مادورو يتهم واشنطن بمحاولة انقلاب

بوادر تصدّع في جبهة القوات المسلحة الموالية للرئيس الفنزويلي

أنصار غوايدو يوزعون نسخا من إجراءات العفو على عسكريين أمس في كراكاس (أ.ف.ب)
أنصار غوايدو يوزعون نسخا من إجراءات العفو على عسكريين أمس في كراكاس (أ.ف.ب)
TT

مادورو يتهم واشنطن بمحاولة انقلاب

أنصار غوايدو يوزعون نسخا من إجراءات العفو على عسكريين أمس في كراكاس (أ.ف.ب)
أنصار غوايدو يوزعون نسخا من إجراءات العفو على عسكريين أمس في كراكاس (أ.ف.ب)

رفض الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في مقابلة أمس المهلة التي حددتها دول أوروبية له للدعوة لانتخابات في غضون ثمانية أيام، مصرا على أن بلاده «غير مرتبطة» بأوروبا. وقال مادورو في المقابلة التي أجرتها معه «سي إن إن تورك»، وتمت دبلجتها إلى اللغة التركية من الإسبانية: «عليهم سحب هذه المهلة. لا يمكن لأحد أن يعطينا مهلة». وأضاف أن «فنزويلا غير مرتبطة بأوروبا. هذه وقاحة تامة»، واصفا تحركات الدول الأوروبية بأنها «خطأ».
وحذرت قوى أوروبية، بينها فرنسا وهولندا وألمانيا السبت من أنها قد تعترف بزعيم المعارضة خوان غوايدو كرئيس إلا إذا دعا مادورو لإجراء انتخابات في غضون ثمانية أيام بينما منحته كل من بريطانيا وإسبانيا مهلة مشابهة، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وأعلن غوايدو، رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان)، نفسه رئيسا بالوكالة لفنزويلا الأربعاء الماضي خلال مظاهرة حاشدة نظمتها المعارضة ضد مادورو. ومنذ ذلك الحين، دعمت الولايات المتحدة وكندا والكثير من دول أميركا الجنوبية بما فيها البرازيل وكولومبيا إعلان غوايدو.
لكن مادورو قال في المقابلة إن غوايدو «ينتهك الدستور»، واتّهم واشنطن بـ«محاولة الانقلاب» على حكمه. ورأى أن «كل ما يجري مرتبط بأميركا. إنهم يهاجموننا ويعتقدون أن فنزويلا حديقتهم الخلفية». وأكد أنه سيتجاوز التحدي الذي تواجهه سلطته، مشيرا إلى أنه «منفتح على الحوار». لكنه استبعد عقد لقاء مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وقال إن «الأمر ليس مستحيلا، لكنه مستبعد. بعثت رسائل كثيرة إلى دونالد ترمب».
ووطّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مؤخرا علاقته بمادورو، حيث زاره الشهر الماضي في كراكاس.
وزار مادورو تركيا العام الماضي بعد فوز إردوغان في الانتخابات الوطنية والرئاسية، حيث وصف الرئيس التركي بأنه «صديق» لكراكاس.
في سياق متصل، وبعد المواجهة العنيفة بين الولايات المتحدة وروسيا في الجلسة الاستثنائية التي عقدها مجلس الأمن الدولي يوم السبت لمناقشة الأزمة الفنزويلية، والتي أعادت إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة بين موسكو وواشنطن، بدأت تظهر العلامات الأولى على التصدّع في جبهة القوات المسلحة الموالية للرئيس نيكولاس مادورو بعد إعلان الملحق العسكري الفنزويلي في العاصمة الأميركية انشقاقه عن النظام، وولاءه لرئيس البرلمان وزعيم المعارضة خوان لغوايدو الذي أعلن تولّيه رئاسة الجمهورية بالوكالة قبل أربعة أيام.
وكان العقيد خوسيه لويس سيلفا قد أدلى بتصريحات إلى صحيفة «ميامي هيرالد»، دعا فيها رفاقه في القوات المسلحة إلى «التخلّي عن مصادرة السلطة التنفيذية بصورة غير شرعية بعد أن جمع القادة ثروات طائلة على حساب الشعب». ثم نشر شريط فيديو جرى تصويره في مكتبه بالسفارة الفنزويلية في واشنطن جاء فيه: «أتوجّه إلى الشعب الفنزويلي، وبخاصة إلى أشقّائي في القوات المسلحة الوطنية، للاعتراف بخوان غوايدو كرئيس وحيد وشرعي للبلاد». كما دعا عناصر الجيش وأجهزة الأمن إلى عدم مهاجمة المدنيين، والعمل على إعادة الديمقراطية إلى البلاد.
وليس واضحاً بعد ما إذا كانت خطوة سيلفا ستفتح باب الانشقاقات التي يراهن عليها غوايدو، أم أنها معزولة وليست ثمرة تنسيق مع قيادات أخرى في صفوف القوات المسلحة التي أكّدت دعمها لمادورو منذ يومين. وقال سيلفا إنه يتبنّى خارطة الطريق التي أعلنها غوايدو للخروج من الأزمة على مراحل ثلاث: إنهاء «اغتصاب» السلطة التنفيذية، والشروع في مرحلة انتقالية لتشكيل حكومة جديدة، ثم إجراء انتخابات حرّة ونزيهة.
وكان سيلفا قد رفض تنفيذ الأوامر التي صدرت بعودة الطاقم الدبلوماسي الفنزويلي في واشنطن إلى كراكاس، بعد أن أعلنت الولايات المتحدة اعترافها بغوايدو. وقال إن غالبية الدبلوماسيين الفنزويليين ليسوا راضين عن اغتصاب السلطة على يد مادورو، «لكنهم يخشون أن تتعرّض عائلاتهم للانتقام». وكانت الولايات المتحدة قد سحبت موظفيها الدبلوماسيين من كراكاس، ثم توصّلت إلى اتفاق مع فنزويلا للتفاوض حول إقامة مكتبين لرعاية المصالح في العاصمتين قبل نهاية الشهر المقبل.
وفي سياق متصل، يجري عدد من القيادات السياسية الفنزويلية المعارضة المقيمة في إسبانيا لقاءات مكثّفة في مدريد منذ أيام مع أعضاء في حكومة سانشيز، ومع رئيسي الوزراء الأسبقين الاشتراكي فيليبي غونثاليث واليميني خوسيه ماريّا آثنار. وتعوّل المعارضة الفنزويلية كثيراً على الدور الإسباني من حيث تأثيره على الموقف الأوروبي المشترك، الذي بات قاب قوسين من الاعتراف برئاسة غوايدو بعد تجاوز تحفظات اليونان والنمسا بعد أن أمهلت بروكسل نظام مادورو حتى نهاية الأسبوع للإعلان عن إجراء انتخابات عامة قبل الإقدام على الخطوة.
وتُعتبر مدريد «عاصمة» المعارضة السياسية الفنزويلية، على غرار ما هي ميامي بالنسبة للمعارضة الكوبية. ويُقدّر عدد الفنزويليين الذين هربوا من فنزويلا خلال السنوات الأخيرة بنحو ٣٠٠ ألف، بينهم قياديّون معروفون مرشّحون لأدوار بارزة في حال سقوط نظام مادورو. ويتحدّر كثيرون من أبناء الجالية الفنزويلية في إسبانيا من أصول إسبانية أو برتغالية أو إيطالية، هاجر أهلهم إلى فنزويلا طلباً للثروة في النصف الثاني من القرن الماضي.
وتجدر الإشارة إلى أن الأحزاب السياسية اليمينية في إسبانيا تستخدم الأزمة الفنزويلية منذ سنوات في معاركها الانتخابية، وتقيم اتصالات دورية مع قادة المعارضة الذين غالباً ما ينتقدون الأحزاب والقوى اليسارية لعدم ممارستها الضغوط الكافية ضد نظام مادورو. لكن الحكومات الإسبانية، بغض النظر عن لونها السياسي، تواجه صعوبة في التعاطي مع الأزمة الفنزويلية نظراً لأهميّة المصالح الاقتصادية والتجارية والمالية الإسبانية في فنزويلا، وما قد تتعرّض له من انتكاسات بسبب القرارات السياسية.
وفيما يمارس الغرب ضغوطا على حكومة مادورو، يكثّف غوايدو ضغطه لإجراء انتخابات جديدة، بدعوة إلى مظاهرة جديدة ومنحه العفو للعسكريين الذين ينشقون عن نظام مادورو. وكتب رئيس البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة في تغريدة: «نواصل التقدم، اليوم تم الإصغاء إلى أصوات الشعب من جانب العالم الذي يؤمن ويناضل مثلنا من أجل الحرية والديمقراطية».
وسيعلن غوايدو (35 عاماً) المطمئنّ بعد اتخاذ العديد من الدول مواقف لصالحه، موعد المظاهرة الكبيرة الجديدة المرتقبة خلال أيام وسيدعو أنصاره إلى المشاركة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر نسخ مطبوعة، في نشر قانون العفو الذي وُعد به الموظفون والعسكريون الذين يقبلون دعمه.
وينصّ القانون على أن «العسكريين والشرطيين الذين يساهمون في استعادة النظام الديمقراطي يمكنهم الاندماج مجدداً في الحياة السياسية في البلاد». ويقدّم هذا القانون «كل الضمانات الدستورية إلى الموظفين المدنيين والعسكريين» الذين يقومون بهذا الخيار.
وترى الخبيرة في الشؤون العسكرية، روسيو سان ميغيل، أنه من المنطقي أن يطلق غوايدو «نداء إلى الملحقين العسكريين الفنزويليين في الخارج، كي يكفّوا رسمياً عن الاعتراف بمادورو (رئيساً) عبر وصفه بمغتصب (السلطة)، مقابل فرصة البقاء في مناصبهم وبدء التعاون مع عملية الانتقال» إلى انتخابات جديدة. فيما كتب النائب المعارض خوليو بورجيس الموجود في المنفى في كولومبيا، في تغريدة «العالم مع فنزويلا»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
على خط مواز، يعمل غوايدو على جبهة أخرى. فقد طلب في رسالة وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «استجابة دولية لحالة الطوارئ الإنسانية في فنزويلا». وكتب «حالة الطوارئ في بلادنا تسفر عن ملايين الضحايا الذين يعانون من عدم الوصول إلى (خدمات) الصحة والأمن الغذائي والتعليم والأمان، وبسبب المستوى العالي للعنف المزمن». وأضاف: «نطالب بإلحاح بتعاون التضامن الدولي، الذي ينسّقه نظام الأمم المتحدة ووكالاته».
وفنزويلا الغنية بالنفط تشهد أزمة اقتصادية مع نسبة تضخم يتوقع صندوق النقد الدولي أن تبلغ 10 ملايين في المائة في العام 2019 ونقص في المواد الغذائية والأدوية. وأسفرت حركات الاحتجاج ضد حكومة مادورو عن 29 قتيلاً منذ الاثنين الماضي، بحسب المرصد الفنزويلي للنزاعات الاجتماعية.
وأوقف أكثر من 350 شخصاً هذا الأسبوع أثناء المظاهرات، «بينهم 320 في يوم 23 يناير (كانون الثاني) وحده»، بحسب الأمم المتحدة.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.