نائب رئيس الوزراء التركي لـ («الشرق الأوسط»): العالم العربي يخلط بيننا وبين «الإخوان»

تركيا تنتخب رئيسها الجديد اليوم

نائب رئيس الوزراء التركي  لـ («الشرق الأوسط»): العالم العربي يخلط  بيننا وبين «الإخوان»
TT

نائب رئيس الوزراء التركي لـ («الشرق الأوسط»): العالم العربي يخلط بيننا وبين «الإخوان»

نائب رئيس الوزراء التركي  لـ («الشرق الأوسط»): العالم العربي يخلط  بيننا وبين «الإخوان»

توقع نائب رئيس الحكومة التركية أمر الله إشلر أن يفوز رئيس الحكومة رجب طيب إردوغان في الانتخابات الرئاسية التي تشهدها البلاد اليوم من الدورة الأولى، بنسبة قد تصل إلى 60 في المائة من أصوات الناخبين، عادا أن حصوله على أكثر من 55 في المائة من الأصوات سيخوله المضي في إعداد دستور جديد للبلاد «لأنه سيكون رئيسا قويا جدا»، مشددا على أنه {لا بد أن تنتقل تركيا إلى نظام جديد، إما نصف رئاسي أو رئاسي لكي نمنع ونتخلص من المشكلات بين الشخصيتين الرئاسيتين}. ورأى إشلر أن إردوغان جاء بعد فترة طويلة من الحكومات الائتلافية كشخصية سياسية كبيرة، ودخل في ثمانية انتخابات وفاز بها، وتزيد نسبة أصواته مرة بعد أخرى. وعد أن هذه الأصوات كلها لشخصيته وليس للحزب، مؤكدا أن إردوغان سيحصل على بعض الأصوات من كل الأحزاب السياسية الموجودة في تركيا.
وأكد إشلر أنه ليس لحزب العدالة والتنمية أي علاقة بالأحزاب التي أسستها حركة «الإخوان المسلمين». وقال: «هناك خلط كبير في العالم العربي بأن العدالة والتنمية نوع من الأحزاب التي أسستها حركة الإخوان. وليس هناك أي علاقة بين الحركتين، الحركة الإسلامية السياسية شيء في تركيا، والحركة الإخوانية شيء آخر في العالم العربي». وشدد على أن وقوف تركيا مع «إخوان مصر» هو وقوف مع شرعية انتخابية حصدت من صناديق الاقتراع، وليس لأنهم «إخوان»، مشيرا إلى أنه من المبكر الآن الكلام عن تطبيع للعلاقات مع مصر، من دون أن يستبعد حصول ذلك في وقت لاحق.

> ماذا تتوقعون من نتائج الانتخابات التركية؟
- هذه الانتخابات تاريخية على صعيد السياسة التركية، كونه يجري للمرة الأولى في التاريخ التركي، انتخاب الرئيس من قبل الشعب مباشرة عبر الصناديق. ففي الانتخابات السابقة، كان البرلمان والبرلمانيون هم من ينتخبون رئيس الجمهورية داخل البرلمان. في كل مرة كانت هناك مشكلات كبيرة وصعوبات ومناقشات حادة وتدخلات من شتى القوى. لذلك، واجهت تركيا صعوبات كبيرة في الانتخابات الرئاسية سابقا، وكانت آخر الصعوبات في انتخاب الرئيس عبد لله غل. بعد ذلك قمنا بتعديل دستوري في مادة، وكان هناك استفتاء عليها، إذ أقر الشعب نتيجة الاستفتاء بأن ينتخب رئيس الجمهورية مباشرة. لذلك، نعدها لحظة تاريخية لتركيا والمواطنين الأتراك، وسنكون مساء الأحد قد انتخبنا رئيسنا بطريقة مباشرة من قبل الشعب.
وعلى صعيد النتائج، من المتوقع جدا أن يفوز رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان ومرشح «حزب العدالة والتنمية» في الجولة الأولى بنسبة كبيرة من الأصوات. وأنا أتوقع أن هذه النسبة لن تقل عن 55 في المائة، وقد تصل إلى 60 في المائة أيضا. الآن، جميع استطلاعات الرأي تشير إلى أن إردوغان هو الذي سيفوز يوم الأحد في 10 أغسطس (آب).
> كيف ستنعكس نتائج هذه الانتخابات على النظام السياسي التركي، في ظل الحديث عن إمكانية تغيير النظام؟
- بعد الانتخابات التشريعية عام 2011، كل الأحزاب السياسية وعدت الشعب بصياغة دستور مدني جديد. وبناء على هذا الوعد، نحن، حزب العدالة والتنمية، بادرنا إلى تشكيل صياغة للدستور. ومثلت كل الأحزاب بثلاثة أعضاء في هذه اللجنة، ونحن كحزب كبير قدمنا ثلاثة أعضاء لهذه اللجنة، التي عملت وبذلت جهودها في صياغة الدستور لمدة سنتين. لكن مع الأسف، لم تنجح في صياغة الدستور، لأنه كان من شروط العمل أن تصدر كل مادة بالتوافق. لذلك، اتفقوا فقط على 60 مادة، ولم يستطع الأعضاء أن يصوغوا دستورا مدنيا جديدا، لأن الدستور الحالي الذي أقررناه عام 1982، جرت صياغته من قبل العسكريين، أي في عصر النظام العسكري الانقلابي. لذلك، ومع الأسف، فشلت هذه اللجنة الآن في عملها، ومن ضمن نقاط الخلاف لهذه اللجنة هل سننتقل إلى نظام رئاسي، والشعب هو الذي ينتخب رئيس الجمهورية مباشرة، مما يجعل الرئيس المنتخب من قبل الشعب أقوى ويتمتع بصلاحيات أكبر؟ لذلك قدمنا هذا الاقتراح بتغيير هذا النظام، بهدف الانتقال إلى نظام رئاسي 100 في المائة مثل النظام الأميركي، أو نظام نصف رئاسي مثل النظام الفرنسي وبعض الدول الأخرى. لكن للأسف، تمحورت المناقشات في ذلك الوقت حول شخصية إردوغان، لذلك مع الأسف، فشلت هذه اللجنة ولم تتمكن من صياغة دستور جديد. والآن، بعد إجراء الانتخابات في 10 أغسطس الحالي، سيكون هناك رئيس جمهورية منتخب من الشعب. وإذا حصل على أكثر من 55 في المائة من مجمل الأصوات، سيكون رئيسا قويا جدا.
> في هذه الحالة، كيف سيكون العمل بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء الذي سوف يكون منتخبا أيضا ؟
- لو كانا من نفس الحزب سيكون العمل سهلا، أما لو كان رئيس الوزراء من حزب آخر، فسوف يكون هناك بعض التضارب، وستحدث بعض المشكلات. وأنا أتوقع أن يركز السياسيون في الأيام والأشهر المقبلة على نقاش الانتقال إلى نظام رئاسي كامل أو نصف رئاسي، وستكون هناك مناقشات في المستقبل ربما قبل الانتخابات التشريعية التي ستجري العام المقبل 2015. وبعد الانتخابات، لا بد من أن يناقش هذا الأمر بشكل جاد. الآن رئيس الجمهورية سيكون إن شاء الله من حزب العدالة والتنمية مرة جديدة، كذلك رئيس الوزراء أيضا، ولن يكون هناك تضارب، بل على العكس سوف يكون هناك توافق وتفاهم بين الشخصيتين. لكن رغم ذلك، لا بد أن تنتقل تركيا إلى نظام جديد، إما نصف رئاسي أو رئاسي لكي نمنع ونتخلص من المشكلات بين الشخصيتين الرئاسيتين. وبحسب الدستور الآن، الرئيس (رئيس الجمهورية المنتخب) سوف تكون له صلاحيات، لكنه ليس مسؤولا عن أي شيء، المسؤول هو رئيس الوزراء والحكومة.
> بعد انتخاب الرئيس إردوغان، هناك إشكالية جديدة تطرح في الساحة، من سيكون خليفته في هذا الموقع؟
- خلال عشرة أيام سنعرف من سيكون خليفته، ولن تكون هناك مشكلات، لأن إردوغان عندما ينتخب بأغلبية كبيرة، لن تحدث داخل الحزب أي مشكلات. صحيح أنه في السابق كانت هناك بعض النماذج السيئة، مثلا عندما انتخب أوزال رئيسا للجمهورية حدثت مشكلات في حزبه، وحينما انتخب سليمان ديميريل وقعت مشكلات في حزبه أيضا، لكن كانت نسبة أصوات حزبهم قليلة. لكن نسبة أصوات حزب العدالة والتنمية فوق الـ50 في المائة، لذلك لن تكون هناك مشكلات في الحزب.
نحن سنبدأ المناقشات في الأسبوع المقبل، يوم الاثنين، إذ ستجتمع اللجنة المركزية للحزب وتدرس الأمر وستتفق على اسم معين، وسينظم مؤتمر طارئ للحزب وسننتخب رئيسا له أولا، وهذا الرئيس المنتخب سيعين رئيسا، وربما على العكس، إذ يعين إردوغان أولا رئيس الوزراء، وبعد ذلك سيكون مرشح الحزب، وذلك إذا سبق انعقاد المؤتمر تسليم رئاسة الجمهورية. بمعنى أننا ننتخب أولا الرئيس العام للحزب، وبعد تسليم الوظيفة سيكلف نائبا من داخل البرلمان، بتشكيل الحكومة الجديدة وسيكون هذا الشخص في الوقت نفسه رئيسا عام للحزب.
> هذا يعني أنه في جميع الأحوال، إردوغان لن يترك منصب رئاسة الوزراء فور إعلان النتيجة إنما عند التسلم والتسليم؟
- هناك الإشكالية، واختلاف في الرأي. فإعلان النتيجة بالشكل الرسمي، يعني انتهاء مدته، وسيكون وكيلا لمجلس الوزراء إلى حين تكليفه بتشكيل حكومة للرأي الآخر. لكن هناك رأيا آخر يقول العكس. النتائج الرسمية ستعلن في 15 أغسطس كحد أقصى.
> حتى ذلك الحين، لم يرجح أحد الخيارين عندكم البقاء أو التسليم، أو عند إعلان النتائج؟
- هذان الرأيان لا يزالان خاضعين للنقاش، لكن أيهما أفضل لا أدري حتى الآن.
> لماذا سيعطي الشعب التركي صوته للرئيس إردوغان، رغم كل الحملات التي أقيمت ضده من حرب التسريبات والتسجيلات وضغوط المعارضة في الشارع. ولماذا تتوقعون أن يعطي الشعب التركي نسبة تصل إلى 60 في المائة من التصويت؟
- إردوغان شخصية سياسية كبيرة، ونصف الشعب التركي يحبه على الأقل ويؤيده. ومن داخل النصف الآخر، هناك نسبة كبيرة معجبة بإردوغان، ربما لا تؤيد سياسته ولا تشجعه في الانتخابات، ولكن كشخصية سياسية كاريزماتية، يحترمها على الأقل. لذلك النسبة التي سيحصل عليها إردوغان في الانتخابات ربما ستصل إلى 60 في المائة أو 58 في المائة، المهم أن هناك حبا كبيرا لإردوغان ونصف الشعب التركي يموت من أجله.
إضافة إلى ذلك، أثناء رئاسته للحكومة، قدم إردوغان خدمات عظيمة وقام بإنجازات كبيرة، والبلد كان شبه مدمر ومنهار. أما اليوم، فتركيا قوية من الناحيتين الاقتصادية والسياسية والثقافية ومن ناحية الصحة والمواصلات. الكل يرى ذلك، وإردوغان جاء بعد فترة طويلة من الحكومات الائتلافية كشخصية سياسية كبيرة، ودخل في ثمانية انتخابات وفاز بها، وتزيد نسبة أصواته مرة بعد مرة. الآن، هذه الأصوات كلها لشخصيته وليس للحزب، لأنه الآن سيحصل على بعض الأصوات من كل الأحزاب السياسية الموجودة في تركيا. وقام بإنجازات ملموسة في تركيا، لذلك يحبه الشعب التركي. نعم هناك من يكره إردوغان لكن عندما تنظر إلى أسباب الكره، سترى أن هذه الأسباب آيديولوجية.
> هل لهذه الشعبية علاقة باعتباره رجلا متدينا، وهل فوزه بنسبة ساحقة وكبيرة سيكون مدخلا لما تسميه المعارضة للمزيد من «أسلمة» تركيا؟
- في النظام الداخلي لحزب العدالة والتنمية، مكتوب أنه حزب ديمقراطي محافظ. مثلا حزب «الرفاه» وحزب «السلامة»، كانا أكثر تدينا، لكن نسبة أصوات هذين الحزبين كانت ضعيفة جدا ولم تتجاوز عشرة في المائة. وتجاوزت أصوات حزب الرفاه عشرة في المائة عندما رشح إردوغان نفسه لرئاسة البلدية في إسطنبول وحصل على 25 في المائة. وعندما فاز، حصل على 25 في المائة من الأصوات. وفي الوقت نفسه، فاز برئاسة البلدية، وخلال أربع سنوات ونصف السنة، أدار بلدية إسطنبول وقدم إنجازات ملموسة، وحل مشكلات التلوث والمرور ونقص المياه، لذلك أصبح الرجل محبوبا ومرغوبا. وبعد أن خدم سنة ونصف تقريبا، كانت هناك انتخابات تشريعية، وجاء حزب «الرفاه» في المركز الأول بعدما حصل على 21 في المائة من الأصوات، وكانت أعلى نسبة يحصل عليها هذا الحزب في تاريخه. وبفضل السيد إردوغان، وبفضل إجراءاته الناجحة في إسطنبول، أصبح أربكان رئيس الوزراء في ذلك الوقت، وأيضا هذه الخدمات التي قدمها إردوغان في رئاسة البلدية فتحت الطريق أمامه للوصول إلى رئاسة الوزراء، طبعا بعد أن أسقطوه من رئاسة البلدية وأدخلوه السجن، ثم خرج وأسس حزب العدالة والتنمية. وفي أول انتخابات في سنة 2002، فاز الحزب في أول انتخابات خاضها، وبعد ذلك فاز ويفوز في كل انتخابات شارك فيها خلال 12 سنة. إذا هذه المسيرة هي مسيرة نجاح، والشعب يقدر إنجازاته وخدماته التي قدمها للشعب التركي ولتركيا، لذاك هذا ليس له علاقة بالأسلمة أو بالتدين، وحزب العدالة والتنمية يحصد الأصوات من جميع طبقات الشعب، من المتدينين وغير المتدينين ومن المحجبات وغير المحجبات، لذلك أصبح حزبا مركزيا يخاطب جميع الطبقات ويحصل على نسبة كبيرة من الأصوات. وليس لحزب العدالة التنمية أي علاقة بالأحزاب التي أسستها حركة «الإخوان المسلمين». هناك خلط كبير في العالم العربي بأن العدالة والتنمية نوع من الأحزاب التي أسستها حركة «الإخوان». وليس هناك أي علاقة بين الحركتين، الحركة الإسلامية السياسية شيء في تركيا، والحركة الإخوانية شيء آخر في العالم العربي. لكن نحن لدينا تجارب سياسية ترجع جذورها إلى أكثر من 40 سنة، واكتسبنا هذه التجارب. مع ذلك، يمنع الدستور التركي تشكيل حزب إسلامي أو ديني، حتى الأسماء التي أسستها هذه الحركة ليس لها أي علاقة بالدين أو التدين، وحزب العدالة والتنمية حزب منفتح على الجميع، ويضم في صفوفه يساريين ومحافظين وعلويين وغيرهم.
> يؤخذ على الحزب أو الحكومة التركية حاليا، احتضانها لحركات العلماء المسلمين في المنطقة، كما في مصر وغزة؟
- وصلنا إلى سدة الحكم عام 2002، ومنذ ذلك الوقت حتى بدء الربيع العربي، تلاحظ أنه كانت علاقتنا مع العالم العربي علاقات ممتازة، وخصوصا مع دول الجوار، وخير مثال على ذلك علاقتنا مع نظام بشار الأسد في سوريا وكذلك مع رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي. أذكر تماما أنه في ذلك الوقت، كنت مستشارا لإردوغان. وفي نفس الوقت، كنت أتولى مهام الترجمة، وحين زار بغداد عام 2009 عقد مؤتمرا صحافيا قال فيه، «أنا لست سنيا ولست شيعيا لكنني مسلم».
طورنا هذه العلاقات كثيرا مع المالكي ومع بشار الأسد، ووقعنا على أكثر من 52 اتفاقية وبروتوكولا في يوم واحد، وشكلنا المجلس الأعلى للتعاون الاستراتيجي بين تركيا وسوريا، وبين تركيا والعراق ودول أخرى، وكذلك شكلنا منطقة حرة بين تركيا وسوريا والأردن ولبنان، وألغينا التأشيرات بيننا، وكنا نناقش تنقل البضائع بكامل الحرية ودون جمارك. كنا نناقش هذه الأمور بيننا، وبعد ذلك جاء الربيع العربي وانقلبت الدنيا، وإلا كانت علاقتنا ممتازة ومتميزة. هل نظام بشار الأسد نظام إخواني؟ لو تقارن علاقاتنا مع بشار الأسد ونظام مرسي في مصر ترى نفس السياسة، لكن عندما وقفنا ضد التدخل العسكري وضد الانقلاب في مصر، كان هذا الموقف موقفا مبدئيا. نحن عانينا الكثير في تركيا من الانقلابات العسكرية، كلها انقلابات أرجعت البلد على الأقل 20 سنة إلى الوراء، لذلك التدخل السياسي والنظام العسكري والانقلابات العسكرية كلها ليست في صالح أي بلد وأي شعب. إذن، عندما تبنينا هذا الموقف، لم يكن إلا مبدئيا، وليس لأن السيسي أسقط مرسي. لو أي شخص آخر انتخب في انتخابات حرة ونزيهة، كنا تبنينا هذا الموقف أيضا. ذلك أن سياستنا تقوم على مبادئ. صحيح أن العلاقات الدولية بنظر الجميع تقوم على المصالح، ونحن في تركيا نراعي مصالحنا، لكننا نلتزم بمبادئنا في علاقاتنا الدولية.
إضافة إلى مصر، لنا علاقات قوية مع الجانب الفلسطيني، وعلاقتنا متميزة مع فتح وحماس، ونعد حماس أنها مقاومة وليست منظمة إرهابية. مع ذلك هذه الحركة أسست حزبا شاركت في الانتخابات، وبعد انتخابات نزيهة وحرة فاز هذا الحزب. نحن بدأنا نؤسس علاقة معهم، وفي نفس الوقت كانت علاقتنا متميزة مع حركة فتح ورئيس الدولة محمود عباس أيضا.
وقد وجهنا دعوة للعالم الحر والعالم الغربي أيضا لأن يحترم نتائج الانتخابات في فلسطين ما دام أن هناك انتخابات ديمقراطية وما دام أن هناك حزبا أنتم سمحتم بمشاركته في الانتخابات، وقد فاز بها، فلماذا لا تحترمون النتائج؟
الأمر نفسه يتكرر الآن. الرئيس السابق للولايات المتحدة الأميركية جيمي كارتر، يقول إن حماس ليست منظمة إرهابية إنما حركة سياسية، ووجه دعوة للعالم العربي وللولايات المتحدة لاعتبارها حركة سياسية. ونحن أيضا نعد حماس حركة سياسية ونرفض تسمية أي حزب أو حركة تشارك في العمل السياسي بالإرهاب.
> هناك من يتهمكم في العالم العربي بالسعي للسيطرة والهيمنة كخطوة لاستعادة أمجاد السلطنة العثمانية. هل لتركيا طموحات إقليمية أوسع من حدودها؟
- برأيي، أننا كتركيا خسرنا القرن العشرين، والعالم العربي خسر القرن العشرين أيضا. نحن في القرن الواحد والعشرين، بدأنا نكسب ونربح، ولا نكون بخلاء بل مددنا يدنا إلى إخواننا وجميع الدول في المنطقة لكي نكون رابحين في القرن الواحد والعشرين. لذلك سياستنا التي بدأنا تطبيقها منذ عام 2002 إلى اليوم، تقوم على هذا الأساس. والآن اقتصادنا جيد، وكل شيء مستقر. معدل النمو الاقتصادي في تركيا خلال 12 سنة، بلغ متوسط 5 في المائة، وهذه نسبة كبيرة لا نراها في البلدان الأخرى. قد تأتي تركيا في المرحلة الثانية بعد الصين من حيث معدلات النمو الاقتصادي خلال السنوات العشر الأخيرة.
لذلك، نحن نريد أن نكون رابحين في القرن الواحد والعشرين، ونريد أن تربح معنا باقي الدول العربية، ومنها مصر، ونؤسس علاقة قوية معها من النواحي الاقتصادية والسياسية والتجارية والعسكرية. خير مثال على ذلك، سياستنا التي طبقناها قبل بدء الربيع العربي، حتى عام 2011. طورنا علاقة كبيرة مع كل بلدان الدول العربية بما فيها الدول الخليجية، وشكلنا المجلس الأعلى للتعاون الاستراتيجي بين تركيا ودول الخليج، بصرف النظر عن أيديولوجية النظام، وعن لون النظام وشكله. ما دام أنها دولة عربية ومجاورة، لذلك علينا أن نطبق علاقات جيدة. أيضا ننظر إلى تجربة العالم الغربي. الحرب العالمية الأولى، وكذلك الثانية بين الدول الغربية، ورغم ذلك شكلوا الاتحاد الأوروبي ويعيشون في سلام وأمان، والناس ينتقلون بكامل الحرية وكذلك البضائع، لماذا نحن لا نستطيع تطبيق هذا المبدأ بين تركيا والدول المجاورة، والعالم العربي والإسلامي؟
> هل ستكون هناك إعادة نظر في العلاقات مع مصر، الآن هناك انتخابات في مصر وانتخب رئيس في صناديق الاقتراع، كيف ستتعاطون مع هذه الانتخابات وفق نتائجها؟
- ربما في المستقبل ستكون هناك إعادة نظر بالعلاقات مع مصر. لكن الآن، أظن أن الأمر يحتاج إلى تريث. كما قلت، نحن نرفض ورفضنا التدخل والانقلاب العسكري، وهناك بعض قرارات الإعدام للسياسيين، وآلاف القتلى في شوارع مصر. أحزن على الوضع هناك لأنها أكبر دولة عربية، وهناك أوضاع اقتصادية سيئة للغاية. الشعب المصري لا يستحق هذا النوع من السياسة. الشعب أراد الديمقراطية والحرية، لكن جاء النظام بعد سنة، وأسقط الحكومة المنتخبة.
> ما موقفكم الحالي من «حزب الله» اللبناني؟
- حزب الله حركة سياسية، ولعبنا دورا في التوفيق بين الحركات السياسية في لبنان، والتقينا خلال زيارة إردوغان إلى لبنان بجميع الحركات السياسية بما فيها «حزب الله».
> ما رأيكم بتورطه في الحرب السورية؟
- لا نؤيد تورط «حزب الله» في سوريا، ولا نؤيد أي تدخل خارجي لأنه عدم احترام لإرادة الشعب السوري. وعندما تدخل «حزب الله» بسلاحه في الساحة السورية، لعب دورا كبيرا في قلب المعادلة ضد المعارضة، لذلك كان من اللازم ألا يتدخلوا ولا يشاركوا في الحرب إلى جانب النظام السوري الذي يقمع ويقتل شعبه.
> ما حقيقة «الدولة الموازية» في تركيا؟
- مصطلح «الدولة الموازية» مصطلح جديد. كانت هناك حركة تسمى حركة فتح الله غولن، وجذورها إسلامية لأن فتح الله غولن كان شيخا يعظ الناس في الجوامع ويلقي الخطب ويعلم طلابه. لهذه الحركة مدارس وجامعات، ولاحظنا في السنة الأخيرة أن هذه الحركة عملت بحساسية كاملة، وتسربت في مؤسسات الدولة، في الأمن والقضاء وفي المؤسسات الأخرى. هذه الحركة مع الأسف، أصبحت متضررة من بعض تصرفات الحكومة الحالية وحاولت القيام بالانقلاب القضائي، لإسقاط الحكومة وذلك في 17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وفي 15 منه أيضا، وقبل ذلك في بداية 2012 كانت هناك محاولة من هذه الحركة لاعتقال رئيس المخابرات التركي. أول حملة لهذه الحركة والتدخل في الشأن السياسي والشأن الإداري، في 7 فبراير (شباط) 2012، مع ذلك كانت علاقاتنا مستمرة، لكن جاءت الحملة الأخيرة واستهدفت مباشرة رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان وأفراد عائلته، وباقي الوزراء. لذلك، نحن كحكومة أعلنا الحرب على هذه الحركة، واستخدم هذا المصطلح الجديد «الدولة الموازية» لأنهم موجودون في كل دوائر المؤسسات الحكومية ويتمتعون بجرأة غريبة.
> أين تقف الأمور، هل أشرفت على نهايتها؟
- الدولة التركية دولة قانون وديمقراطية، ولكل مواطن حقوق وللموظفين حقوقهم. هناك قانون خاص بالموظفين، لذلك لا تستطيع أن تفصل أي شخص عن الحكومة. هذا الشيء يحتاج إلى إجراءات، وهناك ظروف وشروط قاسية طبعا. رغم ذلك، هناك تحقيقات مستمرة في حق المتورطين في عمليات التنصت. أكثر من نصف مليون شخص جرى التنصت عليهم، ولا بد من أن تحاسبهم الحكومة.
> سمعنا أن الإجراءات طالت 50 ألف موظف بين تغيير أماكنهم وإقالتهم، هل هذا الرقم دقيق؟
- 50 ألفا رقم كبير جدا. الرقم الدقيق أقل بكثير، لكن فصلنا بعض الأشخاص من المناصب الإدارية العليا، وأبعدناهم عن هذه المناصب. وكانت النتيجة بعد هذه التحقيقات أن طردنا بعض الموظفين من الحكومة، ولكن بأعداد قليلة جدا خصوصا في الداخلية مثلا، حيث لم تتجاوز عددهم الـ300 موظف، والتحقيقات مستمرة. هناك بعض الاعتقالات، ومكافحة هذه الدولة الموازية ستستمر، وإردوغان أعلن أنه سيكافح بشكل أقوى وأشد حين يكون رئيسا للجمهورية، ونتمنى أن يكون رئيس الوزراء الجديد على نفس الخط أيضا.



تقرير: وزير الدفاع الصيني يخضع للتحقيق بتهمة الفساد

وزير الدفاع الصيني دونغ جون (أ.ف.ب)
وزير الدفاع الصيني دونغ جون (أ.ف.ب)
TT

تقرير: وزير الدفاع الصيني يخضع للتحقيق بتهمة الفساد

وزير الدفاع الصيني دونغ جون (أ.ف.ب)
وزير الدفاع الصيني دونغ جون (أ.ف.ب)

أفاد مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون بأن وزير الدفاع الصيني، الأميرال دونغ جون، يخضع للتحقيق بتهمة الفساد، في خطوة تمثل أحدث حلقة بسلسلة من الفضائح التي طالت كبار المسؤولين في «جيش التحرير الشعبي»، وفقاً لصحيفة «فاينانشيال تايمز».

ووفقاً للمصادر، فإن التحقيق مع دونغ -وهو ما نفته بكين- جزء من عملية أوسع تشمل محاربة الفساد داخل الجيش، الذي يعدّ من أهم أذرع النظام العسكري في الصين.

تولى دونغ منصب وزير الدفاع في ديسمبر (كانون الأول) 2023 بعد إقالة سلفه الجنرال لي شانغفو، الذي عزلته الحكومة الصينية بدعوى تورطه في قضايا فساد. ويُعدّ دونغ الوزير الثالث على التوالي الذي يخضع للتحقيق في قضايا مماثلة، مما يثير تساؤلات حول فاعلية الإجراءات التي يتخذها الرئيس شي جينبينغ لمكافحة الفساد في المؤسسات العسكرية.

ونقلت الصحيفة البريطانية في وقت سابق عن مسؤولين أميركيين قولهم إن التحقيق مع وزير الدفاع يأتي في وقت حساس؛ إذ يشهد الجيش الصيني حملة واسعة ضد الفساد، شملت أيضاً قادة آخرين للجيش؛ من بينهم وي فنغه، الذي جرى التحقيق معه بعد تقاعده. ورغم أن التهم الدقيقة ضد دونغ لم تُكشف بعد، فإن هذه التطورات تشير إلى أن شي جينبينغ يوسع نطاق تحقيقاته لتشمل جميع أفرع «جيش التحرير الشعبي».

يُذكر أن التحقيق مع دونغ يأتي بعد أسبوع من مشاركته باجتماع دفاعي آسيوي في لاوس، حيث رفض لقاء وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، وهو ما وصفه الأخير بالمؤسف.

وتتهم الصين الولايات المتحدة بالمسؤولية عن هذا الموقف بسبب موافقتها على تقديم شحنات أسلحة إلى تايوان، التي تتضمن لأول مرة صواريخ متطورة مضادة للطائرات.

وبينما نفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، تقارير التحقيق مع دونغ، مشيرة إلى أنها أخبار غير مؤكدة، فإن المحللين الأميركيين يرون أن هذه التطورات قد تؤثر في قدرة الصين على تحقيق أهدافها العسكرية، خصوصاً فيما يتعلق بالخطط المتعلقة بغزو تايوان بحلول عام 2027، وهو الهدف الذي حدده شي جينبينغ.

في النهاية، تثير هذه التحقيقات تساؤلات حول كيفية اختيار الرئيس الصيني وزراء الدفاع، وما إذا كانت الإصلاحات العسكرية التي ينفذها تحقق النتائج المرجوة.