نيجيريا: الجيش يشكك في إعلان تنظيم داعش قتل 30 جندياً

«بوكو حرام» تشن هجمات جديدة ضد قواعد عسكرية قرب حدود الكاميرون

نيجيريا: الجيش يشكك في إعلان تنظيم داعش قتل 30 جندياً
TT

نيجيريا: الجيش يشكك في إعلان تنظيم داعش قتل 30 جندياً

نيجيريا: الجيش يشكك في إعلان تنظيم داعش قتل 30 جندياً

شكّك الجيش النيجيري، أمس، في ادعاء تنظيم داعش أنه قتل 30 جندياً نيجيرياً في هجوم شنّه يوم السبت الماضي، على قرية لوماني في ولاية بورنو شمال شرقي البلاد. وقال ناطق رسمي باسم الجيش النيجيري، إنه «تم صد هجوم على قوات الجيش في لوماني وإن ثمانية جنود أصيبوا بجروح غير خطيرة، تم إخلاء أربعة منهم بعد ذلك... في حين يتلقى الأربعة الآخرون علاجاً». وأعلن تنظيم داعش في بيان نشره أول من أمس في وكالة أنباء «أعماق» الناطقة باسمه، مسؤوليته عن الهجوم على القرية.
وشن التنظيم الذي انشق عن جماعة «بوكو حرام» عام 2016 عدداً من الهجمات في شمال شرقي نيجيريا خلال الأشهر القليلة الماضية.
وتعد بورنو أكثر الولايات تضرراً من هجمات المتشددين التي استهدفت قواعد الجيش النيجيري خلال الأشهر القليلة الماضية، مما جعل الأمن قضية رئيسية في الحملة الانتخابية قبل انتخابات الرئاسة التي تجري في 16 فبراير (شباط) المقبل.
وطبقاً لما أعلنه مصدران عسكريان لوكالة الصحافة الفرنسية، فقد هاجم جهاديون من تنظيم «بوكو حرام» قاعدتين عسكريتين في ولاية بورنو في شمال شرقي نيجيريا قرب الحدود مع الكاميرون، ما أدى إلى جرح ستة عسكريين.
وهذان الاعتداءان هما الأحدث ضدّ أهداف عسكرية في المنطقة، في وقتٍ بات فيه الأمن ورقة أساسية في حملة الانتخابات العامة المقبلة.
وفي وقت مبكر من أول من أمس، صدّ عسكريون نيجيريون هجوماً شنه أعضاء فصيل من «بوكو حرام» يقوده أبو بكر شكوي في مدينة بولكا في مقاطعة غووزا على طول الحدود مع الكاميرون.
وأعلن مسؤول عسكري، أكد تصريحاته مسؤول نيجيري آخر، أن «الإرهابيين بدأوا هجومهم قرابة منتصف الليل ودخل العسكريون في قتال معهم لثلاثين دقيقة، ما دفعهم إلى الانسحاب».
وأراد أعضاء «بوكو حرام» مهاجمة ونهب المدينة بعد غزوهم للقاعدة العسكرية، وفق ما أعلن مسؤول عسكري لم يرغب في الكشف عن هويته. وهاجم أعضاء من الفصيل نفسه مساء السبت الماضي قاعدة عسكرية أخرى في قرية لوغوماني بالقرب من مدينة غامبورو، ما أدى إلى مواجهات نتج عنها جرح ستة جنود. وقال مسؤول عسكري آخر إن «القوّات قد هوجمت من قبل إرهابيي (بوكو حرام) وصلوا على متن أربع شاحنات مزودة بأسلحة نارية»، وأضاف: «جرح ستة جنود بشظايا قنبلة».
ويهاجم مسلحو «بوكو حرام» بشكل متكرر قواعد عسكرية في جنوب شرقي البلاد منذ يوليو (تموز)، ما أدى إلى سقوط عشرات إن لم يكن مئات القتلى.
وأدى التمرد الأصولي الذي بدأ عام 2009 في نيجيريا إلى مقتل نحو 27 ألف شخص، ونتجت عنه أزمة إنسانية خطيرة مع نزوح 1,8 مليون شخص.
ويسعى الرئيس محمد بخاري الذي وصل إلى السلطة في عام 2015 مع وعد بالقضاء على التمرد الإسلامي، إلى ولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية المقررة في 16 من الشهر المقبل.
ومن المنتظر أن يعقد اليوم مجلس الشيوخ النيجيري اجتماعاً طارئاً لمناقشة قرار الرئيس بخاري تعليق عمل رئيس المحكمة العليا في البلاد.
وقال مساعد لرئيس مجلس الشيوخ بوكولا ساراكي، إنّ «مجلس الشيوخ سيجتمع اليوم الثلاثاء، لأنّه يَعتبر تعليق (عمل) رئيس المحكمة العليا أمراً طارئاً على المستوى الوطني»، وتابع في تصريحات صحافية له أنّ السلطة التشريعيّة قد تتّخذ «إجراءات مناسبة بخصوص الأمر»، من دون أن يقدّم مزيداً من التفاصيل.
بدوره، دعا مايك أوزخوني، وهو محامٍ دستوري بارز في لاغوس، إلى تنظيم مظاهرات كبيرة ضدّ قرار إطاحة أونوغن.
ويسعى بخاري الذي تعهد فور وصوله إلى السلطة عام 2015 بمكافحة الفساد المستشري في البلاد، إلى الفوز بولاية ثانية في نيجيريا البلد الذي يضمّ أكبر نسبة من حالات الفقر المدقع في العالم.
وهو يتنافس مع نائب الرئيس السابق عتيق أبو بكر البالغ 72 عاماً وهو رجل أعمال ثري يواجه اتّهامات بتكديس ملايين الدولارات عبر إساءة استخدام الأموال العامة، إلا أنّه لم يخضع لأي تحقيق.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟