ملف النازحين السوريين في قبضة حلفاء دمشق والوزير الجديد مصرّ على التنسيق معها

جنبلاط يتعهد بمعركة لحمايتهم والمرعبي يحذّر من ممارسات ملتبسة تجاههم

نازحون سوريون في إحدى قرى البقاع اللبناني (إ.ب.أ)
نازحون سوريون في إحدى قرى البقاع اللبناني (إ.ب.أ)
TT

ملف النازحين السوريين في قبضة حلفاء دمشق والوزير الجديد مصرّ على التنسيق معها

نازحون سوريون في إحدى قرى البقاع اللبناني (إ.ب.أ)
نازحون سوريون في إحدى قرى البقاع اللبناني (إ.ب.أ)

مع انتقال وزارة شؤون النازحين من يد «تيار المستقبل» إلى وزير محسوب على «الحزب الديمقراطي اللبناني» (بزعامة طلال أرسلان حليف سوريا)، في الحكومة الجديدة، يخشى معارضو النظام السوري في لبنان من التحوّل الذي ستسلكه قضية النازحين السوريين بعد 8 سنوات من بدء الأزمة في بلادهم.
أول من حذّر من ذلك كان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط الذي قال: «التحالف الجديد المضاد فرض وزيراً لشؤون اللاجئين، لونه سوري»، وتعهد بأنه سيقوم بمعركة «لأننا لن نتخلى عن حماية اللاجئين السوريين في لبنان، ولن ننجر إلى رغبة الفريق السوري في الوزارة بإرسالهم بأي ثمن إلى المحرقة والسجون وإلى التعذيب في سوريا»، وبدا لافتاً تراجع مواقف «تيار المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية» حيال هذه القضية، ما يوحي تسليماً منهما بالأمر الواقع. وهو ما لمح إليه كل من النائب السابق عمار حوري مستشار رئيس الحكومة، وشارل جبور مسؤول الإعلام في «القوات»، منطلقين من أن العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسوريا ما تزال مستمرة، وأن التنسيق بينهما في ملف اللاجئين كان قد بدأ منذ فترة عبر مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، مع تأكيدهما أن الحكومة هي التي تحدّد سياستها في هذا الموضوع، وعلى الوزير المعنيّ التنفيذ.
في المقابل، أكد وزير شؤون النازحين الجديد، صالح الغريب لـ«الشرق الأوسط»، أن التنسيق مع سوريا ممر إلزامي لعودة النازحين إلى بلدهم، مشيراً كذلك إلى أنه طلب في جلسة صياغة البيان الوزاري إضافة «التواصل مع الدولة السورية» في البيان، لكن ذلك لم يتحقّق بعدما اعترض عليه عدد من الوزراء.
وهذا التبدّل في المواقع الذي سيؤدي إلى تغيّر في السياسة المتبعة حيال هذا الملف، يرى فيه وزير شؤون النازحين السابق معين المرعبي تخلياً عن حمايتهم من قبل مختلف الأفرقاء، بما فيهم «تيار المستقبل» الذي ينتمي إليه، وحزب «القوات»، فيما يثني المرعبي على موقف جنبلاط، ويحذّر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من «ممارسات ملتبسة تجاه النازحين بعدما سلّم الملف إلى مقرّب من النظام السوري الذي قام بتهجيرهم». وفيما يكشف المرعبي أن عشرات النازحين الذين غادروا لبنان عادوا إليه بطريقة غير شرعية، نتيجة إرسالهم إلى مناطق غير مناطقهم، لافتاً إلى أن هؤلاء يتحدرون من القصير، لكن العودة إلى تدمر فرضت عليهم، يبدي تخوفه من اعتماد هذه السياسة مع النازحين المتبقين لإجبارهم على العودة إلى غير مناطقهم الأصلية، بما يتلاءم مع خطة التغيير الديمغرافي الذي يطمح إليها النظام السوري و«حزب الله». وينتقد المرعبي كذلك الخطة الروسية لعودة النازحين، التي ذكرت في البيان الوزاري، قائلاً: «كيف يتم الإعلان عن خطة، ولا يكشف عن تفاصيلها؟»
في المقابل، ومع إقراره بعدم اطّلاعه على الملف بشكل كامل حتى الآن متريثاً في الإعلان عن الخطوات المقبلة التي سيقوم بها، يؤكد الغريب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أمور ثلاثة، لا بد منها لإدارة هذا الملف، وهي أن التنسيق مع سوريا ممر إلزامي للحلّ في موازاة العمل، وفق المبادرة الروسية، والتواصل مع المجتمع الدولي، مع تشديده على أن الوضع الإنساني لهؤلاء تبقى له الأولوية، والهدف منه هو تأمين راحة النازحين الذين يعيشون في ظروف صعبة في لبنان.
موقف الغريب يرى فيه جبور كلاماً سياسياً لا يمت إلى واقع الملف بصلة، واستفزازاً بهدف إبقاء النازحين في لبنان، مؤكداً في الوقت عينه كما أكد عمار حوري أن القرار بهذا الشأن يعود إلى مجلس الوزراء. وكذلك يجتمع الطرفان على الإقرار بأن العلاقات الدبلوماسية بين سوريا ولبنان لم تتوقف، كما أن التنسيق بشأن ملف النازحين بدأ قبل أشهر عبر مدير عام الأمن العام. من هنا، لا يبدو في مواقفهما رفض لاستمرار الوضع على ما هو عليه، فيما يربطان التطبيع مع النظام السوري بالقرار العربي والدولي.
ويقول حوري لـ«الشرق الأوسط»: «العناوين العريضة لهذه القضية وضعت في البيان الوزاري؛ حيث إن المبادرة الروسية ستكون لها الحصة الكبرى، على أن يكون البحث في التفاصيل موضع نقاش على طاولة الحكومة لاتخاذ القرار بشأنه». ومع تأكيده على «رفض التنسيق مع النظام السوري الذي سبق أن وضع رئيس حكومة لبنان على لائحة الإرهاب»، يلفت إلى أن ملف النازحين الذين يدعم لبنان عودتهم، هو أكبر من لبنان، ويرتبط بالمجتمع الدولي، وباتفاقات بين دول كبرى، مضيفاً: «هناك تنسيق بين سوريا والأردن، ورغم ذلك لم يعد النازحون حتى الآن».
ولا يختلف رأي «القوات» في هذا الإطار، بحيث يشدّد جبور على «أن القرار في هذا الشأن هو أكبر من قرار وزير، بل مرتبط بالحكومة اللبنانية مجتمعة، وعلى الوزير أن يتقيد بسياستها وخطّتها بعيداً عن الشعارات السياسية».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.