كابل تنتقد السياسيين الأفغان المشاركين في اجتماع موسكو

تفاقمت الخلافات بين الحكومة الأفغانية والقيادات السياسية التي دعتها موسكو لحضور اجتماعات تشارك فيها حركة «طالبان» بالعاصمة الروسية، بعد أن اتهمت الحكومة المشاركين في المحادثات؛ بمن فيهم الرئيس الأفغاني السابق حميد كرزاي، بخيانة مبادئ الديمقراطية ومصالح البلاد.
وجاء رد فعل الحكومة بعد إعلان موسكو أنها استبعدت دعوة الحكومة الأفغانية للمشاركة في محادثات موسكو لضمان مشاركة وفد من «طالبان»، التي تصر على عدم قبول التفاوض مع الحكومة الأفغانية. وعبّر فاضل فضلي، كبير مستشاري الرئيس الأفغاني أشرف غني، عن «أسفه» للقاء «السياسيين الذين قادوا من قبل الانتقال الديمقراطي في البلاد، بـ(طالبان)». وقال في تغريدة إنهم «مستعدون للتغاضي عن تلك المبادئ والتحرك نحو (مبادئ) الدمار، بسبب خلافات وبسبب ابتعادهم عن السلطة». وقال الرئيس التنفيذي لحكومة أفغانستان، عبد الله عبد الله، إن «طالبان» ستحقق هدفها بمجرد انسحاب القوات الأجنبية بما ينهي الحاجة لعقد محادثات.
ومن المقرر بدء المحادثات في موسكو اليوم، حيث سيحضر وفد من قيادة «طالبان»، وذلك في أول لقاء علني بين قيادات سياسية من كابل وحركة «طالبان»، وتأتي بعد تحقيق تقدم في مفاوضات السلام بين الولايات المتحدة و«طالبان» من أجل سحب القوات الأجنبية من أفغانستان وإنهاء الحرب فيها.
ورغم الجهود السياسية المبذولة للتقريب بين «طالبان» والقوى السياسية في كابل، فإن قوات الحركة وقوات الحكومة الأفغانية واصلتا شن هجمات ومواجهات بينهما في عدد من الولايات الأفغانية. وقال رئيس السلطة التنفيذية في الحكومة الأفغانية إن انسحاب القوات الأجنبية الجزئي لا يعني نهاية العالم بالنسبة لأفغانستان. وأضاف للصحافيين في كابل أن القوات الأميركية في أفغانستان واستراتيجية واشنطن في المنطقة مبنية على عدد من الشروط، وأنه لا توجد هناك مفاوضات بين الحكومة الأميركية والحكومة الأفغانية من أجل بقاء دائم للقواعد الأميركية في أفغانستان.
وقال خبراء أفغان إن الخلافات بين الرئيس أشرف غني ورئيس السلطة التنفيذية عبد الله عبد الله تفاقمت إلى حد كبير خلال الأيام الأخيرة، وهو ما حال دون الاتفاق بينهما على تعيين وزير داخلية جديد بعد استقالة أمر الله صالح الذي عين وزيرا للداخلية أواخر شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وعزا الخبراء الازدياد الهائل في عدد حالات السرقة والإخلال بالأمن في المدن الأفغانية لعدم قدرة الرئيس على تعيين وزير جديد، وعدم نجاح مساعيه بتغيير قيادات الداخلية في الحيلولة دون تفاقم الوضع الأمني في المدن الأفغانية، خصوصا العاصمة كابل.
وقال الخبير الأمني الجنرال عبد الوحيد طاقت إنه بالنظر لأهمية منصب وزير الداخلية في أفغانستان فينبغي عدم ترك المنصب شاغرا حتى ليوم واحد. وأضاف أن معادلة المناصفة في الصلاحيات بين الرئيس أشرف غني ورئيس السلطة التنفيذية عبد الله عبد الله أثبتت فشلها وأفشلت معها حكومة الوحدة الوطنية.
وتخشى حكومة الرئيس أشرف غني وعبد الله عبد الله من اتفاق بين «طالبان» والقوى السياسية الأخرى التي ستلتقي في موسكو على تشكيل حكومة انتقالية في أفغانستان تكون «طالبان» المهيمنة عليها، خصوصا في ظل الحديث عن إمكانية سحب القوات الأجنبية من أفغانستان.
وتشارك الولايات المتحدة بقوات يصل تعدادها إلى 14 ألف جندي وضابط، فيما تشارك 38 دولة أخرى منها دول حلف الأطلسي بأكثر من 6 آلاف جندي.
وأعلن الرئيس الأفغاني السابق حميد كرزاي عزمه المشاركة في محادثات موسكو وحضور جلسات الحوار مع وفد من «طالبان»، فيما قالت «طالبان» إنها ستجلس مع الوفود الأفغانية الأخرى ليس على أسس سياسية؛ بل لحل الصراع في أفغانستان.
وقال عطا نور محمد، المسؤول التنفيذي لـ«حزب الجمعية الإسلامية» في أفغانستان، وهو ضمن المشاركين في محادثات موسكو، إن الاجتماع «طريق نحو تعزيز جهود السلام التي تقودها الولايات المتحدة»، بينما وصفه حنيف أتمار، وهو مرشح للرئاسة الأفغانية، بأنه «خطوة مهمة باتجاه محادثات السلام بين الأفغان».
وأكد مجلس عينته الحكومة للحوار مع «طالبان»، الأحد الماضي، أنه لم يتلق دعوة لحضور اجتماع موسكو. وصرح مسؤول بارز في «طالبان» لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الحركة سترسل وفدا، ولكنه وصف الاجتماع بأنه غير سياسي «وقامت بترتيبه بعض المنظمات التي مقرها موسكو». وأصدرت السفارة الروسية في كابل بيانا في وقت متأخر السبت الماضي باسم «جمعية الأفغان في روسيا»، يؤكد أن الجمعية دعت «شخصيات تحظى بنفوذ» إلى الحوار بفندق «بريزدنت» في موسكو. وقال البيان: «نحن مستعدون للعب دورنا في إحلال السلام في أفغانستان»، ولم يتضح ما الدور الذي ستلعبه روسيا في الاجتماع.
على صعيد منفصل، نقلت وكالة «خاما برس» الأفغانية عن مصادر في الجيش الأفغاني قولها إن 10 من مسلحي «طالبان» وتنظيم داعش الإرهابي قتلوا في ولاية ننغرهار شرق أفغانستان، إثر غارات جوية شنتها طائرات حلف شمال الأطلسي على مواقع في الولاية المجاورة للحدود مع باكستان. وحسب بيان للجيش الأفغاني، فإن اثنين من مقاتلي «طالبان» قتلا وجرح اثنان آخران في عمليات قامت بها وحدات الجيش الأفغاني في منطقة ياكا بيستا ومنطقة قاراقول في ولاية فارياب الشمالية.
وقال بيان الجيش إن أحد أفراد «طالبان» ويدعى طالب شاه سلم نفسه للقوات الحكومية في منطقة صياد بولاية ساريبول، فيما قال فيلق الجيش الأفغاني في الجنوب إن قواته شنت غارات جوية على قواعد لـ«طالبان» في مديرية ميزان بولاية زابل جنوب أفغانستان، مما أدى إلى مقتل 8 من مقاتلي «طالبان» وجرح اثنين آخرين. وفي نبأ آخر نقلته وكالة «خاما برس» الأفغانية عن الجيش في ولاية هلمند، ذكر مقتل أحد قادة «طالبان»، إضافة إلى 7 مسلحين آخرين في مواجهات مع الجيش بمنطقة بلوشان في ضواحي مركز الولاية. وقالت الداخلية الأفغانية إن القتيل يدعى قاري جنان، وهو أحد قادة «طالبان» الميدانيين بولاية هلمند التي تعد أحد المعاقل المهمة لقوات «طالبان» في أفغانستان. وأضاف بيان الداخلية الأفغانية أن 5 مسلحين آخرين من «طالبان» أصيبوا في العمليات، كما تمكنت القوات الحكومية من تدمير 8 مخابئ وعدد من الألغام الأرضية التي زرعتها قوات «طالبان» في منطقة بلوشان.