غالبية الإسرائيليين يؤيدون إدخال بند مساواة العرب على «قانون القومية»

الممثلة الأميركية روزان مع وزيرة الثقافة الإسرائيلية في جولة استفزازية في القدس القديمة وبينها المسجد الاقصى نهاية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
الممثلة الأميركية روزان مع وزيرة الثقافة الإسرائيلية في جولة استفزازية في القدس القديمة وبينها المسجد الاقصى نهاية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

غالبية الإسرائيليين يؤيدون إدخال بند مساواة العرب على «قانون القومية»

الممثلة الأميركية روزان مع وزيرة الثقافة الإسرائيلية في جولة استفزازية في القدس القديمة وبينها المسجد الاقصى نهاية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
الممثلة الأميركية روزان مع وزيرة الثقافة الإسرائيلية في جولة استفزازية في القدس القديمة وبينها المسجد الاقصى نهاية الشهر الماضي (أ.ف.ب)

يستدَل من نتائج استطلاع جديد للرأي العام في المجتمع اليهودي في إسرائيل، أن نحو 53 في المائة من اليهود، يؤيدون تعديل قانون القومية اليهودية العنصري.
أجري الاستطلاع بمبادرة من «هيئة مكافحة قانون القومية»، برئاسة العميد في جيش الاحتياط، أمل أسعد، وشارك فيه 509 من اليهود الذين تتراوح أعمارهم بين 18 عاماً وما فوق، وهي فئة تمثل البالغين في إسرائيل. ووفقاً لنتائجه تبين أن 75.2 في المائة من اليهود الإسرائيليين يعتقدون أن المساواة المدنية يجب أن تكون مرسخة في قانون أساسي، و42.6 في المائة يعتقدون أن ترسيخ هذه المساواة يجب أن يكون في إطار قانون القومية الحالي، وأنه يجب تعديله. وقال 32.6‏ في المائة إنهم يعتقدون أن المساواة المدنية يجب ترسيخها في إطار قانون منفصل. فيما يعتقد 10 في المائة أنه لا داعي لأن تكون المساواة المدنية مرسخة قانونياً.
كما يتضح من الاستطلاع أن أكثر من 50 في المائة من اليهود الإسرائيليين يعارضون قانون القومية، ويعتقدون أنه لم تكن هناك حاجة لإقراره. وقال 52.7‏ في المائة إنه يجب إضافة جملة على القانون الحالي تقول إن «إسرائيل دولة يهودية ديمقراطية تسود فيها مساواة كاملة في الحقوق لكل مواطني الدولة». وفقط 22.4 في المائة يعارضون إضافة تعديلات على القانون.
وقال أمل أسعد، معقباً على نتائج الاستطلاع، «نلاحظ أن اليهود الإسرائيليين يفهمون أهمية تعديل القانون، وأن هناك حاجة إلى الحفاظ على طابع الدولة الديمقراطي إلى جانب طابعها اليهودي. كما قلنا سابقاً، نحن لا نعارض قانون القومية، وفي الوقت ذاته نؤيد تعريف الدولة بصفتها دولة القومية للشعب اليهودي. ولكن، يجب ترسيخ المساواة المدنية لكل مواطني الدولة وفق وثيقة الاستقلال».
يُشار إلى أن قانون القومية اليهودية أُقر في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، في 19 يوليو (تموز) 2018، بمبادرة وإصرار من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي استخدمه في صرف الأنظار عن قضايا الفساد التي فتحت ضده وتهدد مكانته. وعلى الرغم من الاعتراضات عليه حتى داخل ائتلافه الحكومي، فقد رضخ حلفاؤه لإرادته ومرروه كقانون أساس بأغلبية 62 ومعارضة 55 وبامتناع نائبين عن التصويت. وقد اختلف معارضوه بشأنه، قسم منهم طالب بإلغائه تماماً رافضين اعتبار إسرائيل دولة يهودية، لأن ذلك يقوض مكانة المواطنين العرب (فلسطينيي 48)، وقسم طالب بتعديله وإدخال جملة عليه تضمن المساواة للمواطنين غير اليهود.
وحسب القانون، تم خفض مكانة المواطنين العرب وتفضيل اليهود عليهم بشكل صارخ، ومنحهم حقوقاً في السكن والاستيطان، وتخفيض مكانة اللغة العربية. وقامت «هيئة تعديل قانون القومية» بتنظيم مظاهرة ضخمة في تل أبيب شارك فيها 100 ألف شخص، غالبيتهم من اليهود. وفي الأسابيع الأخيرة نظموا مسيرات إلى بيوت جميع رؤساء الأحزاب الإسرائيلية الذين يخوضون الانتخابات، بهدف إقناعهم بتبني فكرة تعديل القانون أو إلغائه والبدء بإجراءات التعديل على الفور بعد الانتخابات. وقد وعدهم رؤساء أحزاب المعارضة بذلك، كما وعدهم وزير المالية رئيس حزب «كولانو»، موشيه كحلون، فيما رفض قادة الليكود وأحزاب اليمين الأخرى الاقتراح.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.