تييري هنري يتحمل وحده اللوم عن فشله في موناكو

افتقار شخصيته إلى النضج وتكتيكاته السلبية وأسلوب إدارته كتبت نهايته

تييري هنري فشل في بداية مسيرته التدريبية (رويترز)
تييري هنري فشل في بداية مسيرته التدريبية (رويترز)
TT

تييري هنري يتحمل وحده اللوم عن فشله في موناكو

تييري هنري فشل في بداية مسيرته التدريبية (رويترز)
تييري هنري فشل في بداية مسيرته التدريبية (رويترز)

لطالما كان تعيين تييري هنري مدرباً لموناكو مقامرة، ومع هذا لم تكن هناك مؤشرات توحي بأن فترة تعاونه مع النادي الفرنسي ستنتهي بهذا الإخفاق المروع. في الواقع، كانت عودة هنري لنادي صباه أشبه بمثابة كارثة حقيقية. ورغم أنه خلال فترة تدريبه للفريق حقق اللاعبون نتائج طيبة، منها التعادل في الفترة الأخيرة أمام مارسيليا ونيس في إطار بطولة الدوري والوصول لدور قبل النهائي ببطولة كأس الرابطة الفرنسية، فإنه في نهاية الأمر دفع ثمن مستوى أداء لاعبيه داخل الملعب وتناقضاته الواضحة.
من ناحية أخرى، فإن العدد الكبير للإصابات في صفوف اللاعبين أضر بموقفه، ذلك أنه خلال أوقات مختلفة غاب ما يزيد عن 12 لاعباً بالفريق الأول بسبب الإصابة، وكان أبرزهم روني لوبيز، الذي سجل عدداً مذهلاً من الأهداف بلغ 14 هدفاً خلال النصف الثاني من الموسم الماضي. ومع هذا، خاصة في ظل تمتعه بدعم مجلس إدارة النادي - ومع ضم موناكو كل من نالدو وسيسك فابريغاس وفودي بالو توريه هذا الشهر - لم يكن فريق اللاعبين المشكلة الأساسية، وإنما تمثل العائق الأساسي أمام هنري في تناقضاته الشخصية وتوجهه المفتقر إلى النضج.
يذكر أن هنري البالغ عمره 41 عاماً مر على اعتزاله أربع سنوات فحسب ـ وقد ظل يلعب إلى جوار فابريغاس لسنوات عديدة في صفوف آرسنال ـ ويبدو أن افتقار شخصيته إلى النضج هو الذي كتب نهايته. في الواقع من الصعب التوفيق بين التوجه المتغطرس الذي يتبعه هنري (انظر كيف وبخ بنوا بادياشيل بعدما أخفق المدافع الشاب في دفع مقعده خلال مؤتمر صحافي) والتقارير التي تتحدث على أن المدرب يتعامل على نحو يجعله يبدو كعضو كبير في الفريق، وليس مدرباً.
خلال المباراة التي انتهت بهزيمة موناكو بنتيجة 5 - 1 أمام ستراسبورغ، ضبطت الكاميرا هنري وهو يوجه أقذع السباب إلى الظهير الأيمن للفريق الخصم، الأمر الذي يبدو متناقضاً للغاية مع ثقافة الاحترام التي بدا أنه يطالب بها أثناء توبيخه للاعبه في المؤتمر الصحافي. وأعقب موناكو خسارته أمام ستراسبورغ بنتيجة أخرى مخيبة للآمال، بتعرضه للهزيمة على أرضه أمام ميتز المشارك في الدرجة الثانية من الدوري بنتيجة 3 - 1. وذلك في إطار بطولة كأس فرنسا. وفي رد فعله على خروج فريقه من بطولة الكأس، رغب هنري في تقليص مكانة العديد من لاعبيه ودفعهم إلى فريق الاحتياطي ـ قرار ليس بالسهل بالنظر إلى وباء الإصابات العاصف بالفريق، ومع هذا عقد هنري عزمه على تنفيذ القرار، مبرراً ذلك بحاجته إلى لاعبين «متعطشين».
واستجابت مجموعة من كبار لاعبي الفريق بالتقدم بطلب بعقد اجتماع قمة مع مجلس إدارة النادي. وبالفعل، تعامل مسؤولو النادي مع مشاعر السخط التي أبداها اللاعبون بجدية وسارعوا إلى طرد هنري، رغم البند الذي ينص على مبلغ تعويض ضخم حال الاستغناء عن خدماته وتتراوح قيمته بين 10 و15 مليون يورو، في مسلك جديد يختلف بوضوح عن النهج المألوف من إدارة النادي الذي يتسم بالتقتير الشديد في إنفاق المال.
ولم يكن الأسلوب المتعالي من جانب هنري في التعامل مع اللاعبين على المستوى الشخصي السبب الوحيد وراء سقوط المدرب، وإنما كشفت تقارير واردة من مركز التدريب التابع للنادي كذلك عن افتقاره إلى المهنية أثناء التدريبات، الأمر الذي بدا أنه يمتد بتداعياته إلى أيام المباريات أيضاً، في وقت عمد موناكو على نحو متكرر إلى تغيير تكتيكاته والأدوار الموكلة إلى مجموعة متنوعة من اللاعبين.
وثمة قرارات مثيرة للدهشة اتخذها هنري - مثل الاستعانة بألمامي توريه في مركز قلب الدفاع للمرة الأولى منذ سنوات والدفع ألكسندر غولوفين كمهاجم - يمكن تفسيرها بافتقار فريقه إلى العمق، لكن الفريق افتقر بشدة في الوقت ذاته إلى هوية واضحة في ظل قيادته. جدير بالذكر أنه كلاعب، اتسم هنري بأسلوب نشط وحيوي في اللعب كلاعب ـ واتبع موناكو أسلوباً مشابهاً أثناء أفضل سنواته تحت قيادة المدرب ليوناردو جارديم ـ لكن هنري قوض هذا التوجه باعتماده تشكيلات سلبية مع وجود عدد كبير للغاية من لاعبي خط الوسط.
وإذا كان هدف هنري من وراء ذلك اتباع نهج أكثر حذراً، فإن تكتيكاته أدت في الغالب لإلحاق الضعف بلاعبيه. على سبيل المثال، كثيراً ما انكشف افتقار كاميل غليك للسرعة بسهولة في خط الدفاع المكون من ثلاثة لاعبين، في الوقت الذي لم ينجح ناصر الشاذلي في تقديم أداء مبهر.
في الواقع، بدأ الأمر وكأن هنري لا يعي جيداً نقاط القوة في لاعبيه. وحتى بعد انضمام المدرب السابق لمارسيليا، فرانك باسي، إلى موناكو كمساعد لهنري، كثيراً ما كان الفريق يبدو في حيرة من أمره داخل أرض الملعب. وقد جابه اللاعبون أنفسهم صعوبات تحت قيادة المدرب الحالي ليوناردو جارديم، لكن التناقض الصارخ في أسلوب تعامل هنري مع مهمة الإدارة، على المستويين الشخصي والمهني، قوض طموحاته على نحو خطير.
في النهاية، بدا واضحاً أن هنري نفسه هو أسوأ أعدائه. ونأمل بعد رحيله عن موناكو أن يتعلم درساً عن أهمية التوجه المتناغم والاستعداد الجيد. وقبل أن يعاود العمل من جديد، ينبغي عليه الابتعاد بعض الوقت والتفكير في الأخطاء التي وقعت وكيف يمكنه التغلب على هذه الخيبة.
جدير بالذكر أن المدرب البرتغالي ليوناردو جارديم حقق عودة غير موفقة إلى موناكو، إذ فرط نادي الإمارة ببطاقة التأهل إلى المباراة النهائية لمسابقة كأس رابطة الأندية الفرنسية المحترفة للموسم الثاني تواليا، وذلك بتقدمه على مضيفه غانغان بهدفين الثلاثاء قبل أن يخسر في نهاية المطاف بركلات الترجيح. وبدا موناكو، القادم من خروج مخيب من الدور الرابع لمسابقة الكأس على يد ضيفه متز من الدرجة الثانية (1 - 3) قبل أن يضيف هزيمة ثالثة عشرة له في الدوري على يد ديجون (صفر - 2)، في طريقه للتأهل إلى النهائي للمرة السادسة في تاريخه المتوج بلقب واحد عام 2003. بعدما تقدم بهدفي البرتغالي روني لوبيز والروسي ألكسندر غولوفين.


مقالات ذات صلة

دي تزيربي: لم أترك شاختار وهو تحت قصف بوتين... فكيف بمرسيليا؟!

رياضة عالمية تزيربي قال إنه مستمر في منصبه مدرباً لمرسيليا (أ.ف.ب)

دي تزيربي: لم أترك شاختار وهو تحت قصف بوتين... فكيف بمرسيليا؟!

أكد المدرب الإيطالي لنادي مرسيليا الفرنسي لكرة القدم روبرتو دي تزيربي، الجمعة، أنه لم يفكر قط في الاستقالة من منصبه.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية زكريا أبوخلال (أ.ف.ب)

المغربي أبوخلال يستعيد التوهج بعد المعاناة

بداية حالمة، جدل، إصابة خطيرة وخيبة أمل... هذا مشوار زكريا أبوخلال مع فريقه تولوز الفرنسي الذي انتعش مؤخراً بفصل جديد مع عودة المهاجم الدولي المغربي.

«الشرق الأوسط» (تولوز)
رياضة عالمية سان جيرمان يتأهب لجولة جديدة في الدوري الفرنسي (أ.ف.ب)

الدوري الفرنسي: مباراة سهلة لسان جيرمان... وقمة بين موناكو وبريست

يسعى باريس سان جيرمان إلى تعزيز صدارته عندما يستضيف تولوز، العاشر (الجمعة)، في افتتاح المرحلة الـ12 من بطولة فرنسا في كرة القدم.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية يستعد أرنو لإتمام صفقة الاستحواذ على نادي باريس في وقت لاحق هذا الشهر (رويترز)

عائلة أرنو: شراء نادي باريس استثمار طويل الأجل

قالت عائلة الملياردير برنار أرنو الأربعاء إنها تهدف إلى الارتقاء تدريجيا بنادي باريس اف.سي الذي يلعب في دوري الدرجة الثانية ليصبح ضمن نخبة الكرة الفرنسية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية ديديه ديشان (د.ب.أ)

ديشان «السعيد»: أرفع القبعات للاعبي فرنسا

أعرب ديديه ديشان المدير الفني للمنتخب الفرنسي لكرة القدم عن سعادته بالفوز الذي حققه منتخبه على المنتخب الإيطالي في الجولة الأخيرة من المجموعة الثانية

«الشرق الأوسط» (باريس)

بعد مئويته الأولى... هالاند يتطلع إلى المزيد في مسيرته الحالمة مع مانشستر سيتي

هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)
هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)
TT

بعد مئويته الأولى... هالاند يتطلع إلى المزيد في مسيرته الحالمة مع مانشستر سيتي

هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)
هالاند يفتتح التسجيل في شباك تشيلسي (أ.ب)

وصل النجم النرويجي الدولي إيرلينغ هالاند إلى 100 مباراة في مسيرته مع فريق مانشستر سيتي، حيث احتفل بمباراته المئوية خلال فوز الفريق السماوي 2 - صفر على مضيفه تشيلسي، الأحد، في المرحلة الافتتاحية لبطولة الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

وكان المهاجم النرويجي بمثابة اكتشاف مذهل منذ وصوله إلى ملعب «الاتحاد» قادماً من بوروسيا دورتموند الألماني في صيف عام 2022، حيث حصل على الحذاء الذهبي للدوري الإنجليزي الممتاز كأفضل هداف بالبطولة العريقة في موسميه حتى الآن. واحتفل هالاند بمباراته الـ100 مع كتيبة المدرب الإسباني جوسيب غوارديولا على أفضل وجه، عقب تسجيله أول أهداف مانشستر سيتي في الموسم الجديد بالدوري الإنجليزي في شباك تشيلسي على ملعب «ستامفورد بريدج»، ليصل إلى 91 هدفاً مع فريقه حتى الآن بمختلف المسابقات. هذا يعني أنه في بداية موسمه الثالث مع سيتي، سجل 21 لاعباً فقط أهدافاً للنادي أكثر من اللاعب البالغ من العمر 24 عاماً، حسبما أفاد الموقع الإلكتروني الرسمي لمانشستر سيتي.

وعلى طول الطريق، حطم هالاند كثيراً من الأرقام القياسية للنادي والدوري الإنجليزي الممتاز، حيث وضع نفسه أحد أعظم الهدافين الذين شهدتهم هذه البطولة العريقة على الإطلاق. ونتيجة لذلك، توج هالاند بكثير من الألقاب خلال مشواره القصير مع سيتي، حيث حصل على جائزة لاعب الموسم في الدوري الإنجليزي الممتاز، ولاعب العام من رابطة كتاب كرة القدم، ولاعب العام من رابطة اللاعبين المحترفين، ووصيف الكرة الذهبية، وأفضل لاعب في جوائز «غلوب سوكر».

كان هالاند بمثابة اكتشاف مذهل منذ وصوله إلى مانشستر (أ.ف.ب)

وخلال موسمه الأول مع سيتي، أحرز هالاند 52 هدفاً في 53 مباراة في عام 2022 - 2023، وهو أكبر عدد من الأهداف سجله لاعب بالدوري الإنجليزي الممتاز خلال موسم واحد بجميع البطولات. ومع إحرازه 36 هدفاً، حطم هالاند الرقم القياسي المشترك للأسطورتين آلان شيرر وآندي كول، البالغ 34 هدفاً لكل منهما كأكبر عدد من الأهداف المسجلة في موسم واحد بالدوري الإنجليزي الممتاز. وفي طريقه لتحقيق هذا العدد من الأهداف في البطولة، سجل النجم النرويجي الشاب 6 ثلاثيات - مثل كل اللاعبين الآخرين في الدوري الإنجليزي الممتاز مجتمعين آنذاك. وخلال موسمه الأول مع الفريق، كان هالاند أيضاً أول لاعب في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز يسجل «هاتريك» في 3 مباريات متتالية على ملعبه، وأول لاعب في تاريخ المسابقة أيضاً يسجل في كل من مبارياته الأربع الأولى خارج قواعده. وكان تسجيله 22 هدفاً على أرضه رقماً قياسياً لأكبر عدد من الأهداف المسجلة في ملعب «الاتحاد» خلال موسم واحد، كما أن أهدافه الـ12 ب دوري أبطال أوروبا هي أكبر عدد يحرزه لاعب في سيتي خلال موسم واحد من المسابقة.

أما في موسمه الثاني بالملاعب البريطانية (2023 - 2024)، فرغم غيابه نحو شهرين من الموسم بسبب الإصابة، فإن هالاند سجل 38 هدفاً في 45 مباراة، بمعدل هدف واحد كل 98.55 دقيقة بكل المنافسات، وفقاً لموقع مانشستر سيتي الإلكتروني الرسمي. واحتفظ هالاند بلقب هداف الدوري الإنجليزي للموسم الثاني على التوالي، عقب إحرازه 27 هدفاً في 31 مباراة... وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عندما سجل هدفاً في تعادل مانشستر سيتي 1 - 1 مع ليفربول، حطم هالاند رقماً قياسياً آخر في الدوري الإنجليزي الممتاز، بعدما أصبح أسرع لاعب في تاريخ المسابقة يسجل 50 هدفاً، بعد خوضه 48 مباراة فقط بالبطولة.

وتفوق هالاند على النجم المعتزل آندي كول، صاحب الرقم القياسي السابق، الذي احتاج لخوض 65 لقاء لتسجيل هذا العدد من الأهداف في البطولة. وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، وخلال فوز سيتي على لايبزيغ، أصبح اللاعب البالغ من العمر 23 عاماً في ذلك الوقت أسرع وأصغر لاعب على الإطلاق يسجل 40 هدفاً في دوري أبطال أوروبا، حيث انتقل إلى قائمة أفضل 20 هدافاً على الإطلاق بالمسابقة.

كما سجل هالاند 5 أهداف في مباراة واحدة للمرة الثانية في مسيرته مع سيتي في موسم 2023 - 2024، وذلك خلال الفوز على لوتون تاون في كأس الاتحاد الإنجليزي. ومع انطلاق الموسم الجديد الآن، من يدري ما المستويات التي يمكن أن يصل إليها هالاند خلال الأشهر الـ12 المقبلة؟