه زميله بمضرب الغولف... واحتفاله بالهدف في برشلونة جعله يتغاضى عن الثأر
جون آرني ريسه: بيلامي كاد ينهي مسيرتي الكروية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة