نتنياهو يلتقي بوتين لأغراض انتخابية ويناقش وضع إيران في سوريا

TT

نتنياهو يلتقي بوتين لأغراض انتخابية ويناقش وضع إيران في سوريا

في إطار حملته الانتخابية المصيرية والترويج لدوره في رفع مكانة إسرائيل في العالم، يباشر رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، هذا الشهر، سلسلة لقاءات مع عدة زعماء في العالم، تبدأ بعد أسبوعين بلقاء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في موسكو، وتختتم بلقاء مع الرئيس الأميركي، دونالد ترمب في واشنطن في نهاية الشهر المقبل، عشية الانتخابات التي ستجري في 9 أبريل (نيسان).
وقد أعلن نتنياهو، أول من أمس، عن نيته التقاء بوتين، خلال مؤتمر صحافي عقده مع الرئيس النمساوي، ألكسندر فان دير بيلين. وعلل نتنياهو لقاء بوتين بأنه جزء من «الجهود التي نبذلها لمنع إيران من التموضع في سوريا».
وقال: «بمعانٍ كثيرة نحبط هذا التقدم، ولكننا ملتزمون بمواصلة القيام بهذا، وبمنع إيران من فتح جبهة أخرى هنا، في الطرف الآخر لهضبة الجولان. هذا سيكون الملف الرئيسي الذي سأبحثه مع الرئيس بوتين».
وقالت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس، إن نتنياهو سيحاول إقناع الرئيس بوتين بما فشل في إقناع مسؤولين روس آخرين به، وهو عدم تفعيل الصواريخ المتطورة من طراز «إس 300» المتطورة، التي زودت موسكو بها جيش النظام السوري. وهو عملياً استمرار للقاء الذي جرى في باريس قبل ثلاثة شهور بين الرجلين، وأيضاً هو استمرار للمكالمات الهاتفية التي جرت بين الطرفين، ولقاء نتنياهو، الأسبوع الماضي، مع اثنين من مساعدي بوتين، هما ألكسندر لافرانتييف المبعوث الخاص لشؤون سوريا، وسيرغي فيرشينين نائب وزير الخارجية الروسي.
ولكن المراقبين الإسرائيليين يجمعون على أن لقاء نتنياهو مع بوتين لن يحقق شيئاً ملموساً، وأنه يجري بالأساس بطلب من نتنياهو في إطار «الحرب السياسية الخاطفة» التي يخطط لها نتنياهو قبل الانتخابات؛ حيث يتوقع أن يتوجه إلى وارسو في 13 الجاري للمشاركة في مؤتمر بمبادرة الولايات المتحدة ضد إيران، بمشاركة نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، ووزير الخارجية مايك بومبيو، وكبار المسؤولين في الدول الغربية.
وسيقوم نتنياهو أيضاً بزيارة خاطفة إلى الهند، للتوقيع على صفقة ضخمة لبيع أسلحة إسرائيلية للهند بقيمة 3.5 مليار دولار. يضاف إلى ذلك، أن نتنياهو سيستضيف في إسرائيل في 18 من الشهر الجاري قمة مجموعة «فيسغراد» (فيشيغراد)، التي تضم بولندا وهنغاريا والتشيك وسلوفاكيا. ثم سيتوجه إلى واشنطن للمشاركة في المؤتمر السنوي للوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة «إيباك»، في الفترة بين 24 حتى 26 من شهر مارس (آذار) القادم.
وقد تم ترتيب لقاء قمة مع الرئيس ترمب وعشاء في البيت الأبيض. وسيستقبل نتنياهو رئيس البرازيل، جايير بولسونارو، في إسرائيل، ويتأمل أن يعلن عن نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس.
ويعلق نتنياهو آمالاً كبيرة على هذه اللقاءات، بأن تظهر نجاحاته في العلاقات الدولية، ليستغلها في دعايته الانتخابية؛ خصوصاً العلاقات مع ترمب. فهو يعتز بشكل خاص بهذه العلاقة، لدرجة أن أول إعلان انتخابي نشره كان عبارة عن صورة ضخمة له وهو يصافحه، ملأت شوارع تل أبيب.
وقد ادعت المعارضة أن نتنياهو أحرج ترمب بهذه الصورة، باعتبار أنه غير معني بالتدخل في الانتخابات الإسرائيلية. لكن ترمب فاجأهم بأن نشر الإعلان الانتخابي نفسه على حسابه على «إنستغرام»، أول من أمس، في تجند واضح لصالح الليكود ورئيسه.
وفي أعقاب ذلك، توجهت ما تسمى «الجبهة لحماية الديمقراطية»، التي يترأسها أوري زكي، إلى السفير الأميركي في إسرائيل، احتجاجاً على النشر على «إنستغرام». وكتب أوري زكي في رسالته، أن المطلوب من حكومة الولايات المتحدة ألا تتدخل بما يفترض أن تكون «عملية انتخابات حرة ومستقلة».
من جهة ثانية، شككت مصادر سياسية بإمكانية سفر نتنياهو إلى الهند لتوقيع الصفقة. وقالت إن هناك إشارات من نيودلهي تشير إلى أن إعلان نتنياهو عن هذه الزيارة وصفقة الأسلحة، جاء متسرعاً. فلا رئيس الحكومة الهندية، ناريندرا مودي، جاهز للقاء؛ حيث لديه صعوبات في الجدول الزمني، ولا بنود الصفقة جاهزة.
وأشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، في موقعها على الشبكة، أمس الأربعاء، إلى أن مساعدي نتنياهو باتوا قلقين من غياب نتنياهو، وهو في عز المعركة الانتخابية، مما قد يؤدي لصعود جديد في قوة رئيس أركان الجيش الأسبق ورئيس حزب الجنرالات «مناعة لإسرائيل» الجديد، بيني غانتس.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.