روسيا قد تفقد سيطرتها على أسواق الطاقة الأوروبية

مع اشتداد «معركة عض الأصابع» بينها وبين الغرب بسبب أوكرانيا

سيطرة روسيا على أسواق الطاقة الأوروبية بدأت تضعف بدلا من أن تكتسب قوة
سيطرة روسيا على أسواق الطاقة الأوروبية بدأت تضعف بدلا من أن تكتسب قوة
TT

روسيا قد تفقد سيطرتها على أسواق الطاقة الأوروبية

سيطرة روسيا على أسواق الطاقة الأوروبية بدأت تضعف بدلا من أن تكتسب قوة
سيطرة روسيا على أسواق الطاقة الأوروبية بدأت تضعف بدلا من أن تكتسب قوة

من غير المرجح أن تسفر الأزمة الأوكرانية عن فوائد كثيرة. لكنها قد تكون اختبار إجهاد لمعرفة ما إذا كان اتجاه أوروبا في سياسة الطاقة فعّالا أم لا.
كانت السلطات الأوروبية أبعد عن سياسة التدخل من نظيرتها الأميركية في مجال الطاقة، التي كانت تهدف إلى الحد من الانبعاثات الكربونية وتعزيز أمن الطاقة. في الوقت الحالي، يأتي إلى جانب ذلك الوضع الدولي المعقد الذي تلعب فيه الطاقة دورا أكبر من حجمها الطبيعي. فما مدى تأثيرها على أوروبا؟
بالطبع أثارت المواجهة القائمة حول أوكرانيا مخاوف متزايدة من قطع إمداد الغاز الطبيعي القادم من روسيا. ولهذا السبب، تتردد أوروبا في فرض عقوبات على روسيا. وعندما بدأت في تضييق الخناق على صناعة الطاقة الروسية نهاية الشهر الماضي، أقدمت على صياغة العقوبات بعناية لمنع صادرات التكنولوجيا أو المعدات التي قد تساعد على إقامة مشروعات نفطية جديدة في روسيا، مع عدم التدخل في صناعة الغاز الروسي، الذي من المفترض أن أوروبا لا تستطيع العيش دونه.
ولكن تدل المؤشرات حتى الآن على أن هذه المخاوف قد تحمل مبالغة، وأن مديري «غاز بروم»، الشركة الحكومية الروسية التي تحتكر تصدير الغاز، هم من يجدون أسبابا تدعوهم إلى الخوف. وحتى في وسط التوترات بشأن أوكرانيا توجد إشارات على أن سيطرة روسيا على أسواق الطاقة الأوروبية بدأت تضعف بدلا من أن تكتسب قوة.
انخفضت أسعار توريد الغاز بنسبة أكثر من 30 في المائة على مدار العام الماضي في السوق البريطانية، أكثر الأسواق الأوروبية سيولة، وفقا لإحصائيات شركة «آي كاب»، التي تعنى بتقديم بيانات تجارية. ويبدو أن الوسطاء التجاريين يتجاهلون الصراع في أوكرانيا والتهديد الذي قد تمثله بوقف التوريد.
ويرجع المحللون انخفاض الأسعار جزئيا إلى الشتاء المعتدل الذي خفض نسبة الطلب وسمح بامتلاء منشآت تخزين الغاز في جميع أنحاء أوروبا. ولكن بدأت التغييرات التي حلت على السوق في التأثير. ويفضل باولو سكاروني، الرئيس التنفيذي السابق لشركة الطاقة الإيطالية «إني»، القول إن صفقات الغاز الأوروبية القديمة كانت بسيطة على نحو ممل. كان رؤساء شركات الغاز الكبرى الوسيطة مثل «إني» والشركات الألمانية، التي تشتري الغاز من موردين مثل روسيا وتوزع الوقود على المصانع ومحطات الطاقة، يجلسون مع نظرائهم في «غاز بروم» أو «سوناطراك»، شركة الطاقة الوطنية الجزائرية، ويبرمون عقود عمل طويلة الأجل تتصل بسعر النفط.
بدأ هذا النظام في التحلل الآن. بمساعدة سياسة التحرر الاقتصادي الذي سمح به الاتحاد الأوروبي، يصر كبار المستهلكين الصناعيين على أسعار تحددها صفقات الغاز الفعلية التي تتم مع ما يعرف بالبؤر، وتواجه شركات مثل «إني» الآن خيارا إما بالتغلب على «غاز بروم» في ما يخص الأسعار، أو الحصول على غاز بسعر مبالغ فيه.
في حين أن هذا التحول لم يتم حتى الآن كلية، إلا أن سوق الغاز الأوروبية بدأت في التشبه بالسوق الأميركية، حيث يتم تسعير الغاز وفقا لما يسدده المشترون والبائعون، وليس متصلا بسعر النفط الأعلى كثيرا. وتسيطر حملة أوروبا لاستخدام مصادر طاقة متجددة، والتي تعرضت لانتقادات كثيرة، على أسواق الطاقة. في النصف الأول من العام الحالي، تم توليد 28.5 في المائة من الطاقة الكهربائية الألمانية من مصادر متجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية، في زيادة بنسبة 4 في المائة عن العام السابق. كما تتقدم بريطانيا في المجال ذاته، حيث تحصل على 15 في المائة من الكهرباء من مصادر متجددة في زيادة بنسبة الثلث تقريبا.
وعلى الرغم من أن زيادة الكهرباء التي يتم توليدها بواسطة مزارع الرياح وألواح الطاقة الشمسية تسبب إزعاجا للمنشآت التي تستخدم الوقود الحفري فإن محطات الطاقة التقليدية بدأت في الحد من الطلب على الغاز والفحم في أوروبا.
وفي حين يبدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إشارة محدودة على التراجع بشأن أوكرانيا، بدأت شركة «غاز بروم»، وهي واحد من المصادر الرئيسة التي تحقق الربح في حكومته، في التراجع بشأن تعاقداتها الأوروبية. في نهاية شهر مايو (أيار)، على سبيل المثال، أعلنت شركة «إني» أنها توصلت إلى اتفاق مع «غاز بروم» لتخفيض سعر الغاز الروسي الذي تشتريه بموجب عقود طويلة الأجل مرتبطة بالنفط إلى أسعار السوق الحالية - بمعنى تخفيض السعر بنسبة من 15 إلى 20 في المائة وفقا لتقديرات المحللين.
وفي حوار أجري معه مؤخرا، صرح الرئيس التنفيذي الجديد لشركة «إني»، قائلا إن الخطوة التالية سوف تكون الحصول على بنود مماثلة مع الجزائر وليبيا، وكلتاهما من أكبر الموردين للشركة. كما من المحتمل أن يصل مشترون أوروبيون آخرون للغاز مثل «إي أون» و«جي دي إف سويس» إلى اتفاق مماثل.
ويدرك الاتحاد الأوروبي، الذي يتعرض لضغوط من الصناعات للتخفيف من المتطلبات الجديدة المفروضة للحد من الانبعاثات، هذا المكسب الاستراتيجي غير المتوقع من استخدام الطاقة المتجددة، والذي يأتي بينما يضع الاتحاد سياسات الطاقة على مدار خمسة عشر عاما مقبلة.
في 23 يوليو (تموز)، صرح غوتنر أونيتغر، كبير مسؤولي الطاقة الأوروبيين، للصحافيين، بحسب ما أوردت وكالة «رويترز»، بأنه من الأفضل تحديد هدف بتوفير الطاقة بنسبة أكبر من المتوقعة بحلول عام 2030 «نظرا للحاجة إلى تأمين الطاقة الخاص بالغاز بسبب الوضع في روسيا وأوكرانيا». ويجب أن يحقق الغاز منخفض التكلفة أيضا فوائد بيئية. فقد بدأ في إزاحة الفحم بعيدا عن مجال توليد الكهرباء، وعكس الاتجاه السائد في الأعوام الأخيرة التي زادت فيها المنشآت الأوروبية من نسبة حرق الفحم، والوقود الحفري الذي ينتج ثاني أكسيد الكربون، على حساب استخدام الغاز.
وبالطبع لا يدل أي من ذلك على أنها ستكون فكرة جيدة أن يتم قطع استيراد الغاز من روسيا تماما. ففي الوقت الذي تورد فيها روسيا نحو ثلث الغاز الأوروبي، يقول تريفور سيكورسكي، المحلل في «إنيرجي أسبكتس»، وهي شركة أبحاث يقع مقرها في لندن «سيكون من الصعب للغاية إحلاله على المدى القصير».
ولكن في روسيا التي يعاني اقتصادها بالفعل من التراجع، من غير المرجح أن ترغب في وقف الغاز عن أوروبا، وتثير الشكوك في ما إذا كانت موردا جديرا بالثقة في مجال الطاقة أم لا.
وفي فترات الهدوء، لم يكن نظام الطاقة الذي أقامته أوروبا غير عقلاني. ربما لم تكن أوروبا ذاتها تملك موارد كبيرة من الغاز المطلوب لتشغيل صناعاتها، ولكن توجد تلك الموارد على حدود أوروبا، في روسيا وشمال أفريقيا - وهنا تكمن الحكمة في الحفاظ على علاقات عمل معقولة مع تلك الدول.
وأيا كان حجم موارد الطاقة المحلية التي تستطيع أوروبا الحصول عليها، فسوف تعزز من نفوذها وتقدم لها ضمانا. بمعنى أن مصادر الطاقة المتجددة تمثل بطاقة مهمة لها.
يقول ماركوس فرديناند، المحلل في «بوينت كربون»، وهي شركة أبحاث يقع مقرها في أوهايو «قد تكون الأزمة الأوكرانية بمثابة صيحة لإيقاظ صناع القرار الأوروبيين لتعزيز استخدامهم للطاقة المتجددة».
* خدمة «نيويورك تايمز»



ارتفاع عائدات السندات يكبد «بنك اليابان» خسائر فادحة

أبراج عملاقة في الحي المالي بالعاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
أبراج عملاقة في الحي المالي بالعاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
TT

ارتفاع عائدات السندات يكبد «بنك اليابان» خسائر فادحة

أبراج عملاقة في الحي المالي بالعاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
أبراج عملاقة في الحي المالي بالعاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

أظهر تقرير أرباح بنك اليابان (المركزي) يوم الأربعاء، أن البنك تكبد خسائر قياسية في تقييم حيازاته من السندات الحكومية في النصف الأول من السنة المالية مع ارتفاع عائدات السندات بسبب رفع أسعار الفائدة.

وعادة ما تشهد البنوك المركزية انخفاض قيمة حيازاتها من السندات عندما ترفع أسعار الفائدة، حيث تؤثر مثل هذه التحركات على أسعار السندات التي تتحرك عكسياً مع العائدات.

وأظهر تقرير الأرباح أن حيازات البنك المركزي من السندات تكبدت خسائر في التقييم بلغت 13.66 تريليون ين (90.03 مليار دولار) في الأشهر الستة حتى سبتمبر (أيلول) الماضي، وهو ما يزيد عن الخسارة البالغة 9.43 تريليون ين المسجلة في مارس (آذار).

وبلغت حيازات بنك اليابان من السندات الحكومية طويلة الأجل 582.99 تريليون ين في نهاية النصف الأول من السنة المالية، بانخفاض 1.6 تريليون ين عن العام السابق، وهو ما يمثل أول انخفاض في 16 عاماً.

وأظهر التقرير أن حيازات البنك المركزي من صناديق الاستثمار المتداولة حققت أرباحاً ورقية بلغت 33.07 تريليون ين، بانخفاض من 37.31 تريليون ين في مارس.

وأنهى بنك اليابان أسعار الفائدة السلبية وتوقف عن شراء الأصول الخطرة مثل صناديق الاستثمار المتداولة في مارس الماضي، في تحول تاريخي بعيداً عن برنامج التحفيز الضخم الذي استمر عقداً من الزمان. وفي يوليو (تموز)، رفع البنك أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة، ووضع خطة لتقليص مشترياته الضخمة من السندات في محاولة لتقليص ميزانيته العمومية الضخمة.

وقال بنك اليابان إنه حصد 1.26 تريليون ين أرباحاً من حيازاته في صناديق المؤشرات المتداولة في النصف الأول من السنة المالية من أبريل (نيسان) إلى سبتمبر، ارتفاعاً من 1.14 تريليون ين في الفترة المقابلة من العام الماضي. وساعدت هذه العائدات في تعويض الخسائر التي تكبدها بنك اليابان لرفع تكاليف الاقتراض، مثل دفع الفائدة على الاحتياطيات الزائدة التي تحتفظ بها المؤسسات المالية لدى البنك المركزي.

وأظهر التقرير أن بنك اليابان دفع 392.2 مليار ين فائدة على الاحتياطيات الزائدة التي تحتفظ بها المؤسسات المالية لدى البنك المركزي في النصف الأول من السنة المالية، وهو ما يزيد 4.3 مرة عن المبلغ الذي دفعه قبل عام.

وفي الأسواق، أغلق المؤشر نيكي الياباني منخفضاً يوم الأربعاء بقيادة أسهم قطاع صيانة السيارات وسط مخاوف من تداعيات رسوم جمركية تعهد بفرضها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، فضلاً عن ارتفاع الين.

وتراجع المؤشر نيكي 0.8 في المائة ليغلق عند 38134.97 نقطة، وهبط المؤشر توبكس الأوسع نطاقاً 0.9 في المائة إلى 2665.34 نقطة.

وتعهد ترمب يوم الاثنين بفرض رسوم جمركية جديدة على الواردات من كندا والمكسيك والصين، وهو ما قال محللون استراتيجيون إنه أثار مخاوف من تعرض المنتجات اليابانية لرسوم مماثلة.

وصعد الين بفضل الطلب على الملاذ الآمن وسط الاضطرابات في الشرق الأوسط، ليجري تداوله في أحدث التعاملات مرتفعاً 0.57 في المائة إلى 152.235 ين للدولار.

وتراجع سهم تويوتا موتور 3.62 في المائة في هبوط كان الأكثر تأثيراً على المؤشر توبكس، كما انخفض سهم «موتور» 4.74 في المائة و«هوندا موتور» 3.04 في المائة. وخسر المؤشر الفرعي لأسهم شركات صناعة السيارات 3.39 في المائة في أداء هو الأسوأ بين المؤشرات الفرعية للقطاعات البالغ عددها 33 في بورصة طوكيو.

وانخفض سهم أدفانتست لصناعة معدات اختبار الرقائق 3.71 في المائة لتصبح أكبر الخاسرين على المؤشر نيكي. ومن بين أكثر من 1600 سهم في السوق الرئيس ببورصة طوكيو، ارتفع نحو 16 في المائة وانخفض نحو 82 في المائة، وظل نحو واحد في المائة دون تغيير.