تونس: تشكيل مبادرة سياسية جديدة لمقاومة الفساد

TT

تونس: تشكيل مبادرة سياسية جديدة لمقاومة الفساد

كشف مبروك كرشيد، الوزير السابق لأملاك الدولة في حكومة يوسف الشاهد التونسية، إطلاق مبادرة سياسية جديدة تحمل اسم «الالتقاء الوطني للإنقاذ»، وذلك بعد أيام قليلة من الإعلان عن تأسيس حزب «تحيا تونس»، الذي يتزعمه يوسف الشاهد.
وتضم هذه المبادرة شخصيات تنتمي لعدة اتجاهات سياسية، من بينها أحمد فريعة وزير الداخلية السابق في نظام بن علي الذي يحظى بتقدير الطبقة السياسية الحالية، وسميرة مرعي وزيرة الصحة السابقة. ويعتمد الميثاق التأسيسي لهذه المبادرة السياسية على 5 نقاط أساسية؛ تتمثل في تحوير النظام السياسي الحالي، وإعادة بسط سلطة الدولة بإنفاذ القانون، وإعطاء الأولوية لمقاومة الفساد والمحسوبية والاحتكار ودحر الإرهاب، والذود عن السيادة الوطنية بإيقاف تدفق المال الفاسد عبر الأفراد والجمعيات، بالإضافة إلى النهوض بالاقتصاد الوطني من خلال نموذج تنموي، يقوم على الاستثمار والتكنولوجيا والمعرفة، علاوة على تكريس الدور الاجتماعي للدولة. وبهذا الخصوص، قال كرشيد إن هذه المبادرة السياسية تهدف إلى «الالتقاء حول مشروع وطني تغلب عليه المصلحة الجماعية»، على حد تعبيره.
في غضون ذلك، أعلن 32 عضواً من أعضاء المجلس المركزي لحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي (حزب يساري) تجميد مسؤولياتهم داخل الحزب، وذلك إثر ما اعتبروه «فشل جميع المحاولات الجادة والملحة الهادفة إلى إخراج الحزب من الأزمة الخطيرة، التي يمر بها منذ شهر يوليو (تموز) الماضي».
وأطلق هؤلاء المنشقون على أنفسهم اسم «مساريون لتصحيح المسار»، وطالبوا بضرورة «عقد اجتماع للمجلس المركزي يتم الإعداد له من قبل الجميع بصفة تشاركية وبروح توافقية، من أجل إنقاذ ما تبقى من الحزب، وإعادة بنائه في إطار الوحدة والتنوّع والتسيير الديمقراطي».
وكان حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي قد واجه خلافات داخلية حادة حول مواصلة دعم حكومة الشاهد، أو سحب سمير بالطيب، وزير الفلاحة من الحكومة الحالية، باعتباره الوزير الوحيد الذي يمثلها، وهو أيضاً رئيس حزب المسار، لكن بقي الخلاف دون حل.
من جهة ثانية، أشرف الرئيس الباجي قايد السبسي، أمس، على مراسيم أداء اليمين من قبل الرئيس الجديد للهيئة العليا المستقلة للانتخابات نبيل بفون، والأعضاء الثلاثة الجدد المنتخبين؛ حسناء بن سليمان وبلقاسم عياشي وسفيان العبيدي.
كما استعرض رئيس الدولة خلال محادثة أجراها مع كامل أعضاء الهيئة الاستعدادات الجارية لإنجاح الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، المقررة خلال شهري أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) من السنة الحالية. وعبر عن استعداده التام لدعم الهيئة في مهامها خلال هذا الاستحقاق الانتخابي الهام.
وخلال اللقاء، شدد رئيس الجمهورية على ضرورة أن تُجرى الانتخابات التشريعية والرئاسية في مواعيدها الدستورية المحددة، كما أكد ضرورة توفير المناخ الملائم لضمان مشاركة مكثّفة للناخبين، في ظل مخاوف من عزوف التونسيين على الإقبال على مكاتب الاقتراع.
وقال نبيل بفون، الرئيس الجديد لهيئة الانتخابات، إن اللقاء «كان مثمراً، وهو ما من شأنه أن يوفر مناخاً انتخابياً مناسباً، لإنجاح الانتخابات.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.