السلطات المصرية تتحفظ على أموال وشركات لـ«الإخوان»

مسؤول في وزارة العدل لـ «الشرق الأوسط»: القرار يشمل 572 قياديا في الجماعة

شوارع في منطقة خان الخليلي في العاصمة المصرية تبدو شبه خالية أمس قبيل ساعات من انتهاء عام 2013 (أ.ب)
شوارع في منطقة خان الخليلي في العاصمة المصرية تبدو شبه خالية أمس قبيل ساعات من انتهاء عام 2013 (أ.ب)
TT

السلطات المصرية تتحفظ على أموال وشركات لـ«الإخوان»

شوارع في منطقة خان الخليلي في العاصمة المصرية تبدو شبه خالية أمس قبيل ساعات من انتهاء عام 2013 (أ.ب)
شوارع في منطقة خان الخليلي في العاصمة المصرية تبدو شبه خالية أمس قبيل ساعات من انتهاء عام 2013 (أ.ب)

استمرت أمس حملة مصرية مشددة لتقليم أظافر جماعة الإخوان المسلمين في الداخل والخارج. وقالت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط» إن السلطات المختصة قررت التحفظ على أموال ضخمة في شركات كبرى يديرها مئات «الإخوان» للاشتباه في تمويلها الإرهاب، من بينها شركات سيارات وعقارات وصرافة وأدوية، وغيرها، تخص قياديين كبارا من الجماعة، بعضهم داخل السجن رهن التحقيق، والبعض الآخر فر خارج البلاد. وعقد مجلس الوزراء اجتماعا أمس، تضمن متابعة التحرك لدى الدول العربية بعد قرار الحكومة إعلان «الإخوان» «جماعة إرهابية»، بينما جرى القبض على عناصر إخوانية أخرى في القاهرة وعدة محافظات.
وقال الدكتور هشام كمال، القيادي في التحالف المناصر للرئيس السابق محمد مرسي، لـ«الشرق الأوسط»، إن تجميد أموال قيادات «الإخوان» والتحفظ على شركاتهم «يؤثر بالسلب على أوضاع هذه الشركات في البورصة»، ووصف الاتهامات الموجهة لـ«الإخوان» بـ«التلفيقية». وأضاف: «نتوقع مزيدا من مثل هذه الإجراءات القمعية»، ورد على الأنباء بشأن هروب جماعي لقيادات إخوانية خارج البلاد خلال اليومين الماضيين، بأنه «لا يوجد دليل عليها».
وتأتي هذه التطورات قبل نحو أسبوعين من خروج ملايين المصريين للاستفتاء على الدستور ضمن تنفيذ «خارطة المستقبل» التي أعلنها قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح السيسي، مع قيادات سياسية ودينية أخرى. وقالت المصادر الحكومية إن الشركات التي جرى تجميد أموالها أمس «ثبت أنها مملوكة بشكل جزئي أو كلي لقيادات في الجماعة، من بينهم أعضاء في مكتب الإرشاد المحتجزون على ذمة التحقيقات في عدد من السجون المصرية»، وإن «البعض الآخر ممن يملكون حصصا في هذه الشركات فروا إلى خارج البلاد، خاصة تركيا وقطر»، عقب الإطاحة بحكم مرسي.
ومنذ الأسبوع الماضي، جمدت السلطات المصرية أموال نحو 1055 جمعية خيرية يشتبه في استغلال جماعة الإخوان لها في العمل السياسي، كما تحفظت على أكثر من سبعين مدرسة تابعة للجماعة، بالإضافة إلى قرار أمس بمنع أكثر من خمسمائة من قيادات «الإخوان» من التصرف في أموالهم، بالتزامن مع أنباء عن هروب قيادات جديدة من «تحالف دعم الشرعية»، الذي يضم إخوانا وبعض السلفيين وإسلاميين آخرين، إلى خارج البلاد عبر حدود السودان وليبيا.
لكن الدكتور كمال، القيادي في هذا التحالف، وهو متحدث أيضا باسم «الجبهة السلفية»، قال: إن ما يتردد عن هروب قيادات في التحالف خارج مصر «لا يوجد عليه دليل، والبينة على من ادعى»، مشددا على «استمرار التحالف في دعوة أنصار مرسي للتظاهر» ضد الحكام الجدد. وقال إن تجميد أموال قيادات «الإخوان» والتحفظ على شركاتهم «يؤثر بالسلب على أوضاع الشركات في البورصة، ويؤثر بالسلب على الاقتصاد المصري، المتدهور أصلا». ورفض كمال الاتهامات الموجهة إلى أنصار الرئيس السابق، قائلا إنها تأتي في سياق «التصعيد لقمع جماعة الإخوان، ونرفض هذه الاتهامات جملة وتفصيلا لأنها تلفيقية».
وأعلنت وزارة العدل أمس، على لسان المستشار عزت خميس رئيس اللجنة الوزارية المشكلة لحصر أموال جماعة الإخوان، أن اللجنة أصدرت قرارا بمنع 572 قيادة إخوانية من التصرف في أموالهم العقارية والمنقولة والسائلة، والتحفظ على 87 مدرسة تتبع الجماعة. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر في الحكومة أنه جرى حصر عشرات الشركات الكبرى «المعروف معظمها في السوق المصرية» والتحفظ على أموالها، مشيرة إلى أن قيادات إخوانية تدير هذه الشركات ويشتبه في تمويلها أنشطة الجماعة، المصنفة على أنها «جماعة إرهابية».
وعن حجم الأموال في هذه الشركات، قالت المصادر إن الجهات المختصة لم تحصر هذه الأموال، «لكن، يمكن أن يطلق عليها أنها أموال ضخمة» في ثلاث شركات على الأقل لتجارة السيارات، و«سبع شركات عقارات لبعض مشروعات بمدن القاهرة والسادس من أكتوبر وضاحية التجمع الخامس شرق العاصمة»، وكذلك «نحو تسع شركات صرافة وشركتي أدوية، و17 شركة أخرى تعمل في مجال الاستيراد والتصدير والتعهيد (إقامة المشروعات للغير)».
بينما أفادت مصادر مسؤولة في الوزارة بأنها أرسلت إلى السلطات القطرية أمس مذكرة تتضمن طلبا بشأن «اتخاذ ما يلزم» نحو إلقاء القبض على المصري عاصم عبد الماجد، القيادي في «تحالف دعم الشرعية» الموالي للرئيس السابق محمد مرسي، الذي يعتقد أنه اختفى من مصر بعد فض اعتصامين للموالين لمرسي في أغسطس (آب) الماضي.
وأكد السفير بدر عبد العاطي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، اتخاذ هذا الإجراء بشأن مطالبة قطر بتسليم عبد الماجد في رده على أسئلة «الشرق الأوسط» أمس، قائلا إنه «إجراء روتيني». ومن جانبها، قالت مصادر وزارة العدل إن الحكومة لديها معلومات عن وجود عبد الماجد في قطر، وأنه مطلوب لـ«المحاكمة الجنائية بمصر بشأن ارتكابه عددا من الجرائم، من بينها التحريض على العنف»، مشيرة إلى أنه يجري حاليا متابعة نتائج إرسال وزارة الخارجية طلب التسليم، الموجه للسلطات القطرية. ورفض مصدر بسفارة قطر في القاهرة التعليق.
وأضاف المستشار عزت خميس، الذي يشغل أيضا موقع مساعد أول وزير العدل، أن سير العملية التعليمية في المدارس المتحفظ عليها (التابعة لـ«الإخوان») سوف يستمر دون إلحاق أي أضرار بالطلاب أو بالمدرسين أو بالعملية التعليمية، وأن وزارة التعليم سوف تقوم بمهمة الإشراف المالي والإداري على تلك المدارس والتأكد من إنهاء المخالفات التي كانت محل شكوى من الطلاب وأولياء أمورهم.
وتابع المستشار خميس قائلا في بيان أمس، إن اللجنة المختصة (بشأن التحفظ على أموال الجمعيات الخيرية المشار إليها) تقوم بإجراء مراجعة دورية على كشوف تلك الجمعيات، وإنها قامت بالفعل برفع اسم ثلاث جمعيات من تلك الكشوف عقب مراجعة بياناتهم هي: «بنك الطعام»، و«جمعية لمسة أمل»، و«جمعية جوهرة الحمد». وأضاف أن اللجنة تأكد لها انتفاء صلة تلك الجمعيات بجماعة الإخوان.
ومن جانبه، وحول مصير الجمعيات الخيرية المشتبه في صلتها بـ«الإخوان»، أكد المتحدث باسم الحكومة المصرية، السفير هاني صلاح، لـ«الشرق الأوسط»، أن وزارة التضامن الاجتماعي «تعمل وتشرف على هذا الملف بحيث لا يضار أي مستفيد من هذه الجمعيات».
واستعرضت الحكومة في اجتماعها أمس برئاسة الدكتور حازم الببلاوي، تقريرا حول ما قامت به وزارة الخارجية لإبلاغ جامعة الدول العربية قرار مجلس الوزراء الصادر في 25 الشهر الماضي، بشأن اعتبار «الإخوان» «جماعة إرهابية». وشددت المصادر الحكومية على القول إن هذا التحرك يأتي متوافقا مع أحكام اتفاقية مكافحة الإرهاب الموقع عليها من الدول العربية.
وصرح محمد بن نخيرة الظاهري، سفير دولة الإمارات في القاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، بأنه تسلم قرار الحكومة المصرية الموجه للجامعة بإعلان «الإخوان» «جماعة إرهابية». ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية عن سفير الإمارات قوله إن «قيادة وحكومة وشعب دولة الإمارات العربية المتحدة يؤكدون دعمهم للجهود التي تقوم بها الحكومة المصرية لترسيخ الاستقرار وتعزيز التنمية والأمن والسير قدما في المسار السياسي الذي تجسده خارطة الطريق في مصر».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.