مؤشرات «العدل» ستقضي على الصفقات الوهمية للقطاع العقاري السعودي

خبير عقاري: يجب اعتماد مصادر متعددة في حال تحديد أسعار المؤشر

جانب من مدينة مكة المكرمة (تصوير: أحمد يسري)
جانب من مدينة مكة المكرمة (تصوير: أحمد يسري)
TT

مؤشرات «العدل» ستقضي على الصفقات الوهمية للقطاع العقاري السعودي

جانب من مدينة مكة المكرمة (تصوير: أحمد يسري)
جانب من مدينة مكة المكرمة (تصوير: أحمد يسري)

يعد تدشين وزارة العدل السعودية للمؤشرات العقارية الجديدة، التي يبلغ عددها 36 مؤشرا، تحدد معلومات متكاملة للأسعار في المناطق والمدن والأحياء، الحدث الأبرز خلال الفترة الأخيرة، نظرا لاحتوائه على معلومات مباشرة وصريحة تعتمد على الأرقام الثابتة وليس على التحليلات والتوقعات، إذ يعد إطلاق المؤشر في مثل هذا الوقت بالتحديد ضربة قوية للمتلاعبين في القطاع العقاري، الذين سيكشف المؤشر تلاعبهم عبر عرض المعلومات والبيانات بشكل دوري، تتيح للجميع الاطلاع عليها وتحديد الفروق وإعطاء مؤشرات واقعية عند الرغبة في البيع والشراء.
وأكد عدد من العقاريين السعوديين أن أهم ما سيقضي عليه المؤشر الوليد هو الصفقات الوهمية وتنقل العقارات بين التجار للإيهام بأن السوق يقدم نتائج جيدة وتحركات ملحوظة في الطلب، وبالتالي يعد مبررا جيدا لارتفاع الأسعار أو بقائها – وهو أقل طموح لهم - على ما هي عليه.
كما توفر هذه المؤشرات خيارات أكبر للمشترين الذين سيكونون على اطلاع تام على أسعار العقار في جميع أحياء المملكة وليس مدنها فقط، مما يتيح التفاضل في القيمة من حي إلى آخر، الأمر الذي سيدعم التنافسية في السعر التي ستنعكس بشكل مباشر على انخفاض الأسعار بشكل عام.
أكد ذلك تركي الدباس، وهو صاحب شركة تطوير عقاري، وأبان أن هذا المؤشر سيكون هو المعيار الأكثر صدقا ووضوحا في تقييم الحالة العقارية للسوق، في ظل الاختلاف الدائم بين التجار والمواطنين في قياس نشاط القطاع العقاري، حيث سيقطع المؤشر الشك باليقين عبر أرقام ثابتة لا تحتمل التشكيك، تستقى من عمليات بيع حقيقية تمت فعلا، وليس عبر تصريحات وتخبطات لطالما أضرت بالسوق وكانت سببا في ارتفاع الأسعار على المدى الطويل، رغم الانحدار في الطلب الذي عاشه القطاع العقاري، وحقق نتائج منخفضة لا ترتقي لحاجة السوق إلى الوحدات السكنية، ولا إلى مستوى الحياة الاقتصادية التي تعيشها السعودية ذات القطاع الاقتصادي الجبار الذي من المفترض أن يشهد مشروعات إسكانية مهولة لتلبية الطلب المتزايد.
وزاد: «يكمن السؤال في كيفية تحديد أسعار العقار، وكيفية حسابها، والأسعار التي تعتمدها الوزارة من أين مصدرها؟ هل ستعتمد على أسعار المبيعات التي تسجلها مكاتب العدل؟ أم سيكون للوزارة أذرع خفية داخل السوق لمعرفة الأسعار الحقيقية؟».
وبيّن أنه من الواجب على الوزارة إذا أرادت الخوض والاستمرار في هذا المؤشر وتحديد الأسعار بمنتهى الدقة، ألا تعتمد فقط على أسعار البيع المقدمة إلى كتابات العدل التابعة لها، بل يجب أن تتعدد المصادر وحساب متوسط السعر، ليكون أكثر مصداقية وواقعية من الاعتماد فقط على المبيعات التي يتوقع أن تشهد تلاعبا في الإفصاح عن الرقم الحقيقي للبيع.
وأشارت وحدة المؤشرات في مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء، إلى أن خدمة المؤشرات العقارية ستوفر أسعار بيع حقيقية تفصيلية للعقار يسترشد بها المواطنون وجهات الاستثمار العقاري في بناء قراراتهم وتعاملاتهم واستثماراتهم وتحليلاتهم العقارية، وتوفر أدوات مهنية للمقيمين والمثمنين العقاريين يستطيعون من خلالها استخدام طرق المقارنة بعقارات مشابهة، وتوفير معلومات تفصيلية للجهات المعنية عن متابعة التضخم في قطاع العقار أو معالجة الركود في النشاط العقاري.
وكذلك توفر تحقيق الشفافية في توفير المعلومات الاقتصادية للنشاط العقاري كما هو معمول به في كثير من الدول المتقدمة، والقضاء على الشائعات والمعلومات التي لا تستند إلى مصدر رسمي وحقيقي، مع التأكيد على أن الوصول إلى هذه التفاصيل بالتحاليل والاستنتاجات ليس من اختصاص الوزارة وسيكون الجميع بهذه المؤشرات أمام محك الشفافية التامة حول معلومات التداول العقاري.
وفي هذا السياق، أشار مشعل الغامدي، الخبير العقاري، إلى أن هذا القرار يعد أحد أهم القرارات التاريخية المؤثرة فعليا على حالة السوق في المستقبل القريب، بل سيكون مرجعا معتمدا لتحديد الارتفاعات والانخفاضات بدقة متناهية، مما سيخدم حالة المواطن الذي ينوي التملك وشراء المنزل، بحيث ستكون الخيارات متاحة له بشكل أكبر وستكون أسعار العقار في المملكة أمام شاشة جواله، مما يفتح خيارات أوسع للتملك ويضغط على أسعار العقار بالانخفاض، نظرا لتزايد الفرص وإدراك حالة السوق وقيمتها ومقارنتها بأي حي يختاره من الأحياء الأخرى، وهذا الأمر سيلقي بظلاله إيجابا على أسعار العقار التي ستعيش تنافسا كبيرا فيما بينها لنيل رضا المواطن.
وحول توقعاته لما سيفضي إليه تطبيق القرار، أكد الغامدي أن الأسعار ستنخفض لا محالة متى ما طبقت التسعيرة الحقيقية التي تستقي نتائجها من مصادر عدة، نظرا لتوافر الخيارات كافة للعميل التي تتيح له الاختيار بما يتناسب مع قدرته وحالته المادية، قياسا على الانخفاضات ومتوسط الأسعار المعروضة، مما سيدفع بالمزيد من النزول المتوقع لقيمة العقار نتيجة ابتعاد السوق عن المزايدات والتوقعات التي أضرت بالسوق كثيرا، مما يعني أن إطلاق المؤشر سيدفع بالمزيد من التفاؤل نحو الحالة المستقبلية للسوق وإمكانية أكبر لتحقيق حلم انخفاض الأسعار وعودتها إلى وضعها الطبيعي.
وتتيح خدمة المؤشرات لطالب الخدمة اختيار الفترة الزمنية التي يريدها لمعرفة وضع السوق العقارية في المناطق والمدن والأحياء خلال الفترة الزمنية التي يريد (شهر أو ربع سنة أو سنة)، مع إتاحة الاطلاع على متوسط أسعار العقار وسعر المتر المربع ومقارنته بين المناطق والمدن والأحياء، كما يمكن تتبع تفاصيل الصفقات المنفذة بكل يسر وسهولة، مما يتيح للباحثين والمستفيدين الحصول على معلومات وبيانات إحصائية حديثة ودقيقة تعكس واقع التعاملات العقارية وحجمها بكل شفافية في جميع مدن المملكة المختلفة.
وفي سياق متصل، أوضح إبراهيم العبيد المستشار العقاري، أن أهم انعكاسات القرار هو فضحه التلاعب في أسعار العقار، عبر إجباره المتلاعبين على التوقف عن إبرام الصفقات الوهمية أو تدوير العقار بين التجار، الذي كان يهدف إلى إيضاح تعافي السوق ونشاطها المرتفع، وهي حركة منتشرة إلى حد كبير وتضر بالقطاع كثيرا. ويعد تدوير العقار حركة وهمية مصطنعة لا تمت للواقع بصلة، بل هي اتفاقات تجري في غرف مظلمة تدفع بالسوق إلى مراحل مضرة من أجل تحقيق المكاسب الشخصية.
وشدد على ضرورة مراقبة الصفقات الوهمية في المقام الأول، واصفا إياها بالمدمرة للسوق على الأمد البعيد، وأن القطاع يحتاج منذ زمن بعيد إلى مؤشر حقيقي يوضح التعاملات والأسعار وقطع الطريق على المنتفعين من غياب الرقابة وترك السوق للعرض والطلب، الذي للأسف لم يطبق كثيرا في حالة السوق السعودية، بل ظل يسير نحو المجهول في الوقت الذي كانت فيه الجهات المختصة بعيدة عن السوق، إلا أن القرارات الحكومية الأخيرة كانت فاعلة إلى حد معقول وبدأت في التضييق على من يتلاعب في السوق، إلا أنهم يطمحون إلى مزيد من الرقابة والتشديد للدفع بالأسعار إلى وضعها الطبيعي.
وتنقسم المؤشرات العقارية إلى ثلاثة أقسام رئيسة، هي المناطق والمدن والأحياء، بحيث يضم قسم رئيس ثلاثة أقسام فرعية هي بحسب الفترات الزمنية (شهري، ربع سنوي، سنوي)، كما يمكن عرض الكثير من المؤشرات العقارية التي تعكس التنوع في عرض المعلومات المختلفة للصفقات والمبايعات التي جرت حسب تصنيف العقار (سكني، تجاري) أو حتى نوع العقار (أرض، عمارة، فيلا، شقة، معرض - محل، مركز تجاري، قصر، بيت، مرفق، استراحة، أرض زراعية).
ويمكن أيضا معرفة إجمالي أعداد الصفقات والمبايعات في منطقة معينة أو مدينة أو حي بكل يسر وسهولة، وذلك خلال أي فترة محددة يجري اختيارها، مع معرفة متوسط سعر المتر المربع في حي معين من خلال احتساب إجمالي سعر البيع وقسمته على إجمالي المساحة لجميع التداولات والمبايعات في الحي المختار، وتمنح هذه المؤشرات خاصية مقارنة أسعار العقار حسب تصنيف العقار ونوعه.
ويمكن كذلك مقارنة متوسط سعر المتر المربع في الأحياء بحسب مدينة معينة، فيظهر من خلال هذا المؤشر الأحياء الأكثر ارتفاعا في أسعار العقار، مع القدرة على تتبع تفاصيل العمليات والصفقات المتعلقة بنوع معين من أنواع العقار (أرض، عمارة، فيلا، شقة)، وتتبع متوسط أسعار الشقق أو العمائر في منطقة معينة أو مدينة أو حي معين لتعطي معلومة واضحة للمستفيد والباحث عن شراء عقار في حي معين ليدرك حقيقة أسعار العقار في هذا الحي حسب الصفقات المشابهة التي جرت في الحي وحتى لا يقع ضحية للمغالاة والاستغلال من قبل البعض، وتتاح أيضا صلاحية متابعة التزايد في أسعار الأراضي أو الشقق خلال فترات زمنية معينة.



هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»