تونس تجمد أموالاً متأتية من ليبيا وقطر بشبهة الإرهاب

TT

تونس تجمد أموالاً متأتية من ليبيا وقطر بشبهة الإرهاب

على أثر كشف التحقيقات الأمنية والقضائية التي أجرتها السلطات التونسية عن وجود مبلغ مالي لا يقل عن مليوني دينار تونسي (نحو 630 ألف دولار) بالحساب البنكي لصاحب «مدرسة قرآنية» مخالفة للقانون بمدينة الرقاب من ولاية (محافظة) سيدي بوزيد (وسط)، والقبض على أربعة متهمين، أعلن البنك المركزي التونسي عن تجميد أموال مهمة متأتية من ليبيا وقطر على خلفية وجود شبهة توجهها نحو عمليات تبييض أموال واستغلالها في دعم التنظيمات الإرهابية.
وذكر المصدر نفسه، أن قرارات التجميد تمت بناءً على تلقي تصريحات وشكاوى، ضد عشرات الحسابات البنكية على ملك مؤسسات وشخصيات أجنبية مع وجود تهمة استغلال تلك الأموال لصالح التنظيمات الإرهابية. وكان لطفي حشيشة، المدير العام للجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي التونسي، قد أشار إلى تجميد نحو 200 مليون دينار تونسي (نحو 65 مليون دولار) خلال الفترة المتراوحة بين 2011 و2018 إثر التفطن إلى إمكانية استغلال هذه التحويلات المالية في دعم المجموعات الإرهابية.
في غضون ذلك، يشرع القضاء التونسي بداية من يوم الاثنين المقبل في النظر في قضية «المدرسة القرآنية» ويواجه صاحب المدرسة القرآنيّة وشريكته تهمة الزواج على خلاف الصيغ القانونية (زواج عرفي)، في حين وجّهت تهمة الاعتداء على أطفال بالنسبة لأحد العاملين في تلك المدرسة القرآنية الخارجة عن القانون منذ سنة 2015.
يذكر أن أجهزة الأمن التونسية قد كشفت اللثام منذ يوم الخميس الماضي عن مدرسة قرآنية تعمل بشكل عشوائي بمنطقة الرقاب من ولاية (محافظة) سيدي بوزيد، وأجّلت 42 طفلاً تتراوح أعمار معظمهم بين 12 و18 سنة، كانوا يدرسون بالمدرسة، وأكدت أنهم «محتجزون» في ظروف غير إنسانية من قِبل شيخ يشرف على هذه المدرسة، واتهمته بالزواج العرفي، علاوة على وجود شبهة ارتكابه جريمة إرهابية.
في السياق ذاته، كانت اللجنة التونسية لمكافحة الإرهاب (حكومية) قد اتخذت نهاية السنة الماضية بدورها قرارات بتجميد حسابات بنكية لـ64 تونسياً متهماً بالإرهاب، وقال مختار بن نصر، رئيس هذه اللجنة: إن الأموال المجمدة ترجع إلى «تنظيم أنصار الشريعة» المحظور، وتنظيم «جند الخلافة» الإرهابي الذي تتحصن عناصره في الجبال الغربية لتونس.
على صعيد متصل، انتقد «حزب التحرير» الحاصل على الترخيص القانوني، التعاطي الإعلامي التونسي مع قضية «المدرسة القرآنية» بمدينة الرقاب، وقال: إن النتائج الأولية للتحقيقات أظهرت عناوين لجرائم أخلاقية وأخرى متعلقة بالإرهاب وتبييض الأموال، على الرغم من أن القضاء لم يقل بعد كلمته النهائية في ملف القضية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.