«الفلاشا» يتظاهرون في تل أبيب: «بشرتنا سوداء... لكن دمنا أحمر»

خلال مظاهرة الفلاشا في تل أبيب (غيتي)
خلال مظاهرة الفلاشا في تل أبيب (غيتي)
TT

«الفلاشا» يتظاهرون في تل أبيب: «بشرتنا سوداء... لكن دمنا أحمر»

خلال مظاهرة الفلاشا في تل أبيب (غيتي)
خلال مظاهرة الفلاشا في تل أبيب (غيتي)

اصطدم متظاهرون من اليهود الفلاشا مع الشرطة الإسرائيلية في تل أبيب، إثر نزولهم إلى الشوارع بالآلاف للاحتجاج على ممارسات عنصرية ضدهم بسبب لون بشرتهم السمراء. وتخللت المظاهرة أعمال عنف أوقعت إصابات في صفوف الطرفين في حين اعتُقل 11 متظاهراً.
وقد كانت المظاهرة، ليلة الأربعاء - الخميس؛ احتجاجاً على قيام الشرطة بقتل شاب من الفلاشا في الأسبوع الماضي لأسباب واهية. ففي حينه، اشتكى والد الشاب للشرطة من أن ابنه المريض نفسياً يهدده وطلب الحماية، حضرت قوة من الشرطة لاعتقاله وكان يحمل سكيناً فانقض عليه الشرطيون فولّى هارباً. وطاردوه ثم أطلقوا عليه الرصاص فخرّ صريعاً. وعلى الأثر راح والده يصيح ويولول، قائلاً: «طلبت منكم التدخل لحمايتنا وليس لأن تقتلوه».
واعتبر قادة اليهود الفلاشا هذا القتل تعبيراً عن الاستخفاف الذي تبديه المؤسسة الحاكمة في إسرائيل بأرواح أبنائهم واستسهال قتلهم لمجرد كونهم من أصول أفريقية. ونظموا مظاهرة شارك فيها أكثر من 10 آلاف شخص منهم، ومعهم عدد من اليهود اليساريين المتضامنين. ورددوا شعارات غاضبة ضد «وحشية الشرطة في التعامل مع الإثيوبيين»، منها: «بشرتنا سوداء، لكن دمنا أحمر»، و«الشرطة قاتلة» و«صلينا مئات السنين لكي نهاجر لإسرائيل وهنا يقتلوننا».
وسار المتظاهرون بالشموع حاملين أعلام إسرائيل من مقر الوزارات في شارع كبلان وحتى ساحة رابين في تل أبيب. وحتى ختام المظاهرة سارت الأمور بانتظام وهدوء. لكن بعد المظاهرة، خلال عملية التفرق، أقدم بعض الشبان الغاضبين على رشق الشرطة بالحجارة، فاندفعت نحوهم قوة كبيرة من قوات القمع وراحت تضربهم بلا تمييز. وقام الخيالة بدوس متظاهرين بخيولهم؛ مما تسبب في إصابة 6 أشخاص منهم.
وقالت أسرة القتيل الإثيوبي يهودا بايدجا (24 عاماً)، إن ابنها يعاني مرضاً عقلياً، والشرطة تعرف، لكنها لم تأخذ ذلك بالاعتبار لكونه إثيوبياً. وأضافت: «علينا أن نعترف بأنه توجد عنصرية في كل مكان في إسرائيل، البيض ضد السود، واليهود ضد العرب، والاشكناز ضد الشرقيين، وهكذا. لقد بتنا نشعر بأننا لا ننتمي إلى الدولة».
وتوجه منظمو المظاهرة الاحتجاجية إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مطالبين بعقد اجتماع طارئ، وفتح تحقيق شامل ونبش جميع الملفات التي تتعلق باعتداءات الشرطة على الفلاشا بمزاعم مهاجمة رجالها. وأكد المنظمون أنهم على تواصل مع الشرطة لمنع نشاطات متطرفة «خارجة عن سياق المظاهرة»، وخلال الفعاليات الاحتجاجية اللاحقة.
وقال أحد منظمي المظاهرة، بسيل لاغيسا: إن «الاحتجاج هو تعبير عن الشعور بالاشمئزاز من الوعود الكاذبة والاعتذارات الرسمية التي لا تترجم في الواقع، وعن الاشمئزاز من اللجان التي يتم تعيينها في كل مرة بلا نتيجة». وأضاف: «في كل مرة ينشأ احتكاك بيننا وبين الشرطة نراها تعيد سياسة البطش من جديد. لقد شبعنا من الوعود، ونريد سياسة تغيير حقيقية». وزاد: «بتنا نشعر بأنهم لا يريدوننا جزءاً من المجتمع، يريدوننا أن نتنازل عن كرامتنا ونخفض رؤوسنا».
وقال أحد أقرباء: القتيل «شابان اثنان من أشقائي خدموا في وحدة قتالية في الجيش الإسرائيلي. هذا لا يصدق، أنت تعطي روحك وفي النهاية يقتلونك».
المعروف أن في إسرائيل يعيش نحو 140 ألف شخص من أصول إثيوبية، بحسب أحدث إحصاء رسمي إسرائيلي. ومع أن السلطات الإسرائيلية جلبتهم في عمليات عسكرية درامية وسط مهرجانات احتفالية، إلا أنها لم تستوعبهم بشكل ملائم ومارست ضدهم سياسة فصل وتمييز مكشوفة. وباتوا من أكثر المجموعات السكانية فقراً. وتعرضوا للقمع والتنكيل كلما أطلقوا صرخة احتجاج على أوضاعهم.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».