لبنان يطلب مساعدة إيطاليا في ملف ترسيم الحدود البحرية

عون والحريري يؤكدان التزام النأي بالنفس والإصلاحات والقرار 1701

الرئيس ميشال عون مستقبلاً رئيس الحكومة الإيطالي...
الرئيس ميشال عون مستقبلاً رئيس الحكومة الإيطالي...
TT

لبنان يطلب مساعدة إيطاليا في ملف ترسيم الحدود البحرية

الرئيس ميشال عون مستقبلاً رئيس الحكومة الإيطالي...
الرئيس ميشال عون مستقبلاً رئيس الحكومة الإيطالي...

جال رئيس الحكومة الإيطالي جيوسيبي كونتي على المسؤولين اللبنانيين أمس، في مستهل زيارة رسمية سيستغلها لبنان لمحاولة تحريك ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية لاستثمارها نفطيا من قبل تحالف شركات، بينها شركة إيطالية.
والتقى كونتي رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري مهنّئا بتشكيل الحكومة الجديدة، ومبديا الاستعداد لأي دور يطلب من إيطاليا لتعزيز الحوار الوطني اللبناني بعيدا عن التدخلات الخارجية، مع تأكيده على استمرار العمل لاستقرار الجنوب عبر مشاركة إيطاليا في قوات الـ«يونيفيل». وقالت مصادر لبنانية لـ«الشرق الأوسط» إن المسؤولين اللبنانيين توافقوا على توحيد الخطاب بهذا الشأن، سعيا لتحريك الملف الذي يشهد جمودا كبيرا منذ فشل الوساطة الأميركية مع إسرائيل بشأن منطقة متنازع عليها تبلغ مساحتها نحو 850 كيلومترا مربعا. وكشفت المصادر أن الرئيس نبيه بري سيحمل معه هذا الملف أيضا إلى فرنسا التي يقوم بزيارتها قريبا، حيث من المقرر أن يلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لطلب مساعدته في هذا الصدد.
وأكد الرئيس ميشال عون حرص لبنان على تعزيز العلاقات المميزة التي تجمع بين البلدين، منوها بالتعاون القائم بينهما على مختلف المستويات، لا سيما المساهمة الإيطالية في حفظ الأمن والاستقرار في لبنان من خلال المشاركة في قوات الـ«يونيفل»، إضافة إلى برامج التدريب في الجيش اللبناني ولواء الحرس الجمهوري، والعلاقات الاقتصادية والثقافية والتجارية.
وأضاف أن الحكومة سوف تعمل بذهنية جديدة للخروج من الأزمة الاقتصادية التي نتجت عن عوامل عدة منها تداعيات النزوح السوري، داعيا الدول الأوروبية إلى تفهم موقف لبنان الداعي إلى تسهيل العودة الآمنة للنازحين السوريين إلى المناطق المستقرة في سوريا، وتقديم المساعدات للسوريين في بلدهم؛ لأن ذلك يشجعهم على العودة إليها والمساهمة في إعادة أعمارها. وأكد أن لبنان ملتزم تطبيق القرار 1701 وينسق مع قوات «اليونيفل» للمحافظة على الاستقرار والأمن في الجنوب وزرع الطمأنينة في نفوس سكانه.
وبعد لقائه كونتي، أوضح بري أن الاعتداء الإسرائيلي بتلزيم شركتين للنفط في المنطقة المحاذية للحدود اللبنانية الجنوبية البحرية كان له الحصة الأكبر في اللقاء، مؤكدا أن رئيس الحكومة الإيطالي أبدى كل الاستعدادات لمؤازرة لبنان في شتى الميادين، وخصوصاً في الميدان السياسي، والاقتصادي الذي يتمثل بموضوع البلوكات.
وفي السراي الحكومي، عقد الرئيسان الحريري وكونتي مؤتمرا صحافيا مشتركا أكد خلاله رئيس الحكومة اللبناني العمل على تطوير العلاقات بين البلدين وتفعيلها على كل الأصعدة، وبخاصة على الصعيد الاقتصادي والتجاري والاستثماري. وشدد على التزام الحكومة اللبنانية بالقرار رقم 1701 وبسياسة النأي بالنفس، بصفتهما ركيزتين لاستقرار لبنان، شاكرا دعم إيطاليا لمؤسسات الدولة اللبنانية، وعلى رأسها الجيش، ومذكرا باستضافتها مؤتمري روما 1 وروما 2 لتعزيز قدرات الجيش ودعم سائر الأجهزة الأمنية اللبنانية الأخرى.
ومع تأكيده أن المرحلة المقبلة في لبنان هي مرحلة عمل تحمل كثيرا من الفرص الاستثمارية، خصوصا من خلال تنفيذ برنامج الإنفاق الاستثماري الذي عرضته الحكومة اللبنانية في مؤتمر سيدر، دعا الإيطاليين للاطلاع على هذه المشروعات والفرص الاستثمارية المتاحة في لبنان وأعرب عن سروره لمشاركة الشركات الإيطالية في الفرص الاستثمارية في قطاع النفط والغاز في لبنان، معبّرا عن قناعته بأن لبنان قادر أن يصبح مركزا إقليميا لقطاع الأعمال الإيطالي.
من جهته، أكد كونتي أن إيطاليا تقف إلى جانب المؤسسات اللبنانية والشعب اللبناني، وهي ستبقى لتقديم مساهمتها في عملية السلام والحوار والتماسك الاجتماعي. وشكر الحريري على دعوته الشركات الإيطالية إلى المشاركة في عملية الإعمار والتنمية في لبنان، مبديا الاستعداد لتلبيتها ومعلنا عن زيارة قريبة للرئيس الحريري لإيطاليا من أجل تشجيع المؤسسات الإيطالية على المشاركة في عملية التنمية بلبنان.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.