تونس: «النهضة» تنتقد تحقيقاً في حسابات مصرفية لقياداتها

TT

تونس: «النهضة» تنتقد تحقيقاً في حسابات مصرفية لقياداتها

إثر توجيه محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي مراسلة إلى البنوك التونسية للتثبت من حسابات حزب «حركة النهضة» وعدد من الناشطين فيه‎، طالبت الحركة بفتح تحقيق قضائي حول تسريب هذه المراسلة، خصوصاً أنها تتعلق بحساباتها وحسابات عدد من قياداتها دون باقي الأحزاب. وعبّرت الحركة عن إدانتها الشديدة لهذا السلوك، ودعت إلى ضرورة تحييد أجهزة الدولة عن الصراعات السياسية والحزبية. ولئن أكدت الحركة حرصها على شفافية كل الإجراءات القانونية المنظمة لعمل الأحزاب السياسية، علاوة على تثمينها العمل الرقابي الذي تقوم به مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها دائرة المحاسبات، فقد أشارت إلى أنها ملتزمة بتقديم حساباتها، وفق ما تنص عليه الإجراءات الواردة بقانون الأحزاب وبالقانون الانتخابي، وكشفت عن تقديم 350 تقريراً مفصلاً حول الانتخابات البلدية التي جرت في 6 مايو (أيار) 2018.
يذكر أن البنك المركزي التونسي قد وجّه خلال الأسبوع الماضي مراسلة إلى البنوك للتثبت من حسابات «حركة النهضة» وعدد من الناشطين فيها‎، وهو ما أثار حفيظة قيادات «النهضة». واستغرب محمد بن سالم، القيادي في الحركة، استثناء عدد من النواب وقيادات الأحزاب السياسية الذين رفعت في حقهم قضايا في وقت سابق، والاقتصار على توجيه مراسلة حول حسابات «حركة النهضة». ودعا دائرة المحاسبات (مؤسسة حكومية) إلى تطبيق مراقبة حسابات نواب وقيادات سياسية وأحزاب سياسية كبيرة وممثلة في البرلمان ممن تم رفع قضايا في حقهم، على حد قوله.
وكانت دائرة المحاسبات قد سارعت إلى تقديم توضيح إثر الجدل السياسي الذي خلّفته مراسلة البنك المركزي، وأكدت أن المراسلة تندرج في إطار أعمالها الرقابية على تمويل الحملة الانتخابية البلدية التي جرت العام الماضي، وأشارت إلى أن كل الأحزاب الفائزة بمقاعد في المجالس البلدية معنية بهذا الإجراء وليس «حركة النهضة» فحسب. وأكدت أنها تقف على مسافة واحدة من كل الأطراف الخاضعة لعمليات الرقابة المالية، حسبما جاء في بيان صادر عنها.
على صعيد متصل، هاجمت قيادات من «حزب النداء» و«تحالف الجبهة الشعبية» اليسارية - «حركة النهضة». كما اتهم حافظ قائد السبسي، نجل رئيس الجمهورية، المدير التنفيذي لحزب النداء، حركة النهضة بـ«ممارسة الابتزاز السياسي لوالده»، وإضعاف مؤسسة الرئاسة، بانحيازها ليوسف الشاهد رئيس الحكومة، وأشار إلى عدم احترامها قواعد التوافق وأخلاقيات العمل السياسي، على حد تعبيره.
في السياق ذاته، دعا عبد العزيز القطي، القيادي في «حزب النداء»، إلى الكشف عما سماه «الملف الأسود لحركة النهضة»، وأكد ضرورة التدقيق في حسابات «حركة النهضة» وفتح تحقيق حول تمويل الجمعيات الأهلية، التي ينشط كثير منها في جمع الأموال لفائدتها. من ناحيتها، اتهمت هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي، اللذين تعرضا إلى الاغتيال سنة 2013، «حركة النهضة» بالضلوع في هذين الاغتيالين، واتهمت النيابة العامة وقاضي التحقيق المتعهد بالملف بـ«التواطؤ الواضح والجلي، بهدف طمس الحقيقة وإخفاء الأدلة، التي من شأنها توريط الحركة وقياداتها، وفي مقدمتها رئيس الحركة راشد الغنوشي»، الذي اعتبرته الهيئة «فاعلاً أصلياً في القضية، على حد تعبير كثير بوعلاق، عضو هيئة الدفاع. في المقابل، نفت قيادات «حركة النهضة» صحة ما ادعته هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي، واعتبرت تلك الاتهامات «حملة انتخابية قبل الأوان» لتشويه الحركة التي لجأت إلى القضاء التونسي دفاعاً عن نفسها.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».