مواطنو رومانيا وبلغاريا أحرار في العمل بأي مكان في الاتحاد الأوروبي

الاتحاد الأوروبي رفض الاعتراضات ويقلل من المخاوف

رومانيون بمطار قرب بوخارست في طريقهم الى بريطانيا أمس (رويترز)
رومانيون بمطار قرب بوخارست في طريقهم الى بريطانيا أمس (رويترز)
TT

مواطنو رومانيا وبلغاريا أحرار في العمل بأي مكان في الاتحاد الأوروبي

رومانيون بمطار قرب بوخارست في طريقهم الى بريطانيا أمس (رويترز)
رومانيون بمطار قرب بوخارست في طريقهم الى بريطانيا أمس (رويترز)

بات مواطنو بلغاريا ورومانيا، اعتبارا من يوم أمس، أحرارا في التنقل والعمل في كل دول الاتحاد الأوروبي، في مرحلة تثير جدلا خصوصا في بريطانيا وألمانيا لكنها لا تلقى اهتماما في بوخارست وصوفيا.
وبعد فترة انتقالية استمرت سبع سنوات منذ انضمامهم إلى الاتحاد الأوروبي في 2007، رفعت آخر القيود المفروضة في تسع دول في الاتحاد الأوروبي على البلغار والرومانيين في أسواق العمل. والدول التسع هي ألمانيا والنمسا وبلجيكا وفرنسا ولوكسمبورغ ومالطا وهولندا وبريطانيا وإسبانيا.
لكن هذه الخطوة ليس لها تأثير كبير، إذ إن 17 دولة أخرى بينها إيطاليا والسويد قامت بهذه الخطوة من سنوات. وكتبت صحيفة «رومانيا ليبيرا» أول من أمس أن هذه المسألة تثير ضجة خصوصا في بريطانيا وألمانيا حيث يتحدث جزء من وسائل الإعلام والسياسيين عن غزو من قبل مواطني الدولتين.
وحتى اللحظة الأخيرة، مارس نواب من حزب المحافظين البريطاني ضغوطا على رئيس الوزراء ديفيد كاميرون من أجل تأجيل فتح سوق العمل، معتبرين أن موجة مهاجرين بلغار ورومانيين ستثقل الخدمات العامة. لكن رئيس الحزب غرانت شابس قال، إنه «لا يمكن وقف تنفيذ القرار. ودان مسؤولون رومانيون وبلغار وحتى المفوض الأوروبي لهجة النقاش في لندن».
وفي ألمانيا، اعترض الحزب المحافظ المتحالف مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بشدة على رفع هذه القيود ورأى فيه احتيالا على المنح الاجتماعية. لكن الناطق باسم الحكومة شتيفن سايبرت رد بالقول إن «حرية تنقل الأشخاص تشكل فرصة للألمان ولألمانيا». أما في إسبانيا البلد الذي يشهد أزمة ويستقبل أصلا مليون روماني وعددا كبيرا من البلغار، فلم يثر رفع القيود عن لعمل أي جدل كبير. وقال سفير إسبانيا في رومانيا ايستانيسلاو دي غرادس باسكوال إن «معظم الرمانيين مندمجون بشكل جيد في المجتمع».
كما رفض الاتحاد الأوروبي محاولات الحد من تحركات عمال بلغاريا ورومانيا، وقلل من شأن ما يتردد بأنهم يسعون للاستفادة من المزايا الاجتماعية، وليس من أجل العمل. وقال لاسلو أندور مفوض شؤون العمل بالاتحاد: «في الأوقات العصيبة، يكون مواطنو دول الاتحاد الأوروبي في الغالب هدفا سهلا. المفوضية تقر بأن حدوث تدفق كبير ومفاجئ من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى إلى مدينة أو منطقة بعينها يمكن أن يخلق مشكلات محلية». وتابع «يمكن أن يمثلوا عبئا على التعليم والإسكان والخدمات الاجتماعية. والحل هو علاج هذه المشكلات بعينها وليس وضع الحواجز أمام هؤلاء العمال».
في أحد أسواق وسط بوخارست، يعترف تجار ومارة بأنهم لا يعرفون ما الذي تغير فعلا ولا يفكرون في الرحيل. ويؤكد رئيس الوزراء الروماني فيكتور بونتا والمسؤولون البلغار باستمرار أنه لن تحدث موجة هجرة اعتبارا من الأربعاء. وقال الرئيس البلغاري روسن بلينيلييف في خطاب تهنئة بعيد رأس السنة لمواطنيه مساء أول من أمس، إن «المواطنين يريدون عملا جيدا ودخلا جيدا والعدالة في وطنهم، لا شراء بطاقة ذهاب لمغادرة بلغاريا». ويقول محللون مستقلون في رومانيا وبلغاريا، إنه «من المستحيل تقدير عدد الراغبين في السفر، لكنهم يشيرون إلى موجات هجرة كبيرة حدثت من قبل. فمند انهيار الشيوعية هاجر نحو ثلاثة ملايين روماني ومليون بلغاري من البلدين، توجه معظمهم إلى إسبانيا وإيطاليا. كما وظفت فرنسا وبريطانيا آلاف الأطباء والمسعفين. ويفسر هذا الرحيل الراتب الضئيل في البلدين الذي يبلغ نحو 400 يورو شهريا». وقال تيتو يونوت، 32 عاما، الذي يعمل في قطاع البناء في إسبانيا لوكالة الصحافة الفرنسية «لو كنت قادرا على كسب المزيد لبقيت في رومانيا لأنني أفضل البقاء في بلدي وقريبا من عائلتي». لكن الكثير من الرومانيين والبلغار يريدون البقاء في بلديهم على الرغم من الأجور المتدنية وغياب الثقة في الطبقة السياسية وتدهور الخدمات الصحية.
وكان الاتحاد الأوروبي فرض على البلدين عند انضمامهما فترة انتقالية مدتها سبع سنوات قبل منح «حرية تنقل العاملين» لنحو 30 مليون نسمة، عدد السكان فيهما. وحرية التنقل هذه مكفولة بالمادة 48 من المعاهدة الأوروبية. لكن الفترة الانتقالية فرضت لتجنب أي اضطراب في سوق العمل. وتعد كرواتيا العضو الوحيد بالاتحاد الأوروبي الذي لا يزال خاضعا لقيود العمل. وأشارت 13 دولة بالتكتل إلى أنها ستسعى إلى الحد من إتاحة سوق العمل بشكل كامل في حدود عام 2020.



مخاوف من تفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب رئيس يميني مقرّب من موسكو ومناهض لأوروبا

رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تتحدث في مؤتمر صحافي بالقصر الرئاسي في تبليسي 30 أكتوبر (أ.ف.ب)
رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تتحدث في مؤتمر صحافي بالقصر الرئاسي في تبليسي 30 أكتوبر (أ.ف.ب)
TT

مخاوف من تفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب رئيس يميني مقرّب من موسكو ومناهض لأوروبا

رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تتحدث في مؤتمر صحافي بالقصر الرئاسي في تبليسي 30 أكتوبر (أ.ف.ب)
رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تتحدث في مؤتمر صحافي بالقصر الرئاسي في تبليسي 30 أكتوبر (أ.ف.ب)

قد تتفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب نواب حزب الحلم الجورجي اليميني المتطرف الحاكم مرشحه لاعب كرة القدم السابق ميخائيل كافيلاشفيلي، وهو شخصية موالية للحكومة التي تواجه مظاهرات مؤيّدة للاتحاد الأوروبي.

المرشح الرئاسي ميخائيل كافيلاشفيلي (أ.ب)

وأصبح كافيلاشفيلي القريب من موسكو رئيساً لجورجيا، بعدما اختاره الحزب الحاكم، السبت، في عملية انتخابية مثيرة للجدل، في الوقت الذي يسعى فيه الحزب الحاكم إلى تعزيز نفوذه في مؤسسات الدولة، وهو ما تصفه المعارضة بأنه صفعة لتطلعات البلاد في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، في حين أعلنت الرئيسة الحالية سالومي زورابيشفيلي أن التصويت «غير شرعي»، رافضة التنحي.

وتشغل زورابيشفيلي، الموالية للغرب، رئاسة جورجيا منذ 2018، وتنتهي ولايتها التي استمرت ست سنوات يوم الاثنين المقبل، وهي تصف نفسها بأنها الرئيسة الشرعية الوحيدة، وتعهّدت بالبقاء لحين إجراء انتخابات جديدة.

متظاهرة تحمل علم الاتحاد الأوروبي بمواجهة الشرطة في تبليسي (أ.ب)

وأعلن رئيس اللجنة المركزية للانتخابات، جيورجي كالانداريشفيلي، أن الهيئة الانتخابية التي يسيطر عليها الحزب الحاكم والتي قاطعتها المعارضة، انتخبت كافيلاشفيلي بـ224 صوتاً لمدة خمس سنوات على رأس السلطة.

وفاز كافيلاشفيلي، 53 عاماً، بسهولة بالتصويت، بالنظر إلى سيطرة «الحلم الجورجي» على المجمع الانتخابي المؤلف من 300 مقعد، الذي حلّ محل الانتخابات الرئاسية المباشرة في عام 2017. واحتفظ حزب الحلم الجورجي بالسيطرة على البرلمان في تلك الدولة التي تقع جنوب منطقة القوقاز، إثر الانتخابات التي جرت يوم 26 أكتوبر (تشرين الأول).

وتقول المعارضة إنه جرى تزوير الانتخابات، بمساعدة موسكو. ومنذ ذلك الحين، قاطعت الأحزاب الرئيسة الموالية للغرب الجلسات البرلمانية، مطالبين بإعادة الانتخابات. وتعهّد الحلم الجورجي بمواصلة الدفع باتجاه الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ولكنه يريد أيضاً «إعادة ضبط» العلاقات مع روسيا.

الرئيسة المنتهية ولايتها سالومي زورابيشفيلي بين مؤيدين في العاصمة الجورجية (أ.ب)

وفي 2008، خاضت روسيا حرباً قصيرة مع جورجيا أدت إلى اعتراف موسكو باستقلال منطقتين انفصاليتين، أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، وتعزيز الوجود العسكري الروسي بهما.

واتهم المنتقدون «الحلم الجورجي» الذي أسسه بيدزينا إفانيشفيلي، وهو ملياردير جمع ثروته في روسيا، بأنه أصبح سلطوياً على نحو متزايد ويميل إلى موسكو، وهي اتهامات نفاها الحزب.

وقرار حزب الحلم الجورجي الشهر الماضي تعليق المحادثات بشأن محاولة انضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي زادت من غضب المعارضة وأثارت احتجاجات ومظاهرات.

ومساء الجمعة، جرت المظاهرة أمام البرلمان في تبليسي من دون اضطرابات، على عكس الاحتجاجات السابقة التي تخلّلتها اشتباكات عنيفة منذ انطلقت في 28 نوفمبر (تشرين الثاني).

ومنذ التاسعة صباحاً بدأ مئات المتظاهرين يتجمعون متحدين البرد والثلج ومتوافدين إلى محيط البرلمان قبل أن يُعيّن الرئيس الجديد. وجلب بعضهم كرات قدم وشهاداتهم الجامعية استهزاء بالرئيس المنوي تعيينه. وقال تيناتن ماتشاراشفيلي ملوحاً بشهادة تدريس الصحافة التي حصل عليها: «ينبغي ألا يكون رئيسنا من دون شهادة جامعية، فهو يعكس صورة بلدنا».

مسيرة احتجاجية للمؤيدين للاتحاد الأوروبي بالقرب من مبنى البرلمان في تبليسي ليلة 28 نوفمبر (رويترز)

وبدأت، السبت، مظاهرة أمام البرلمان في أجواء هادئة، واكتفت الشرطة بحظر النفاذ إلى مدخل المبنى. لكنها وضعت ثلاثة خراطيم مياه ونحو عشرين مركبة على أهبة التدخل في ساحة الحرية. وقالت ناتيا أبخازافا، في تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «الشرطة في كل مكان... رغم الثلوج والأمطار والطقس البارد في الشتاء، سنناضل من أجل بلدنا». وكشفت صوفي كيكوشفيلي، من جهتها، أنه لم يُغمض لها جفن في الأسابيع الأخيرة. وأخبرت المحامية، البالغة 39 عاماً، التي تركت ابنها البالغ 11 عاماً وحيداً في المنزل: «بات الجميع مهدداً الآن، من الأصدقاء والأقرباء ولم يعد في وسعنا التركيز على العمل». وتوقعت أن تطبّق السلطات نهجاً استبدادياً «سيتفاقم مع مرور الوقت إن لم نقاوم اليوم... هذه هي الفرصة الأخيرة للنجاة».

وأوقفت السلطات خلال المظاهرات الاحتجاجية أكثر من 400 متظاهر، حسب الأرقام الرسمية. ووثّقت المعارضة ومنظمات غير حكومية حالات متعددة من عنف الشرطة ضد متظاهرين وصحافيين، وهو قمع نددت به الولايات المتحدة والأوروبيون.

والجمعة، قالت منظمة العفو الدولية إن المتظاهرين تعرّضوا لـ«أساليب تفريق وحشية واعتقالات تعسفية وتعذيب».

في المقابل، حمّل «الحلم الجورجي» المتظاهرين والمعارضة المسؤولية عن أعمال العنف، مشيراً إلى أن المظاهرات كانت أكثر هدوءاً منذ أيام، وأن الشرطة ضبطت كميات كبيرة من الألعاب النارية. ويقول المتظاهرون إنهم ماضون في احتجاجاتهم حتى تتراجع الحكومة عن قرارها.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في رسالة مصورة، إن فرنسا تقف إلى جانب «أصدقائها الجورجيين الأعزاء» في «تطلعاتهم الأوروبية والديمقراطية». وأضاف ماكرون: «لا يمكن لجورجيا أن تأمل في التقدم على طريقها الأوروبي إذا قُمعت المظاهرات السلمية باستخدام القوة غير المتناسبة، وإذا تعرّضت منظمات المجتمع المدني والصحافيون وأعضاء أحزاب المعارضة لمضايقات».

حشد من المتظاهرين في تبليسي عاصمة جورجيا (أ.ب)

وقالت داريكو غوغول (53 عاماً) لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، في حين كانت تشارك في مظاهرة احتجاجية أمام البرلمان، إن الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) «سُرقت، يجب على (زورابيشفيلي) أن تبقى في منصبها، وأن ترشدنا بطريقة أو بأخرى في هذا الوضع المعقد للغاية».

وأكدت هذه الموظفة في منظمة غير حكومية تُعنى ببرامج تنموية، أن ميخائيل كافيلاشفيلي «لا يمكنه أن يمثّل البلاد».

من جهته، أشاد رئيس البرلمان شالفا بابواشفيلي أمام الصحافيين برجل «لا تشوب وطنيته أي شائبة»، و«لا يقع تحت نفوذ قوة أجنبية، كما هي حال» الرئيسة المنتهية ولايتها. وعلّق أحد المارة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لم نغادر الاتحاد السوفياتي لتحكمنا واشنطن أو بروكسل أو كييف أو باريس أو أي كان».

وأعلنت واشنطن، الجمعة، أنها فرضت على نحو 20 شخصاً في جورجيا، بينهم وزراء وبرلمانيون، حظر تأشيرات لاتهامهم بـ«تقويض الديمقراطية».

مسيرة احتجاجية للمؤيدين للاتحاد الأوروبي أمام مبنى البرلمان في تبليسي ليلة 28 نوفمبر (أ.ف.ب)

وحتى قبل أن يُصبح كافيلاشفيلي رئيساً، شكّك خبراء في القانون الدستوري في شرعية انتخابه، خصوصاً من أحد واضعي الدستور، فاختانغ خمالادزيه. وحسب هذا الخبير الدستوري فإن سبب هذا التشكيك هو أن البرلمان صادق على انتخاب النواب خلافاً للقانون الذي يقضي بانتظار قرار المحكمة بشأن طلب الرئيسة زورابيشفيلي إلغاء نتائج انتخابات أكتوبر.

وصلاحيات رئيس الدولة في جورجيا محدودة ورمزية. لكن ذلك لم يمنع زورابيشفيلي المولودة في فرنسا والبالغة 72 عاماً، من أن تصبح أحد أصوات المعارضة المؤيدة لأوروبا. وأضاف خمالادزيه أن «جورجيا تواجه أزمة دستورية غير مسبوقة»، مشدداً على أن «البلاد تجد نفسها من دون برلمان أو سلطة تنفيذية شرعيين. والرئيس المقبل سيكون غير شرعي أيضاً».

وتعكس المحادثة الهاتفية التي جرت الأربعاء بين ماكرون وبيدزينا إيفانيشفيلي، الرئيس الفخري للحزب الحاكم، هذا التشكيك بالشرعية، إذ إن ماكرون اتصل بالرجل القوي في جورجيا بدلاً من رئيس الوزراء إيركلي كوباخيدزه؛ للمطالبة بالإفراج عن جميع المتظاهرين الموقوفين المؤيدين للاتحاد الأوروبي. لكن المتظاهرين في تبليسي عدّوا، الجمعة، أن انتخابات السبت لن تغير شيئاً.