بني صدر لـ«الشرق الأوسط»: إيران الآن أكثر فساداً وديكتاتورية من نظام الشاه

اعتبر الرئيس الإيراني الأسبق أبو الحسن بني صدر، المقيم في منفاه الفرنسي منذ عقود، أن الإدارة الأميركية الحالية حاجة ضرورية للنظام الإيراني الذي ينسب إليها كل الصعوبات والمشكلات التي تعاني منها إيران في الداخل والخارج. وقال في لقاء خص به «الشرق الأوسط» في مقر إقامته في مدينة فرساي «غرب باريس»، إن النظام الحالي في إيران أكثر فساداً وديكتاتورية من نظام الشاه، وهو يتلطى بالدين لإضفاء الشرعية على نفسه، وخصوصاً لتبرير القمع والظلم. وأوضح الرئيس الإيراني الأسبق، أنه بصدد التحضير للأسس الدستورية والقيام بدولة القانون والديمقراطية. وأكد، أن طهران ضالعة في ثماني حروب داخلية وخارجية، ودعاها إلى وقف تدخلها في البلاد الأخرى، والاهتمام أولاً بالشعب الإيراني. كذلك، اعتبر أنه كلما اشتدت الضغوط الخارجية على النظام ضعفت الحركة الاحتجاجية في الداخل. ويرى بني صدر، أنه بعكس «مجاهدين خلق» أو ابن الشاه، فإنه يشكل بديلاً للنظام الحالي، وهو يعمل على تصور الأسس والقوانين لقيام إيران ديمقراطية. وفيما يلي نص الحوار:

> ما هي أفضل الذكريات التي لديك من هذه المرحلة الثورية، وما هي أسوأها؟
- أفضل الذكريات هي لحظة هبوط الطائرة التي نقلتنا مع الإمام الخميني إلى مطار طهران. وجدنا أنفسنا وجهاً لوجه مع بحر من الوجوه الشابة ممتلئة أملاً، حميمة، متحمسة... إنها لحظة لا يمكن تناسيها. أما أسوأها فكان آخر لقاء لي مع الإمام الخميني قبل خروجي السري من إيران. حتى تلك اللحظة، كنت أعتقد أن الخميني غير راغب في السلطة، ولا يريد ممارستها. والحال، أنني فهمت أن الاتفاق الذي أبرم مع الأميركيين بشأن رهائن السفارة الأميركية كان سرياً «وكان يقضي بتأجيل الإفراج عن الرهائن الأميركيين لما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 1980 لمعاقبة الرئيس كارتر»، وأن الخميني كان بعيداً عنه. لكن بمناسبة هذا اللقاء، فهمت أنه ليس فقط هو من غطى الاتصالات ووافق على الاتفاق، بل إنه طلب مني أن أوافق عليه وأسير به، وأنه راغب في السلطة.
> ذلك كان قبل إعلانك «خائناً» للوطن؛ ما دفعك للخروج من إيران؟
- كلا، هو لم يعلنني خائناً للوطن؛ بل البرلمان لـ12 سبباً، منها عدم أهليتي لأن أكون رئيساً، ولأنني أدافع عن حقوق الإنسان، ومدافع عن الديمقراطية، ولأنني أعارض عمليات الإعدام، وضد المحاكم الثورية، وضد حراس الثورة، ولأنني من أنصار خط مصدق «استقلال وحرية»... كانت هذه بنظرهم جرائم تبرر اعتباري خائناً للوطن. وما حصل أن أحمد، نجل الخميني، جاء لعلي أكبر هاشمي رافسنجاني، وكان وقتها رئيساً للبرلمان ليقول له، إن المرشد يطلب من البرلمان التصويت بأسرع وقت على إقالتي من رئاسة الجمهورية.
> كثيرون إما لا يعرفون أو نسوا كيف نجحت في الهرب من إيران بعد هذه الواقعة. هل يمكن التذكير بذلك؟
- مجموعة مسعود رجوي، زعيم «مجاهدين خلق»، هي التي حضّرت خروجي من إيران. وقد وصلنا إلى القاعدة الجوية في طهران في سيارة فولكس فاغن وكنت أحمل بطاقة عائدة لحد ضباط سلاح الجو الإيراني، وبفضلها دخلت إلى القاعدة، حيث انتظرنا حتى العاشرة ليلاً، ثم صعدنا إلى طائرة بوينغ 707 عسكرية مخصصة لتزويد مقاتلات «إف14» بالوقود. ومن هناك طرنا من طهران باتجاه الأجواء التركية. وقائد الطائرة «الكولونيل معزي» كان يعرف بوجودي على متن الطائرة، وأيضاً اثنان من معاونيه، بينما الاثنان الآخران لم يكونا على علم بذلك. وكانت وجهتنا فرنسا، حيث هبطت الطائرة في مطار فيلاكوبليه العسكري الواقع جنوب باريس.
> هل كانت السلطات الفرنسية أو مخابراتها كانت على علم بهربك ولجوئك إلى باريس؟
- كلا، لم تكن على علم. لكن عند اقترابنا من الأجواء الفرنسية، طلبت من كابتن الطائرة الاتصال بمكتب رئيس الحكومة وقته بمكتب رئيس الوزراء وقتها، بايار موروا، وإبلاغه أنني على متن الطائرة، وأننا نطلب الإذن بالهبوط، وقد حصلنا عليه بعد نحو نصف ساعة. وكان هذا الاتصال الأول مع الفرنسيين بعد خروجي.
> بعد 40 عاماً على «الثورة» وقيام النظام الحالي، ما هي رؤيتك لحال إيران اليوم وحال النظام؟
- أرى أن النظام الحالي عاد بنا لديكتاتورية الشاه. لكن ما أراه أن هذا النظام هو أكثر فساداً من نظام الشاه. والفرق بينهما أن الشاه لم يكن يستطيع استخدام الدين لأغراض سياسية، بينما هذا النظام يتلطى وراء الدين لتبرير الظلم والفساد والقمع. وأريد أن أسوق مثلاً على ذلك، وهو أن إمام الصلاة ليوم الجمعة في مشهد قال مؤخراً، إنه عندما تحصل مشكلة ما، فإن المرشد الأعلى يذهب إلى المركز الديني جمكران القريب من قم، وهناك بئر وداخلها يلاقي الإمام الاثني عشر «المهدي المنتظر»، وعندها يفهم ما هو الحل ويعود بعدها للعمل به. النظام فرّغ الدين من محتواه ويحور ويملأ بالأكاذيب وباللاعقلانية. وهذا بلا حدود. كل يوم، مجموعة الملالي لا تعثر على تبرير لوضع إيران الحالي؛ لذا تعود إلى التخفي وراء الدين.
> لنتحدث عن الوضعين الاقتصادي والاجتماعي: غلاء معيشة، بطالة، تدهور قيمة العملية المحلية، إغلاق مصانع، إضرابات وغير ذلك... كيف يبررون ذلك؟
- التبرير جاهز: السبب في ذلك الأميركيون. الأميركيون وحلفاؤهم هم العدو وهم المسؤولون عن الفقر وتردي الأوضاع في إيران. الأميركيون في حاجة إلى هذا النظام، لكن النظام في حاجة أكبر إلى الأميركيين؛ لأنه جعل منهم المحور الرئيسي في سياسته الداخلية والخارجية. وعلى المقلب الآخر، واشنطن في حاجة إلى النظام من أجل أن تبرر سياستها في الإقليم، مثل الدعم المطلق لإسرائيل وبيع السلاح، والحصول على أموال النفط. النظام الحالي هدية لأميركا، وما الذي يمكن أن تأمل به أكثر من ذلك؟!
> هذا النظام يدوم منذ 40 عاماً، ما هي بنظرك الأسس والدعائم التي تمكنه من الاستمرارية؟ وهل هذه الأسس والدعائم ستمكنه من أن يستمر ويدوم؟
- وسيلته الأولى هي الخوف الذي يحمل الناس على تحمل هذا النظام. والخوف هو أن تتحول إيران إلى سوريا جديدة، أو أفغانستان جديدة. اليوم، إيران ضالعة في ثماني حروب: الحرب الاقتصادية، الحرب العسكرية المباشرة في سوريا، وغير المباشرة في أماكن أخرى، الحرب عبر الإرهاب، الحرب الدينية، الحرب الدبلوماسية، حرب الدعاية الخارجية، وحرب التهديدات الأميركية والإسرائيلية. إيران بلد يعيش دائماً في أزمات، أكان ذلك حرب الرهائن، ثم الحرب مع العراق التي دامت ثماني سنوات، ثم الأزمة النووية، وها نحن ضالعون في ثماني حروب. هذه الأزمات والحروب دمرت وتدمر أسس الحياة للشعب الإيراني. ويضاف الخوف من اللجوء إلى القمع، حيث تخطى هذا النظام ما عرفناه أيام الشاه. كذلك، عليّ أن أشير إلى أن النظام الحالي يستخدم فزاعة العودة إلى النظام السابق: إما أنا أو الرجوع إلى زمن الشاه ويعود معه العملاء الأميركيون والإسرائيليون.
اليوم، الشعب الإيراني أخذ يعي أن هناك بدائل أخرى غير العودة إلى نظام الشاه. هناك بدائل الحرية والاستقلال ومجيء نظام يمثل الشعب الذي عليه هو نفسه أن يدعمه وتقويته. إذن، اليوم الشعب الإيراني يخاف من مرحلة ما بعد هذا النظام. لذا؛ إذا تراجعت الضغوط الخارجية، وخصوصاً الأميركية وإذا وجد هذا الشعب نفسه في حالة من الأمن، فإنه سيتحرك.
> الشعب في إيران نزل إلى الشوارع بمئات الآلاف للتظاهر والاحتجاج والمطالبة. لكن عقب ذلك لا شيء؟
- هذا حصل عندما كان باراك أوباما رئيساً. لكن اليوم الضغوط الأميركية على إيران لم تعد تعرف حدوداً، تراجعت الحركة الاحتجاجية رغم أن النقمة «على النظام» تزايدت. والأمر الثاني هو أن الحركة الاحتجاجية كانت تطالب بإصلاحات من داخل النظام، وهذا فرق كبير مع الربيع العربي، حيث المطالبة كانت بتغيير النظام وليس تغيير سياسته. وعندما يحصر الشعب مطالبته من داخل النظام، فإن قوى القمع تطمئن إلى أن النظام ثابت ومستمر، وعندها لا تتردد في العمل بأوامر النظام. أما إذا كانت هذه القوى واعية إلى أن النظام لم يعد قادراً على الاستمرارية، فعندها ستكون أكثر استعداداً للتمرد على الأوامر ومهاجمة الشعب. لذا؛ إذا كان البديل هو التغيير من خارج النظام وبعيداً عن التدخلات الخارجية، فإن الأمور تتغير.
> أود أن أعود إلى هذه النقطة المهمة بنظري: من يمثل البديل عن النظام الراهن؟ هل «مجاهدين خلق»، هل ابن الشاه؟ هل أنت؟
- أولاً، أريد أن أشير إلى أن عدداً من رجالات النظام يقولون إنه لا يمكنه أن يستمر هكذا. مثلاً، أحد مستشاري الرئيس الأسبق خاتمي، محمد رضا تاجيك، وهو أستاذ جامعي وأحد مثقفي النظام، وهو يقول إن النظام «لا يستطيع الاستمرار». وأول من أمس، وزير الداخلية أيام خاتمي، عبد الواحد موسوي لاري لم يتردد في قول الشيء نفسه. وأذهب أبعد من ذلك بالإشارة إلى ما يسرّ به أشخاص مقربون من خامنئي وهم يقولون: إنه إذا تراخت قبضة المرشد الأعلى قليلاً، فإن السقوط مؤكد. كذلك، هناك من داخل النظام من يتنبأ بأنه لن يقوى على البقاء.
> نعود إلى البديل؟
- إذا كان البديل مرتبطاً بالخارج «على سبيل المثال السيد رجوي»، فإن الشعب الإيراني لن يقبل ذلك؛ لأنه مرتبط بالخارج، أكان الولايات المتحدة أو إسرائيل أو أطرافاً إقليمية، وبالتالي فلن يقبله الشعب الإيراني. ولو أخذنا ابن الشاه، فإنني أطرح السؤال: من هو، وماذا يمثل؟ هو يمثل نظاماً قام ضده الشعب الإيراني ليتخلص منه.
> من يبقى في الساحة؟ أبو الحسن بني صدر؟
- يبقى من يقاتل من أجل أهداف الثورة الإيرانية والوصول إلى دولة القانون.
> من هو صورة هذا البديل؟
- هو بني صدر الموجود أمامك. إنه أول من انتخبه الشعب الإيراني. وداخل إيران ثمة جزء من الجناح الإصلاحي الذي أخذ يعتبر أن هذا النظام غير قابل للإصلاح من الداخل.
> هل أنت على تواصل مع هذه الفئة؟
- هذه أمور لا يمكن أن نكشف عنها. لكن تأكد أنني على تواصل مع الكثير من الأشخاص في الداخل.
> هل تأمل أنك سترى نهاية النظام وأنت ما زلت حياً؟
- الأعمار بيد الله، لكنني متأكد من أن هذا النظام سيطاح به وسيستبدل بدولة قانون. وآمل أن أرى هذه الدولة التي أنشدها وأنا حي.
> ما الذي كنت تريد القيام به ولم تفعله عندما كنت رئيساً للجمهورية؟
- في أحد كتبي «خيانة الثورة» تحدثت عن 12 خطأ ارتكب. مثلاً، كانت ثقة عمياء بالخميني. لكن بعد العودة إلى طهران تبين لي أنه خان الثورة ومُثلها. أذكّر هنا بجملة قالها لي الخميني: «إذا كان الإيرانيون الـ35 مليوناً (عدد سكان إيران في 1980) يقولون نعم، فسأقول أنا كلا». وتبين لنا عندها الخطورة المتمثلة بأن يمسك رجل بالسلطات كافة باسم الدين. وأضيف أن أولى انتخابات إيران كانت نتائجها مزورة بنسبة 70 في المائة. أما بالنسبة لانتخابي، فأذكّر هنا بكلمة بهشتي الذي قال: إما لا تحصل انتخابات وإما أن تحصل، لكن شرط ألا يصبح بني صدر رئيساً. إذا قاموا بكل ما بوسعهم من أجل منع وصولي إلى الرئاسة. وكانت النتيجة أن الخميني نصح محمد بهشتي وهاشمي رافسنجاني بأن يعملا على وضع اليد على البرلمان، ومن هنا جاء التزوير. ورغم التزوير اضطررت إلى قبول التعامل مع هذا البرلمان المزور.
> ماذا يمكنني أن أقول اليوم عن دور بني صدر: هل هو بوصلة فكرية؟ هل هو «مرشد» سياسي؟ بماذا تفضل أن توصف؟ كيف ترى «وظيفتك» اليوم؟
- أنا أكتب الكثير، وقمت بنشر كتاب بالفارسية مؤخراً حول حقوق الإنسان الخمسة. ونحن بصدد التحضير لقانون دستوري.
> يعني أنك بصدد التحضير لإيران الغد؟
- بالطبع. سننشر القانون الدستوري وأعددنا برنامجاً ومشروع قانون للمرحلة الانتقالية من لحظة رحيل النظام وحتى قيام نظام ديمقراطي، ونقوم بكل ما يلزم حتى يقول الشعب الإيراني إن لدينا كافة الوسائل من أجل تغيير من غير عنف.
> تقول من غير عنف؟ كيف إذن؟
- إنها الحركة الشعبية العامة التي ستغير النظام.
> لكن، أنت توافقني الرأي أن هذا النظام سيدافع بشراسة عن وجوده. أليس كذلك؟ انظر لما حصل في سوريا مثلاً؟
- بالطبع، كل الأنظمة تفعل ذلك. نحن نرى أن الحركة التغييرية يجب أن تكون من الداخل وفي حال حصل تدخل خارجي، فإن المصير سيكون الفشل. نحن نقوم بكل ما نستطيعه حتى لا يتمكن الخارج من التدخل بشؤون إيران. لذا؛ نعارض أي تدخل خارجي ونحن نعارض سياسة النظام الذي جعل من أميركا محور سياسته في الداخل والخارج ونرفض تبعيته للروس والصينيين ونحن ندفع حتى يتحرك هذا الشعب كما فعل مع نظام الشاه ومن أجل أن يمسك مصيره بيديه. وإذا فعل ذلك فإن النظام لا يملك الوسائل لمنع تحقيق ذلك. من يستطيع التأكيد أن حماة النظام أي حراس الثورة سيبقون أوفياء له؟
> سيبقون كذلك طالما يجدون مصلحتهم في بقائه. أليس كذلك؟
- معلوماتي تفيد بأن ثمة توترات قوية اليوم داخل صفوف «الحرس الثوري»، وأن هناك ثلاثة اتجاهات تتصارع فيما بينها فيما خص السياسة الخارجية لإيران. الأولى تحذر من السياسات الحالية في الداخل والإقليم وتدعو للإصلاح من داخل النظام. والثانية تدفع، بالعكس لمزيد من السيطرة على القرار الحكومي وهي تعمل على إقامة دولة داخل الدولة. والثالثة، تتساءل عن موقع حراس الثورة في النظام على المدى البعيد الذي لا يمكن أن يكون كما هو الحال اليوم.
> تقول إنكم بصدد التحضير لإيران الغد. هل ثمة من يدعم هذا الاتجاه ويؤمن بهذا المشروع ويعمل من أجله؟
- التغيير يمكن أن يأتي عن طريقين: من الأعلى، هذا ما حصل مع الشاه ومع الخميني. والآخر، أن يأتي التغيير من قبل الشعب. لدينا نتائج استطلاع للرأي قامت به مؤسسة أميركية، وهو يبين أن 85 في المائة من الإيرانيين يعلنون معرفتهم حقوق الإنسان، وهم يريدون أن يعيشوا مواطنين يتمتعون بهذه الحقوق. كذلك 80 في المائة يريدون الديمقراطية ونحن نعمل منذ أربعين عاماً من أجلها، بينها 25 عاماً خارج إيران؛ ولذلك نشرت عشرة كتب تتحدث عنها.
> أنت تقول لا تريد العمل مع «مجاهدين خلق»، ولا مع أتباع الشاه، ولا تريد مساعدة خارجية. إذن، مع من تريد العمل ويكون له حضور ميداني؟
- مع الشعب ومع الكفاءات الإيرانية ذات الحس الديمقراطي داخل إيران وخارجها: المثقفون، الجامعيون، الطلاب و... هذا يشكل كثيراً من الناس. نحن نعمل على المدى البعيد، ولدينا الصبر الكافي.
> كيف تقوم سياسة روحاني؟ هل له هامش من التحرك، أم ينفذ ما هو مطلوب منه؟
- أنصاره يقولون إنه فشل. لقد فشل في سياسته الاقتصادية وفي السياسة الخارجية. مثلاً قام بالدفع نحو اتفاق بخصوص البرنامج النووي عام 2015، وهذا خطير لأنه قبل بموجبه بـ105 التزامات، بينما للطرف الآخر القدرة أن يغير رأيه وأن ينسحب منه، وهو ما حصل مع ترمب. كذلك، فإن روحاني وعد بتراجع التضخم دون 10 في المائة. اليوم هو بحدود 70 إلى 80 في المائة فيما خص الحياة اليومية للشعب. العملة انهارت والأوضاع العامة تدهورت.
> من يمثل ظريف «وزير الخارجية» في منصبه؟
- ظريف يمثل «المرشد» خامنئي في الحدود التي يرسمها له؛ لأن المرشد، بحسب الدستور، هو من يرسم الخطوط الكبرى للسياسة الخارجية. وفي أي حال، عملياً، ليس لنا وزير خارجية واحد: هناك أيضاً مكتب المرشد وقائد الحرس الثوري أو قاسم سليماني.
> ما نعرفه أن روحاني وظريف سارا بالاتفاق النووي لإخراج إيران من نير العقوبات الدولية. والتوقيع كان لرفع العقوبات عن الاقتصاد الإيراني. أليس كذلك؟
- كان التوقيع خطأ. لكن قبل ذلك، النظام سار ببرنامج نووي من غير أن يتعرف على رغبة الشعب. الإيرانيون اكتشفوا برنامجهم النووي لاحقاً. هم لا يعرفون، أعني رسمياً وعبر الحكومة، ما هي أهدافه، ولا كلفته بشكل رسمي. البرنامج كان بداية مشكلة داخلية تم تحويلها إلى مشكلة خارجية، ثم إلى أزمة. ومنذ البداية وحتى النهاية لم يتح للشعب أن يقول كلمته بشأن هذا البرنامج.
> كيف تقوم سياسة إيران الخارجية؟ حرب سوريا، واليمن، والعراق، والتدخل في لبنان البرنامج الصاروخي...!!
- عندما لا نحترم مبدأ استقلال وسيادة الدول، هذا ما يحصل ونجد إيران ضالعة في حروب خارجية في سوريا، وأفغانستان، واليمن. يتعين وضع حد لكل ذلك. أما لماذا يقوم النظام بذلك، فلأنه يفتقد في الداخل القاعدة الشعبية؛ ولأن الشعب ضد النظام، ولذا يحتاج الأخير إلى ما يقوم به ليدعم قواعده في الداخل. النظام الحالي يبحث عن الوسائل ليبرر بقاءه في السلطة، وهو يبحث عن ذلك في الخارج والغرض الأسمى إسباغ الشرعية على النظام بالقول إن إيران تهيمن على المنطقة.
> صحيح أن أحد جنرالات إيران لم يتردد في القول إن إيران تسيطر على القرار في أربع عواصم عربية: بيروت، دمشق، بغداد، وصنعاء.
- هذا غير صحيح. ثم إن هذا يكلف النظام كثيراً. في سوريا، النظام يدفع رجالاً ومالاً وسلاحاً... من المفضل أن يهتم النظام بإيران والإيرانيين بدل الخارج، وما يكلف ذلك من أعباء للإيرانيين.
> هل ترى أن مواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل ممكنة أو محتملة؟
- ممكنة؟ هذا ممكن. أما محتملة، اليوم الاحتمال ضعيف. لكن هل نحن نحتاج إلى حرب؟ ألا تكفي العقوبات التي تترتب عليها نتائج رهيبة؟
لكن بالمقابل، فإن التهديدات بتدخل خارجي مباشر في إيران يمنع وصول الاستثمارات. التهديدات تدفع رؤوس الأموال الإيرانية للهرب إلى الخارج بعشرات المليارات. وأمس (أول من أمس)، أفاد أحد الخبراء بأن 80 طناً من الذهب خرجت أيضاً من إيران. وإلى جانب ذلك، هناك هرب الأدمغة. وكل ذلك يبين أن التهديدات لها آثار بالغة السلبية، وكذلك العقوبات.