الحكومة المغربية تصادق على نظام جديد لدعم الفقراء

TT

الحكومة المغربية تصادق على نظام جديد لدعم الفقراء

صادقت الحكومة المغربية، أمس، على مشروع قانون إحداث سجل اجتماعي موحد لتمكين الفقراء من الاستفادة من برامج الحماية الاجتماعية، وفق معايير قالت إنها «ستكون دقيقة وموضوعية»، وتهدف لتجاوز العراقيل التي تحول دون وصول الدعم إلى الفئات المستحقة.
ووصف مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، هذا القانون بأنه «إنجاز تاريخي كبير، وإصلاح مهم يهدف إلى رفع مردودية البرامج الاجتماعية التي يصل عددها إلى 120 برنامجا، لكي تصل إلى المستحقين وتحدث الأثر لدى الأسر».
أما بخصوص المعايير التي سيتم اعتمادها لتحديد الأسر المستحقة، فقد أوضح الخلفي أنها «تقوم على الإنصاف أو الشفافية»، مشيرا إلى أن المغرب راكم خبرة في هذا المجال، وذلك من خلال البرامج المتوفرة حاليا، كما استفاد من تجارب عالمية لدول اعتمدت نظاما مماثلا. لافتا إلى أنه سيتم فرض غرامات مالية في حال قدم الأشخاص الراغبون بالتسجيل في السجل الاجتماعي معطيات غير صحيحة عن وضعيتهم الاجتماعية والمالية.
وبخصوص ظهور حالات الإصابة بإنفلونزا الخنازير، أوضح الخلفي أن الإنفلونزا تسببت في حالتي وفاة، وأن الأمر يتعلق بسيدتين: واحدة كانت حاملا، والثانية مسنة تبلغ 68 عاما. مبرزا أن وزارة الصحة تملك منظومة يقظة لرصد الإصابات المحتملة وتتبعها، وأن وضع انتشار إنفلونزا الخنازير في المغرب «مشابه للوضعية على المستوى الدولي... وزارة الصحة توصي بضرورة إجراء تلقيح».
وحول خلافات أحزاب الأغلبية ومدى تأثيرها على العمل الحكومي، قال الخلفي إن «توجه الحكومة الحالي هو إعطاء الأولوية لأوراش كبيرة ومصيرية لبلادنا، وأن يكون هناك تعبئة وتعاون من جميع أعضاء الحكومة لإنجاحها في مختلف المجالات».
وردا على سؤال بشأن ما تردد عن وجود زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى المغرب، وما صاحبها من جدل على مواقع التواصل الاجتماعي، اكتفى الخلفي بالقول: «لا أجيب عن الإشاعات».
من جهة ثانية، قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة أمس، إن تحسن ترتيب المغرب في مؤشر إدراك الفساد على مدى سنتين متتاليتين «مشرف جدا».
وأوضح العثماني خلال افتتاحه اجتماع الحكومة، أمس، أنه استنادا لتقرير جمعية الشفافية الدولية الذي صدر الثلاثاء الماضي، فإن المغرب حقق لأول مرة ترتيبا مشرفا على المستويين العربي والأفريقي، «وتجاوزنا معدل ترتيب مجموعات البلدان الأفريقية والعربية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما أن المغرب تقدم خلال سنتي 2017 و2018 من نقطة 37 - 100 إلى 40 – 100، ثم إلى 4 - 100» .
وشدد العثماني على أن «ملف مكافحة الفساد بنيوي، لا يمكن أن نحقق فيه أي تقدم إلا بتعاون الجميع، حكومة ومؤسسات دستورية وسلطات قضائية وتشريعية ومجتمعا مدنيا ورجال الأعمال والإعلام... كل من موقعه». والمهم، يضيف رئيس الحكومة: «لدينا إرادة وعزم لتحسن أفضل، ولن نقف عند ما تحقق إلى حدود الساعة، كما أن محاربة الفساد عملية تحتاج لتعاون الجميع يدا في يد».
في هذا الصدد، كشف العثماني أن اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، التي بدأ عملها سنة 2017 ستعقد اجتماعها الثاني خلال الأيام القليلة المقبلة، حيث سيتم خلاله تقييم عمل الفترة الماضية، وتدقيق برنامج عمل سنة 2019.
في هذا السياق أوضح العثماني أن «لقاء اللجنة الوطنية لمحاربة الفساد سيشكل مجالا للنقاش في الأوراش المستقبلية، بهدف تحقيق إنجازات أكبر لبلدنا في مجال محاربة الفساد، لما لها من تأثير على حياة المواطن والمقاولة، وهدفنا أن تنعكس آثار هذه الإجراءات على أرض الواقع إيجابا، وأن يحس بذلك المواطن والمقاولة».
كما حث العثماني جميع القطاعات الحكومية على تنفيذ الأوراش الإصلاحية المهمة ذات الصلة، واستعرض عددا من الإنجازات، من قبيل إقرار قانون الحق في الحصول على المعلومة، وورشات إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، لجعلها مؤسسات عمومية خاضعة للمراقبة المالية، وورشات الرقمنة عبر إنشاء وكالة التنمية الرقمية، التي ينتظر منها أن تقود التحول الرقمي، ورقمنة مختلف الخدمات باعتبارها من أهم وسائل محاربة الفساد، كما أنها توفر الجهد والوقت على المواطن وتسهل تقديم الخدمات بشفافية.
كما طالب العثماني القطاعات الحكومية للاستعداد الجيد من أجل الاستجابة لطلبات الحصول على المعلومات، كما ينص على ذلك قانون الحق في الحصول على المعلومات، الذي سيدخل حيز التنفيذ في 12 من مارس (آذار) المقبل، داعيا إلى حسن تنفيذ مضمونه على أرض الواقع.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.