«يوم غضب» جديد يشل قطاع التعليم في تونس

حزب الشاهد يستعد لتقديم مرشحه للانتخابات الرئاسية

جانب من احتجاجات رجال التعليم وسط العاصمة التونسية أمس (رويترز)
جانب من احتجاجات رجال التعليم وسط العاصمة التونسية أمس (رويترز)
TT

«يوم غضب» جديد يشل قطاع التعليم في تونس

جانب من احتجاجات رجال التعليم وسط العاصمة التونسية أمس (رويترز)
جانب من احتجاجات رجال التعليم وسط العاصمة التونسية أمس (رويترز)

عاد آلاف المعلمين في تونس إلى الشوارع، أمس، للاحتجاج ضد تعطل المفاوضات مع الحكومة بشأن مطالب مهنية ومالية.
ودأب معلمو قطاع التعليم الثانوي منذ أسابيع على تنفيذ يوم غضب كل «يوم أربعاء» بهدف الضغط على وزارة التربية والحكومة، من أجل اتفاق يقضي بزيادة منح مالية، ووضع قانون ينظم مهنة التعليم في المرحلة الثانوية، مع تصنيف التعليم كمهنة شاقة، ما يعني خفض سن التقاعد.
واحتشد المعلمون أمس وسط ساحة القصبة أمام مقر الحكومة للتذكير بالمطالب، مرددين: «الأستاذ يريد عدالة جبائية (ضريبية)»، كما رفعوا شعارات غاضبة، من بينها: «لا تراجع قبل تحقيق المطالب»، و«غاضبون غاضبات ولا نرضى بالفتات».
وقال سعد اليعقوبي، أمين عام نقابة التعليم الثانوي، التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل، في تصريحات لوكالة الصحافة الألمانية خلال الوقفة الاحتجاجية: «هناك تطور نوعي في المفاوضات بعد عدة جلسات تفاوض بين الاتحاد والحكومة، وسنطلع على المقترحات، وسنرى إن كانت المقترحات جدية، وتلبي تطلعات المعلمين... وإن لم تكن جدية فسنرفضها». ويأمل الجانبان التوصل إلى اتفاق قبل انقضاء العطلة الحالية التي تستمر أسبوعاً، وتفادي سنة دراسية بيضاء.
من جهة ثانية، أكّد وليد جلاد، قيادي حزب «تحيا تونس» الذي تأسس حديثاً، أن حزبه لن يتأخر في الإعلان عن اسم مرشحه للانتخابات الرئاسية، التي ستعرفها تونس نهاية السنة الحالية، كما سيتقدم بقائمات إلى الانتخابات البرلمانية، مؤكداً أن حظوظ الحزب في الفوز بالانتخابات المقبلة «وافرة»، على حد تعبيره.
وبخصوص إمكانية ترشيح يوسف الشاهد، رئيس الحكومة الحالية لخوض منافسات الانتخابات الرئاسية، أوضح جلاد أن هذا القرار يرتبط برغبة الشاهد نفسه في الترشّح أو لا. علاوة على خيارات مؤسسات حزب «تحيا تونس» خلال الأشهر التي تفصل البلاد عن موعد الانتخابات.
وفي حال تقدم الشاهد للانتخابات الرئاسية، فإنه سيكون في منافسة مفتوحة مع عدد من المرشحين الأقوياء، ومن بينهم رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، الذي لم يرفض فكرة الترشح، لكنه اشترط في المقابل إنجاح المؤتمر الانتخابي لحزب النداء المقرر يومي 2 و3 مارس (آذار) المقبل، واختياره مرشحاً باسم الحزب نفسه.
وينافس حزب «تحيا تونس» على رأس القائمة حزب «نداء تونس»، الذي جمّد منذ أشهر عضوية الشاهد. ومن المنتَظَر أن يكون حليفاً أساسياً لحركة النهضة، التي دعمت الشاهد على رأس الحكومة خلال الأشهر الماضية، وحافظت على الاستقرار الحكومي أمام مطالبة حزب «النداء» و«اتحاد الشغل» (نقابة العمال) باستقالة الشاهد وحكومته.
في غضون ذلك أعلن نبيل بافون، الرئيس الجديد للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، عن مواعيد إجراء الانتخابات المقبلة، وقال إنه من المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، في حين تقام الانتخابات الرئاسية في دورتها الأولى خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. أما الدورة الثانية فستكون في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) من السنة الحالية.
على صعيد آخر، أحيت الأحزاب اليسارية في تونس، أمس، الذكرى السادسة لاغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد، وذلك بحضور عدد من السياسيين المنتمين خصوصاً إلى حزب «الوطنيين الديمقراطيين الموحد»، الذي كان الفقيد يرأسه، و«حركة تونس إلى الأمام»، التي يتزعمها عبيد البريكي، و«تحالف الجبهة الشعبية اليساري»، بالإضافة إلى عدد من قيادات نقابة العمال، علاوة على زوجة الفقيد وأفراد من عائلته.
وعبّر عبد المجيد بلعيد، شقيق شكري بلعيد، لـ«الشرق الأوسط» عن استغرابه من غياب رموز الدولة لإحياء ذكرى الاغتيال، وعدم سعيها لكشف الحقيقة طيلة السنوات الماضية بسبب «التوافقات المغشوشة بين الأحزاب الحاكمة»، حسب تعبيره، مؤكداً أنها تقف حائلاً دون كشف الحقيقة.
ومن جهته، أوضح أيمن العلوي، القيادي بحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، أن إحياء الذكرى السادسة لاغتيال بلعيد تتزامن مع ما كشفته هيئة الدفاع من تطورات ترتبط بوجود جهاز سري لدى حركة النهضة، جهاز يقف وراء الاغتيالات السياسية، إثر نجاحه في اختراقه أجهزة الدولة، على حد تعبيره.
وعلى صعيد غير متصل، أصدرت محكمة تونسية، أمس، حكماً بالسجن والنفاذ العاجل ضد السياسي ورجل الأعمال سليم الرياحي، الرئيس السابق للنادي الأفريقي لمدة خمس سنوات في قضايا مالية. كما أصدرت حكماً بفرض غرامة مالية بحق الملياردير، الموجود خارج تونس منذ أشهر، بقيمة 180 ألف دينار تونسي.
وقال الطيب بالصادق، محامي الرياحي، لوكالة الأنباء الألمانية، إن الحكم يرتبط بفترة رئاسة الرياحي للنادي الأفريقي، ما بين عامي 2012 و2017، وخلال فترة تجميد السلطات القضائية لأملاكه عام 2017 للاشتباه بتورطه في قضايا فساد مالي، موضحاً أنه سيجري الطعن في الحكم بمرحلة الاستئناف.
والرياحي هو رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر، الممثل في البرلمان قبل قرار دمجه في حزب «حركة نداء»، وتنصيب الرياحي أميناً عاماً له. وقد غادر الرياحي البلاد منذ تقديمه شكوى ضد رئيس الحكومة الحالي، يوسف الشاهد، لاتهامه بالتدبير لانقلاب، والتآمر على رئيس الجمهورية، في ديسمبر الماضي، وهي دعوى رفضها القضاء العسكري.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.