تدهور ثقة المستثمرين في منطقة اليورو يفاقم التشاؤم الاقتصادي

سجلت ثقة المستثمرين في منطقة اليورو أقل مستوى فيما يزيد على أربعة أعوام في فبراير (شباط) الجاري، ويرجع ذلك بصفة أساسية للمخاوف بشأن خروج بريطانيا المتوقع من الاتحاد الأوروبي.
وقالت مجموعة «سنتكس للأبحاث» إن مؤشرها لمعنويات المستثمرين بمنطقة اليورو نزل إلى «سالب 3.7» نقطة في فبراير، من «سالب 1.5» نقطة في يناير (كانون الثاني)، لينخفض للشهر السادس على التوالي، مسجلا أقل مستوى منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2014.
وتوقع محللون في استطلاع أجرته رويترز قراءة عند «سالب 0.6» نقطة. كما نزل مؤشر فرعي بشأن الأوضاع الحالية للشهر السادس على التوالي منخفضا لأقل مستوى منذ ديسمبر (كانون الأول) 2016.
وأظهر مؤشر منفصل لمعنويات المستثمرين في ألمانيا تراجعا في فبراير إلى 3.1 نقطة، من 6.1 نقطة في الشهر الماضي، لينخفض للشهر الرابع على التوالي، مسجلا أقل مستوى منذ أغسطس (آب) 2012.
ويأتي تراجع ثقة المستثمرين في منطقة اليورو، ليضاف إلى نتائج سلبية كثيرة تشهدها منطقة العملة الموحدة منذ عدة أشهر. وفي مطلع الشهر الجاري، أظهرت بيانات رسمية انخفاض التضخم بمنطقة اليورو كما كان متوقعا للشهر الثالث على التوالي في يناير مع تبدد أثر ارتفاع أسعار الطاقة، بينما زاد التضخم الأساسي قليلا في إشارة مطمئنة للبنك المركزي الأوروبي.
ويقدر مكتب الإحصاء التابع للاتحاد الأوروبي (يوروستات) أن الأسعار في دول منطقة اليورو البالغ عددها 19 دولة ارتفعت 1.4 في المائة في يناير، مقارنة مع 1.6 في المائة في ديسمبر (كانون الأول). وجاء التباطؤ متماشيا مع متوسط توقعات خبراء اقتصاد في استطلاع للرأي أجرته رويترز. وبذلك يكون معدل التضخم العام دون المستهدف من المركزي الأوروبي، والذي ينبغي أن يكون أقل قليلا من اثنين في المائة. غير أن التضخم الأساسي الذي يحظى بمتابعة وثيقة من المركزي الأوروبي لاتخاذ قراراته بشأن السياسة النقدية في ضوئه، والذي يستثني أسعار الطاقة والغذاء غير المصنع المتقلبة، ارتفع إلى 1.2 في المائة في يناير، متجاوزا توقعات ببقائه مستقرا عند 1.1 في المائة. وارتفع مؤشر آخر أضيق نطاقا يستثني الطاقة الغذاء والمشروبات الكحولية والتبغ أيضا إلى 1.1 في المائة. وبينما يعد التضخم أحد أكبر معضلات البنك المركزي الأوروبي، فإن تراجع عجلة التصنيع هو أحد أكبر المخاوف التي تواجهها منطقة اليورو. ويوم الجمعة الماضي، أفادت بيانات اقتصادية بأن قطاع التصنيع في منطقة العملة الأوروبية الموحدة وصل إلى شبه ركود خلال يناير الماضي، في ظل زيادة طفيفة في الأرباح وتراجع حاد في الطلبيات الجديدة.
وتراجع المؤشر النهائي لمديري مشتريات قطاع التصنيع في منطقة اليورو، والذي تصدره مؤسسة «اي إتش إس ماركت» للأبحاث الاقتصادية إلى 50.5 نقطة الشهر الماضي، مقابل 51.4 نقطة في ديسمبر (كانون الأول). وتشير قراءة المؤشر أعلى من خمسين نقطة إلى نمو قطاع التصنيع.
وذكرت مؤسسة «اي إتش إس ماركت» أن مؤشر مديري مشتريات قطاع التصنيع تراجع للشهر السادس على التوالي ليصل إلى أدنى مستوى له منذ نوفمبر عام 2014. وقال كريس ويليامسون، المحلل الاقتصادي في اي إتش إس ماركت، إن «نتائج مؤشر مديري المشتريات في يناير تضيف إلى احتمال ركود قطاع التصنيع، وستقوم بدور معطل للاقتصاد خلال الربع الأول». ويأتي التباطؤ بعد أسابيع فقط من إنهاء البنك المركزي الأوروبي لبرنامجه لشراء الأصول بأكثر من 2.6 تريليون يورو. وسيعزز هذا توقعات بتباطؤ اقتصادي عالمي سلط عليه الضوء استطلاع للرأي أجرته رويترز الشهر الماضي.
وهبط مؤشر يقيس الإنتاج، ويصب في مؤشر مديري المشتريات المجمع الذي من المنتظر نشر قراءته اليوم الثلاثاء، إلى أدنى مستوى في خمس سنوات ونصف السنة عند 50.5 نقطة من مستوى سابق عند 51.0 نقطة في ديسمبر (كانون الأول). ويُنظر إلى هذا المؤشر على أنه قياس جيد لمتانة الاقتصاد. وكان النمو الاقتصادي سجل تباطؤا في منطقة اليورو العام الماضي وسط أجواء من الشكوك تغذيها مخاطر الحمائية الأميركية وتزايد احتمالات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق.
وأظهرت تقديرات أولية لمكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات) أن نمو الناتج المحلي الإجمالي في 19 دولة تعتمد العملة الموحدة كان 1.8 في المائة لمجمل العام 2018، بعدما سجل نسبة 2.4 في المائة في العام 2017.
وخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2018، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2 في المائة فقط مقارنة مع الأشهر الثلاثة السابقة، ما يشكل ركودا (مع 0.2 في المائة أيضا في الربع الثالث مقارنة بالثاني). وقال أندرو كيننغهام، الخبير الاقتصادي في كابيتال إيكونوميكس: «بشكل عام، كانت نهاية العام مخيبة للآمال... والتوقعات الخاصة بالربع الأول من العام الحالي ليست أفضل»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وخلال إعلان آخر توقعاتها في 8 نوفمبر الماضي، أشارت المفوضية الأوروبية إلى أنها تتوقع نموا بنسبة 2.1 في المائة للعام في منطقة اليورو. والأسبوع قبل الماضي، حذر صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي من تراجع النمو في منطقة اليورو متأثرا بالتباطؤ الاقتصادي العالمي. وبالتالي خفض صندوق النقد توقعاته للعام 2019، وبات يراهن حاليا على ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.6 في المائة العام الحالي، مقابل 1.9 في المائة كان توقعها سابقا.
وقال كيننغهام: «مع تراجع توقعات أوساط الأعمال في ديسمبر (كانون الأول) ويناير، فإن الآفاق الاقتصادية للربع الأول من العام ليست أفضل بكثير». وجميع الدول الرئيسية في منطقة اليورو تأثرت بذلك. فألمانيا التي كانت لفترة طويلة أحد أبرز محركات النمو، أعادت النظر في توقعاتها للعام 2019 في وقت تتراكم الانتكاسات في قطاع السيارات لديها. أما فرنسا فقد توقف نشاطها العام 2018 ولا تزال البلاد وسط دوامة أزمة «السترات الصفراء». وسجلت إسبانيا تباطؤاً في النمو العام 2018 رغم أنها لا تزال عند مستوى مرتفع (+ 2.5 في المائة). أما بالنسبة لإيطاليا، فقد دخلت مرحلة الركود نهاية 2018 «ما يزيد المخاوف على استقرارها السياسي» وفقا لما قاله بيرت كولين، من بنك «اي إن جي».
أما النقطة الإيجابية الوحيدة، فتتمثل في استقرار معدل البطالة في الدول الـ19 في منطقة اليورو عند 7.9 في المائة في ديسمبر (كانون الأول)، كما في نوفمبر، في أدنى مستوياتها منذ عشر سنوات.