كوشنير وغرينبلات يبحثان صفقة القرن مع نتنياهو في وارسو

خطة معدلة تقضي بإدارة مشتركة للأماكن المقدسة في القدس الشرقية

TT

كوشنير وغرينبلات يبحثان صفقة القرن مع نتنياهو في وارسو

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أمس الجمعة، أن الإدارة الأميركية ستبحث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تفاصيل خطتها للتسوية السلمية في الشرق الأوسط، المعروفة باسم «صفقة القرن»، التي تمت بلورتها مؤخرا، وفي إمكانية الإعلان عن قبولها والتسهيل على الرئيس دونالد ترمب ترويجها في العالم العربي.
وقالت هذه المصادر إن كبير مستشاري الرئيس الأميركي، صهره جاريد كوشنير، والمبعوث الأميركي الخاص لعملية السلام جيسون غرينبلات، سيلتقيان مع نتنياهو خلال المؤتمر حول الشرق الأوسط الذي سيعقد في العاصمة البولندية وارسو في 13 الشهر الجاري. وأن البحث سيشمل «السعي لدفع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية».
ونقلت المصادر عن مسؤولين في البيت الأبيض قولهم إنه يتوقع أن يعقد كوشنير وغرينبلات لقاءات مع وزراء خارجية عرب وأوروبيين، خلال المؤتمر، كي يبحثا معهم «صفقة القرن». وربما يكشفان عن تفاصيل من الصفقة خلال المؤتمر.
المعروف أن الإدارة الأميركية وصفت هذا المؤتمر في العاصمة البولندية بأنه اجتماع ضد إيران. لكن بعد اعتراضات أوروبية جرى وصف المؤتمر أنه «لقاء وزراء خارجية من أجل دفع مستقبل سلام وأمن في الشرق الأوسط». ويتوقع أن يشارك في المؤتمر مايك بنس، نائب الرئيس الأميركي، ومايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي.
ومن المتوقع أن يلتقي نتنياهو معهما أيضا ويلقي خطاباً في الموضوع الإيراني. وسينتقل نتنياهو من وارسو إلى مدينة ميونيخ الألمانية للمشاركة في مؤتمر أمني، يحضره كوشنير أيضا.
وكان ترمب قد باشر في بلورة «صفقة القرن» منذ بداية ولايته، لكنه لم يستعرض تفاصيلها بشكل علني حتى اليوم. وفي الوقت الذي أعلنت فيه السلطة الفلسطينية، ورئيسها محمود عباس، رفض الخطة كونها لا تتجاوب مع طموحات الشعب الفلسطيني وتتحيز لإسرائيل، سعت الدول العربية لتحسينها. ووفقا لمصادر إسرائيلية فإن «الإدارة الأميركية أجرت تحسينات على النص الأولي للخطة تتضمن تعديلات تتيح للعرب الموافقة على التفاوض بشأنها». ويعتبر الأميركيون هذه التعديلات «ضرورية لأجل التوازن»، لكن الإسرائيليين يرون أنها تصب في صالح الفلسطينيين. ومع أن غرينبلات، رد في حينه بأن هذا النشر غير دقيق، فإن المصادر الإسرائيلية أكدت أنها اعتمدت على «مسؤول أميركي كبير في طاقم المفاوضات في البيت الأبيض»، وأن «هناك جهات أميركية معنية بالتعتيم على الخطة عشية الانتخابات الإسرائيلية لكن عناصر أخرى في الإدارة تتبنى موقفا مخالفا وترى أن تسريبها في خضم معركة الانتخابات الإسرائيلية ستجعلها موضع نقاش أساسي في هذه المعركة حتى لا يستطيع أي مرشح تجاهلها ولا يدلي بالتزامات تتناقض معها وتجعل إسرائيل في مواجهة مع إدارة الرئيس دونالد ترمب، أكبر حليف لإسرائيل في تاريخ الولايات المتحدة».
وذكرت المصادر الإسرائيلية أن هذه التعديلات، تتحدث عن إقامة دولة فلسطينية على 85 في المائة - 90 في المائة من أراضي الضفة الغربية المحتلة، على أن تشكل القدس الشرقية بأحيائها العربية عاصمة للدولة الفلسطينية، باستثناء البلدة القديمة في المدينة، حيث يقع المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة وسائر الأماكن المقدسة، وكذلك المناطق المجاورة لها خارج الأسوار، مثل سلوان وجبل الزيتون، التي تنص الصفقة الأميركية على إبقائها تحت السيطرة الإسرائيلية ولكن مع إدارة مشتركة للأردن والدولة الفلسطينية. وتشير الخطة إلى حل لقضية المستوطنات مبني على تقسيمها إلى ثلاث فئات: الأولى، وتشمل الكتل الكبيرة منها، مثل «غوش عتصيون» (القائمة على أراض فلسطينية محتلة تمتد من بيت لحم وحتى الخليل)، و«معاليه أدوميم» (جنوبي القدس الشرقية المحتلة) و«أريئيل» (في منطقة نابلس)، وسيتم ضمها لإسرائيل بالكامل وفق الصفقة الأميركية، والثانية تضم عددا من المستوطنات النائية مثل «إيتمار» و«يتسهار» (وهما تضمان مجموعة من المستوطنين من أصول أميركية معروفين بتطرفهم وباعتداءاتهم على الفلسطينيين)، وهي أيضا تبقى مكانها وتخضع للسيادة الإسرائيلية مع أنها تكون ضمن نفوذ الدولة الفلسطينية. والفئة الثالثة من المستوطنات، والتي تشمل البؤر الاستيطانية غير القانونية وفقاً للقانون الإسرائيلي، سيتم إخلاؤها.
ومقابل ضم المستوطنات يتم تعويض الفلسطينيين بضم أراض بنفس الحجم والقيمة من أراضي منطقة المثلث، التي يسكنها مواطنون عرب (فلسطينيو 48) مجاورة للضفة الغربية. وقد لوحظ أن الخطة الأميركية لم تتطرق إلى مصير قطاع غزة وقضية اللاجئين.
وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في حينه إن «أي خطة لا تتضمن القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 لن يكتب لها النجاح وسيكون مصيرها الفشل».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.