«الحشد» يتحرك ضد «مقرات وهمية» ويعتقل قيادياً انتقد إيران

قائد قوات «أبو الفضل العباس»، أوس الخفاجي.
قائد قوات «أبو الفضل العباس»، أوس الخفاجي.
TT

«الحشد» يتحرك ضد «مقرات وهمية» ويعتقل قيادياً انتقد إيران

قائد قوات «أبو الفضل العباس»، أوس الخفاجي.
قائد قوات «أبو الفضل العباس»، أوس الخفاجي.

استنكرت عشيرة خفاجة، أمس، اعتقال قائد قوات «أبو الفضل العباس»، أوس الخفاجي، وطالبت بإطلاق سراحه بعد يومين من قيام هيئة الحشد الشعبي باعتقاله. وقال زعيم قبيلة خفاجة، عامر غني صكبان، في بيان: «باسمي وباسم قبيلة خفاجة برؤساء عشائرها وأفخاذها وأبنائها، نشجب ونستنكر وندين اعتقال المجاهد الشيخ أوس الخفاجي، قائد لواء أبو الفضل العباس، الذي ضحى وجاهد ضد النظام البائد وواصل جهاده بمواقفه الوطنية وأسهم بشكل فعال في المصالحات العشائرية». وأضاف: «لذلك نناشد الضمائر الحية في الحكومة العراقية إطلاق سراحه».
وكان أوس الخفاجي، وهو من القيادات المعروفة في «الحشد الشعبي»، انتقد زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وبقاءه في العراق 5 أيام، وطالبه باحترام العراق، كما دعا إيران إلى عدم تذكير العراقيين بمساعدتهم في الحرب ضد «داعش»، و«المنة» عليهم بتلك المساعدة.
وتشير بعض المصادر إلى أن الخفاجي اتهم قيادات في الحشد باستغلال مواقعهم والاستفادة على حساب المقاتلين الحقيقيين. وهناك من يشير إلى اتهام الخفاجي بعض الفصائل المسلحة بالضلوع في عملية اغتيال ابن عمه الروائي علاء المشذوب في كربلاء السبت الماضي.
من جهته، أكد الحشد الشعبي اعتقال الخفاجي في منطقة الكرادة، وأن اعتقاله جاء بعد رفضه إغلاق المقر التابع له. وقالت مديرية الأمن بالحشد الشعبي في بيان أمس، إن «قوة من أمن الحشد الشعبي، قامت بإغلاق 4 مقرات وهمية تنتحل صفة الحشد الشعبي في منطقة الكرادة». وأضافت أن «هذا الإجراء جاء بعد اجتماع لأمن الحشد مع بلدية الكرادة والقوات الأمنية من أجل إغلاق مقرات تدعي انتماءها للحشد الشعبي»، مبينة أن «من بين هذه المقرات موقعين يدعيان انتماءهما للواء 40 في الحشد الشعبي ومقراً يدعي انتماءه للواء 47 ومقراً تابع لما يسمى لواء أبو الفضل العباس ويديره الشيخ أوس الخفاجي يقع وسط المنطقة السكنية في الكرادة».
وتابعت المديرية في بيانها، أن «القوة الأمنية حاولت إغلاق المقر الأخير غير القانوني، لكن الموجودين هناك امتنعوا عن ذلك، فتم اتخاذ الإجراءات الانضباطية بحقهم». ودعت مديرية أمن الحشد جميع المواطنين، إلى «إبلاغ المديرية عن أي مضايقة ممن يدعون انتماءهم إلى الحشد لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم».
وطبقاً لمصدر عراقي مسؤول، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، فإن «عملية الاعتقال جرت بشكل أصولي بعد عدم امتثال الخفاجي للأمر الصادر من عمليات بغداد والحشد الشعبي، حيث هناك قرار بتوحيد المقرات ومعرفة انتماءاتها، وهو ما سوف يشمل مقرات أخرى تدعي أنها جزء من المنظومة الأمنية»، مبيناً أن «الإجراء الذي تم اتخاذه تنظيمي ولا يحمل أي تبعات سياسية أو سواها تتعلق بموقف هذا الشخص أو ذاك من هذه الجهة أو تلك أو هذه الدولة أو تلك».
يذكر أن قوات أبو الفضل العباس التي أسسها أوس الخفاجي عام 2014 بعد دخول «داعش» الأراضي العراقية ليست قوات لواء أبو الفضل العباس التي هي مجاميع من عدة فصائل شيعية قاتلت في سوريا. وبينما قاتلت قوات «أبو الفضل العباس» بقيادة الخفاجي ضمن منظومة الحشد الشعبي، فإنه أعلن حلها قوة قتالية بعد إعلان الانتصار على «داعش» في ديسمبر (كانون الأول) 2017، فيما بقي مقرها في بغداد إلى يوم إعلان غلقها من قبل «عمليات بغداد» وأمن «الحشد الشعبي».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.