إلى أين؟ (1957) ‫شهادة لبنانية ضد الهجرة يفرضها غياب جورج نصر

سنوات السينما

جورج نصر
جورج نصر
TT

إلى أين؟ (1957) ‫شهادة لبنانية ضد الهجرة يفرضها غياب جورج نصر

جورج نصر
جورج نصر

يفرض غياب المخرج اللبناني جورج نصر قبل يومين عن 92 سنة العودة إلى أول فيلم أنجزه هذا المخرج الذي كان - أيضاً - أول علاقة له بمهرجان «كان» السينمائي حيث تم عرضه في مسابقة ذلك العام.
قبل عامين احتفى المهرجان الفرنسي ذاته بالمخرج العائد إليه (هذه المرّة) من دون فيلم بل برحيق الذكريات. جورج نصر كان توقف عملياً عن تحقيق الأفلام منذ «المطلوب رجل واحد» سنة 1973 وما تردد من علاقة قائمة لم تعن وقوفه وراء الكاميرا لتحقيق فيلم طويل آخر بعد ذلك التاريخ.
«إلى أين؟» كان الموضوع الذي كان يجب أن يحققه مخرج لبناني ما. إذ آل إلى جورج نصر فإنه كان فاتحة أعماله الروائية الطويلة الثلاث كما كان الجواب على الثغرة الناشئة في العلاقة بين لبنان الوطن ولبنان الاغتراب.
هو الظهور المفاجئ للشخصية محور الفيلم. هذا الظهور فعل متكرر في السينما اللبنانية نلحظه في أفلام عدة حديثة لمخرجين مثل غسان سلهب وصولاً إلى فيلم جيهان شعيب وما بعد. لكنه عند نصر هو في حدود عودة إلى الأرض من بلاد الاغتراب في فترة لا علاقة لها بالحرب الأهلية ولا بأي حرب أخرى. لقد كان المهاجر اللبناني إلى البرازيل ترك وطنه قبل عشرين سنة (أي في الثلاثينات بالنظر إلى أن حكاية الفيلم لا تعود إلى ما قبل تاريخ الإنتاج نفسه). خلال الفترة حاول تحقيق نجاح مادي يمكنه من جلب باقي أسرته ومن العيش على نحو أفضل من حياته في وطنه. إنه، في الفيلم، ليس الطمع بل الحاجة. وليس الرغبة في التخلي عن الوطن بحد ذاته، بل البحث عن نجاح ولو في وطن بديل.
لكن المهاجر (شكيب خوري) إذ نأى منفرداً عن وطنه ترك زوجته وولديه الصغيرين وحيدين في حياتهما. وها هي الزوجة تعمل ليل نهار لأجل سد الفراغ الناتج عن غيابه. بعد عشرين سنة من الغربة يعود الرجل إلى عائلته خالي الوفاض ويحاول جورج نصر هنا التقاط ملامح الفشل ممتزجة بملامح الشوق والأسف وينجح. لأن هذه المشاعر المتولّدة في الذات هي شأن طبيعي لا يمكن إلا وإصابة هدفه.
يدفع المخرج بطله لإخفاء نفسه عن العائلة في بادئ الأمر غير قادر على مواجهتها. المكان الذي اختاره المخرج كمأوى لبطله ريثما يمتلك الشجاعة ويكشف عن نفسه لزوجته وولديه هو قصر مهجور. وهو اختيار لغوي جيد يرمز إلى تلك الآمال الخاوية غير المحققة.
هذا كله جزء من الحكاية. الجزء الثاني اكتشاف الأب العائد على أن أحد ولديه يرتب مستقبله على أساس الهجرة ذاتها. هو بدوره، وكما لو أن الحياة تعيد نفسها ولو في هذه المدارات الصغيرة.
حمل الفيلم رسالة تعارض الهجرة وهي رسالة مهمّة في تلك الآونة التي تكاثرت فيها نغمة الهجرة إلى البرازيل وسواها خصوصاً بين أبناء القرى المسيحية. طبعاً هذا لم يغير في الأوضاع شيئا لكن الفيلم ذهب لمحاولة التحذير من مغبة الهجرة كون هذه هي كانت رسالته الأولى.
لم يكن فيلما خطابياً، وهذا ما يُسجل للمخرج الشاب حينها، بل على العكس مال إلى العناية بالفترات الصامتة الموحية. بتلك المشاعر وكيفية ترجمتها إلى صور عاكسة. نافس في «كان» ولم يفز، لكن هذا شأن العديد من الأفلام الجيدة في كل سنة.
قيمة تاريخية | قيمة فنية:


مقالات ذات صلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )
يوميات الشرق إيني إيدو ترى أنّ السينما توحّد الشعوب (البحر الأحمر)

نجمة «نوليوود» إيني إيدو لـ«الشرق الأوسط»: السينما توحّدنا وفخورة بالانفتاح السعودي

إيني إيدو التي تستعدّ حالياً لتصوير فيلمها الجديد مع طاقم نيجيري بالكامل، تبدو متفائلة حيال مستقبل السينما في بلادها، وهي صناعة تكاد تبلغ الأعوام الـ40.

إيمان الخطاف (جدة)

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
TT

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)

نظراً للزخم العالمي الذي يحظى به مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة، اختارت «استديوهات كتارا»، ومقرها الدوحة، أن تكشف خلاله الستار عن أول فيلم روائي قطري طويل تستعد لإنتاجه، وهو «سعود وينه؟»، وذلك في مؤتمر صحافي ضمن الدورة الرابعة من المهرجان، مبينة أن هذا العمل «يشكل فصلاً جديداً في تاريخ السينما القطرية».

ويأتي هذا الفيلم بمشاركة طاقم تمثيل قطري بالكامل؛ مما يمزج بين المواهب المحلية وقصة ذات بُعد عالمي، كما تدور أحداثه حول خدعة سحرية تخرج عن السيطرة عندما يحاول شقيقان إعادة تنفيذها بعد سنوات من تعلمها من والدهما، وهذا الفيلم من إخراج محمد الإبراهيم، وبطولة كل من: مشعل الدوسري، وعبد العزيز الدوراني، وسعد النعيمي.

قصة مؤسس «صخر»

كما أعلنت «استديوهات كتارا» عن أحدث مشاريعها السينمائية الأخرى، كأول عرض رسمي لأعمالها القادمة، أولها «صخر»، وهو فيلم سيرة ذاتية، يقدم قصة ملهمة عن الشخصية العربية الاستثنائية الراحل الكويتي محمد الشارخ، وهو مبتكر حواسيب «صخر» التي تركت بصمة واضحة في عالم التكنولوجيا، باعتبارها أول أجهزة تتيح استخدام اللغة العربية، وأفصح فريق الفيلم أن هذا العمل ستتم معالجته سينمائياً ليحمل كماً مكثفاً من الدراما والتشويق.

«ساري وأميرة»

والفيلم الثالث هو الروائي الطويل «ساري وأميرة»، وهو عمل فنتازي يتناول الحب والمثابرة، يتم تصويره في صحراء قطر، وتدور أحداثه حول حياة قُطّاع الطرق «ساري وأميرة» أثناء بحثهما عن كنز أسطوري في وادي «سخيمة» الخيالي، في رحلة محفوفة بالمخاطر، حيث يواجهان الوحوش الخرافية ويتعاملان مع علاقتهما المعقدة، وهو فيلم من بطولة: العراقي أليكس علوم، والبحرينية حلا ترك، والنجم السعودي عبد المحسن النمر.

رحلة إنسانية

يضاف لذلك، الفيلم الوثائقي «Anne Everlasting» الذي يستكشف عمق الروابط الإنسانية، ويقدم رؤى حول التجارب البشرية المشتركة؛ إذ تدور قصته حول المسنّة آن لوريمور التي تقرر مع بلوغها عامها الـ89، أن تتسلق جبل كليمنجارو وتستعيد لقبها كأكبر شخص يتسلق الجبل، ويروي هذا الفيلم الوثائقي رحلة صمودها والتحديات التي واجهتها في حياتها.

وخلال المؤتمر الصحافي، أكد حسين فخري الرئيس التنفيذي التجاري والمنتج التنفيذي بـ«استديوهات كتارا»، الالتزام بتقديم محتوى ذي تأثير عالمي، قائلاً: «ملتزمون بتحفيز الإبداع العربي وتعزيز الروابط الثقافية بين الشعوب، هذه المشاريع هي خطوة مهمة نحو تقديم قصص تنبض بالحياة وتصل إلى جمهور عالمي، ونحن فخورون بعرض أعمالنا لأول مرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي؛ مما يعكس رؤيتنا في تشكيل مستقبل المحتوى العربي في المنطقة».