السودان يتطلع لنقل التجربة الأميركية في بناء المنازل القليلة التكلفة

40 شركة مقاولات في معرض البناء ومؤتمر المنازل الذكية في لاس فيغاس

يتطلع السودان إلى الاستفادة من تجارب دول عدة في قطاع العقارات للوصول إلى حلول في تطوير المساكن بمختلف شرائحها (الشرق الأوسط)
يتطلع السودان إلى الاستفادة من تجارب دول عدة في قطاع العقارات للوصول إلى حلول في تطوير المساكن بمختلف شرائحها (الشرق الأوسط)
TT

السودان يتطلع لنقل التجربة الأميركية في بناء المنازل القليلة التكلفة

يتطلع السودان إلى الاستفادة من تجارب دول عدة في قطاع العقارات للوصول إلى حلول في تطوير المساكن بمختلف شرائحها (الشرق الأوسط)
يتطلع السودان إلى الاستفادة من تجارب دول عدة في قطاع العقارات للوصول إلى حلول في تطوير المساكن بمختلف شرائحها (الشرق الأوسط)

يتطلع السودان لنقل التجربة الأميركية في بناء المنازل، التي تتيح لجميع فئات وطبقات المجتمع، الحصول على سكن بأسعار معقولة وقليلة التكلفة، حيث يزور الولايات المتحدة الأسبوع المقبل، وفد سوداني مكون من 40 شركة كبيرة ومتوسطة وصغيرة ومقاولين واستشاريين ومديري بنوك ومهندسين وموردي مواد بناء، للمشاركة في معرض البناء العالمي ومؤتمر المنازل العالمي في مدينة لاس فيغاس بولاية نيفادا، المقام خلال الفترة من 19 إلى 23 فبراير (شباط) الحالي.
وتهدف الزيارة للاطلاع على أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا والتقنيات الأميركية في بناء المنازل، والوقوف على تقنيات جديدة، وتبادل ونقل الخبرات والكفاءات، ما يتيح توفير منزل بأسعار معقولة توائم وتتلاءم مع جميع فئات وطبقات المجتمع السوداني.
وقال الدكتور مالك علي دنقلا رئيس اتحاد المقاولين السودانيين ونائب رئس اتحاد المقاولين العرب، لـ«الشرق الأوسط» عقب عودته من مصر أول من أمس، واعتماده من المجلس الأعلى لاتحاد المقاولين العرب، لشغل منصب نائب رئيس اتحاد المقاولين العرب، إن بلاده تعمل على الاستفادة من التجربة الأميركية، المعروفة بأنها بلاد كبيرة وشاسعة المساحات، وتتمتع بطقس ومناخ مختلفين، وتمتد فيها ساعات اليوم في 3 مناطق مع اختلاف المناخ فيها، وكل ولاية ومدينة لها قياساتها ومميزاتها وخصوصياتها، وهذا الوضع يتفق تماماً ووضع السودان الجغرافي.
وقال دنقلا إن الوفد المشارك في معرض البناء الأميركي سيكتسب خبرات جديدة، وسيتعرف على أحدث التكنولوجيا والتقنية الحديثة في المجال، من خلال وقوفهم على الطبيعة ومقابلتهم نظراءهم من قطاع البناء والإنشاءات الأميركي، بجانب التعرف عن قرب لما يمكن أن يستوردوه من تقنيات.
ووفقاً لعلي دنقلا رئيس الوفد السوداني للولايات المتحدة، فإن هناك مباحثات تمت مع المعهد الوطني لعلوم البناء الأميركي الذي يضم ممثلين للحكومة والمهن والصناعة والمستهلكين والوكالات التنظيمية. وأضاف دنقلا أن المعهد مهمته تحديد وحل المشكلات والمشكلات المحتملة التي تعيق بناء هياكل آمنة قليلة التكلفة، مشيراً إلى أن مباحثاتهم ستركز على هذا الجانب.
ويعتمد المعهد الذي تم تأسيسه عام 1974 على أسلوب التعليم والتدريب لإيجاد أفضل الممارسات والأدوات الجديدة للتعليم والتدريب. وذلك من خلال تطوير وتقديم عروض التعليم والتدريب، سواء كجزء من مشروع قائم أو قائم بذاته. ويجمع المعهد خبرته الفنية القوية وخبرات المتخصصين في التعليم، وهو مزود التعليم المستمر المعترف به من قبل المعهد الأميركي للمهندسين المعماريين، ومعهد شهادة المباني الخضراء ومجلس المدونة الدولية.
ووفقاً لدنقلا، يساعد المعهد عملاءه في تطوير وتنفيذ البرامج التي تدعم أهدافهم مع الاعتراف بالديناميات المتغيرة لصناعة البناء. بالإضافة إلى عمله مع العملاء الفرديين. ويجمع المعهد بشكل منتظم في كل دورة معرض، قادة الصناعة والرؤى لمناقشة حالة الصناعة من خلال رؤية ما ينبغي أن تكون عليه حال صناعة البناء.
وأشار دنقلا إلى أنه أجرى مباحثات العام الماضي مع المعهد، تمت خلالها الاستفادة من قدرات وبحوث المعهد، في إقامة دورات متخصصة للعاملين في مجال البناء بالسودان، كما تم إرسال بعض المدربين الأميركيين إلى السودان لمساعدته في وضع كود البناء الخاص به، خصوصاً أن السودان والولايات يتشابهان في كبر المساحة وتعدد أنواع الطقس على كل أنحاء البلاد، خصوصاً في مجالي تصميم البناء وتشييد الطرق.
ويساعد الاتحاد القومي لمقاولي بناء المنازل أعضاءه في بناء المجتمعات. في كل عام، يقوم أعضاء الاتحاد القومي لمقاولي بناء المنازل ببناء نحو 80 في المائة من المنازل الجديدة التي تم بناؤها في الولايات المتحدة، سواء للأسرة الواحدة أو للأسر المتعددة.
ويمثل الاتحاد أكثر من 140 ألف عضو، ويضم نحو 700 جمعية محلية ودولية، ثلثهم من بناة المنازل وإعادة تشكيلها، ويعمل الباقي في تخصصات وثيقة الصلة مثل المبيعات والتسويق وتمويل الإسكان والتصنيع وتوريد مواد البناء. ويعتمد الاتحاد القومي لمقاولي بناء المنازل على العضوية، حيث يعمل أكثر من 2200 عضو في مجلس إدارة الجمعية، التي تنتخب كبار الضباط وتساعد في وضع جدول أعمال الجمعية.
ومنذ تأسيسه في أوائل الأربعينات من القرن العشرين، يعد الاتحاد، صوتاً لصناعة الإسكان في أميركا. وهو يعمل لضمان أن يكون السكن أولوية وطنية ويمكن من خلاله الوصول إلى مساكن آمنة ومحترمة وبأسعار معقولة، سواء اختار الناس شراء منزل أو إيجاراً.
وتتضمن الجهات التابعة للاتحاد القومي لمقاولي بناء المنازل، مختبرات أبحاث الابتكار المنزلي، التي تقوم بتطوير واختبار وتقييم المواد الجديدة، والأساليب والمعايير والمعدات لتحسين التكنولوجيا، والقدرة على تحمل تكاليف الإسكان في أميركا.
وتم الاتفاق على أن يستفيد مقاولو السودان من فرص التدريب التي يتيحها الاتحاد للدول الأفريقية كما تم لمقاولي غانا وجنوب أفريقيا وإتاحة الفرصة للمقاولين لحضور معرض البناء السنوي الذي يقام في مدينة لاس فيغاس في فبراير من كل عام، والذي يقيمه الاتحاد سنوياً وتبقى له 25 يوماً.
وضمن تحرك السودان للاستفادة من تجارب الدول الصديقة في الإسكان والتعمير ونقل تجاربها، وقع الاتحاد العربي للاستثمار والتطوير العقاري - مقره الخرطوم - مع الصندوق القومي للإسكان والتعمير بالسودان العام الماضي، اتفاقاً مع شركتين تركيتين تابعتين لبلدية إسطنبول متخصصتين في المدن الذكية، التي تعتمد على تقنية الليزر في المخططات الهيكلية للمساكن. وتعهد الاتحاد التركي للاستثمار العقاري والتجاري (الموصياد)، ببناء 20 ألف وحدة سكنية، لتغطية الفجوة السكنية في السودان والمقدرة بنحو 2.5 مليون وحدة.
وتتخصص الشركتان التركيتان في إعداد المخططات العقارية والسكنية وتوفير الخدمات الأساسية والمرافق التعليمية والصحية والمساجد، ومواقف المواصلات، بجانب عملها في مجال توفير الأراضي وتخطيطها، والتشييد، وتسليم الوحدات لمستحقيها، بجانب إدارة خدمات ما بعد البيع والتسليم. وستقدم الشركتان امتيازات للمتعاملين معها، حيث يتم عبرها البيع للوحدات بدفع 20 في المائة من المبلغ الكلي مقدماً والباقي دون فوائد لمدة 5 سنوات.
وستطرح الشركتان في السودان وبعض الدول الأعضاء فرصاً للحصول على وحدات سكنية بأقساط مريحة تصل إلى ما بين 10 إلى 20 سنة، بتمويل بنكي منفصل، وتتراوح أسعار الوحدات السكنية ما بين 60 إلى 70 ألف جنيه سوداني (نحو 10 آلاف دولار). يذكر أن الاتحاد التركي للاستثمار العقاري والتجاري (الموصياد)، تعهد ببناء 20 ألف وحدة سكنية، لتغطية الفجوة السكنية في السودان والمقدرة بنحو 2.5 مليون وحدة.
وفي إطار تحرك السودان نحو الانفتاح على سوق العقارات والبناء والتشييد العالمي، اتفقت الخرطوم مع بيلاروسيا العام الماضي على الاستفادة من التقنيات المتطورة والحديثة البلاروسية، ونقلها للسودان لمواكبة النهضة الصناعية بالبلاد.
وتضمن الاتفاق السوداني - البيلاروسي التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين في مجالات صناعة البناء والتشييد والجلود والصناعات الصغيرة، وتم وضع برنامج تنفيذي بين البلدين للإسهام في تطوير صناعات الأخشاب والأثاث والورق.
يذكر أن السودان طرح أمام فعاليات المؤتمر العربي للاستثمار والعقارات والمصارف الذي عقد أخيراً بالأردن، فرصاً متنوعة في العقارات والسكن الفاخر ومساكن للمغتربين ومجمعات تجارية، ومزايا وتسهيلات وإعفاءات.



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»