«التمسك بالجذور يُمكّننا من الصعود للأعلى، فالشجرة لا تقف من دون أرضية تحملها ومن دون ساق تسندها»... فلسفة خاصة يؤمن بها الفنان التشكيلي اليمني محمد سبأ، الذي يحمل على عاتقه تقديم الثقافة الشعبية وموروثات بلاده وتوثيقها عبر الفن التشكيلي، في ظل ظروفه الحالية.
ومن القاهرة؛ حيث يقيم لمواصلة دراساته العليا في مجال الفنون الشعبية، يبذل التشكيلي الثلاثيني جهوداً متواصلة تجاه تراث بلاده، محاولا أن يعيد للأذهان العربية «زمنا جميلا ولى عن بلده، وحل محله زمن بملابس سوداء تغطي كل جميل، ولم يبق من تراثه الأصيل إلا القليل»، بحسب قوله.
يقول سبأ لـ«الشرق الأوسط»: «أستلهم التراث من الذاكرة التي تعيش في مخيلتي منذ الطفولة، فالتراث الشعبي والثقافة الشعبية بشكل عام تعيش في داخل أي فنان، وتؤثر البيئة والتراث على الفنان بشكل غير إرادي، لذلك نجد أن الفنان يجسد ثقافة وتراث هذا البلد وينتمي إليه في غالب أعماله لأنه يحب تراثه ولأنه ابن هذه الثقافة فهي تسكن فيه، كما أعتقد أن التمسك بالتراث يمكن أن يكون المنطلق إلى الإبداع، من خلال استلهام هذا التراث وتقديمه في قوالب جديدة». يشغل عقل الفنان الشاب دائما كيفية الحفاظ على هذا التراث وتقديمه، لذا ينخرط في أنشطة فنية وثقافية جماعية وفردية بالقاهرة، كان آخرها مشاركته في بينالي الشباب العربي للفنون التشكيلية، ومن قبلها معرضه الفردي بعنوان «مقتطفات يمنية» الذي يعد أول معرض لأعماله التي عمل عليها على مدار 5 سنوات، إلى جانب مشاركات كثيرة في معارض جماعية وملتقيات للفن التشكيلي في القاهرة. عن هذه المشاركات، يقول: «من خلال هذه المعارض أحاول أن تعكس لوحاتي التراث الحضاري في اليمن عبر إبراز الزي الشعبي والحلي والمهن الزراعية، والتنوع الثقافي قديما، والتاريخ الزاخر والعناصر التي أشعر أنها في طريقها إلى النسيان، والمناظر الطبيعية المتنوعة التي تعكس تنوع وجمال البيئة اليمنية، حيث أحاول أن أوثقها وأرسمها في لوحات تعيدها إلى مخيلة الشعب والمشاهد، وأنا أتبع المدرسة التعبيرية لنقل تلك المشاهد، فمن بين لوحاتي ما عبرت فيها عن السيدات جانيات البن، وموسم الحصاد، وفرحة العيد».
ويضيف: «من خلال اللوحات أيضا أقوم بإسقاطات سريعة من الحاضر الذي يئن فيه اليمن، معبراً عن الحاجة إلى عودة الأمن والأمان لبلدنا، وأن أزرع الأمل وأبشر بالسلام، وقد عمدت إلى تحقيق ذلك من خلال الألوان الزاهية والوجوه المبتسمة، التي أردت بها استبدال الفرح بالحزن والبهجة بالألم، فرسالتي الفنية والثقافية تحمل الدعوة إلى تذوق الفنون والجمال، ونبذ الجهل والتخلف والفتن والعودة إلى حب الحياة والاستمتاع بكل تفاصيلها الجميلة».
يوضح سبأ أن هناك تواصلا دائما بينه وبين سفارة بلاده في القاهرة، كما أن هناك تواصلا دائما أيضا مع وزارة الثقافة اليمنية، التي تدعم وتشجع رسالته في توصيل رسالة الحب والسلام من مصر هذا البلد الحضاري العريق.
أما عن استقبال الجمهور لأعماله، فيقول: «يستقبل الجمهور في القاهرة، سواء مصريين أو عربا، ما أقدمه بكل ترحيب وشغف، وأشعر بأن كثيرا منهم يرغب في معرفة ثقافة اليمن».
ويلفت الفنان اليمني إلى أنه يطور رسالته من خلال العمل المستمر والمثابرة في القراءة والدراسة والبحث في مجال الفن والتراث الأصيل، ويوضح أنه استكمالا لجهود السنوات السابقة يخطط لعمل معرض جديد في الصيف القادم، سيكون فيه مزج لثقافة وحضارة مصر واليمن، لافتا إلى صدور مجموعة قصصية له بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الخمسين بعنوان «المهرب»، كما يجهز كتابا عن بعض العناصر من التراث الشعبي اليمني سيصدر خلال أشهر قليلة.
تشكيلي يمني يوثق الثقافة الشعبية وتراث بلاده بمعرض في القاهرة
الزي المحلي والحُلي والمهن الزراعية أبرز مفرداته
تشكيلي يمني يوثق الثقافة الشعبية وتراث بلاده بمعرض في القاهرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة