الجلسة الأولى للحكومة اللبنانية: بيان وزاري شبيه بالسابق وإصلاحات اقتصادية

الحريري دعا إلى ترك الخلافات «خارج مجلس الوزراء»

الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري في الجلسة الأولى لمجلس الوزراء (أ.ب)
الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري في الجلسة الأولى لمجلس الوزراء (أ.ب)
TT

الجلسة الأولى للحكومة اللبنانية: بيان وزاري شبيه بالسابق وإصلاحات اقتصادية

الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري في الجلسة الأولى لمجلس الوزراء (أ.ب)
الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري في الجلسة الأولى لمجلس الوزراء (أ.ب)

عقدت الحكومة اللبنانية الجديدة أولى جلساتها يوم أمس، برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، وحضور رئيسها سعد الحريري، وذلك بعد التقاط الصورة التذكارية التي جمعتهما إلى جانب رئيس البرلمان نبيه بري والوزراء.
وخصّصت الجلسة الأولى لتشكيل لجنة صياغة البيان الوزاري الذي تأخذ الحكومة الثقة على أساسه في البرلمان اللبناني، وضمت اللجنة وزراء يمثلون مختلف الأطراف، برئاسة الحريري. وفي حين دعا عون إلى الإسراع في إقرار البيان، أشار بري إلى أنه سيكون منجزاً خلال أسبوع، فيما عبّر رئيس الحكومة عن أمله بأن تنهي اللجنة عملها في بداية الأسبوع المقبل، مستبعداً وجود خلافات، ومعلناً أنه سيكون مشابهاً للبيان الوزاري للحكومة السابقة، وسيتضمن كل الإصلاحات الضرورية المطلوبة في مؤتمر «سيدر» وغيره.
وفي كلمته في مجلس الوزراء، أشار رئيس الجمهورية إلى أن اللبنانيين ينتظرون الكثير من حكومة الوحدة الوطنية التي يجب أن تبقى متضامنة لتحقيق مشاريع عدة، مثل الكهرباء والموازنة، داعياً إلى مباشرة العمل سريعاً، من خلال إقرار البيان الوزاري بسرعة «لأن الوقت يفرض علينا أن نعمل بسرعة لنعوض ما فات».
وطمأن عون «أن المرحلة المقبلة ستكون أفضل بكثير من المرحلة السابقة، لا سيما في ما يخص الوضع المالي»، داعياً إلى وجوب التنبه في الحديث عنه، «وأن يتولى ذلك أهل الاختصاص».
بدوره، اعتبر الحريري «أن الوقت الآن هو وقت العمل، وأمامنا تحديات كثيرة علينا مواجهتها»، وشدد على «أن التضامن الحكومي هو الأساس. فالخلافات السياسية تكلف الدولة، والتضامن هو الطريقة الوحيدة لمواجهة التحديات»، مشيراً إلى «أن هناك قرارات صعبة في كل المجالات يجب أن نتخذها، لا سيما تطوير القوانين، والحد من الهدر والفساد. كذلك أمامنا تحديات إقليمية صعبة، ويجب أن نواجهها متحدين»، داعياً إلى «ترك خلافاتنا خارج مجلس الوزراء، لا سيما أننا أمام ملفات مهمة، مثل الكهرباء والموازنة، والمياه والطرق، والصناعة والزراعة والعمل، والقوى الأمنية، وقوى الأمن».
وتوقع الحريري «إقرار البيان الوزاري بسرعة»، نافياً أن «تكون هناك بنود خلافية فيه، إلا أنه سيكون مشابهاً للبيان الوزاري للحكومة السابقة، وسيتضمن كل الإصلاحات الضرورية المطلوبة في مؤتمر (سيدر) وغيره».
وبعد الجلسة، قال في حديث مع الصحافيين إن «أكبر مشكلة تواجهها الدولة هي مبلغ الملياري دولار الذي يصرف على الكهرباء حالياً»، مشدداً على ضرورة «بذل الجهود لتقليص عجز الموازنة بنسبة واحد في المائة من نسبة العجز إلى الناتج المحلي خلال السنوات الخمس المقبلة لإرساء الاستقرار المالي».
ورأى أن الوضع لا يسمح بالخلافات بين الأحزاب، موضحاً: «بالطبع، هناك منافسة حزبية، وهي مشروعة، ولكن من غير المشروع ضرب مصالح الناس بسبب خلافات سياسية. تشكلت الحكومة الآن بعد أن استغرق هذا التشكيل وقتاً، ولكن هذا الأمر قد يكون طبيعياً بعد مرحلة شهدت غياباً للانتخابات النيابية على مدى 9 أعوام. وبرأيي، سنشهد تعاوناً كبيراً، ومجلس الوزراء سيكون متضامناً، وإن شاء الله يدرك الوزراء أن التحديات كبيرة، وأنه ليس بإمكاننا إضاعة الوقت، ولا حتى ليوم واحد».
وأقر الحريري بأن الموازنة هي أحد أبرز التحديات التي ستواجه الحكومة، قائلاً: «أكبر مشكلة نواجهها اليوم هي مبلغ الملياري دولار الذي يصرف على الكهرباء، وهو ليس هدراً كما يعتقد البعض، لأن الهدر الحقيقي ألا نقوم بمعالجة هذا الموضوع، وحله بإنشاء معامل في سلعاتا والزهراني والجية، كما فعلنا في دير عمار».
وعن موقف الخارجية الأميركية الأخير حيال تولي «حزب الله» وزارة الصحة، أكد أنه لا يسبب إحراجاً، خصوصاً أنه يندرج في إطار الكلام الذي يقولونه دائماً عن «حزب الله»، مضيفاً: «لديهم قوانين صدرت في هذا الإطار، ولا أظن أن الحزب أو نحن أو أي أحد سيسخر وزارته لحساب حزبه السياسي. هناك الكثير من الوزارات التي تسلمتها أحزاب، فهل هذا يعني أنها ستصبح حكراً عليها؟ الوزير هو لكل لبنان ولكل اللبنانيين».
وسأل: «ما دام المواطن هو الذي يستفيد من هذه الوزارة، لماذا يعترض أحد على ذلك؟ المواطن الذي يعاني مرضاً مستعصياً هو مواطن لبناني إلى أي حزب انتمى»، وشدّد على أن «الفساد ليس له طائفة»، مشيراً إلى أن «سبب إلغاء وزارة مكافحة الفساد هو أنه أصبح لدينا قانون لمكافحة الفساد، وحماية الذي يشي بالفاسد. وفي مجلس النواب، سيتم إقرار قانون إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وفي كل دول العالم هناك مثل هذه الهيئات، إنما المشكلة عندنا أننا نقوم بإنشاء الهيئات دون تفعيلها».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».