ماكرون يصل مصر اليوم وسط احتفاء لافت

يبدأ رحلته بزيارة معبد فرعوني... ويلتقي السيسي غداً

TT

ماكرون يصل مصر اليوم وسط احتفاء لافت

يبدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم (الأحد)، زيارته المرتقبة إلى مصر، التي سبقتها استعدادات مكثفة من القاهرة التي تستقبله للمرة الأولى، فضلاً عن إيفاد باريس لوزراء ومسؤولين فرنسيين تحضيراً للزيارة.
ويستهل ماكرون رحلته من جنوب البلاد، وتحديداً من مدينة أسوان، حيث يزور معبد أبو سمبل الفرعوني، ثم يتوجه إلى القاهرة، حيث من المقرر أن يعقد لقاء قمة مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي غداً (الاثنين).
كان السيسي وماكرون قد أجريا مباحثات هاتفية قبل أسبوع، تناولا خلالها «العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تعزيز تلك العلاقات المتميزة على الأصعدة كافة، فضلاً عن آخر مستجدات الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».
وأوضح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصري، في بيان، أن الرئيس الفرنسي أكد حرص بلاده على «تعزيز علاقات التعاون والصداقة التاريخية مع مصر، خصوصاً في ظل دورها المهم والمحوري في ترسيخ أسس الأمن والاستقرار في منطقتي الشرق الأوسط والمتوسط».
كما استقبل السيسي، ورئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، قبل أيام، وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير، الذي ناقش مع المسؤولين المصريين دفع التعاون الاقتصادي، وعدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المنتظر توقيعها بين القاهرة وباريس خلال زيارة ماكرون لمصر، التي ترتكز على ملفات صناعة السيارات، والنقل، والرعاية الصحية.
وقال سفير مصر بباريس ومندوبها الدائم باليونيسكو، السفير إيهاب بدوي، أمس، إن الزيارة الرسمية المرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للقاهرة تأتي امتداداً لزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لباريس في أكتوبر (تشرين الأول) 2017، وتعكس قوة الشراكة الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، والتحالف بينهما الضارب بجذوره في التاريخ، بروابط تاريخية راسخة متجددة.
وقال بدوي، في مقال نشرته صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية في عددها الصادر أمس، إن «القاهرة وباريس تتعاونان على نحو وثيق، وتواجهان اليوم أكثر من أمس التحديات ذاتها، وتتصدران الصفوف الأمامية في مكافحة الإرهاب».
وشدد بدوي على أن مصر «تمثل حائط صد ضد التطرف الديني، وتنخرط بشكل نشط في البحث عن حل للأزمة الليبية التي تمثل تهديداً لأمن كثير من دول المنطقة»، كاشفاً أن السلام والأمن في القارة الأفريقية سيكونان على رأس أولويات مصر، كرئيس للاتحاد الأفريقي اعتباراً من 10 فبراير (شباط) المقبل.
وفي مصر، أكد المتحدث باسم مجلس النواب، صلاح حسب الله أهمية «القمة المصرية - الفرنسية»، مشيراً إلى «العلاقات السياسية والاستراتيجية بين القاهرة وباريس، خصوصاً في ظل دورهما المهم والمحوري لترسيخ أسس الأمن والاستقرار بمنطقتي الشرق الأوسط والبحر المتوسط، فضلاً عن التعاون المشترك في مجالات مكافحة الإرهاب والهجرة غير المشروعة».
وأضاف أن «العلاقات الثقافية والتعليمية بين مصر وفرنسا دائماً تتميز بأنها ذات خصوصية بين البلدين»، وأفاد بأن «التعاون الثنائي المتنامي بين البلدين إنما يأتي في ظل شراكة استراتيجية راسخة، حيث إن فرنسا واحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في مصر، فهناك نحو 160 شركة فرنسية في مصر، باستثمارات إجمالية تبلغ نحو 4.5 مليار يورو، بما في ذلك الصناعات الزراعية، وتكنولوجيا المعلومات، والبناء، والطاقة الجديدة والمتجددة، والنقل، والبنوك، والطيران، وتحلية المياه، والبنية التحتية، والسياحة، وغيرها من المجالات الأخرى، فضلاً عن حجم التبادل التجاري بين مصر وفرنسا، الذي وصل إلى 2.5 مليار دولار، منها 1.4 مليار دولار خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الماضي».
وكانت مصر قد أطلقت شعار «عام مصر - فرنسا» على العام 2019، في إطار مجموعة من الفعاليات التي تُقام برعاية الرئيس المصري، وتتضمن «أنشطة تبادلية في كل مجالات الفكر والفن، فضلاً عن حفلات للأوبرا، وذلك بالتزامن مع الذكرى الـ150 لحفل افتتاح قناة السويس، كما تستضيف باريس معرضاً لمقتنيات وكنوز الملك توت عنخ آمون، اعتباراً من شهر مارس (آذار) المقبل.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».