غوتيريش يتعهد العمل من أجل حماية المدنيين الفلسطينيين

TT

غوتيريش يتعهد العمل من أجل حماية المدنيين الفلسطينيين

تعهد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بمواصلة العمل مع الأطراف المختلفة على الأرض لضمان حماية وسلامة المدنيين الفلسطينيين، وذلك بعد يوم من طرد إسرائيل للقوة الدولية الوحيدة (TIPH) التي كانت عاملة في مدينة الخليل في الضفة الغربية. وأكد غوتيريش في بيان أصدره المتحدث الرسمي باسمه، استيفان دوغريك، على «التزامه بحل الدولتين (الفلسطينية والإسرائيلية) والحفاظ على المبادئ والرؤى المكرسة في إطار اتفاق أوسلو وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والاتفاقات الأخرى السارية». كما أدانت أمس منظمة التعاون الإسلامي القرار الإسرائيلي إنهاء مهمة بعثة الوجود الدولي المؤقت بمدينة الخليل، معتبرة أن هذا الإجراء «خرق» لاتفاقيات جنيف وقرارات الشرعية الدولية.
وحذرت الأمانة العامة للمنظمة، التي تتخذ من مدينة جدة في المملكة العربية السعودية مقراً لها، «من خطورة هذا القرار الإسرائيلي الذي يشكل انتهاكاً للاتفاقيات الموقعة وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، لا سيما القرار 904 الصادر عن مجلس الأمن الدولي بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي المروعة في عام 1994». ودعت المجتمع الدولي إلى «إبقاء بعثة الوجود الدولي وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني واتخاذ التدابير اللازمة لوضع حد للانتهاكات والاعتداءات التي يرتكبها المستوطنون الإسرائيليون وقوات الاحتلال الإسرائيلي».
وأعرب الأمين العام عن أمله في أن «تتمكن الأطراف من التوصل إلى اتفاق للحفاظ على مساهمة (TIPH) طويلة الأمد والقيمة في منع نشوب الصراع وحماية الفلسطينيين في الخليل». وجاء بيان غوتيريش تعقيباً على بيان مشترك صادر عن وزراء خارجية إيطاليا والنرويج والسويد وسويسرا وتركيا، يأسف لقرار إسرائيل طرد ولاية الوجود الدولي المؤقت في الخليل، المنشأة بموجب (اتفاق أوسلو الثاني) في عام 1995. وأشار بيان غوتيريش لموقف الدول الخمس الراعية لبعثة الوجود الدولي المؤقت في الخليل التي قالت إنها تأسف «للقرار الأحادي الجانب من قبل الحكومة الإسرائيلية بإنهاء عملها في مدينة الخليل المحتلة». وجاء في رسالة مشتركة موقعة من قبل وزراء خارجية كل من النرويج، وإيطاليا، وتركيا، وسويسرا، والسويد «أن القرار الإسرائيلي منافٍ لاتفاق أوسلو الثاني وقرار مجلس الأمن 904 الذي اعتمد في عام 1994. والذي دعا إلى إنشاء بعثة الوجود الدولي المؤقت في الأرض الفلسطينية المحتلة لتوفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين».
وأشارت الرسالة إلى أن الجانب الفلسطيني طلب تجديد ولاية البعثة، مؤكدة ضرورة التزام إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، بموجب القانون الدولي، بحماية سكان الخليل وضمان أمنهم ومحاسبة من يرتكب الانتهاكات ضدهم.
كما رفضت الدول الادعاءات الإسرائيلية التي تتهم هذه البعثة بمخالفة ولايتها، وطلبت من إسرائيل تحمل مسؤولية أمن موظفي البعثة إلى حين إجلائهم من مدينة الخليل. وأعادت الدول التأكيد على أن الحل الوحيد للصراع الفلسطيني الإسرائيلي يتمثل في تحقيق حل الدولتين، ضمن حدود معترف بها كي يعيش كلا الشعبين في أمن وسلام.
ولاقى البيان المشترك ترحيباً فلسطينياً، إذ أعرب المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة في نيويورك، السفير رياض منصور، عن تقديره للموقف المشترك الصادر عن هذه الدول، مطالباً مجلس الأمن بإنفاذ قراراته، بما فيها المتعلقة بحماية المدنيين الفلسطينيين. ويحاول الفلسطينيون بالتشاور مع دولة الكويت، العضو العربي في مجلس الأمن، عقد مشاورات في مجلس الأمن حول القرار الإسرائيلي بإنهاء عمل بعثة الوجود الدولي المؤقت في الخليل وتزايد العنف ضد المدنيين الفلسطينيين في المدينة وكافة الأرض الفلسطينية المحتلة.
وكانت إسرائيل قد أنهت منذ بداية الشهر الحالي عمل بعثة الوجود الدولي في مدينة الخليل في الضفة الغربية بادعاء أن القوة الدولية تعمل ضد إسرائيل. ونُشرت بعثة المراقبين في الخليل بموجب اتفاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين تم التوصل إليه بعد مجزرة فبراير (شباط) 1994 عندما قام مستوطن إسرائيلي بقتل 29 فلسطينياً كانوا يصلون داخل الحرم الإبراهيمي. ودأبت الحكومة الإسرائيلية على مهاجمة البعثة طيلة العام الماضي إلى الحد الذي اتهمت معه وزارة الخارجية الإسرائيلية البعثة الدولية باعتماد روايات أحادية عن الوضع في الخليل. ويقول الإسرائيليون إن القوة أصبحت مزعجة بالنسبة للمستوطنين وكذلك لعمل الجنود في المدينة. وكانت هذه القوة تعمل على مراقبة الوضع في مناطق محددة في الخليل وتقوم بكتابة تقارير تشاركها مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية، فيما تقول البعثة إن مهمتها تنحصر في إعادة حياة طبيعية في المدينة. وهذه البعثة هي الوحيدة الدولية العاملة في الأراضي المحتلة، وانحصر عملها في مدينة الخليل التي يعيش في بلدتها القديمة نحو 500 مستوطن بالقوة، محروسين بنحو 1000 جندي ما يجعل هذه المنطقة بؤرة توتر مستمر.
من جانبها، نددت تركيا «بشدة» بقرار إسرائيل عدم التجديد لبعثة المراقبين الدوليين في مدينة الخليل، وقالت وزارة الخارجية في بيان في ساعة متأخرة من مساء الجمعة «ندين بشدة قرار إسرائيل الأحادي إنهاء مهمة بعثة الوجود الدولي المؤقت في الخليل... ونتوقع أن تتم العودة عن هذا القرار السياسي». لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قال إنه لن يجدد للبعثة، واتهمها بالانحياز، غير أن أنقرة رفضت الاتهام الإسرائيلي قائلة «نرفض قطعاً الاتهام بأن بعثة المراقبين كانت تعمل ضد إسرائيل مثلما قالت إسرائيل تبريراً لقرارها». وفي سلسلة من التغريدات أمس، ندد اومير تشيليك المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، بالقرار الإسرائيلي ووصفه بأنه «خطوة جديدة للتستر على الأعمال غير القانونية» ويستدعي الإدانة. وكتب «هذه الخطوة الإسرائيلية تظهر بأنه يتم التخطيط لاعتداءات جديدة» وحض دول العالم على «إيلاء انتباه أكبر» للوضع في الخليل. وتشارك تركيا بمراقبين في البعثة التي تقودها النرويج ومهمتها رصد التجاوزات التي يرتكبها المستوطنون أو الفلسطينيون ولا يحق لعناصرها التدخل مباشرة لدى وقوع حوادث.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.