روحاني: إيران تواجه أصعب أزمة اقتصادية منذ 40 عاماً

قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس، إن بلاده تواجه أصعب وضع اقتصادي منذ 40 عاماً. نافياً أن تكون الأوضاع الحالية في إيران مسؤولية حكومته، وأشار بأصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة.
وكان روحاني يلقي كلمة أمام ضريح المرشد الإيراني الأول (الخميني) في جنوب طهران، بين وزراء حكومته، بمناسبة حلول أيام الذكرى الأربعين على الثورة الإيرانية.
ونفى روحاني مرة أخرى أن تكون بلاده تعاني من عزلة دولية بسبب التوتر مع الولايات المتحدة. وقال، في إشارة إلى الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، إن «أميركا ليست الوحيدة في نكث العهود مع إيران. على البعض أن يتجنب التفسيرات الخاطئة».
وتابع روحاني، أن إيران اليوم «تواجه ضغوطاً من أميركا وحلفائها»، قبل أن يوجّه سهام النقد إلى منتقدي حكومته في إيران للدفاع عن «الإنجازات» السياسية للاتفاق النووي التاريخي عام 2015، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. واعتبر الضغوط الداخلية على إدارته «لوماً للنظام في إيران»، مطالباً بوقف الانتقادات. ودعا خصومه إلى توحيد الصف في مواجهة واشنطن، وقال إن الخميني ما كان يولي جلّ اهتمامه للقوى الأجنبية، بل «للخلاف» الداخلي.
ووجّه روحاني انتقاداته أيضاً لمعارضين انتقدوا افتقار الدبلوماسيين الإيرانيين للبصيرة، لعدم توقّعهم انسحاب الولايات المتحدة. وقال: «لا اتفاق يُبنى على شرط بقاء الطرف الآخر، لكن الأساس الأقوى هو مصلحة الدولة».
وقال روحاني: «لا يجب إدانة الحكومة بدلاً من أميركا... هذا أكبر أذى يمكن أن يحصل»، لافتاً إلى أن «أميركا لم تنكث العهود مع إيران، إنما تنكث العهود مع أوروبا والصين و(نافتا) واتفاق الشراكة عبر المحيط الهادي».
وانسحب الرئيس الأميركي دونالد ترمب العام الماضي من اتفاق نووي دولي مبرم مع إيران، وأعاد فرض العقوبات عليها. وينظم العمال، ومنهم سائقو الشاحنات والمزارعون والتجار، احتجاجات متفرقة على الصعوبات الاقتصادية، ما أدى في بعض الأحيان إلى مواجهات مع قوات الأمن.
وأفادت وكالة «رويترز» عن روحاني قوله: «اليوم تواجه البلاد أكبر ضغط وأزمة اقتصادية منذ 40 عاماً».
وتذبذبت قيمة الريال الإيراني في الأشهر الأخيرة، ما جعل من الصعب على المواطن العادي تلبية احتياجاته. وشهدت البلاد على مدى 2017 احتجاجات غير مسبوقة بين مختلف الفئات العمالية ضد تدهور الأوضاع المعيشية. وأطاحت المشكلات الداخلية التي واجهت روحاني بعدة وزراء من مناصبهم، ومن بينهم وزير الاقتصاد، ووزير العمل، كما أجبرته على تغيير رئيس البنك المركزي، إلا أنه ينفي وجود أزمات داخلية في إيران، ووصفها بالمشكلات.
ويواجه روحاني انتقادات من التيار المحافظ بسبب إصرار حكومته على الاتفاق المبرم مع 6 دول كبرى منذ أولى مراحل المفاوضات، ووصفوه بالخديعة. وكان المرشد الإيراني طالب روحاني في عدة مناسبات ألا يعول على الأوروبيين في الاتفاق النووي.
وأخفق روحاني في الوفاء بوعوده الانتخابية في الفترة الرئاسية الأولى بشأن تحسين الأوضاع المعيشية ورفع البطالة. وفي حملة الانتخابات الرئاسية 2017 رفع روحاني مستوى الشعارات الاقتصادية وتحسين الأوضاع المعيشية ومنح الحريات، ولكنه لم يحرز تقدماً يذكر في أغلب المجالات.
وكان روحاني واجه تحذيراً من المرشد الإيراني بشأن تجنب رفع سقف التوقعات بين المواطنين حول مكاسب الاتفاق النووي. وتُعول الجهات التي تمارس ضغوطاً على روحاني هذه الأيام على خطابات خامنئي والتباين حول السياسة الخارجية بين الطرفين. وقالوا إن إيران لم تكسب شيئاً من الاتفاق رغم الالتزام بالقيود، التي فرضها على البرنامج النووي، وكثفوا الانتقادات بعد انسحاب الولايات المتحدة منه العام الماضي.
وقال روحاني، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء «إسنا»، إن «الأعداء حاولوا ممارسة الضغط على إيران حول النفط وتصديره والقضايا المصرفية، ومن حسن الحظ نتابع بعض الطرق لبيع النفط وإحباط تداعيات الحظر الأميركي».
في غضون ذلك، أعلنت وكالة «إسنا» الحكومية عن وصول شحنة ثانية لليورانيوم الطبيعي إلى منشأة نطنز في أصفهان.
وقال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، إن الشحنة تقدر بـ30 طناً من «الكعكة الصفراء» من مصنع أردكان بمحافظة يزد.
ويعد أول مصنع إيراني لإنتاج «الكعكة الصفراء»، وتنقل إيران اليورانيوم الطبيعي من منجم ساغند، بعدما انتهى مخزون منجم «غشتين» في محافظة يزد، التي تضم مناجم اليورانيوم الطبيعية الوحيدة في البلاد.
وأوضح صالحي أن «الصناعة النووية لا تعني شيئاً من دون اليورانيوم»، مشيراً إلى أنها مادة «استراتيجية، إن لم نملكها فلا جدوى من تقدمنا في الصناعة النووية».
وتوقع صالحي استخراج 350 طناً من مناجم إيران لليورانيوم الطبيعي خلال السنوات الخمس المقبلة.
وقبل وصول صالحي إلى أصفهان بساعات، كانت وكالة «أرنا» الرسمية نشرت انتقادات وردت على لسانه لـ«تباطؤ» الصين في إعادة تصميم منشأة أراك للمياه الثقيلة.
واتهم صالحي الصين بالتراجع عن التعاون في منشأة أراك، عقب الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، وقال: «مع إعلان انسحاب أميركا من الاتفاق، انخفضت سرعة التعاون الصيني في منشأة أراك، على خلاف توقعاتنا من الجانب الصيني».
وقال صالحي إن الصين أبلغت إيران «أن التعاون من الممكن أن يؤدي إلى فرض عقوبات أميركية على شركات صينية تعمل في المجال النووي».
ووافقت إيران على إعادة تصميم منشأة أراك للمياه الثقيلة في الاتفاق النووي، على أن تساهم الصين والولايات المتحدة في إعادة تصميم المنشأة، عقب سكب الإسمنت في أنابيب المنشأة. وبعد الانسحاب الأميركي قالت إيران إن بريطانيا تحل محل الولايات المتحدة في مشروع تغيير هيكل منشأة أراك.
وكان صالحي قد كشف قبل أيام أن إيران حصلت على أنابيب بديلة، قبل امتثالها لشروط الاتفاق النووي، مشيراً إلى أن «الشخص الوحيد الذي يعلم بامتلاك إيران أنابيب وأجهزة بديلة في منشأة أراك هو المرشد الإيراني».
ولم يصدر تعليق بعد من الوكالة الدولية على تصريحات صالحي، التي تشير إلى انتهاك محتمل للقرار 2231، لكن صالحي قال لـ«إرنا» إن إيران «أبلغت الوكالة الدولية أنها تملك أنابيب بديلة»، مشيراً إلى أن «حصولها على معدات بديلة لا يتعارض مع الاتفاق النووي».
وتقول إيران إن أهداف منشأة أراك للمياه الثقيلة «عملية وطبية»، لكن المنشأة أثارت مخاوف دولية من حصول إيران على البلوتونيوم الذي يستخدم في إنتاج أسلحة دمار شامل.