بوادر أزمة في الائتلاف الحكومي المغربي

أخنوش ينتقد العثماني ويؤكد أن حزبه «ليس دكاناً سياسياً»

أخنوش خلال اجتماع المجلس الوطني لحزبه في الرباط أمس (الشرق الأوسط)
أخنوش خلال اجتماع المجلس الوطني لحزبه في الرباط أمس (الشرق الأوسط)
TT

بوادر أزمة في الائتلاف الحكومي المغربي

أخنوش خلال اجتماع المجلس الوطني لحزبه في الرباط أمس (الشرق الأوسط)
أخنوش خلال اجتماع المجلس الوطني لحزبه في الرباط أمس (الشرق الأوسط)

شهدت الأوساط السياسية المغربية مواجهة بين الحزبين الرئيسيين في الغالبية الحكومية، في مؤشر جديد على تعمق الخلافات بين «العدالة والتنمية» الذي يقوده رئيس الحكومة سعد الدين العثماني و«التجمع الوطني للأحرار» برئاسة وزير الفلاحة والصيد البحري رجل الأعمال عزيز أخنوش.
ولم يتردد رئيس «التجمع الوطني للأحرار» في توجيه سهام نقده إلى شريكه في الائتلاف الحاكم رئيس الوزراء وحزبه، وتحميله مسؤولية احتجاجات التجار، إذ قال: «نحن لا نتهرب من المسؤولية، وينبغي عليهم أن يقولوا: هل هم مسؤولون أم غير مسؤولين؟».
وجدد أخنوش في كلمة ألقاها خلال افتتاح أعمال المجلس الوطني لحزبه في الرباط، أمس، التأكيد على موقفه الرافض للإجراءات الضريبية التي جاءت في موازنة 2019. وأثارت احتجاجات التجار في عدد من المدن. وقال: «نحن اتخذنا قرارنا ونقول إننا كحزب لسنا متفقين مع هذا القرار، ويجب أن يعاد فيه النقاش». وأضاف: «ليخرج رئيس الحكومة أو أي وزير. لن أغير رأيي وهكذا يفكر الحزب ولن يتراجع... موقفنا واضح وما قلته في لقاء الناظور أتشبث به إلى اليوم».
وأشار أمام أعضاء برلمان حزبه إلى أنه لا يفهم «لماذا تثار وسط الحكومة والمجلس الحكومي الذي يتوقع أن يناقش هموم المواطنين تصريحات الأحزاب السياسية، ونقول: لماذا قالوا هذا الكلام أو الرأي؟ هذه ليست ديمقراطية»، في إشارة إلى انتقادات وزراء «العدالة والتنمية» لقرار «تجمع الأحرار» فيما يخص قضية التجار في المجلس الحكومي الأخير. وأضاف: «إذا أردنا مناقشة تصريحاتهم (العدالة والتنمية) فسنحتاج أسبوعاً ولن ننتهي».
ولفت إلى أن التجار «لم يعجبهم القرار، وقلنا إن المسؤولية تتحملها الحكومة، ونحن نتحمل مسؤوليتنا في هذا، وقانون المالية ليس قانون وزير المالية، بل رئيس الحكومة هو الذي وقعه وعرضه على البرلمان، ولجنة المالية في البرلمان يترأسها حزب رئيس الحكومة سواء في الولاية الحالية أو السابقة»، وذلك في رد مباشر على العثماني الذي اعتبر موقف «تجمع الأحرار» تهرباً من المسؤولية، رغم أن وزراءه هم المشرفون عن القطاع.
وشدد أخنوش على أن حزبه «ليس من الدكاكين السياسية»، مشيراً إلى أن «همه هو المواطن وسماع مشكلاته والسعي إلى حلها، والدينامية التي يعيشها تزعج ولا يمكن أن تمر من دون أي شيء هنا وهناك». وأضاف: «قادرون على المضي قدماً بالبلاد ونسهم بجدية وعمل وروح وطنية في خدمة المواطنين».
وتخفيفاً من حدة انتقاداته، قال أخنوش: «عندنا برنامج حكومي يجمعنا مع أحزاب الحكومة حتى سنة 2021». وأشار إلى أن نتائج الانتخابات «وما سيمنحنا المغاربة من أصوات سنحدد به المستقبل، وهناك تجارب مع عدد من الأحزاب وعرفنا كيف تسير الأمور، وهذه التجربة ستجعلنا نتخذ أحسن الاختيارات»، في إشارة إلى إمكانية مراجعة تحالفات الحزب في المستقبل.
وأضاف رئيس «تجمع الأحرار» الذي يضع عينيه على رئاسة الحكومة بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، أن حزبه «يواجه الكثير من الإشاعات، وهذا لا ينبغي أن يشوش علينا»، موضحاً أن حزبه «سيخوض الانتخابات ونحن منفتحون على الجميع، حسب النتائج التي سيمنحها لنا المواطنون ومن لم يعجبه الحال وينتقد، ليس لدينا ما نقدمه له». وأكد أنه «لا وجود لأي تحالف يضم 7 أحزاب ولا أربعة ولا حزبين»، رداً على تقارير إعلامية محلية تحدثت عن الإعداد لتحالف مسبق لإطاحة «العدالة والتنمية» في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وطرح أمام أعضاء برلمان حزبه موضوع التحالف مع «الاتحاد الدستوري» للمناقشة، إذ قال: «لا بد من التفكير في آفاق علاقة الحزب بالاتحاد الدستوري ومستقبل هذه العلاقة والتجربة، وما إذا كانت تحتاج إلى تأكيد وتحسين أو ماذا؟»، الأمر الذي يمكن أن يمثل تمهيداً لإعلان فك الارتباط بين الحزبين خصوصاً مع الخلافات التي برزت على مستوى الفريق النيابي المشترك لهما في مجلس النواب.
وبدا لافتاً أن رئيس «تجمع الأحرار» لم يرد على الانتقادات التي وجهها إليه رئيس الحكومة السابق عبد الإله ابن كيران أخيراً. غير أن زميله في الحزب رشيد الطالبي العلمي الذي نال قسطاً وافرا من انتقادات ابن كيران رد عليه بتحفظ.
وقال العلمي في رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول هجوم ابن كيران عليه أن «عقول الكبار تناقش الأفكار والمواضيع والتصورات، والعقول الوسطى تحكي الحكايات، وعقول الصغار تتحدث عن الأشخاص، هذه مقولة لتشرشل (رئيس الوزراء البريطاني السابق) وهذا هو جوابي».
ويرتقب أن تعيد التصريحات والتصريحات المضادة لقادة الحزبين الرئيسيين في الغالبية الحكومية الخلاف مجدداً إلى الواجهة، إذ يتوقع أن تشهد وتيرة هذه الخلافات منحى تصاعدياً مع اقتراب موعد الانتخابات التي يرغب كل طرف باستقطاب المزيد من الأنصار قبل حلول موعدها.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.