غريفيث في صنعاء لإعادة الجدول الزمني لتنفيذ «اتفاق السويد»

الحوثي ركزّ خلال لقائه مع المبعوث الأممي على القضايا الخلافية

موكب غريفيث بعد مغادرته مطار صنعاء أمس (أ.ف.ب)
موكب غريفيث بعد مغادرته مطار صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

غريفيث في صنعاء لإعادة الجدول الزمني لتنفيذ «اتفاق السويد»

موكب غريفيث بعد مغادرته مطار صنعاء أمس (أ.ف.ب)
موكب غريفيث بعد مغادرته مطار صنعاء أمس (أ.ف.ب)

وصل مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، إلى صنعاء، أمس، في مستهلّ جولة جديدة في المنطقة تهدف إلى وضع اللمسات الأخيرة لإعادة الجدول الزمني لتنفيذ اتفاق السويد بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية خصوصاً في ما يتعلق بالانسحاب من مدينة الحديدة وموانئها. وجاءت زيارة غريفيث لصنعاء، وهي الثالثة خلال شهر، بالتزامن مع جهود حكومية في العاصمة المؤقتة عدن من أجل بلورة خطط شاملة للشرعية لاستلام المؤسسات الحكومية في مدينة الحديدة والموانئ الثلاثة بعد الانسحاب الحوثي الذي تضغط الأمم المتحدة والمجتمع الدولي من أجل تنفيذه في أسرع وقت.
وكان غريفيث قد أفاد في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» أول من أمس، بأن فريق المراقبين الأمميين الذي تشكّل بموجب اتفاق السويد «يؤدي عملاً رائعاً» في الحديدة، رغم الوقت الضيق المتاح لإعداد مهمته والظروف المعقدة. ورأى أنه «على مدار الأسابيع المقبلة سنرى بعثة أكبر تعمل في الحديدة وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2452، ونعمل لإتمام الترتيبات اللوجيستية الضرورية للبعثة الجديدة». كما عبّر عن أمله في حدوث تقدم في ملف تبادل الأسرى، مشيراً إلى أن لجنة متابعة بشأن الملف عقدت اجتماعاً الشهر الحالي في عمّان، ومن المتوقع أن تعقد اجتماعاً آخر قريباً لمناقشة الجولة النهائية للمحادثات بشأن قوائم السجناء.
والتقى المبعوث الأممي خلال زيارته الراهنة، زعيم الجماعة الموالية لإيران عبد الملك الحوثي، وعدداً من قيادات الجماعة، من أجل وضع اللمسات الأخيرة على الخطة الأممية لإعادة الجدولة الزمنية لتنفيذ اتفاق السويد.
وذكرت المصادر الرسمية للجماعة الحوثية، أن غريفيث التقى عبد الملك الحوثي، وأن الأخير اتهم الحكومة الشرعية بالتهرب من تنفيذ الاتفاق ووضع العراقيل. وفي مسعى هروبي - كما يبدو - من تنفيذ اتفاق السويد، ركز الحوثي خلال لقائه بغريفيث، وفق ما ذكرته النسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، على القضايا الخلافية التي لم يتم التوافق حولها في استوكهولم، وهي «فتح مطار صنعاء، والملف الاقتصادي».
ورغم التشكيك الذي يبديه كثير من المراقبين في وجود أي نية لدى الجماعة لتنفيذ بنود الاتفاق، فإن غريفيث كان قد أشار إلى تفاؤله بأن يتم تنفيذ الاتفاق في أسرع وقت ممكن من أجل البدء في جولة جديدة من المشاورات حول الإطار العام للحل السياسي الشامل، وهي الجولة التي ترفض الشرعية الذهاب إليها قبل إنجاز اتفاق السويد كاملاً.
وكان رئيس فريق المراقبين الدوليين ورئيس لجنة إعادة الانتشار الجنرال الهولندي باتريك كومارت، قد وصل في وقت سابق هذا الأسبوع إلى عدن ثم إلى صنعاء لاستكمال مهمته في التشاور مع ممثلي الحكومة والجماعة الحوثية في الانتهاء من تفاصيل خطط إعادة الانتشار بموجب الجدولة الزمنية الجديدة، وذلك قبل أن يترك مهمته للبعثة الأممية الموسعة المتوقع انتشارها لاستكمال ما بدأه منذ وصوله إلى الحديدة في 24 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وتتهم الحكومة الشرعية، الجماعة الحوثية بعدم احترام وقف إطلاق النار الذي بدأ في 18 من الشهر الماضي نفسه، واستمرار الميليشيات في ارتكاب الخروق التي تجاوزت 700 خرق وأدت إلى مقتل 51 شخصاً وجرح العشرات، حسب ما أورده أحدث إحصاء رسمي.
ورغم إبرام الاتفاق الذي رعته الأمم المتحدة بين الحكومة الشرعية والجماعة الحوثية المتمردة في 13 ديسمبر الماضي في السويد بغرض بناء الثقة بين الطرفين فإنه لا يزال مجرد حبر على ورق بعد استنفاد الجدول الزمني السابق لتنفيذه. ونص الاتفاق في الجزء الخاص منه بالحديدة، على إعادة نشر القوات على مرحلتين خلال 21 يوماً من وقف إطلاق النار، وعلى الانسحاب الحوثي من المدينة والموانئ الثلاثة (الحديدة، الصليف، رأس عيسى)، وإزالة المظاهر المسلحة والحواجز، وفتح الطرق أمام تدفق المساعدات الإنسانية من الميناء إلى مختلف المناطق، وتسليم الإدارة الأمنية والمالية للسلطة المحلية مع وجود إشراف أممي كامل. وعُزز الاتفاق بقرار مجلس الأمن الدولي 2451، قبل أن يُصدر المجلس بناءً على طلب بريطاني قراراً آخر بالإجماع يتيح للأمم المتحدة نشر 75 مراقباً أممياً جديداً وتوفير الموارد اللازمة للبعثة الأممية التي يتوقع نشرها قريباً للإشراف على تنفيذ الاتفاق خلفاً للجنرال الهولندي باتريك كومارت، الذي كانت مهمته محددة بشهر واحد فقط.
ولم تعلق الجماعة الحوثية على زيارة غريفيث لصنعاء على الفور، فيما تجاهل زعيمها في آخر خطاباته الإشارة إلى أي نية لدى الجماعة للانسحاب من الحديدة أو موانئها، مكتفياً بتقسيم المجتمع اليمني إلى مؤمنين، وهم أتباعه، و«مرتزقة ومنافقين» وهم القطاع الأوسع من الشعب اليمني.
وكانت الخارجية اليمنية قد حذرت في وقت سابق هذا الأسبوع، من تمادي جماعة الحوثي في التملص من تنفيذ اتفاق الحديدة، ورفض فتح الممرات الآمنة للمساعدات الإنسانية وقيامها بقصف مطاحن البحر الأحمر، ورفض تسيير القافلة الإغاثية التي استمر العمل على الترتيب لها أسبوعاً كاملاً من قِبل لجنة إعادة الانتشار برئاسة الجنرال باتريك كومارت. واعتبرت أن التمادي الحوثي أمر لا ينبغي تجاهله من قِبل المجتمع الدولي ومجلس الأمن، خصوصاً أن الحكومة اليمنية وافقت أكثر من مرة عبر فريقها الميداني على فتح الطريق إلى المطاحن، وأكدت في أكثر من رسالة خلوّ الطريق من جانبها من أي ألغام أو أي معيقات خارجية.
كما حذرت الخارجية من انهيار اتفاق استوكهولم في مجمله، وقالت: «إن أسلوب ضبط النفس لن يستمر إلى ما لا نهاية إذا لم تتوقف الميليشيات الحوثية عن إرسال المزيد من التعزيزات، والتحشيد في محافظة الحديدة، وبناء التحصينات، والاستمرار في خرق وقف إطلاق النار، والاستفزازات اليومية من استهداف للمدنيين واستمرار الاعتقالات وشن الهجمات العسكرية على بعض مواقع قوات الشرعية».
واتهمت الخارجية اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالتراخي في تنفيذ اتفاق استوكهولم، وقالت: «إن الأسلوب الناعم في التعامل مع الحوثيين، بات يشجع الميليشيات على ارتكاب المزيد من الخروقات والتعنت في تنفيذ الاتفاق وتفخيخ الوضع لينفجر مستقبلاً، ويسيء إلى صورة الأمم المتحدة ودورها في اليمن».
كما ذكّرت الوزارة، بالتقارير الصادرة عن الأمم المتحدة حول الحالة الإنسانية في اليمن، وآخرها تقرير برنامج الغذاء العالمي، وتقرير فريق خبراء لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن والتي تدين انتهاكات الحوثيين للعمل الإنساني، وعرقلة وصول المساعدات، والتلاعب بقوائم المستفيدين، ونهب المساعدات، ومضايقة وتهديد الموظفين الدوليين. وأعربت وزارة الخارجية عن استغرابها من استمرار التصريحات المبهمة وغير الواضحة لمسؤولي الأمم المتحدة، وأكدت أن مثل هذه اللغة غير الواضحة لممثلي الأمم المتحدة تزيد من تعنت الحوثيين.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.