أعلن عبد الله جاب الله، أقدم شخصية إسلامية في العمل السياسي بالجزائر، عزوفه عن الترشح لانتخابات الرئاسة المقررة في 18 أبريل (نيسان) المقبل، بحجة أن نتيجتها «محسومة لمرشح النظام بسبب التزوير المتوقع». وأحدثت هذه الانتخابات شرخاً عميقاً في صفوف التيار الإسلامي، فمنهم من ترشح ومنهم من ساند ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة المحتمل، ومنهم من يتحاشى اختيار شكل التعامل مع الحدث.
وقال حزب «جبهة العدالة والتنمية»، الذي يرأسه جاب الله، أمس، على موقعه الإلكتروني، إثر انتهاء اجتماع «مجلسه الشوري»، الذي دام ثلاثة أيام، إنه لن يقدم مرشحاً للانتخابات «ولكن نعتبر أنفسنا معنيين بالعمل مع جميع قوى المجتمع الفاعلة والمعارضة، أحزاباً وشخصيات من أجل اعتماد خيار الالتفاف حول مواقف موحدة وجادة، بما فيها تقديم مرشح موحد للمعارضة يتبنى مشروعاً متوافقاً عليه يتضمن على الخصوص الإصلاح الدستوري والقانوني الذي يكفل حق الأمة في السلطة والثروة وحرية الاختيار والتصرف فيهما، ويوفر كل الشروط الضامنة لحرية ونزاهة الانتخابات».
وخاض جاب الله معترك الانتخابات مرتين؛ الأولى عام 1999، لكنه انسحب 24 ساعة قبل انطلاق التصويت، مع 5 مرشحين آخرين، على أساس أنهم اكتشفوا أن الجيش «انحاز للمترشح المستقل عبد العزيز بوتفليقة»، وترشح لاقتراع عام 2004 وانهزم أمام بوتفليقة.
وعلى عكس جاب الله، دخل السباق الحزب الإسلامي الكبير «حركة مجتمع السلم»، برئيسه عبد الرزاق مقري مستفيداً من رصيد الحزب الطويل في الساحة السياسية ومن الزعامة الروحية لمؤسسه الراحل محفوظ نحناح (توفي عام 2003)، خصوصاً من الأعداد الكبيرة لمناضليه وأنصاره، ممن يعول عليهم في جمع 60 ألف توقيع مواطنين من 25 ولاية (من مجموعة 45 ولاية)، كأحد شروط سلامة ملف الترشح. ويعارض ترشح مقري، رئيس الحزب سابقاً أبو جرة سلطاني المحسوب على السلطة.
وسعى مقري بقوة لتأجيل الانتخابات، بذريعة أن النظام «سيختار مرشحه على استعجال، وبالتالي سيعطينا مرشحاً أسوأ من بوتفليقة»، حسب تصريحات سابقة له. وقد بنى هذه الفكرة على أساس أن بوتفليقة لن يطلب لنفسه التمديد. وجمعته لقاءات مع شقيق الرئيس ومستشاره الخاص سعيد بوتفليقة، حول موضوع التأجيل. ولما تبين له أن الكفة تميل نحو ترشح بوتفليقة، قرَر المشاركة في السباق لمنافسته.
والثابت، في الطبقة السياسية، أن النظام لا يمكن أن يسمح لإسلامي أن يصل إلى سدَة الحكم. وحدث في الانتخابات البرلمانية عام 1991 أن تدخل الجيش لإلغاء نتائجها بعد فوز ساحق حققته «الجبهة الإسلامية للإنقاذ». ومن المفارقات أن «حركة مجتمع السلم» (كانت تسمى حركة المجتمع الإسلامي)، أيَّدت موقف الجيش عندما استشيرت بخصوص وقف زحف الإسلاميين على السلطة. وشارك نحناح في انتخابات الرئاسة عام 1995، لكن هزم أمام مرشح السلطة الجنرال اليمين زروال. واتهم الإسلاميون، يومها، الحكومة بـ«التزوير».
من جهته، أعلن فيلالي غويني رئيس «حركة الإصلاح الوطني» (أسسها جاب الله عام 1999 وترأسها إلى 2004، وتم الانقلاب عليه)، انحيازه لمجموعة الأحزاب التي ناشدت بوتفليقة الترشح لفترة جديدة. وبذلك، يعد الحزب الإسلامي الوحيد الذي يدعم مرشح النظام المفترض، علماً بأن «حركة مجتمع السلم» سارت في ركب بوتفليقة ثلاث مرات، في 1999 و2004 و2009. ولم يفهم كثير من المراقبين سرَ هذا التخبط في مواقف أكبر الأحزاب الإسلامية.
وبقيت «حركة النهضة» (أسسها جاب الله في ثمانينيات القرن الماضي، وترأسها حتى 1998 وتم الانقلاب عليه)، بقيادة أمينها العام الجديد يزيد بن عائشة، إذ لم يصدر عنها موقف حيال الرئاسية. وحسب مصادر في الحزب، فإن قيادته لا تنوي الترشح ولا مساندة الإسلامي مقري.
الجزائر: انتخابات الرئاسة تقسّم الأحزاب الإسلامية
بين مترشح للسباق ورافض للمشاركة وداعم لبوتفليقة
الجزائر: انتخابات الرئاسة تقسّم الأحزاب الإسلامية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة