مخاوف درزية من تخطيط النظام السوري لفتنة في الجبل

مصادر في «التقدمي» تؤكد زيارة الوزير صالح الغريب إلى دمشق ولقاءه اللواء علي المملوك

TT

مخاوف درزية من تخطيط النظام السوري لفتنة في الجبل

لم تحل التهدئة بين الرئيس سعد الحريري ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، دون قرار المواجهة الذي اتخذه جنبلاط ويتمثل في التشدد في التعاطي مع ملفات حياتية، مثل الكهرباء ومرافق الدولة. وذكرت مصادر نيابية قريبة من جنبلاط أن وزير شؤون النازحين صالح الغريب قام بزيارة إلى دمشق برفقة نائب درزي موال للنظام السوري للقاء رئيس جهاز الأمن القومي اللواء علي المملوك، فيما تتخوف مصادر درزية من تخطيط هذا النظام لفتنة في الجبل من خلال استغلاله الخلافات داخل الطائفة.
وقال مصدر نيابي بارز في اللقاء الديمقراطي لـ«الشرق الأوسط» «إننا كحزب تقدمي اشتراكي ولقاء ديمقراطي قد نتفق مع الرئيس الحريري في قضايا استراتيجية وسواها وربما يحصل تباين بيننا حول الأمور الاقتصادية والاجتماعية والمالية وغيرهما، ولكننا سندافع في مجلس الوزراء وخارجه عن كل ما نراه يشكل انتهاكاً وخروجاً عن القوانين أو ظهور صفقة هنا وأخرى هناك في الكهرباء أو أي مرفق في الدولة، فهذه المسائل سنتشدد حيالها، وذلك لا يصب كما يرى البعض في خانة التعطيل أو تشويش على أداء الحكومة ورئيسها»، مشدداً على «أننا الأحرص على الإنتاجية وأن تأخذ الحكومة دورها في هذه الظروف الاستثنائية التي يجتازها لبنان وتحديداً من خلال البطالة والأوضاع الاقتصادية المزرية».
وجرى احتواء الخلافات والحملات المتبادلة بين الرئيس سعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط، إذ تحركت أكثر من جهة سياسية بهدف احتواء هذا الخلاف على خط المختارة، مقر الزعامة الجنبلاطية، وبيت الوسط حيث دارة الحريري، وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر على صلة وثيقة بالاتصالات التي جرت، أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري كان له دور رئيسي في التهدئة، ولكن برز تحرك السفير المصري في لبنان نزيه النجاري الذي عشية اندلاع الخلافات بين جنبلاط والحريري كان مشاركاً معهما على مأدبة عشاء وذلك على خلفية الدور المصري في تشكيل الحكومة الحالية عبر تقريب وجهات النظر بين الرجلين.
وفي السياق، يشير مصدر نيابي بارز في اللقاء الديمقراطي لـ«الشرق الأوسط» إلى أن اجتماع وفده مع الحريري «كان جلسة مصارحة إلى أبعد الحدود حيث حصلت مكاشفة في كل ما حصل في الآونة الأخيرة وسط إصرار الطرفين على إبقاء هذا التحالف بينهما باعتبار ما يربطهما هو تضحيات كبيرة حصلت إثر استشهاد الرئيس رفيق الحريري وأدت إلى خروج عهد الوصاية من لبنان إضافة إلى مراحل كثيرة كان فيها التحالف والتنسيق بينهما في أوجه».
ولا يستبعد المصدر المذكور حصول لقاء قريب بين الحريري وجنبلاط، مشيراً إلى أن زيارة وفد اللقاء الديمقراطي إلى «بيت الوسط» تناولت ضرورة تفعيل العمل الحكومي وخصوصاً لناحية العناوين الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي كان وزير التربية أكرم شهيب واضحاً فيما قاله إثر اللقاء مع الحريري، ومفاده أن «الحزب التقدمي الاشتراكي» لا يمكنه السكوت عن القضايا الاقتصادية أو الهدر والصفقات فتاريخه كان إلى جانب الناس وهمومهم منذ أيام المؤسس الشهيد كمال جنبلاط وصولاً إلى المرحلة الحالية.
وفي التعليق على اتساع الخلاف داخل الطائفة الدرزية، يقول قيادي بارز ونائب سابق في فريق 14 آذار لـ«الشرق الأوسط» إن موافقة الرئيس الحريري على إسناد حقيبة النازحين لوزير مقرب من النظام السوري، لم ينجح في الانتخابات النيابية، أي وزير المهجرين غسان عطا الله، وهو من الخصوم الأساسيين لجنبلاط، فتلك ضربة موجعة له وخطأ تاريخي من الحريري في هذه المرحلة، حيث يتعرض رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي لاستهدافات من النظام السوري سعياً لتحجيمه وربما أكثر من ذلك.
ويضيف أن «السوري وحلفاءه في لبنان يضمرون شراً لسائر المكونات التي كانت تنضوي في فريق 14 آذار وعلى وجه الخصوص النائب السابق وليد جنبلاط لذا ما يحصل على الساحة الدرزية من مخطط سوري عبر قيادات درزية حليفة أساسية لهذا النظام ولبشار الأسد تحديداً، دليل قاطع بأن هواجس الزعيم الدرزي محقة، ولم يكن جائزاً توزير خصومه في هذه الظروف».
وفي سياق آخر، وحول الخلاف الدرزي - الدرزي وحملات «اللقاء الديمقراطي» على وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب، تقول مصادر نيابية في اللقاء لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لا ندخل في الشخصي مع أي طرف بل ثمة مسلمات وثوابت لدينا لن نتخلى عنها، فوزير الدولة لشؤون النازحين لونه سوري كما قال وليد جنبلاط، وبالتالي لدينا كل المعطيات بأنه زار دمشق برفقة أحد النواب الدروز الموالين للنظام السوري، والتقوا باللواء علي المملوك، الذي يخطط للفتنة الدرزية في الجبل من خلال توجهات وأوامر بشار وماهر الأسد، وما التصعيد الذي يمارسه النائب طلال أرسلان إلا دليل قاطع على هذا النهج الفتنوي، ولكننا نسعى بتوجيهات حازمة من رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط على تحصين الجبل ووحدته إن على مستوى وحدة الصف الدرزي أو الوطني، ولن ندخل في أي مهاترات وإشكالات أو محاولات لجرّنا إلى الفتنة، ولهذه الغاية نتواصل ونلتقي مع المشايخ الدروز لوضعهم في صورة ما يحصل على الأرض من مشروعات من قبل النظام السوري لزرع الفتنة في الجبل».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.