عباس يلتقي رجال أعمال إسرائيليين ويؤكد استعداده لاستئناف المفاوضات

أبدى أسفه لبناء مرشحي الانتخابات الإسرائيلية حملاتهم على العداء للفلسطينيين

عباس مستقبلاً وفد رجال الأعمال الإسرائيليين (وفا)
عباس مستقبلاً وفد رجال الأعمال الإسرائيليين (وفا)
TT

عباس يلتقي رجال أعمال إسرائيليين ويؤكد استعداده لاستئناف المفاوضات

عباس مستقبلاً وفد رجال الأعمال الإسرائيليين (وفا)
عباس مستقبلاً وفد رجال الأعمال الإسرائيليين (وفا)

استقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مقره برام الله، وفداً كبيراً من 35 رجل أعمال إسرائيلياً، ووجه عبرهم رسالة سلام إلى الشعب في إسرائيل. وقال إنه لا يتدخل في الانتخابات البرلمانية لديهم، بل يؤكد لهم أنه مستعد لاستئناف المفاوضات مع أي رئيس حكومة ينتخب فيها بمن في ذلك بنيامين نتنياهو، من دون شروط مسبقة.
وقال عباس خلال اللقاء إنه يتأسف على قيام عدد من المرشحين البارزين في الانتخابات الإسرائيلية ببناء تنافسهم الانتخابي على العداء للشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية وعلى من يفتخر بكمية القمع والتنكيل بهذا الشعب أكثر من الآخر. وأضاف: «تجد من يتباهى بأنه دمر قطاع غزة وتجد من يستعرض عضلات القوة ويطرح مشاريع تخليد الاحتلال وتجد من يصر على أنه لا يوجد لدى الفلسطينيين شريك لعملية السلام. وكل هذا يبث رسائل سامة للمجتمعين، الإسرائيلي والفلسطيني، ويبعد السلام. بينما نحن في السلطة الفلسطينية ومؤسساتها ومنظمة التحرير، نعلن إصرارنا على عملية السلام، رغم ممارسات الاحتلال العدائية».
وكان 35 من رجال الأعمال البارزين في إسرائيل، بعضهم يملك مصالح اقتصادية تقدر بعدة مليارات من الدولارات، قد وصلوا إلى رام الله للقاء عباس من خلال النشاط الذي تقوم به لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي في منظمة التحرير، التي يقودها عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، محمد المدني. وهم ينتمون إلى حركة «كسر الجمود» الإسرائيلية - الفلسطينية، التي كان أطلقها رجال أعمال فلسطينيون وإسرائيليون‎، خلال المنتدى الاقتصادي في إسطنبول عام 2012، وتم الإعلان عنها في المنتدى الاقتصادي في البحر الميت عام 2013، وتضم حتى الآن 400 رجل أعمال فلسطيني وإسرائيلي.
وعبر كثير من رجال الأعمال الإسرائيليين عن قلقهم من الجمود في عملية السلام. ولم يخفوا انتقادهم لرئيس حكومتهم بنيامين نتنياهو، وتحميله مسؤولية أساسية عن الجمود. إلا أنهم تساءلوا أيضاً عن سبب الرفض الفلسطيني للمفاوضات. فقال لهم عباس إنه مستعد للمفاوضات من دون شروط، لكن نجاح المفاوضات يستدعي إبداء نيات حسنة تنعش الأمل بإمكانية تحقيق السلام.
وقال لهم عباس: «أتمنى أن نتفاوض كطرفين متساويين يعترف كل منا بوجود الآخر، آمل أن تتيح لنا نتيجة الانتخابات ذلك. آمل بمفاوضات يطرح فيها كل منا مطالبه، ولكن ليس بالضرورة تحقيق كل ما يريده. لا يمكننا الاستمرار في الوضع الحالي الذي لا يبشر بالخير، مواجهات يومية واستيطان مستمر وقتل متواصل. تكفينا 70 سنة من الصراع. نحن شغوفون للسلام. وأبدينا الاستعداد دائماً لتفهم مصاعب إسرائيل ومخاوفها الأمنية، لذلك نقوم بالتنسيق الأمني معها، على الرغم من عدم التقدم على الصعيد الدبلوماسي. إننا نحترم الأمن الإسرائيلي ونأمل أن يحترم الجيش الإسرائيلي أمننا، ونحن ضد العنف والإرهاب والتطرف والتحريض في كل مكان في العالم. وأؤكد لكم أن أسوأ ما يواجه الشعوب، العنف والإرهاب، ونحن ضد كل ذلك، ووقّعنا 83 بروتوكولاً أمنياً مع دول منها روسيا وإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، لمحاربة الإرهاب والعنف في العالم».
وبعد اللقاء مع عباس، أعرب أعضاء الوفد عن ارتياحهم من كلماته، قائلين إنه «يوحي بالصدق والاستقامة وهو يتحدث عن رغبته في السلام». وقال لهم مدني: «نحن نقدر عالياً قدومكم إلى رام الله والتقاء رئيسنا الأخ محمود عباس، لإعلاء صوت السلام والتعايش المشترك على أرض هذا الوطن. فليس بالأمر العادي أن تأتوا إلينا في الوقت الذي يسعى فيه المتطرفون إلى إجهاض عملية السلام. وليس بالأمر المفروغ منه أن تسمعوا في رام الله صوت قوى الحكمة والعقل في الشعب اليهودي، في الوقت الذي تقوم فيه حكومة نتنياهو باختيار طريق إدارة الصراع بدل تسوية الصراع، وتوسع الاستيطان وتعمق الكراهية الأحقاد. نحن نؤمن تماماً بأن قوى السلام في مجتمعكم موجودة ولا يرضيها ما ينفذ باسمها من ممارسات احتلالية ضد شعبنا. ونحن الذين ما زلنا نتمسك بالسلام في صفوف الشعب الفلسطيني، ورغم كل شيء، نتطلع إلى شراكة حقيقية معكم، شراكة بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، كي نضع حداً لهذا الصراع ونرسم للأجيال القادمة مستقبلاً مشرقاً خالياً من الحروب والدماء والآلام. وندرك أن المهمة ليست سهلة لكنها ليست مستحيلة. إنها تحتاج إلى جهود إضافية من كل المؤمنين بالسلام. تحتاج إلى مزيد من المتابعة واليقظة ومحاربة أفكار العنف وغطرسة القوة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.