المغرب يشكل لجان يقظة إثر وفاة 5 أشخاص بعد اصابتهم بـ «إنفلونزا الخنازير»

TT

المغرب يشكل لجان يقظة إثر وفاة 5 أشخاص بعد اصابتهم بـ «إنفلونزا الخنازير»

يعيش المغرب ما يشبه «حالة الطوارئ» بعد وقوع إصابات ووفيات بسبب فيروس «A H1N1»، المعروف باسم «إنفلونزا الخنازير»، حيث أعلنت وزارة الصحة، رسمياً، وقوع 5 وفيات، إضافة إلى وجود عدة حالات قيد العلاج في المستشفيات.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن لجان يقظة وتتبع خاصة أنشئت على مستوى المحافظات، كما وضعت الحكومة برنامجاً تحسيسياً حول سبل الوقاية من هذا الفيروس، أسند تنفيذه لوزارة الداخلية ووزارة التعليم.
وتلقت الأسر صباح أمس مراسلات من المدارس، التي يدرس بها أبناؤها، تحث أولياء أمور التلاميذ على عدم إرسال أبنائهم إلى المدرسة في حال ظهور أي أعراض للإصابة بالإنفلونزا. كما تضمنت المراسلات نصائح حول سبل الوقاية من الوباء.
وأكد أنس الدكالي، وزير الصحة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، وقوع خمس وفيات حتى الآن نتيجة الإصابة بالفيروس. وقال: «إن الأمر يتعلق بأشخاص كانوا في وضع صحي حرج، أدت إصابتهم بالفيروس إلى حدوث مضاعفات نتجت عنها الوفاة»، مضيفاً أن المغرب ليس في وضعية طوارئ، ولا يشكل استثناءً. واعتبر «أن الحالة الوبائية للمرض جد عادية، مقارنة مع الوضع العالمي».
وأبرز الوزير الدكالي أن الكثير من الوفيات تقع سنوياً بسبب الإنفلونزا الموسمية، ويذهب ضحيتها على الخصوص الأشخاص الذين يوجدون في وضع صحي هش، مثل العجزة والنساء الحوامل والأطفال ومرضى الربو والمدخنين. وقال إنه «لا يجب الاستسلام للفزع... وأفضل سلاح لمواجهة مرض الإنفلونزا هو الوقاية».
بدوره، أكد مصدر صحي لـ«الشرق الأوسط»، أن المغرب تسلم أمس دفعة أولى من عقار «تامفلو» الذي يستعمل في علاج الإنفلونزا، موضحاً أن الدفعة الأولى تتكون من ألف علبة دواء، وأن باقي دفعات الطلبية التي تضم 15 ألف علبة سيتم تسلمها تدريجياً. كما أوضح أن نجاعة هذا العلاج تبقى غير مؤكدة 100 في المائة، خصوصاً مع التحولات الجينية التي تحدث في الفيروس. غير أنها تستعمل في علاج المصابين عند بداية المرض خلال 48 ساعة الأولى من الإصابة، إضافة إلى إعطاء العلاج لباقي أفراد أسرة الشخص المصاب على سبيل الوقاية.
وأكد المصدر وجود 3 حالات على الأقل قيد العلاج في مستشفى «ابن رشد» بالدار البيضاء، وقال إن فيروس«A H1N1» سريع الانتشار، غير أن الإصابة بالعدوى لا تعني بالضرورة تطور أعراض المرض. فالإصابة لا تتطور إلى مرض إلا في حالات الوهن وضعف المناعة لدى الشخص المصاب. وأضاف المصدر أن المغرب تزود باللقاح المضاد للإنفلونزا منذ بداية الخريف، وأنه «في كل سنة يوفر اللقاحات بكميات مناسبة، ورغم أن وزارة الصحة تحث مهنيي الصحة على التشجيع على استعماله، إلا أنه يبقى اختيارياً»، مضيفاً أن هذه اللقاحات تتغير كل عام بسبب التحولات التي يعرفها الفيروس.
وفي المركب الجامعي «ابن رشد» بالدار البيضاء، استقبل مستشفى الأطفال، أمس، أزيد من 20 طفلاً جلبهم أولياء أمورهم بسبب ظهور أعراض الإنفلونزا. وقال مصدر من المستشفى لـ«الشرق الأوسط»، إن الأطفال يخضعون لفحوص وتتبع، غير أن إصابتهم بفيروس «A H1N1» غير مؤكدة، مشيراً إلى أن وزارة الصحة ستخبر الرأي العام بأي تطورات.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.