الفوضى والإهمال يعرقلان إعادة إعمار الموصل

شكاوى من الفساد ونقص الأموال وسوء استخدامها

بقايا جامع النوري الكبير في الموصل القديمة (رويترز)
بقايا جامع النوري الكبير في الموصل القديمة (رويترز)
TT

الفوضى والإهمال يعرقلان إعادة إعمار الموصل

بقايا جامع النوري الكبير في الموصل القديمة (رويترز)
بقايا جامع النوري الكبير في الموصل القديمة (رويترز)

دخلت عملية هدم مبنى متداعٍ في مدينة الموصل الشمالية بالعراق اعتاد رجال تنظيم داعش أن يعدموا فيه من يتهمونهم بأنهم مثليون شهره الثالث، غير أن ناشطين حقوقيين يقولون إن من تم إعدامهم في المبنى الذي كان مكوناً من سبعة أدوار وأصبح الآن من دورين فقط، كانوا في الغالب من خصوم التنظيم المتهمين ظلماً.
وفي بعض الأيام يعمل الصبية المشردون الباحثون عما يصلح للبيع خردة في الأطلال الباقية من المبنى السابق لشركة التأمين الوطنية بوتيرة أسرع من وتيرة آلة الحفر الوحيدة الرابضة على الهيكل المتداعي.
بعد انقضاء عامين على المعركة التي استعادت فيها القوات العراقية مدينة الموصل من أيدي تنظيم داعش، لا تملك السلطات المعدات الكافية لرفع الركام المنتشر في أنحاء المدينة، حسب تقرير لوكالة «رويترز». وقد تعرضت مئات من العربات التابعة لمجلس المدينة للتدمير في الاشتباكات التي استخدم التنظيم فيها التفجيرات الانتحارية. ولم يحل محلها سوى عدد قليل. ويقول نواب وسكان محليون إن الشركات التي تعاقدت معها الحكومة بعقود مربحة لسد النقص في الأشغال المطلوبة تتعمد التباطؤ في العمل أو لا يكون لها وجود في بعض الأحيان.
ويقول أحد العمال إن آلة الحفر الرابضة على المبنى مستأجرة بمبلغ 300 دولار في اليوم. وتظل الآلة ساكنة لا تعمل في كثير من الأحيان. لكن محافظ نينوى ينفي ادعاءات بوجود احتيال، ويقول إن ما يحول من أموال إلى مكتبه لتمويل إعادة الإعمار لا يكفي.
ويواجه كثير من سكان المدينة صعوبات مالية. فالأسر التي أجبرت على بناء منازلها تضطر للاستدانة وتقترض من الأصدقاء وتعيش على ما يجود به أهل الخير. ويتكدس آخرون في بيوت أصبحت إيجاراتها باهظة على نحو متزايد. كما تعاني مشروعات تمول من خلال مساعدات خارجية من التأخير. وقال النائب محمد نوري عبد ربه: «لا توجد خطة استراتيجية. إنها فوضى».
ويفتح سوء التخطيط الباب أمام سوء إدارة جهود إعادة البناء وما يتردد عن الفساد، الأمر الذي يجعل انتعاش المدينة بطيئاً واعتباطياً. في هذا الجو يخشى السكان أن تستغل فلول تنظيم داعش مشاعر الاستياء. وقال صاحب متجر اسمه أبو علي نشوان (52 عاما): «المدينة يعاد بناؤها على الورق فقط. لا توجد دولة هنا. الفساد في كل مكان».
ويشكو عبد الستار الحبو، المسؤول عن الإدارة البلدية الذي لا تزال بغداد تسلم بدوره رغم محاولات المحافظ لعزله، من أن الأموال القليلة التي تخصص للموصل يساء إنفاقها. وقال هاتفياً: «في ضوء المبلغ الذي أُنفق حتى الآن على إزالة الركام كان من الممكن أن يتم تطهير المدينة بالكامل الآن». وأضاف أنه لا يزال يتبقى أكثر من نصف ما يقدر بنحو سبعة ملايين طن من الركام. وكان الحبو قد حذر في العام الماضي من أن المال الكافي لإعادة البناء غير متوفر.
وتخصص موازنة الدولة للعام الحالي 560 مليون دولار لإعادة بناء الموصل وفقاً لما قاله اثنان من نواب المدينة. وقال مستشار يعمل لحساب الأمم المتحدة في المدينة إن تكلفة أعمال إعادة البناء لعام واحد تقدر بمبلغ 1.8 مليار دولار. وأضاف المستشار: «في الغالب المنظمات الدولية هي التي تنجز الأشغال. ومن السخف أن يأتي المال من الخارج في ضوء ثروة العراق النفطية». وتابع: «السلطات تنفق أكثر مما يجب والعمل يستغرق وقتا طويلاً جدا. من المفترض أن يستغرق هدم مبنى كبير بضعة أيام على أقصى تقدير وأن تكون التكلفة بضعة آلاف من الدولارات على الأكثر».
رفض نوفل حمادي السلطان، محافظ نينوى التي مركزها الموصل، اتهامات سوء الإدارة والإنفاق بأكثر مما يجب. وقال: «رفع الركام لا يتم اعتباطاً... لكن توجد بعض الأحياء التي بلغت من الدمار حداً لا يوجد معه لها حل. ويجب ألا يسأل الناس عن سبب البطء (في إعادة الإعمار). بل يجب أن يسألوا لماذا التعجل فيه؟»
ولا يبدو أن أعمال التطهير تتم بانتظام. ويقوم صبية متسخون يفوق عددهم عدد العمال بتحميل أسياخ الصلب وإطارات النوافذ على عربات تجرها الحمير لبيعها في أسواق الخردة. وتعرض أمام المتاجر عربات اليد لمن يريد من السكان أن يؤدي العمل بنفسه. وتعيد بعض عائلات الموصل بناء بيوتها بأنفسها. وقد اقترض يونس حسن (67 عاماً) 9 آلاف دولار من أصدقاء لإعادة بناء بيته ذي الجدران الأرجوانية في أعلى نقطة بالمدينة القديمة المطلة على ضفة نهر دجلة الذي ينتشر عليه الركام. وقال حسن: «استلفنا كل شيء. ما من مال من الحكومة ولا قروض بنكية بالتأكيد». وتحظر السلطات التحويلات المصرفية للموصل وذلك بسبب مخاوف من تمويل المتطرفين. وقال حسن: «عشرة أفراد يعيشون هنا. لكن ابنتي لم تعد بعد. فهي تستأجر (شقة) في شرق الموصل بمبلغ 100 دولار شهرياً وهو ما لا تتحمله». وأسرة حسن من بين الأسر العائدة إلى غرب الموصل حيث وقعت أسوأ الأضرار من الضربات الجوية في شوارع المدينة القديمة المزدحمة.
ولا يزال قرابة مليوني عراقي نازحين عن بيوتهم بسبب الحرب على التنظيم وذلك وفقا لمسح أجرته هيئة غير حكومية. ويقول كثيرون إنهم غير مستعدين للعودة إلى بيوتهم بسبب الدمار ونقص الخدمات. ويخشى السكان أنه كلما طالت فترة الإصلاح في الموصل سهلت مهمة جماعات مثل «داعش» في العودة للظهور وتجنيد الأفراد. ولا تزال الظروف التي ساعدت التنظيم في السيطرة على الموصل ومدن أخرى عام 2014 قائمة بما في ذلك الفساد وإهمال الحكومة. وقال شرطي عند حاجز أمني مؤقت إنه يخاف أكثر ما يخاف على الأطفال الذين يفتشون في الركام». وأضاف: «سيكون هؤلاء هم الجيل التالي من (داعش)... فهي تزدهر في الفساد والفوضى».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.