أجبرت معاهدة الحد من الصواريخ النووية متوسطة المدى (آي إن إف)، التي وقعت في 1987 بين الرئيس الأميركي رونالد ريغان ونظيره السوفياتي ميخائيل غورباتشوف، للمرة الأولى، البلدين، على خفض ترسانتيهما النوويتين. عندما تم توقيعها في واشنطن، وصفت المعاهدة بـ«التاريخية»، وفتحت الطريق لعهد جديد من العلاقات بين الكتلتين الشرقية والغربية.
وصول ميخائيل غورباتشوف إلى السلطة في 1985 شهد بدء عهد جديد اتسم باتباع سياسات «البيريسترويكا» (إعادة الهيكلة) التي شكلت بداية انفتاح الاتحاد السوفياتي على الحوار مع الولايات المتحدة. واحتاج الأمر إلى ثلاث قمم بين غورباتشوف وريغان بين 1985 و1987 للتوصل إلى توقيع معاهدة الحد من الصواريخ النووية متوسطة المدى.
في 1983، وبعد عام على توليه منصبه، تهجم الرئيس ريغان على الاتحاد السوفياتي، ووصفه بأنه «إمبراطورية الشر». كانت الحرب الباردة في ذروتها بعد عقد السبعينيات الذي ساده بعض الانفراج بين الكتلتين.
النزاع الراهن سببه صاروخ «9 - إم - 729» البري الروسي القادر على حمل رأس نووي، الذي تؤكد الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي أن مداه يتجاوز 500 كلم. وحسب أحد كبار المسؤولين في الجيش الروسي الجنرال ميخائيل ماتفيفسكي، فإن «المدى الأقصى للصاروخ الذي تطالب الولايات المتحدة بتدميره وانسحبت بسببه هو 480 كلم»، في إشارة إلى هذه الصواريخ البرية التي يمكن تزويدها برأس نووية.
في أكتوبر (تشرين الأول)، تحدث الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن انتهاك روسيا للمعاهدة مهدداً بالانسحاب منها، على الرغم من دعوات الاتحاد الأوروبي إلى «حماية» الاتفاقية. وأمهلت واشنطن، موسكو، 60 يوماً لالتزام المعاهدة تحت طائلة البدء بآلية الانسحاب في فبراير (شباط)، وهذا ما قامت به أمس الجمعة.
وكانت معاهدات أبرمت من قبل مثل اتفاقية الحد من الأسلحة الاستراتيجية (سالت 1) في 1972 و«سالت 2» في 1979 للحد من القاذفات الجديدة للصواريخ الباليستية. لكن في معاهدة الحد من الصواريخ النووية متوسطة المدى، تعهدت القوتان العظميان للمرة الأولى بتدمير فئة كاملة من الصواريخ النووية. ونصت المعاهدة على تدمير الصواريخ التي يتراوح مداها بين 500 و5500 كيلومتر في السنوات الثلاث التالية لدخولها حيز التنفيذ. ونصت في الإجمال على تدمير 2692 صاروخاً قبل 1991، أي كل الصواريخ متوسطة المدى تقريباً، وهي تشكل أكثر بقليل من 4 في المائة من مجموع الترسانة النووية للبلدين في 1987، ومن النقاط الجديدة التي وردت في المعاهدة وضع إجراءات للتحقق من عمليات التدمير في كل دولة، من قبل مفتشين من الدولة الأخرى.
وبين الصواريخ الأميركية التي تقضي المعاهدة بتدميرها، صواريخ «بيرشينغ 1 إيه» و«بيرشينغ 2» التي كانت محور أزمة الصواريخ الأوروبية في ثمانينيات القرن الماضي.
وهذه الأزمة التي تلت نصب الاتحاد السوفياتي صواريخ نووية «إس إس - 20» موجهة إلى العواصم الأوروبية، رد عليها حلف شمال الأطلسي بنشر صواريخ «بيرشينغ» في أوروبا موجهة إلى الاتحاد السوفياتي.
معاهدة 1987 بين غورباتشوف وريغان
معاهدة 1987 بين غورباتشوف وريغان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة