المغرب: ابن كيران يقرر العودة للحياة السياسية

قال إن الحملات ضده ينبغي ألا تنسي المواطنين الخدمات التي قدمها للبلاد

ابن كيران «الشرق الأوسط»
ابن كيران «الشرق الأوسط»
TT

المغرب: ابن كيران يقرر العودة للحياة السياسية

ابن كيران «الشرق الأوسط»
ابن كيران «الشرق الأوسط»

في خروج إعلامي مثير، كشف عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية السابق، وأمين عام حزب العدالة والتنمية السابق، أنه قرر العودة للحياة السياسية بسبب ما وصفه بـ«التأطير المنحرف للمواطنين»، ووجه انتقادات حادة لخصومه، متهما إياهم بالافتراء والكذب للنيل منه ومن حزبه.
وقال ابن كيران في لقاء صحافي عقده بمنزله في حي الليمون بالرباط، أمس، استدعى له عددا محدودا من المنابر الإعلامية، من ضمنها «الشرق الأوسط»: «لقد قررت الرجوع للحياة السياسية بعدما لاحظت تأطيرا منحرفا للمواطنين... لا أريد أن أكون رئيس حكومة ولا أمينا عاما للحزب ولا موظفا... ولن أعتزل السياسة وسأظل ممارسا لها». مشددا على أنه قرر العودة إلى الكلام، وأنه سيفضح مؤطري السوء، الذين يؤطرون المجتمع بالكذب والبهتان، حسب تعبيره.
وتعهد رئيس الحكومة السابق بمواجهة «من يريد أن يعيدنا إلى الوراء... لكن إذا رفضني المغاربة فلن أعود للسياسة»، لافتا إلى أن «الحملات ينبغي ألا تنسي المغاربة الخدمات التي قدمتها للبلاد».
في غضون ذلك، عبر ابن كيران عن افتخاره ببدء عملية إصلاح صندوق المعاشات، التي طالب الحكومة بمواصلتها، وإصلاح صندوق المقاصة، الذي تحسر على عدم إلغائه بشكل نهائي بسبب استفادة الأغنياء منه أكثر من الفئات الهشة. كما تحدث ابن كيران عن المعاش الاستثنائي، الذي خصه به العاهل المغربي الملك محمد السادس، وقال إنه شرف له وللحزب، متهما أربع صحف وعددا من المواقع الإلكترونية بـ«الكذب عليه واستهدافه في قضية المعاش». كما أوضح أنه «لا يحصل على 13 مليون سنتيم (13 ألف دولار)، أو 9 ملايين سنتيم (9 آلاف دولار)، بل يحصل على المعاش الاستثنائي نفسه الذي يحصل عليه رئيس الوزراء الأسبق عبد الرحمن اليوسفي»، دون أن يكشف عن قيمته الحقيقية.
في السياق ذاته، نفى ابن كيران امتلاكه أي ثروة أو عقارات، متحديا خصومه ومنتقديه بكشف جميع ممتلكاته، واعترف أن الحملة التي استهدفته آلمته، وهو ما دفعه إلى الخروج وتقديم الحقائق. كما عبر ابن كيران عن امتنانه للعناية، التي ما فتئ العاهل المغربي يخصه بها، مبرزا أن «سيدنا (الملك) يتابع وضعيتي الأمنية باستمرار حتى الآن وهو يعرف لماذا».
وتذكر ابن كيران حادث وفاة رفيق دربه ووزير الدولة الراحل عبد الله بها، وقال إنه حينما علم بخبر وفاته تجمد في مكانه، وقرر أن يتخلى عن مهامه. وعبر عن اندهاشه من استمراره وحيدا في إكمال التجربة، التي كان إلى جانبه في بنائها منذ البداية، وقال بهذا الخصوص: «أستغرب حتى الآن كيف مات، وكيف عشت من بعده حتى الآن؟».
وعاد ابن كيران لمهاجمة حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، القريب من السلطة، معتبرا أن مواجهته له كانت «أكبر خدمة قدمتها لبلدي». وقال في هذا الصدد: «لقد ساهمت في أن يكتشف المغاربة أن حزب الأصالة والمعاصرة كان سيكون خطيرا على المغرب»، ولم يتردد في تحميله «المسؤولية الحقيقية» عن حراك الريف والحسيمة، باعتباره الحزب الذي كان يؤطر المواطنين في هذه المنطقة ويسيرها. واعتبر في هذا السياق أن «الزفزافي ومن معه ضحايا، وأظن أن هذا المشكل سيحل بعفو ملكي». وقال إنه ينبغي أن نعي أن المرحلة التي نعيشها صعبة جدا، مشيرا إلى أن الملك يتخذ دائما القرارات التي تكون في صالح المغرب.
وبخصوص موقفه من الحكومة الحالية، أفاد ابن كيران بأن الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية «أخذت طريقها، ولن أخاف عليها الآن، لذلك قررت عدم الكلام خلال هذه المدة، ولن أبقى خائفا على الحكومة. سأتكلم إذا مست مصالح البلاد أو المؤسسة الملكية»، مشددا على أنه سيقوم بواجبه «بصفته مواطنا تجاوز الستين واقترب من السبعين»، وموضحا أن بعض الذين استهدفوا المؤسسة الملكية «لم يرد عليهم أي أحد، وقالوا كلاما غير معقول، وهناك شخص لم يحترم أي شيء في حق المؤسسة الملكية».
وبخصوص موقفه من الملكية البرلمانية، جدد ابن كيران التأكيد على موقفه الرافض لها بقوله: «ينبغي أن نتطور جميعنا: الدستور، والأحزاب السياسية، والملكية. وأنا غير مقتنع بالتنازع، وأي إصلاح ينبغي أن يكون بإشراف الملك»، مذكرا بعدد من المواقف التي جمعته بالعاهل المغربي خلال فترة رئاسته للحكومة، والقرارات التي دعمه في اتخاذها.
وشدد ابن كيران على أن العلاقة التي تربطه وحزبه بالملك، تقوم على «الطاعة في المنشط والمكره»، مشيرا إلى أنه لكل واحد الحق في أن تكون عنده ثقافته. كما ذكّر بمساهمته في تجاوز أحداث الربيع العربي، التي عاشتها بلاده خلال احتجاجات حركة 20 فبراير (شباط)، مشيرا إلى أنه «حساس تجاه مستقبل البلد».
وزاد قائلا: «أقول لا ضد التيار، وفي قضية الملكية البرلمانية أقول لا. وأنا ضد ملك يسود ولا يحكم».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.