المركزي التركي يعترف بضغط انهيار الليرة وارتفاع الأسعار على التضخم

الباذنجان والفلفل خضراوات ممنوعة في أسواق الفقراء

مع استمرار غلاء الأسعار تحول الباذنجان والفلفل إلى سلع محظورة في أسواق الفقراء بتركيا (رويترز)
مع استمرار غلاء الأسعار تحول الباذنجان والفلفل إلى سلع محظورة في أسواق الفقراء بتركيا (رويترز)
TT

المركزي التركي يعترف بضغط انهيار الليرة وارتفاع الأسعار على التضخم

مع استمرار غلاء الأسعار تحول الباذنجان والفلفل إلى سلع محظورة في أسواق الفقراء بتركيا (رويترز)
مع استمرار غلاء الأسعار تحول الباذنجان والفلفل إلى سلع محظورة في أسواق الفقراء بتركيا (رويترز)

اعترف البنك المركزي التركي بأن التدهور في قيمة الليرة التركية التي فقدت 30 في المائة من قيمتها في العام 2018، وما ترتب عليه من تدهور في تحركات الأسعار، تسببا في تجاوز التضخم لمستوياته المستهدفة في 2018.
وتعهد البنك المركزي، في بيان أمس، بمواصلة استخدام كل الأدوات المتاحة في إطار السعي تحقيق استقرار الأسعار.
وسجلت الليرة التركية أسوأ أداء لها في أغسطس (آب) الماضي، حين بلغت قمة خسائرها بفقدان 47 في المائة من قيمتها، ما أدى لارتفاع معدل التضخم واللجوء إلى رفع أسعار الفائدة إلى 24 في المائة مع تشديد السياسات النقدية.
وقبل يومين، قال المركزي التركي في بيان، إنه سيحافظ على سياسته النقدية المقيدة للائتمان إلى أن يصبح مقتنعا بأن التضخم يهبط، وأنه سيجري المزيد من التشديد للسياسة، عند الحاجة، بعد أن قلص توقعاته للتضخم للعام 2019. إلى حدود 14.6 في المائة.
وأظهرت بيانات رسمية أن تضخم أسعار المستهلكين في تركيا سجل 20.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ما يعني أنه بقي فوق 20 في المائة للشهر الرابع على التوالي. وكان التضخم بلغ ذروته في تركيا خلال 15 عاماً عندما تجاوز مستوى الـ25 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018. لكن الليرة التركية مرشحة، بحسب خبراء، لانخفاضات واسعة النطاق مقابل الدولار خلال العام الجاري، في ظل إقبال المستثمرين القلقين على الأصول الآمنة وبضغوط مخاطر متفاقمة على النمو العالمي.
وبحسب بيانات رسمية من وزارة الخزانة والمالية التركية، فإن ميزانية 2018 أظهرت عجزا قدره 72.6 مليار ليرة (نحو 13.35 مليار دولار). وبلغت قيمة عجز الميزانية في الفترة بين شهري يناير (كانون الثاني) وسبتمبر (أيلول) 2018، نحو 56 مليارا و726 مليون ليرة تركية.
وفي أغسطس 2018، ارتفعت تكلفة التأمين على الديون التركية، إلى أعلى مستوياتها منذ 2009. في ظل تدافع شديد على بيع الليرة والسندات السيادية والمصرفية التركية. وتحتاج تركيا إلى ضخ النقد الأجنبي في البنك المركزي، بعد تراجع حاد في وفرة العملة الأجنبية داخل البنك والقطاع المصرفي.
واستبعد صندوق النقد الدولي تركيا من أي تطورات إيجابية في النمو للاقتصادات الصاعدة، قائلا: «ما تزال التوقعات مواتية بالنسبة لآسيا الصاعدة وأوروبا الصاعدة، ما عدا تركيا».
وذكر الصندوق، في تقرير، أن الاستثمار والطلب الاستهلاكي سيتأثران سلبا في تركيا، وأن النشاط الاقتصادي تباطأ بدرجة أوضح في الأرجنتين والبرازيل وتركيا، تحت تأثير العوامل الخاصة بكل بلد، بالإضافة إلى التحول السلبي في مزاج المستثمرين. وتابع: «تعرضت أسواق تركيا لضغوط حادة في الأسابيع الأخيرة، فقد تراجعت قيمة العملة بشكل حاد، وانخفضت أسعار الأصول، واتسعت فروق أسعار الفائدة».
وأرجع الصندوق التراجع إلى المخاوف بشأن أسس الاقتصاد التركي والاضطرابات السياسية مع الولايات المتحدة.
في السياق ذاته، وفي مواجهة الأسعار المرتفعة بسبب أزمة الليرة، قرر بعض سلاسل المتاجر الكبرى في تركيا التوقف عن بيع بعض أنواع الخضراوات لتجنب المواجهة مع الحكومة، لكن النقص الحاد في الباذنجان والفلفل، تحديدا، وضع المستهلكين والمطاعم في مأزق.
وتعرضت المتاجر الكبرى للضغوط بعدما اتهمت بتضخيم أسعار السلع المبيعة في متاجرها بشكل سطحي، فلجأت إلى سحب الفلفل والباذنجان اللذين ارتفعت أسعارهما إلى 20 ليرة (4 دولارات) للكيلوغرام الواحد على الرفوف، لكنها لم تفعل المثل في المناطق الراقية التي يستطيع فيها الناس شراء البضائع بأي ثمن.
وقال رئيس جمعية «وسطاء أنطاليا» للفواكه والخضراوات الطازجة، نفزات أكان، لصحيفة «حرييت» التركية أمس، إن مديري المتاجر أخبروا الجمعية بأنهم لن يبيعوا منتجاتهم التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير.
وأضاف أكان أن محلات التجزئة لا تريد التصادم مع المستهلكين، مشيرا إلى أن الفلفل والباذنجان وصل سعرهما في سوق الجملة إلى 10 ليرات (2.5 دولار)، بينما يباعان في السوبر ماركت بـ20 ليرة. ويعتمد الكثير من المطاعم على الباذنجان والفلفل كمكونين أساسيين في معظم الأطباق والأصناف الشعبية الشهيرة.
ومن جانبه، قال مصطفى التون بيلك، رئيس اتحاد تجار التجزئة في تركيا: «قررنا عدم بيع هذه المنتجات عالية التكلفة. هذا القرار مع ذلك لا ينطبق على جميع فروعنا. فلن تبيع محلات السوبرماركت هذه المنتجات التي تقع في المناطق التي يعيش فيها أصحاب الدخل المحدود».
وأوضح أن بعض الفروع سيستمر في بيع الباذنجان والفلفل في مناطق يكون فيها الطلب أكثر، علما بأن اتحاد تجار التجزئة يضم 3900 متجر في جميع أنحاء البلاد.
وبحسب أحدث البيانات الرسمية، ارتفعت أسعار الفواكه والخضراوات بنسبة 5.87 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي على أساس شهري، في حين أن الزيادة كانت 30.8 في المائة على أساس سنوي.
في المقابل، ارتفعت صادرات تركيا من الطماطم إلى روسيا 14 ضعفا خلال العام 2018، محققة عائدات بلغت 30 مليونا و634 ألف دولار. ووفقا لبيانات اتحاد مصدري منطقة شرق البحر الأسود، بلغ حجم الطماطم المصدر إلى روسيا خلال العام الماضي، 37 ألفا و107 أطنان، في حين بلغ في العام 2017 نحو ألفين و75 طنا.
وأوضح أحمد غوندوغان، نائب رئيس الاتحاد، أن روسيا تعتبر أكبر سوق مستورد للطماطم من تركيا، مشيرا إلى تراجع الصادرات خلال 2017 بسبب حظر روسيا استيراد الطماطم من تركيا ردا على إسقاط سلاح الجو التركي مقاتلة روسية من نوع سوخوي 24 اخترقت المجال الجوي التركي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015. وقبل أزمة الطائرة كانت الطماطم التركية تستأثر بالسوق الروسية وبلغت قيمة صادراتها نحو 260 مليون دولار.
وأشار غوندوغان إلى أن روسيا عاودت استيراد الطماطم من تركيا في أبريل (نيسان) 2018. متوقعا بلوغ مستويات أفضل خلال العام الجاري. ومنحت روسيا في 29 أبريل الماضي، الإذن لـ15 شركة تركية، لتصدير الطماطم إلى أراضيها. وارتفع عدد الشركات التركية المصدرة للطماطم إلى الأراضي الروسية إلى 20 شركة، وذلك بعد التطور الذي تشهده العلاقات بين البلدين، ثم إلى 50 شركة مع تحديد موسم تصديري خلال فترة توقف الإنتاج في روسيا من يناير إلى أبريل.



الصين تدرس خفض اليوان في 2025 لمواجهة رسوم ترمب الجمركية

ورقة نقدية صينية (رويترز)
ورقة نقدية صينية (رويترز)
TT

الصين تدرس خفض اليوان في 2025 لمواجهة رسوم ترمب الجمركية

ورقة نقدية صينية (رويترز)
ورقة نقدية صينية (رويترز)

يدرس القادة والمسؤولون الصينيون السماح بانخفاض قيمة اليوان في عام 2025، في وقت يستعدون فيه لفرض الولايات المتحدة رسوماً تجارية أعلى، في ظل رئاسة دونالد ترمب الثانية.

وتعكس هذه الخطوة إدراك الصين أنها بحاجة إلى تحفيز اقتصادي أكبر، لمواجهة تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية مرتفعة، وفقاً لمصادر مطلعة على المناقشات. وكان ترمب قد صرح سابقاً بأنه يخطط لفرض ضريبة استيراد عالمية بنسبة 10 في المائة، إضافة إلى رسوم بنسبة 60 في المائة على الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة.

وسيسهم السماح لليوان بالضعف في جعل الصادرات الصينية أكثر تنافسية، مما يساعد على تقليص تأثير الرسوم الجمركية ويساهم في خلق بيئة نقدية أكثر مرونة في الصين.

وقد تحدثت «رويترز» مع 3 مصادر على دراية بالمناقشات المتعلقة بخفض قيمة اليوان؛ لكنهم طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لعدم تفويضهم بالحديث علناً حول هذه المسألة. وأكدت المصادر أن السماح لليوان بالضعف في العام المقبل سيكون خطوة بعيدة عن السياسة المعتادة التي تعتمدها الصين في الحفاظ على استقرار سعر الصرف.

وبينما من غير المتوقع أن يعلن البنك المركزي الصيني عن توقفه عن دعم العملة، فإنه من المتوقع أن يركز على منح الأسواق مزيداً من السلطة في تحديد قيمة اليوان.

وفي اجتماع للمكتب السياسي، الهيئة التي تتخذ القرارات بين مسؤولي الحزب الشيوعي، هذا الأسبوع، تعهدت الصين بتبني سياسة نقدية «ميسرة بشكل مناسب» في العام المقبل، وهي المرة الأولى التي تشهد فيها الصين تخفيفاً في سياستها النقدية منذ نحو 14 عاماً. كما لم تتضمن تعليقات الاجتماع أي إشارة إلى ضرورة الحفاظ على «استقرار اليوان بشكل أساسي»، وهو ما تم ذكره آخر مرة في يوليو (تموز)؛ لكنه غاب عن البيان الصادر في سبتمبر (أيلول).

وكانت سياسة اليوان محوراً رئيسياً في ملاحظات المحللين الماليين ومناقشات مراكز الفكر هذا العام. وفي ورقة بحثية نشرتها مؤسسة «China Finance 40 Forum» الأسبوع الماضي، اقترح المحللون أن تتحول الصين مؤقتاً من ربط اليوان بالدولار الأميركي إلى ربطه بسلة من العملات غير الدولارية؛ خصوصاً اليورو، لضمان مرونة سعر الصرف في ظل التوترات التجارية المستمرة.

وقال مصدر ثالث مطلع على تفكير بنك الشعب الصيني لـ«رويترز»، إن البنك المركزي يدرس إمكانية خفض قيمة اليوان إلى 7.5 مقابل الدولار، لمواجهة أي صدمات تجارية محتملة، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 3.5 في المائة تقريباً عن المستويات الحالية البالغة 7.25.

وخلال ولاية ترمب الأولى، ضعُف اليوان بنسبة تزيد على 12 في المائة مقابل الدولار، خلال سلسلة من إعلانات الرسوم الجمركية المتبادلة بين مارس (آذار) 2018، ومايو (أيار) 2020.

اختيار صعب

قد يساعد ضعف اليوان ثاني أكبر اقتصاد في العالم على تحقيق هدف نمو اقتصادي صعب بنسبة 5 في المائة، وتخفيف الضغوط الانكماشية عبر تعزيز أرباح الصادرات، وجعل السلع المستوردة أكثر تكلفة. وفي حال تراجع الصادرات بشكل حاد، قد يكون لدى السلطات سبب إضافي لاستخدام العملة الضعيفة كأداة لحماية القطاع الوحيد في الاقتصاد الذي لا يزال يعمل بشكل جيد.

وقال فريد نيومان، كبير خبراء الاقتصاد في آسيا، في بنك «إتش إس بي سي»: «من الإنصاف القول إن هذا خيار سياسي. تعديلات العملة مطروحة على الطاولة كأداة يمكن استخدامها لتخفيف آثار الرسوم الجمركية». وأضاف أنه رغم ذلك، فإن هذا الخيار سيكون قصير النظر.

وأشار نيومان إلى أنه «إذا خفضت الصين قيمة عملتها بشكل عدواني، فإن هذا يزيد من خطر فرض سلسلة من الرسوم الجمركية، ويُحتمل أن تقول الدول الأخرى: إذا كانت العملة الصينية تضعف بشكل كبير، فقد لا يكون أمامنا خيار سوى فرض قيود على الواردات من الصين بأنفسنا». وبالتالي، هناك مخاطر واضحة من استخدام سياسة نقدية عدوانية للغاية؛ حيث قد يؤدي ذلك إلى رد فعل عنيف من الشركاء التجاريين الآخرين، وهو ما لا يصب في مصلحة الصين.

ويتوقع المحللون أن ينخفض اليوان إلى 7.37 مقابل الدولار بحلول نهاية العام المقبل. ومنذ نهاية سبتمبر، فقدت العملة نحو 4 في المائة من قيمتها مقابل الدولار.

وفي الماضي، تمكن البنك المركزي الصيني من احتواء التقلبات والتحركات غير المنظمة في اليوان، من خلال تحديد معدل التوجيه اليومي للأسواق، فضلاً عن تدخل البنوك الحكومية لشراء وبيع العملة في الأسواق.

وقد واجه اليوان -أو «الرنمينبي» كما يُسمَّى أحياناً- صعوبات منذ عام 2022؛ حيث تأثر بالاقتصاد الضعيف، وتراجع تدفقات رأس المال الأجنبي إلى الأسواق الصينية. كما أن أسعار الفائدة الأميركية المرتفعة، إلى جانب انخفاض أسعار الفائدة الصينية قد ضاعفت من الضغوط على العملة.

وفي الأيام القادمة، ستناقش السلطات الصينية التوقعات الاقتصادية لعام 2025، بما في ذلك النمو الاقتصادي والعجز في الموازنة، فضلاً عن الأهداف المالية الأخرى، ولكن دون تقديم استشرافات كبيرة في هذا السياق.

وفي ملخصات مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي CEWC)) لأعوام 2020 و2022 و2023، تم تضمين التعهد بـ«الحفاظ على الاستقرار الأساسي لسعر صرف الرنمينبي عند مستوى معقول ومتوازن». إلا أنه لم يُدرج في ملخصات المؤتمر لعامي 2019 و2021.

ويوم الثلاثاء، انخفضت العملة الصينية بنحو 0.3 في المائة إلى 7.2803 مقابل الدولار. كما انخفض الوون الكوري، وكذلك الدولار الأسترالي والنيوزيلندي الحساسان للصين، في حين لامس الدولار الأسترالي أدنى مستوى له في عام عند 0.6341 دولار.