تونس: تحالف «الجبهة الشعبية» يدعو الشاهد إلى الاستقالة

TT

تونس: تحالف «الجبهة الشعبية» يدعو الشاهد إلى الاستقالة

قبل يومين من إحياء الذكرى السادسة لاغتيال القيادي اليساري التونسي شكري بلعيد الذي اغتيل في السادس من فبراير (شباط) 2013، طالب حمة الهمامي، المتحدث باسم تحالف «الجبهة الشعبية» اليساري، حكومة يوسف الشاهد بالاستقالة، ودعا إلى تشكيل حكومة جديدة على أنقاضها، معتبراً أنها «حكومة النهضة»، في إشارة إلى الدعم الذي تلقاه من هذه الحركة.
وتلا الهمامي، خلال مؤتمر صحافي في العاصمة التونسية أمس، بياناً اتهم فيه الحكومة الحالية بالفشل في حل الأزمات الاجتماعية والاقتصادية في تونس. وقال إن تحالف «الجبهة الشعبية» لم يشارك في «وثيقة قرطاج» التي حاولت إنقاذ الوضع في تونس، لإيمانه بأن المسار التنموي الحالي لا يمكن أن يفضي سوى إلى أزمات.
ودعا الهمامي إلى فرض استقالة حكومة الشاهد و«إنقاذ الشباب التونسي من الارتهان إلى القوى الأجنبية»، في إشارة إلى الشروط والإملاءات التي تفرضها هياكل التمويل الدولي، ومن بينها صندوق النقد الدولي، على تونس.
وكان تحالف «الجبهة الشعبية» قد رفض التصويت لصالح ميزانية الدولة المتعلقة بالسنة الحالية، واتهم الحكومة بالانصياع لـ«إرادة أجنبية» بدل البحث عن حلول تنموية مجدية تتماشى وحاجات المناطق الداخلية الفقيرة والمهمشة.
يذكر أن هذا التحالف السياسي اليساري قد دأب على تنظيم وقفات احتجاجية منذ سنة 2013، تاريخ اغتيال شكري بلعيد، للمطالبة بكشف الأطراف التي تقف وراء مقتله في السادس من فبراير (شباط) من السنة ذاتها.
ومن المنتظر أن يحيي تحالف «الجبهة الشعبية» الذكرى السادسة للاغتيال خلال نفس اليوم الذي تنظم فيه نقابة التعليم الثانوي «يوم غضب» لتحقيق مجموعة من المطالب المهنية.
وتمهيداً لإحياء ذكرى أحد رموز اليسار التونسي وأحد أهم مؤسسي «الجبهة الشعبية» (كان شكري بلعيد يرأس حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، وهو من مكونات الجبهة)، اتهمت هيئة الدفاع التي تتابع قضية بلعيد والقيادي اليساري الآخر محمد البراهمي، الذي اغتيل أيضاً سنة 2013، «حركة النهضة» بالضلوع في هذين الاغتيالين، كما اتهمت النيابة العامة وقاضي التحقيق المتعهد بالملفين بـ«التواطؤ الواضح والجلي بهدف طمس الحقيقة وإخفاء الأدلة التي من شأنها توريط الحركة وقياداتها، وفي مقدمتهم رئيس الحركة راشد الغنوشي»، الذي اعتبرته الهيئة فاعلاً أصلياً في القضية، على حد تعبير كثير بوعلاق عضو هيئة الدفاع. وتنفي «حركة النهضة» أي علاقة لها بالاغتيالين اللذين تورط فيهما متشددون إسلاميون، كما يُعتقد.
لكن هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي أصرت على اتهام «حركة النهضة» بإدارة «جهاز أمن سري» يشرف عليه مصطفى خضر، وهو أحد العسكريين الذين أوقفوا في قضية محاولة الانقلاب على الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي فيما يعرف بقضية «براكة الساحل» التي تعود إلى بداية تسعينات القرن الماضي. وقالت هيئة الدفاع إنه مسؤول عن الاغتيالين السياسيين، زاعمة أن أدلة الجريمة محفوظة في «غرفة سوداء» بمقر وزارة الداخلية التونسية.
في المقابل، أكدت قيادات «حركة النهضة» زيف ما ادعته هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي، واعتبرت الاتهامات «حملة انتخابية قبل الأوان» لتشويه الحركة التي التجأت إلى القضاء التونسي دفاعاً عن نفسها.
على صعيد آخر، أعلن 22 عاطلاً عن العمل من خريجي الجامعات التونسية بمنطقة ماجل بلعباس بولاية (محافظة) القصرين، وسط غربي تونس، عن قرارهم مغادرة المدينة مشياً نحو الحدود التونسية - الجزائرية «طلباً للجوء»، في رسالة واضحة لتسليط الضوء على معاناتهم التي قالوا إنها لم تجد سوى تجاهل ولامبالاة. وكان هؤلاء قد نظّموا قبل أربعة أشهر اعتصاماً بمقر السلطة المحلية، لكن تحركهم المطالب بالتشغيل والتنمية لم يجد تجاوباً.
يذكر أن احتجاجات مماثلة عرفتها مدن تونسية حدودية عدة مع الجزائر، على غرار التجمعات التي شهدتها ولاية (محافظة) قفصة الواقعة جنوب غربي تونس وكانت تطالب بدورها بنصيبها من التنمية والتشغيل.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.