اغتيال الكاتب علاء مشذوب يهيمن على معرض بغداد للكتاب

TT

اغتيال الكاتب علاء مشذوب يهيمن على معرض بغداد للكتاب

هيمن اغتيال الكاتب العراقي علاء مشذوب على فعاليات اليوم الأول لمعرض بغداد للكتاب، أمس. وأطلق وزير الثقافة والسياحة والآثار عبد الأمير الحمداني اسم مشذوب الذي اغتاله مسلحون في كربلاء السبت الماضي، على دورة المعرض السادسة والأربعين.
ويستمر المعرض 12 يوماً بمشاركة 650 دار نشر وتوزيع من 23 دولة عربية وأجنبية، وتعرض فيه آلاف العناوين والكتب في مختلف التخصصات الاجتماعية والسياسية والأدبية والعلمية، استناداً إلى القائمين على المعرض. ويتوقع أن يشهد المعرض إقبالاً كبيراً من القراء والباحثين والمهتمين بالشأن الثقافي. وتقام على هامشه فعاليات ثقافية مختلفة وحفلات توقيع للكتب والمؤلفات وندوات فكرية. وقال وزير الثقافة في كلمة خلال افتتاح فعاليات المعرض: «تكريماً لروح الروائي الراحل علاء مشذوب، فإنه سيتم إطلاق اسمه على الدورة السادسة والأربعين لمعرض بغداد الدولي للكتاب». وتعرض الحمداني لموجة انتقادات شديدة من قبل مثقفين عراقيين على خلفية بيان النعي الذي أصدره عقب حادث اغتيال مشذوب المناهض لإيران لأنه لم يتضمن إدانة واضحة وصريحة للقتلة. ويتهم مثقفون وزارة الثقافة بعدم الدفاع عنهم ضد ما يتعرضون له من استهداف ومضايقات.
وأدان الرئيس العراقي برهم صالح اغتيال مشذوب، وطالب بتقديم الجناة إلى العدالة. وقال صالح خلال كلمة ألقاها في افتتاح المعرض: «أقف هنا بأسف واستنكار شديدين إزاء جريمة اغتيال الكاتب الراحل علاء مشذوب... هذه الجريمة تفرض علينا، كمسؤولين وكمجتمع، العمل بجهد استثنائي لكشف الجناة والقبض عليهم وإحالتهم للعدالة، والعمل أيضاً بجهد فاعل، أمنياً واستخبارياً وسياسياً واجتماعياً، لأن تكون هذه الجريمة دافعاً آخر لاجتثاث العنف والإرهاب وأي تهديد لحياة المواطن وأمنه وكرامته».
كان قاسم مشذوب شقيق الكاتب المغدور وجه، أول من أمس، رسالة إلى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي قال فيها إنه يعرف هوية قتلة أخيه وطلب مقابلته لتسليمه ما بحوزته من أدلة. وقال في تصريحات صحافية إن «هذه الجهة معروفة كأشخاص ومسؤولين، وهي من أرسلت الجماعة الإجرامية التي قتلت الشهيد، ويجب تقديم المجرمين للقصاص العادل».
وكشف أن «الفقيد أعطى أكثر من إشارة لذويه بأنه مهدد، وقد يتعرض للقتل خلال نفس الأسبوع الذي قتل فيه»، مشيراً إلى أن عائلته «سلمت الأدلة التي تملكها للأجهزة الأمنية وتنتظر جدية منها لتعقب الجناة والقبض عليهم».
ووجه رئيس الوزراء الأجهزة الأمنية، أول من أمس، بمتابعة جريمة قتل مشذوب في كربلاء والقبض على الجناة. وكانت عناصر مسلحة أمطرت جسد مشذوب بـ13 رصاصة وأردته قتيلاً السبت الماضي، قرب منزله في مركز محافظة كربلاء.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم