السلطة الفلسطينية تقاطع مؤتمر وارسو: لم نفوّض أحداً الحديث باسمنا

TT

السلطة الفلسطينية تقاطع مؤتمر وارسو: لم نفوّض أحداً الحديث باسمنا

قال مسؤولون فلسطينيون إنهم لن يلبّوا دعوة لحضور مؤتمر وارسو الذي سيعقد في العاصمة البولندية بعد أيام، محذّرين من أنه لا يوجد من هو مخوّل للحديث باسمهم في المؤتمر الذي يفترض أن يبحث عملية السلام في الشرق الأوسط من بين قضايا أخرى تتعلق بالمنطقة.
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات: «نؤكد أنه جرى اتصال من الجانب البولندي، لكن موقفنا كما هو... لن نحضر هذا المؤتمر، ونؤكد على أننا لم نفوّض أحداً للحديث باسم فلسطين». وبرر عريقات الموقف الفلسطيني باعتبار مؤتمر وارسو محاولة لـ«تدمير» القضية الفلسطينية وتجاوز مبادرة السلام العربية.
ويرى فلسطينيون أن الولايات المتحدة التي بادرت إلى الإعلان عن هذا المؤتمر (ترعاه سوية من بولندا)، تحاول تأمين «تطبيع» عربي - إسرائيلي قبل حل القضية الفلسطينية، ملتفة بذلك على المبادرة العربية التي تشترط أن تكون مثل هذه العلاقات نتيجة لتوقيع اتفاق سلام وإقامة الدولة الفلسطينية، وليس قبل ذلك. ويقول بعض الفلسطينيين أيضاً إن مؤتمر وارسو يسعى إلى تغيير الأولويات في المنطقة، ويصفونه بـ«المؤامرة». وكان البيت الأبيض أعلن أن المؤتمر المقرر يومي 13 و14 من الشهر الجاري (الأربعاء والخميس) يرمي إلى «الترويج لمستقبل يعمه السلام والأمن في الشرق الأوسط».
وأكدت الإدارة الأميركية أن جاريد كوشنر، مستشار الرئيس دونالد ترمب، والمبعوث الرئاسي لعملية السلام جيسون غرينبلات، سيشاركان في المؤتمر لاطلاع المشاركين فيه على آخر تطورات خطة السلام المعروفة إعلامياً بـ«صفقة القرن». كما أكد مسؤول أميركي أنه تمت دعوة السلطة الفلسطينية للمؤتمر، موضحاً أن كوشنر «سيبحث خلاله جهود الإدارة الأميركية لدفع عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وسيجيب على أسئلة الحضور». وأضاف: «سنرحب بشدة بآراء السلطة الفلسطينية خلال النقاش، لكنني أود أن أؤكد أن ذلك المؤتمر ليس مفاوضات ولكنه نقاش، ونحن نتطلع إلى رعاية حوار بناء في وارسو». ورد الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة على احتمال عرض الخطة بقوله: «لن يكتب لها النجاح من دون موافقة الجانب الفلسطيني ووجوده»، مضيفاً أن «الحل يوجد في رام الله وليس في أي مكان آخر».
ويعكف كوشنر على إعداد خطة سلام منذ أكثر من عام دون أن يدلي بأي تفاصيل حول الأمر. وسيكون مؤتمر وارسو أول مناسبة يتحدث فيها كوشنر عن خطته علناً، كما يُعتقد. لكن الفلسطينيين يؤكدون أن الخطة تسقط أهم قضيتين في الصراع، وهما القدس واللاجئون، مشيرين إلى أنه من دون القدس الشرقية عاصمة لفلسطين ومن دون حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين، فلا يمكن توقيع اتفاق لإنهاء الصراع. وأصدرت حركة «فتح» بياناً أمس أكدت فيه أنه لا يوجد مواطن فلسطيني واحد سيقبل بـ«صفقة القرن» أو يتعاطى معها.
وقال عضو المجلس الثوري المتحدث باسم حركة «فتح» أسامة القواسمي إن «أي محاولة للالتفاف على منظمة التحرير الفلسطينية هي مجرد قفزة في الهواء، ومحاولة مكتوب عليها بالفشل، وأن الجهة الوحيدة المخوّلة بالحديث باسم الشعب هي منظمة التحرير الفلسطينية»، مضيفاً: «إننا لم ولن نخوّل أحداً بالحديث باسمنا». ورفضت «فتح» أي لقاء عربي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في وارسو، وقالت إن «التطبيع أياً كان شكله مع الاحتلال يعتبر بمثابة طعنة للقدس وللشعب وللدماء الفلسطينية، وهدية مجانية لتل أبيب، وتشجيعاً على احتلالها وجرائمها بحق الشعب (الفلسطيني)». وكانت السلطة الفلسطينية أوقفت اتصالاتها السياسية مع الإدارة الأميركية رداً على اعتراف واشنطن في ديسمبر (كانون الأول) 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».