بعد انتقال المهاجم الأرجنتيني غونزالو هيغواين من نابولي إلى يوفنتوس مقابل 90 مليون يورو، لم يتصل بالمدير الفني لفريقه السابق ماوريسيو ساري ليودعه، أو يشرح له أسباب الرحيل، وهو الأمر الذي لم يكن مقبولاً أو مبرراً بالنسبة للمدرب، الذي قال في تصريحات لصحيفة «كوريري ديلو سبورت» في يوليو (تموز) 2016: «هيغواين لم يتواصل معي حتى عبر مكالمة هاتفية».
وأضاف المدير الفني الإيطالي: «إنني أجد أنه من الصعب للغاية أن أركز عليه في الوقت الحالي؛ لأنني قد رأيته للتو بقميص يوفنتوس. لقد كان القرار الأخير يعود إليه بالطبع؛ لأن العرض الذي قدمناه له كان مشابهاً للعروض الأخرى التي تلقاها. ومن وجهة نظر شخصية، يمكنني أن أقول إنني أشعر بالمرارة؛ لأنني توقعت منه أن يتصل بي هاتفياً على الأقل، وربما قبل خمس دقائق من خضوعه للكشف الطبي في يوفنتوس».
لكن في المقابلة الشخصية نفسها، وصف ساري هيغواين بأنه «أفضل مهاجم في العالم». وبعد عامين ونصف عام، عاد الاثنان للعمل سوياً؛ لكن هذه المرة مع نادي تشيلسي.
دعونا في البداية نتفق على أن هيغواين لم يعد ذلك اللاعب الذي أبهر العالم في موسم 2015 – 2016، عندما نجح تحت قيادة ساري في تسجيل 36 هدفاً في موسم واحد بالدوري الإيطالي الممتاز، ليصل للرقم القياسي المسجل باسم لاعب تورينو، غينو روسيتي، الذي سجل العدد نفسه من الأهداف في موسم 1928 – 1929، كأكثر لاعب تسجيلاً للأهداف في موسم واحد بالدوري الإيطالي الممتاز.
وعلاوة على ذلك، سيكون الدوري الإنجليزي الممتاز بمثابة تجربة جديدة على اللاعب البالغ من العمر 31 عاماً، بعدما قضى ست سنوات في إسبانيا، وخمس سنوات ونصف في إيطاليا، ومن الطبيعي أن تثار التساؤلات حول قدرته على التأقلم مع الدوري الإنجليزي الممتاز، الذي يتسم بالسرعة الشديدة والقوة الهائلة. وفي النهاية، فإنه سينضم إلى فريق يعاني من تذبذب النتائج إلى حد ما، بعد البداية الرائعة للفريق في بداية الموسم تحت قيادة ساري.
ورغم كل ذلك، قاتل ساري من أجل التعاقد مع اللاعب الذي يريده، ونجح في إقناع مسؤولي تشيلسي بهذه الصفقة. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، اعترف ساري، رغم أنه لم يكن قد تولى تدريب تشيلسي سوى لأشهر قليلة، بأنه يفتقد هيغواين «كثيراً». ومن الواضح أن ساري قد سامح هيغواين على عدم تواصله معه بعد انتقاله من نابولي، ويعتقد بأنه سيكون الحل السحري لكافة المشكلات الهجومية التي يعاني منها تشيلسي في الوقت الحالي.
ولا يزال ساري وهيغواين يحتفظان بكثير من الذكريات الجيدة من الموسم القوي الذي قدماه مع نابولي. ووصف هيغواين ساري بأنه أفضل مدير فني عمل معه على الإطلاق، وأكد على أن المدير الفني الإيطالي ساعده على التعبير عن نفسه داخل الملعب، أكثر من أي مدير فني آخر.
وفي المقابل، تحدث ساري بشكل جيد للغاية عن الطريقة التي استقبله بها هيغواين عندما تولى تدريب النادي في عام 2015، وقت أن كان اللاعب الأرجنتيني أحد الأعمدة الرئيسية في نابولي بالفعل.
وتساءل ساري في سبتمبر (أيلول) 2018: «كيف يصفه جمهور نابولي بأنه خائن وهو بمثابة ابن لي؟ هيغواين بطل، وهذا أمر غير قابل للنقاش. عندما وصلت إلى النادي قادماً من إمبولي في وقت لم يكن هناك فيه من يرحب بي لتولي قيادة الفريق، كان هو يقدم الدعم لي من دون أي تردد، وبكثير من البساطة».
ولا يزال ذلك الموسم هو أفضل موسم لهيغواين، خلال مسيرته الكروية؛ لكن لا يمكن القول بأن أداءه كان سيئاً في المواسم التالية؛ حيث بلغ متوسط أهدافه في الموسم الواحد 20 هدفاً عندما كان في إيطاليا، وكان دائماً ما يستغل أنصاف الفرص، ويؤكد أنه مهاجم من طراز رفيع.
من الواضح أن هيغواين كان محبطاً خلال الفترة التي لعبها مع ميلان على سبيل الإعارة من يوفنتوس هذا الموسم، وكان يبدو في بعض الأحيان غير لائق للمشاركة من الأساس، لكن ساري سوف يعمل على هذا الأمر بشكل فوري. وما زال هيغواين يتذكر أن ساري قد وصفه بأنه «كسول» خلال الفترة التي كانا فيها في نابولي؛ لكنه أضاف: «لقد كان يريدني أن أسجل أهدافاً مثل ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، ولكي أكون منصفاً فقد ساعدني على تسجيل 36 هدفاً في ذلك الموسم».
وستكون اللياقة البدنية لهيغواين حاسمة للغاية في مسيرته خلال الفترة المقبلة؛ خاصة أن كثيرين يعتقدون أنه لن يتمكن من مجاراة اللعب القوي والسريع في الدوري الإنجليزي الممتاز. ورغم أن النجم الأرجنتيني سجل خلال مسيرته الكروية حتى الآن أكثر من 300 هدف، فإنه لم يحصل على عدد كبير من البطولات. ووصل هيغواين إلى المباراة النهائية لكأس العالم، والمباراة النهائية لكأس أمم أميركا الجنوبية «كوبا أميركا» مرتين، والمباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا؛ لكنه خسر في كل هذه النهائيات.
وقد حصل هيغواين على بطولة الدوري الإسباني الممتاز ثلاث مرات مع ريال مدريد، والدوري الإيطالي الممتاز مرتين مع يوفنتوس.
ولا يزال هيغواين قادراً على اللعب في أعلى المستويات، وقال في مقابلة شخصية مع صحيفة «الغارديان» في عام 2017: «أريد أن أكتب اسمي في أعلى مستوى ممكن من هذه الرياضة. ولكي تتمكن من تحقيق ذلك يتعين عليك أن تتحلى بالتواضع من أجل التطور والتحسن باستمرار. دائماً يقول الحارس الأسطوري جيجي بوفون إنه اقترب من عامه الأربعين؛ لكنه يعتقد أنه ما زال قادراً على التطور. وأنا أيضاً أعتقد الأمر نفسه، وأشعر بأنني ما زلت صغيراً في السن. وأتمنى أن يكون أمامي كثير من السنوات في عالم كرة القدم».
وما زال من السابق لأوانه القول إن معظم هذه السنوات سيقضيها هيغواين مع نادي تشيلسي أم لا؛ لكن الشيء الواضح هو أن اللاعب الأرجنتيني قد أتيحت له الفرصة مرة أخرى للعمل مع المدير الفني الذي ساعده على تقديم أفضل ما لديه. ومن المؤكد أيضاً أن ساري سوف يبذل مجهوداً كبيراً مع هيغواين في التدريبات، وسوف يمنحه حرية كبيرة في التحرك داخل الملعب، من أجل تقديم أفضل ما لديه.
من المؤكد أن رحلة هيغواين في الدوري الإنجليزي الممتاز ستكون مليئة بالتحديات؛ لكن الشيء الجيد يتمثل في أن هناك احتراماً متبادلاً بينه وبين مديره الفني. وقد قال ساري ذات مرة: «إنني أشعر معه بالإحساس نفسه الذي ينتابك تجاه طفل يصيبك بالجنون؛ لكنك ما زلت تحبه».
ولو تمكن ساري من مساعدة هيغواين على استعادة لياقته البدنية واللعب بكل قوة وسرعة، فإن المدير الفني الإيطالي يعلم جيداً أنه سيكون لديه حينئذ لاعب من طراز رفيع، قادر على تغيير نتيجة أي مباراة. ووصف ساري هيغواين خلال حديث لصحيفة «كوريري ديلو سبورت» في سبتمبر 2018 قائلاً: «إنه عبارة عن ماكينة أهداف».
هيغواين... ماكينة أهداف تنتظر الانطلاق مجدداً في تشيلسي
المهاجم الأرجنتيني يعود للعمل مع مدرب ساعده على التألق في نابولي
هيغواين... ماكينة أهداف تنتظر الانطلاق مجدداً في تشيلسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة