أوبورتو... غريمة لشبونة

مدينة تنهل الحداثة من الحنين إلى الماضي

مبانٍ ملونة في الحي المحاذي للمرفأ من العصر الوسيط
مبانٍ ملونة في الحي المحاذي للمرفأ من العصر الوسيط
TT

أوبورتو... غريمة لشبونة

مبانٍ ملونة في الحي المحاذي للمرفأ من العصر الوسيط
مبانٍ ملونة في الحي المحاذي للمرفأ من العصر الوسيط

لا يكفي ما يقوله الرحالة العارفون الذين يستكشفون الدروب غير المطروقة بحثاً عن المطارح الأخاذة خارج المسارات السياحية التقليدية، بل عليك أن تشد الرحال بنفسك إلى هذه المدينة التي يتعانق على أقدامها نهر «دويرو» الهادر مع مياه المحيط الأطلسي عند طرف البرتغال الشمالي. حينها فقط ستدرك أن السعادة في «أوبورتو» تورق مع الحداثة الناهلة من الحنين إلى الماضي وتزهر مع إلابداع المجبول بماء التقاليد العريقة. هنا يلفظ النهر أنفاسه الأخيرة، متعرجاً إلى أن يختفي في حنايا مدينة لا تميط اللثام عن سحرها إلا لمن يأتيها متعطشاً للتفرد والمفاجآت.
إنها الوجهة الجديدة لأولئك الذين تأخروا لاكتشاف البرتغال وتوقفوا عند عاصمته لشبونة وشواطئه الرملية الممتدة على طول منطقة «الغربي» Algarve.
أوبورتو، ومعناها الميناء باللغة البرتغالية، تتراكم فيها فصول عديدة وغنية من تاريخ البرتغال الذي ولد كدولة في أحد قصورها، لكنها تتجدد بوتيرة متسارعة منذ سنوات جعلت منها قطباً للأفكار والمشاريع الطليعية في الهندسة المعمارية والموضة والطهي، وملتقى للمسافرين الذين يتوقون إلى الجمع بين الترفيه والسياحة التاريخية وبين ملذات المائدة والمناظر الطبيعية الخلابة.
- أهم المزارات
زيارتنا إلى «غريمة» لشبونة نبدأها من الحي العالي الذي يعرف أيضاً بحي الفنون حيث تنتشر أكثر من 600 صالة للعرض على طول شارع ميغيل بومباردا الذي كان لسنوات قليلة خلت في حالة من التداعي والإهمال. ويشهد هذا الحي حركة نشطة باستمرار بفضل برنامج المعارض المتزامنة التي تفتتح كل شهرين في كل صالات العرض ترافقها حفلات موسيقية مجانية. وقد أدت هذه الحركة إلى انتشار المطاعم البيولوجية الراقية ومتاجر الحرفيات والملبوسات الفاخرة المستعملة.
- مركز بومباردا
على أطراف الحي العالي يقوم مركز بومباردا التجاري في مبنى عريق على الطراز الاستعماري البرتغالي حيث توجد محلات مصممي الأزياء الطليعيين إلى جانب محترفات فنانين يتمتع بعضهم بشهرة عالمية. وفي الطابق الأرضي من المركز حديقة جميلة بعيدة عن العيون يتوسطها مقهى يشتهر بالحلوى التقليدية التي يقدمها. وإلى عشاق الشاي، ويقال له بالبرتغالية Cha، لا بد من استراحة في Rota do Cha التي هي بمثابة واحة وحديقة شرقية ومطعم يقدم ما يزيد عن 300 نوع من الشاي إلى جانب المأكولات البرتغالية الخفيفة... بالاسم وليس بالفعل
- ميدان الكهنة
نترك الحي العالي ونتجه نحو ميدان الكهنة الذي يرتفع في وسطه برج من العصر الوسيط يعلو 76 متراً ويمكن الصعود إليه للتمتع برؤية المدينة... لمن كانت لديه الرغبة والقدرة لتسلق 240 درجة قبل بلوغ القمة. لكن درة هذا الميدان هي مكتبة Lello e Irmao التي تعتبر من أجمل مكتبات العالم والتي كانت مصدر إلهام للكاتبة جوان رولينغ عندما وضعت سلسلة مؤلفاتها الشهيرة حول شخصية هاري بوتر.
- جادة الحلفاء
نواصل طريقنا حتى نصل إلى جادة الحلفاء المحفوفة بالمباني الجميلة التي تعود إلى مطالع القرن العشرين، وأبرزها مبنى البلدية وتلك التي تحيط بميدان الحرية الذي يشكل همزة الوصل بين المدينة القديمة والمدينة الحديثة، حيث يبرز مبنى قديم يقوم فيه مقهى «غواراني» الشهير الذي تزين جدرانه لوحات الخزف الأبيض والأزرق الذي تشتهر به البرتغال، وحيث بإمكانك الاستمتاع بموسيقى الفادو التي تختصر جوهر النفس البرتغالية المجبولة بالحسرة والحنين. وفي شارع سانتا كاتارينا التجاري يوجد مقهى آخر هو الماجيستيك الذي وضعت فيه رولينغ فصولاً من رواية هاري بوتر
- محطة القطار الرئيسية
إلى الذين يستهويهم الخزف البرتغالي الشهير، وهم كثر في العالم، لا بد من زيارة إلى محطة القطار الرئيسية التي تزين جدران بهوها الرئيسي أكثر من عشرين ألف قطعة خزف تحكي تاريخ البرتغال. ومن الجانب الخلفي للمحطة يتفرع شارع الزهور الذي أعيد ترميمه في السنوات الأخيرة ليصبح مخصصاً للمشاة، وفيه مجموعة من المتاجر الأنيقة والمقاهي والمطاعم الهادئة والمحلات المتخصصة بالمنتوجات البرتغالية التقليدية
- حي «لاريبييرا»
من هنا تبدأ مسيرة الانحدار نحو حي La Ribeira، وهو الأقدم في المدينة، الذي أعلنته اليونيسكو تراثاً عالمياً منذ سنوات. ولا بد هنا أن تكون آلة التصوير جاهزة لالتقاط المشاهد الجميلة والمباني الملونة التي يعود معظمها إلى العصر الوسيط ويتعرج النهر ببطء عند أقدامها. وفي هذا الحي القديم يوجد عدد من الفنادق الصغيرة الفخمة التي يقع معظمها في مبانٍ تعود إلى مئات السنين. وليس أجمل وألذ في نهاية هذا المشوار من نزهة في الحي المحاذي للمرفأ، تعرج في ختامها على السيدة «نور» Luz في مقهى Tavi لتناول الحلوى التي يقصدها أبناء أوبورتو من أقاصي المدينة.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

«ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)
«ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)
TT

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

«ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)
«ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد وتذوق الأطباق الخاصة بكل مدينة.

البعض يفضِّل تمضية عطلة الأعياد في أماكن دافئة مثل أستراليا ونيوزيلندا وجزر المالديف وتايلاند والبرازيل، إنما الغالبية الكبرى تفضِّل عيش تجربة العيد في مدن باردة تستمد الدفء من أنوار العيد وزينته التي تتحول إلى مشروع تتنافس عليه البلدان والمدن حول العالم؛ لتقديم الأفضل واستقطاب أكبر عدد ممكن من الزوار والسياح لرؤية التصاميم التي لا يمكن وصفها إلا بالروعة والإبداع.

عندما نذكر زينة أعياد الميلاد تخطر بعض المدن على أذهاننا؛ مثل نيويورك ولندن وباريس، وقد يكون السبب هو انتشار الأفلام السينمائية الكثيرة التي تصور الزينة، وتكون قصصها الخيالية مرتبطةً بالعيد.

وزينة العيد لا تقتصر فقط على الشوارع والأماكن العامة، إنما تتبناها المحلات التجارية لتصبح شريكاً مهماً في لعبة المنافسة العالمية للفوز بلقب «المتجر صاحب أجمل واجهة» في موسم الأعياد، وهذا ما نجحت فيه متاجر «هارودز»، و«سيلفردجز»، و«هارفي نيكولز»، ومحلات تجارية كثيرة في شارع بوند ستريت بلندن، أما في باريس فمتجر «غاليري لا فايت» أصبح أيقونة حقيقية لزينة العيد.

«ونتر وندرلاند» في لندن (غيتي)

إليكم جولة على أجمل الأماكن التي تتألق بأضواء وزينة العيد:

نيويورك، وتحديداً في «روكفيلير سنتر»؛ حيث تجد شجرة عيد الميلاد العملاقة بطول يزيد على 77 قدماً، ومزينة بشريط من الأضواء يزيد طوله على 5 أميال و45 ألف لمبة. الشجرة تُزرَع في النرويج. وبدأ هذا التقليد السنوي منذ عام 1933، وحينها أُضيئت أول شجرة، وبعد نحو قرن من الزمن لا يزال محبو الأعياد يتهافتون إلى هذا المكان لرؤية الشجرة وزينة العيد. ويُقدَّر عدد الزوار الذين يطوفون بالمكان يومياً بنحو نصف مليون شخص.

فيينا، تشتهر بأسواق عيد الميلاد التي تقام في ساحة «راثاوسبلاتز» التي تلبس زي العيد، وتنتصب الأكواخ الخشبية التي تبيع الهدايا والمأكولات الخاصة بالعيد.

باريس، شهيرة جداً بزينة العيد، لا سيما في شارعها الأهم، الشانزليزيه، المضاء بملايين الأضواء، إلى جانب واجهات المحلات التجارية التي تخلق أجواء ساحرة.

شجرة متجر «غاليري لا فاييت» في باريس هذا العام (أ.ف.ب)

ولكن يبقى متجر «غاليري لا فاييت» العنوان الأجمل لرؤية الزينة الخارجية والداخلية، ففي كل عام يتبدَّل شكل الشجرة في الداخل، وهذا العام تم اختيار تصميم عصري جداً وإضاءة «نيون» بيضاء، من الممكن رؤيتها عن قرب من الطابق السادس، فهناك جسر معلق يساعدك على الاقتراب من الشجرة التي تتوسط المبنى والتقاط أجمل الصور التذكارية. الحجز المسبق ليس إلزامياً، ولكنه يختصر عليك مدة الانتظار.

أما بالنسبة لمتجر «برينتان» فهو مميز بزينة واجهاته الخارجية، ويبقى برج إيفل الرابح الأكبر، ويزداد سحراً مع عروض الأضواء التي يتباهى بها في هذه المناسبة.

«ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

كوبنهاغن، من أجمل مدن الدنمارك، وهناك شبه إجماع على أنها مدينة نابضة بالحيوية ولقبها «مدينة أعياد الميلاد»، وفي هذه الفترة من العام يزداد سحرها وتتحول «حدائق تيفولي» في وسطها إلى عالم خيالي من الأضواء والأكواخ الجميلة.

افتُتحت هذه الحدائق عام 1843 ومنذ ذلك الحين أصبحت ملاذاً للزوار والسياح القادمين إلى العاصمة الدنماركية.

تقام فيها عروض جميلة للأضواء تلقي بإنارتها على «بحيرة تيفولي»، إلى جانب الألعاب النارية التي تقام في الأسبوع الفاصل بين عيدَي الميلاد ورأس السنة.

زينة العيد في طوكيو (أدوبي ستوك)

طوكيو، في موسم الأعياد تنسيك هذه المدينة اليابانية موسمَ أزهار الكرز في الربيع، فتكون خلال شهرَي نوفمبر (تشرين الثاني)، وديسمبر (كانون الأول) مزينةً بأنوار العيد وتُقام في شوارع أوموتيساندو وهاراجوكو عروض جميلة عدة، وتنتشر في تلك المنطقة أشجار العيد بتصاميم ثلاثية الأبعاد. ومن بين العروض الشهيرة أيضاً إضاءة أبكبوكوريو المذهلة.

موناكو، قد تكون شهيرة بسباق السيارات «Monaco Grand Prix»، ونادي اليخوت، ولكن هذا لا يعني أن تلك الإمارة الراقية لا تتفنن في موسم الأعياد والزينة المرافقة لها.

فابتداءً من شهر نوفمبر تزدان ساحة قصر مونتي كارلو بأضواء العيد، وتقام عروض خاصة يومياً، كما تتزين ساحة كازينو مونتي كارلو المقابلة لفندق «أوتيل دو باري (Hotel De Paris)» بأجمل زينة تتناغم مع روعة معمار المباني المحيطة. وتنتشر الأكواخ التي تبيع الهدايا على طول الريفييرا.

أسواق العيد في برلين (أدوبي ستوك)

برلين، من بين المدن الألمانية الشهيرة بأسواق عيد الميلاد، ومن أهمها سوق «جندار ماركت» وسوق «شارلوتنبورغ» وهما تجمعان بين التقاليد الأوروبية والأضواء الساحرة. من دون أن ننسى «بوابة براندنبور»، التي تضيف رونقاً خاصاً بأضوائها وزينتها.

لندن، قد تكون من أجمل المدن التي تعرف كيف تتأنق في موسم الأعياد، فشارعا أكسفورد وريجنت ستريت مشهوران بعروض الإضاءة الفريدة. إضافة إلى ساحة «كوفنت غاردن» التي تشتهر بشجرة عيد الميلاد العملاقة.

«ونتر وندرلاند» في لندن (الشرق الأوسط)

«ونتر وندرلاند» في هايد بارك، هي الحديقة ومدينة الملاهي التي يقصدها الملايين خلال فترة الأعياد لتذوق ألذ الأطباق، واللعب في كثير من الألعاب التي تناسب الصغار والكبار. فهي واحدة من أشهر الفعاليات الشتوية التي تقام سنوياً في قلب هايد بارك، وتعدّ وجهةً مثاليةً للعائلات والأصدقاء الباحثين عن أجواء احتفالية مليئة بالإثارة والتسلي.

ينتشر فيها أكثر من 100 كشك خشبي لبيع الهدايا اليدوية، والديكورات، والحلويات التقليدية. بالإضافة إلى ساحة تزلج مفتوحة في الهواء الطلق وعروض السيرك و«مغارة سانتا كلوز»؛ حيث يلتقي الأطفال تلك الشخصية الشهيرة ويلتقطون الصور. الحجز المسبق ضروري، وننصح أيضاً بارتداء أحذية مريحة وملابس دافئة.

العيد في البرازيل (أدوبي ستوك)

ريو دي جانيرو، من المدن الجميلة أيضاً خلال فترة الأعياد، ففيها شجرة عيد الميلاد العائمة في «بحيرة رودريغو دي فريتاس»، وهي من الأكبر في العالم. ومن الضروري زيارة شاطئ كوباكابانا، التي تضفي أجواء استوائية مميزة.

ستراسبورغ، تُعرف بـ«عاصمة عيد الميلاد»، مع أسواقها الشهيرة وشوارعها التي تكتسي بالأضواء الدافئة.

زيوريخ، من أجمل مدن سويسرا خلال موسم الأعياد، لا سيما شارع باهنهوف المزين بأضواء العيد الساحرة، والاحتفالات على البحيرة التي تتضمّن عروض أضواء وموسيقى مميزة.

دبي، تُقدَّم في «مول الإمارات» و«دبي مول» زينة فخمة وعروضٌ ضوئية في الداخل والخارج، وتُقام الألعاب النارية عند برج خليفة في ليلة رأس السنة، وهي من الأضخم عالمياً.

مدينة كيبيك، وتحديداً البلدة القديمة، تبدو فيها فترة الأعياد وكأنها لوحة شتوية مع زينة العيد والثلوج المتراكمة. سوق عيد الميلاد تضفي أجواء أوروبية تقليدية وسط طبيعة كندية خلابة.