ولاية أوتار براديش... مهد حضارة وادي الغانج ومعقل عائلة نهرو ـ غاندي

ولاية أوتار براديش... مهد حضارة وادي الغانج ومعقل عائلة نهرو ـ غاندي
TT

ولاية أوتار براديش... مهد حضارة وادي الغانج ومعقل عائلة نهرو ـ غاندي

ولاية أوتار براديش... مهد حضارة وادي الغانج ومعقل عائلة نهرو ـ غاندي

ولاية أوتار براديش واسطة عقد ما يُعرف بـ«الحزام الهندي»، والقلب النابض لوادي نهر الغانج، حيث أبصرت إحدى أقدم الحضارات في تاريخ البشرية، هي أكبر وحدة سياسية - إدارية دون مستوى الدول المستقلة من حيث عدد السكان في العالم، إذ يربو عدد سكان هذه الولاية على 200 مليون نسمة يعيشون في أرض خصبة بالقطاع الشمالي الأوسط من شبه القارة الهندية، تمتد مساحتها على أقل بقليل من 244 ألف كلم مربع.
عاصمة الولاية مدينة لوكناو، وكبرى مدنها كانبور، وبين أشهر مدنها الأخرى فاراناسي (بنارس) والله آباد وأغرا وباريلي وغازي آباد وميروت وعليكره ومراد آباد وآيوديا.
وتشير المكتشفات والوثائق الأثرية إلى أن أرض أوتار براديش سكنت منذ نحو 85 ألف سنة، غير أن الولاية المعاصرة أسست في أول أبريل (نيسان) 1937، تحت اسم «اتحاد ولايتي أغرا وأود»، إبان فترة الحكم البريطاني (الراج) للهند. وفي عام 1950، أطلق عليها اسمها الحالي (أوتار براديش)، ثم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2000 سلخت عنها المنطقة الجبلية في شمال غربها (على سفوح سلسلة جبال الهيمالايا)، لتصبح ولاية جديدة مستقلة تحت اسم «أوتارخاند».
وتضم أوتار براديش راهناً 18 محافظة و75 قضاء، وتعد من حيث المساحة رابع كبرى ولايات الهند مساحة، وتحدها من الشمال الغربي العاصمة الهندية الاتحادية دلهي - نيودلهي وولايتا هاريانا هيماتشال براديش، وولاية راجستان من الغرب، وولاية أوتارخاند ودولة نيبال من الشمال، وولاية بيهار من الشرق، وولايتا جهارخاند وتشاتيسغار من الجنوب الشرقي، وولاية ماديا براديش من الجنوب.
وكما سبقت الإشارة، يخترق الولاية نهرا الغانج (الغانغا) واليامونا (الجمنا)، اللذان يرويان مع روافدهما أرضها السهلية الخصبة، ويلتقي النهران الكبيران عند مدينة الله آباد، مسقط رأس جواهر لال نهرو، أول زعماء الهند المستقلة مؤسس سلالة نهرو - غاندي السياسية الشهيرة. وبعد ملتقى النهرين، يجري الغانج شرقاً ليلتقي بنهر البراهمابوترا، ويصب في الدلتا الخصبة عند رأس خليج البنغال، وفيها الحدود بين ولاية البنغال الغربي الهندية وجمهورية بنغلاديش (باكستان الشرقية سابقاً).
ومن الناحية الاقتصادية، ورغم أن أوتار براديش لا تطل على البحر، وبالتالي تفتقر إلى الموانئ البحرية، فإنها تحتل المرتبة الرابعة بين الولايات الهندية من حيث حجم اقتصادها. ويقوم اقتصاد الولاية أساساً على مرفقي الصناعة والزراعة، وتعد مدينة كانبور من القلاع الصناعية المهمة على مستوى البلاد. وبعد الصناعة والزراعة هناك قطاعات المواصلات والنقل والسياحة والخدمات المالية.
ويشكل الهندوس الطائفة الدينية الأكبر بفارق كبير في الولاية (أكثر من ثلاثة أرباع السكان)، ولهم في الولاية ثلاث مدن ذات أهمية خاصة، هي: فاراناسي (حيث مقر جامعة بنارس الهندوسية)، والله آباد وآيوديا. والثالثة شهدت قبل سنوات هدم متطرفين من الهندوس الجامع البابري الأثري، بحجة أنه شيّد في أرض مقدسة للهندوس. أما بالنسبة للمسلمين، فلقد أسست في مدينة عليكره (ثامن كبرى مدن الولاية) عام 1920 جامعة عليكره الإسلامية التي تعتبر من أهم الجامعات الإسلامية في آسيا.
وفي عودة إلى التاريخ، لا تكتمل سيرة أوتار براديش من دون التطرق إلى حقب مهمة من تاريخها وتاريخ الهند، ذلك أن جزءاً من أرضها، بل عموم أرضها أحياناً، تبع سلطنة دلهي على امتداد 320 سنة. وتعاقل خلال الفترة خمس سلالات على الحكم، هي: السلالات المملوكية والخلجية التوغلكية (القطلغية) والسيّدية واللودية.
وخلال القرن الميلادي الـ16، زحف الفاتح العظيم بابر، المنحدر من التيموريين الترك وجنكيز خان، من موطنه في بلاد ما وراء النهر، فاجتاز ممر خيبر، ومنه اجتاح الهند، مؤسساً هناك إمبراطورية المغَل التي تركت بصمات لا تمحى في تاريخ شبه القارة الهندية وحضارتها وكنوزها الثقافية والمعمارية. ومن معالمها الأشهر تاج محل في مدينة أغرا، ومدينة فاتح بور سيكري. واستمر حكم المغَل حتى القرن الـ19 (1857م).



ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

شيل
شيل
TT

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

شيل
شيل

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ) و«الحزب الديمقراطي الاجتماعي» (الاشتراكي)، فإنه كان غالباً «الشريك» المطلوب لتشكيل الحكومات الائتلافية المتعاقبة.

النظام الانتخابي في ألمانيا يساعد على ذلك، فهو بفضل «التمثيل النسبي» يصعّب على أي من الحزبين الكبيرين الفوز بغالبية مطلقة تسمح له بالحكم منفرداً. والحال أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تحكم ألمانيا حكومات ائتلافية يقودها الحزب الفائز وبجانبه حزب أو أحزاب أخرى صغيرة. ومنذ تأسيس «الحزب الديمقراطي الحر»، عام 1948، شارك في 5 حكومات من بينها الحكومة الحالية، قادها أحد من الحزبين الأساسيين، وكان جزءاً من حكومات المستشارين كونراد أديناور وهيلموت كول وأنجيلا ميركل.

يتمتع الحزب بشيء من الليونة في سياسته التي تُعد «وسطية»، تسمح له بالدخول في ائتلافات يسارية أو يمينية، مع أنه قد يكون أقرب لليمين. وتتمحور سياسات

الحزب حول أفكار ليبرالية، بتركيز على الأسواق التي يؤمن بأنها يجب أن تكون حرة من دون تدخل الدولة باستثناء تحديد سياسات تنظيمية لخلق أطر العمل. وهدف الحزب الأساسي خلق وظائف ومناخ إيجابي للأعمال وتقليل البيروقراطية والقيود التنظيمية وتخفيض الضرائب والالتزام بعدم زيادة الدين العام.

غينشر

من جهة أخرى، يصف الحزب نفسه بأنه أوروبي التوجه، مؤيد للاتحاد الأوروبي ويدعو لسياسات أوروبية خارجية موحدة. وهو يُعد منفتحاً في سياسات الهجرة التي تفيد الأعمال، وقد أيد تحديث «قانون المواطنة» الذي أدخلته الحكومة وعدداً من القوانين الأخرى التي تسهل دخول اليد العاملة الماهرة التي يحتاج إليها الاقتصاد الألماني. لكنه عارض سياسات المستشارة السابقة أنجيلا ميركل المتعلقة بالهجرة وسماحها لمئات آلاف اللاجئين السوريين بالدخول، فهو مع أنه لا يعارض استقبال اللاجئين من حيث المبدأ، يدعو لتوزيعهم «بشكل عادل» على دول الاتحاد الأوروبي.

من أبرز قادة الحزب، فالتر شيل، الذي قاد الليبراليين من عام 1968 حتى عام 1974، وخدم في عدد من المناصب المهمة، وكان رئيساً لألمانيا الغربية بين عامي 1974 و1979. وقبل ذلك كان وزيراً للخارجية في حكومة فيلي براندت بين عامي 1969 و1974. وخلال فترة رئاسته للخارجية، كان مسؤولاً عن قيادة فترة التقارب مع ألمانيا الديمقراطية الشرقية.

هانس ديتريش غينشر زعيم آخر لليبراليين ترك تأثيراً كبيراً، وقاد الحزب بين عامي 1974 و1985، وكان وزيراً للخارجية ونائب المستشار بين عامي 1974 و1992، ما جعله وزير الخارجية الذي أمضى أطول فترة في المنصب في ألمانيا. ويعتبر غينشر دبلوماسياً بارعاً، استحق عن جدارة لقب «مهندس الوحدة الألمانية».