تحدي الحياة في عالم جديد

صحافي سوري يكتب عن تجربة هجرته إلى كندا

تحدي الحياة في عالم جديد
TT

تحدي الحياة في عالم جديد

تحدي الحياة في عالم جديد

ينتشر أكثر من سبعة ملايين سوري مهاجرين ولاجئين في عشرات من دول العالم، وإذا استثنيا الموجودين منهم في البلدان العربية، باعتبارها تتماثل أو تقارب بيئة السوريين، مما يجعل توافقهم واندماجهم فيها أكثر إمكانية، فإن وجود السوريين واندماجهم في البلدان غير العربية يشكل تحدياً متعدد الجوانب لأكثر من خمسة ملايين سوري موزعين على ثلاث كتل جغرافية، منهم أربعة ملايين في آسيا، أغلبيتهم في تركيا، ونحو المليون ونصف المليون في أوروبا، القسم الرئيسي منهم موجود في ألمانيا، ونحو نصف المليون في الأميركيتين، التجمع الأكبر منهم في كندا، وعددهم نحو خمسين ألفاً.
أحمد مولود الطيار مهاجر سوري في كندا، قرر اقتحام الصورة الكندية، ليقدمها للعرب وربما للسوريين في كتابه «يوميات عربي في كندا»، الصادر مؤخراً عن الهيئة المصرية للكتاب، بالقاهرة، في 213 صفحة.
يوميات الكاتب الكندية لا تبدأ من وجوده في كندا، بل في سوريا، متوقفاً عند أسباب ومقدمات ذهابه إلى هناك، وهو ما يؤلف محتوى القسم الأول من الكتاب، حيث يتحدث عن ظروفه الشخصية، مقترنة بالظروف السياسية والاقتصادية-الاجتماعية السائدة في سوريا في العشرية الأولى من القرن، التي أمل السوريون خلالها في أن يغيروا حياتهم ومستقبلهم، كما عبر عنه حراكهم الثقافي والاجتماعي والسياسي إبان «ربيع دمشق».
القسم الثاني من الكتاب يذهب إلى عمق يوميات التجربة الكندية، مبتدئاً من الوصول إلى مطار فرانكوفر إلى بيت الضيافة المعد لاستقبال المهاجرين الجدد، متوقفاً عند بعض الملامح والتفاصيل التي تشكل بعض ما أحاط به من طبيعة وبشر، وما يتصل بهم من سلوكيات وممارسات تعود إلى ما نشأوا عليهم من قيم ومفاهيم وعادات وتقاليد، دون أن يغفل عينه عن فوارق بين الوافدين من جهة، والكنديين الذين يقال إنهم يبنون تجربة تعايش تشاركية من مكونات مختلفة، دون أن يكون لديهم نمطية مسبقة.
ويتوقف الكاتب في يومياته عند السلوكيات المتباينة لما شاهده ويعرفه في سياسة وسلوك الدولة والمواطنين. وأشار في الجهة الأولى إلى سلوكيات ممثلي الحكومة الكندية الذين وقعوا عقد اللجوء مع الوافدين: «عرضوا أمامنا أوراق الحقوق والواجبات المنصوص عليها في الدستور الكندي، وقد تمت ترجمتها إلينا، بتفصيل ممل. وقعنا عليها، ثم وقعوا وانصرفوا متمنين لنا حياة جديدة سعيدة»، ويضيف: «نظرت إلى العراقيين الموجودين معي، تبادلنا النظرات ونحن غير مصدقين. ما أثار دهشتنا واستغرابنا تصرفات وفد الحكومة الفيدرالية، وحرص أعضائه وشعورهم بالمسؤولية لإفهامنا كل حقوقنا وواجباتنا بأسلوب في قمة اللطف والتهذيب والإنسانية» (ص107).
وتوقف في الثانية عند سلوك مواطني كندا في خدمة المجتمع، مقدماً كثيراً من الأمثلة لتجربة رسختها ثقافة التطوع المتأصلة، فقال: «أكثر من نصف الشعب الكندي يقومون بأعمال تطوعية، وتكاد تصبح ثقافة راسخة ومؤسسة بشكل ممنهج وعظيم، يتم زرعها وتنميتها لدى الأطفال منذ سنواتهم الأولى في المرحلة الابتدائية» (ص108).
وبدا من الطبيعي أن يتناول الكاتب التحديات الأهم في حياة الوافدين، وتكاد تكون متطابقة في كندا وعموم البلدان المتقدمة، وهي تكمن في ثلاثة متطلبات مربوطة معاً، كما تشير اليوميات في صفحات كثيرة: اللغة والسكن والعمل. وإذا كانت الدولة في بلدان الاستقبال تقدم مساعدات للوافدين، فإن أي مساعدات، مهما بلغ حجمها وتنوعها، لن تحل المشكلة ما لم يبذل الوافد جهده وطاقته، خصوصاً في موضوع اللغة التي تشكل مفتاحاً من دون امتلاكها يصعب القيام بأي شيء، سواء في مستوى الحياة اليومية أو في الدراسة والتخصص المهني.
ولأن عدد الوافدين إلى بعض البلدان بدا أكبر من المنتظر، فقد غدا من الطبيعي أن يقل العرض، وترتفع أجور السكن، الأمر الذي يجعل السكن المشترك أمراً مألوفاً، خصوصاً للوافدين من بيئات متشابهة، التي وإن تشابهت، فإن هناك ما يفرق بين أبنائها على نحو ما ظهر في التجربة الأولى التي عاشها الكاتب في ظل سكن مشترك مع شخصين: أحدهما من السودان، والثاني من أوغندا، وتركت أثراً سلبياً في تجربته.
ويشكل البحث عن عمل والانخراط فيه عبئاً كبيراً على الوافد، إذ يتطلب في أي مستوى منه لغة، وفي الأعمال الأهم، يصبح مستوى اللغة شرطاً، وكذلك مستوى الشهادة والتدريب والخبرات. وغالباً فإن الوافدين في رحلة البحث عن عمل يتعرضون للاستغلال، عبر انخراطهم في «أعمال سوداء»، تعني أجوراً أقل وتعباً وساعات عمل أكثر. ويورد الكاتب أمثلة متعددة عن تجربته في أعمال متعددة، عانى في بعضها، ورفض الانخراط في أخرى، كحال الآخرين.
ويخصص الكاتب القسم الثالث «يوميات متناثرة» لمقاربة موضوعات ذات حساسية كبيرة بالنسبة للوافدين، من خلال حكايا حدثت، ووقائع كشفت تناقض المفاهيم والقيم والعادات والتقاليد التي حملها الوافدون من مجتمعاتهم الأصلية مع مثيلاتها السائدة في المجتمع الكندي، واحدة منها قضية الاختلاط بين الذكور والإناث المراهقين، إذ كرست أغلبية البلدان العربية والإسلامية انفصالاً بينهما، وهي حالة مرضية تستحق العلاج في كندا وفي البلدان الغربية. وإذا كان أغلبية الوافدين يتفهمون الفكرة، ويقوم بتوافق معها، فإن قلة تغادر البلد على نحو ما يذكر الكاتب.
وثمة موضوع آخر له حساسية عالية لدى الوافدين، ويتصل باستقلالية الأبناء، والتحكم بخياراتهم المختلفة، ولا سيما البنات، في موضوعات الصداقات والزواج والدراسة والدخل، التي يعتقد الاهل أنها مرتبطة برأيهم، إن لم نقل بقرارهم، فيما هي - حسب الحالة الكندية - أمور شخصية بديهية مضمونة بالاستناد إلى شرعة حقوق الإنسان، وما تنص علية القوانين المعمول بها.
وأشار الكاتب في جزء من هذا القسم إلى تمايزات أكثر حساسية، تتعلق بمسائل دينية، وأغلبها لا يتصل بالدين أو بالنص الديني، بل بفهم الدين والنصوص، وارتباطهما بمستويات الوعي المعرفي والاجتماعي للمسلمين والفاعلين الرئيسيين منهم ضمن الجالية الإسلامية، حيث الأغلبية من بسطاء الناس، ومن غير أصحاب الكفاءة العلمية والمعرفية، وكثير منهم جاء من بلدان طرفية في العالم الإسلامي، مما يخلق تناقضات واختلافات قد لا تكون دينية في الأساس. ويخلص مما سبق للقول إن «الصراعات مختلفة وكثيرة بين عالمين، لكل منهما رموزه ومفاهيمه وقيمه، عالم حمله جيل المهاجرين الأول معهم، وعالم جديد وجدوا أنفسهم فيه. ومن هذه التقابلات، تتولد صراعات ليس بين أبناء العالمين فحسب، بل داخل الشخص ذاته، وضمن الأسرة الواحدة».
قليلة هي الكتابات حول ظروف الحياة التي تواجه العرب إجمالاً، والسوريين خصوصاً، في كندا، وهذا ما يسعى الكاتب إلى مقاربته، ولو أنه أعطى حيزاً واسعاً لما يتصل بالعنوان، الذي وإن كان مهماً، سواء في الحديث عما أحاط بحياته قبل الهجرة، أو ما اتصل بأحداث الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد، كان يمكن أن يكون في كتاب آخر. ربما لأنها تجربة أولى لصحافي يصدر كتاباً.


مقالات ذات صلة

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان
خاص الكاتب الغزي محمود عساف الذي اضطر إلى بيع مكتبته لأحد الأفران (حسابه على «فيسبوك»)

خاص غزة تحرق الكتب للخبز والدفء

يعاني سكان قطاع غزة، خصوصاً في شماله، من انعدام تام لغاز الطهي، الذي يُسمح لكميات محدودة منه فقط بدخول مناطق جنوب القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
ثقافة وفنون الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» في قطر الفائزين بدورتها العاشرة خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد وشخصيات بارزة ودبلوماسية وعلمية.

ميرزا الخويلدي (الدوحة)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
TT

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة من خلال حديث مطول أدلى به لمحرر المذكرات ومؤلف الكتاب الصحافي سيد محمود سلام. ورغم أن حديث الذكريات هنا يشمل محطات مختلفة، فإن الكتاب يركز بشكل خاص على مرحلة النشأة والطفولة وما اكتنفها من اكتشاف الفنان في سنوات التكوين الأولى لعالم الأدب وخصوصية مدينته بورسعيد، مسقط رأسه.

ويشير محمود ياسين إلى أن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر، وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها. ويرى أنه كان طفلاً محظوظاً لأنه نشأ في أسرة تعد الثقافة جزءاً مهماً من تكوين أبنائها، وكان ترتيبه السادس بين أشقائه العشرة، وقد تأثر في طفولته بشقيقه الأكبر فاروق: «إذ فتح عيني على شيء اسمه الكتاب بمعناه الواسع. كان يتسلم الكتب ويذهب إلى المدرسة، لكن فاروق كانت له في البيت مكتبة خاصة عبارة عن خزانة كبيرة في الحائط صُممت على الطراز الفرنسي تضع فيها الوالدة الفخار وقطع الخزف الصيني وكؤوس الزجاج وأشياءها الخاصة، فصنع منها مكتبة بعرض الحائط بعد أن أقنعها بذلك حيث كانوا يقطنون في فيلا من دورين تابعة لشركة قناة السويس التي كان يعمل بها والده، وعاشوا فيها ما يزيد على 25 عاماً».

ظل فاروق يشتري الكتب باستمرار مثل سلسلة «اقرأ» التي كانت تصدر ملخصات لعيون الأدب العربي والعالمي والسير الذاتية مثل السيرة الذاتية لطه حسين ودوستويفسكي ومكسيم غوركي وأنطون تشيخوف، فضلاً عن عيون الأدب الفرنسي مثل مؤلفات غي دي موباسان. كانت السلسلة تصدر كتيبات لكل كتّاب ومفكّري العالم، فالتراث الإنساني كله أنتجته سلسلة «اقرأ»، وقد جمعه فاروق في مكتبته وأيضاً سلسلة أخرى بعنوان «كتابي» جمعها أيضاً في المكتبة.

قرأ محمود ياسين في صغره معظم دواوين الشعراء العرب وعبقريات العقاد في مكتبة شقيقه، فضلاً عن كتب سلسلة «الكتاب الذهبي» التي تعرّف فيها على محمد عبد الحليم عبد الله ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ويوسف السباعي. كما كان الشقيق الأكبر فاروق شغوفاً باقتناء الكتب والمطبوعات الثقافية مثل مجلة «الهلال» حتى إنه يشتري الكتب بمصروفه الشخصي المحدود. ولم يكن الطفل محمود يشغل نفسه بشراء الكتب، لكن يده بدأت تمتد إلى مكتبة شقيقه، فغضب بشدة من استعارته كتبه؛ وذلك خوفاً من ألا تلقى الاحترام ذاته الذي تلقاه عنده تلك المكتبة التي كوّنها واشتراها من مصروفه. لكن عندما اطمأن لشقيقه، بدأ يشجعه مع بعض النصائح خوفاً على هذه الكتب. وبدأ الشقيق الأصغر في متابعة المسرحيات المترجمة بشكل خاص، لا سيما أعمال وليام شكسبير وهو ما أثار دهشة وإعجاب فاروق حين رأى شقيقه لا يفوّت نصاً للكاتب العالمي، سواء في سلسلة «كتابي» أو نظيرتها «اقرأ».

ويشير محمود ياسين إلى أن أبناء بورسعيد يتشابهون في ملامحهم وتكوينهم؛ لأن هذه المدينة تترك بصماتها على أبنائها، فهي بلد مفتوح على الدنيا ويُطل على أوروبا، فهناك شاطئ بحر وفي الأفق عالم آخر يجب أن تحلم به. إنها مدينة وسط جزر من المياه، فتأثر بهذه الخصوصية الجغرافية وما أكسبته لسكانها من حس حضاري لافت.

يقول محمود ياسين في مذكراته إن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها.

امتزجت شخصية محمود ياسين بالبحر المتوسط الذي تطل عليه مدينته، فهو مثله تراه شديد الهدوء تارة، شديد الصخب تارة أخرى. يقول: «إن أخلاقي كأخلاق البحر وطبيعتي تشبهه، فأنا في شهري سبتمبر وأكتوبر أكون هادئاً هدوءاً غريباً وعندما تنظر إليّ تشاهد ما في أعماقي، وإذا تحدثت إليّ يمكنك أن تكتشف كل شيء. أما الشخص الصاخب العصبي فهو أيضاً أنا ولكن في شهر يناير، وكذلك البحر بـ(نواته) وأمواجه المتلاطمة. لا أحب شهر يناير، قد يكون لأنه بداية عام لا أعلم ما يخبئه، وحين راقبت نفسي وجدت أنني في مواسم أكون هادئاً وأخرى أكون صاخباً وهذا هو حال البحر».

كانت حياة الصبي محمود ياسين قبل التمثيل غير مستقرة، كأنه يبحث عن شيء يسعده. كان يراقب شقيقه فاروق، الممثل العظيم بقصور الثقافة، وتعلم منه كيف يحب الريحاني. يشاهده فيشعر بأنه يمتلك عالم التمثيل بين عينيه، نظراته، تأمله، صوته حتى وهو يغني بصوتٍ أجش تستسيغ غناءه من هذه الحالة التي لاحظها وتأثر بها. أحبَّ التمثيل وشعر بأنه الشيء الذي يبحث عنه، إنه عالمه المفقود، به ستكتمل حياته.

اللافت أن التمثيل منذ البدايات الأولى بالنسبة لمحمود ياسين «حالة»، إنه بمثابة «عفريت» يتجسد في الشخص المحب له، فكان يسعد بالمشاهد التي يمثلها في نادٍ يسمى «نادي المريخ» ببورسعيد وهو طفل. وكوّن هو وزملاؤه فرقة مسرحية، مع عباس أحمد الذي عُرف بأشهر مخرجي الثقافة الجماهيرية، وله باع طويل وأثر في حياته كصديق ورفيق رحلة كفاح، هو والسيد طليب، وكانا أقرب صديقين له، سواء على مستوى هواية التمثيل أو الحياة.

ويروي كيف كان يقدم مسرحية على خشبة مسرح صنعوه بأنفسهم من مناضد وكراسي متراصة، وفي قاعة تسع 100 شخص، فلمح والده، وكانت المرة الأولى التي يمثل فيها ويشاهده أبوه، وإذا به يبتسم له ابتسامة هادئة، اعتبرها أول تصريح رسمي منه بموافقته على دخوله هذا المجال. ويذكر أيضاً أن من بين العمال الذين تأثر بهم محمود عزمي، مهندس الديكور العبقري، الذي لم يحصل على أي شهادات دراسية ولم يلتحق بالتعليم، لكنه كان يهوى الرسم ويصمّم ديكورات أي نصوص سواء عربية أو عالمية ببراعة مدهشة.