تفجير عبوة ناسفة في دمشق بثاني هجوم يطال أحياءها خلال أيام

«قوات سوريا الديمقراطية» تواصل معاركها ضد «داعش» شرق البلاد

انفجار عبوة في سيارة قرب السفارة الروسية في دمشق أمس (رويترز)
انفجار عبوة في سيارة قرب السفارة الروسية في دمشق أمس (رويترز)
TT

تفجير عبوة ناسفة في دمشق بثاني هجوم يطال أحياءها خلال أيام

انفجار عبوة في سيارة قرب السفارة الروسية في دمشق أمس (رويترز)
انفجار عبوة في سيارة قرب السفارة الروسية في دمشق أمس (رويترز)

تعرضت منطقة العدوي في شمال شرقي دمشق أمس الخميس لتفجير بعبوة ناسفة، استهدف مكاناً قريباً من السفارة الروسية، من دون أن يوقع قتلى، في اعتداء هو الثاني من نوعه في العاصمة خلال أيام.
وعلى جبهة ثانية في شرق سوريا، تواصل «قوات سوريا الديمقراطية»؛ المؤلفة من فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن، معاركها ضد آخر مقاتلي تنظيم داعش، تزامناً مع استمرار خروج مئات المدنيين من مواقع سيطرة «الجهاديين».
في دمشق، أفاد الإعلام الرسمي السوري الخميس بـ«تفجير إرهابي بعبوة ناسفة في منطقة العدوي»، الواقعة في شمال شرقي العاصمة.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن العبوة كانت «مزروعة بسيارة»، وتسببت «بوقوع أضرار مادية من دون وقوع إصابات بين المواطنين».
وأحصى «المرصد السوري لحقوق الإنسان» من جهته إصابة 4 أشخاص بجروح طفيفة. وقال مديره رامي عبد الرحمن إن التفجير وقع في «مكان قريب من مقر السفارة الروسية».
ويعد هذا التفجير الثاني من نوعه بالعاصمة السورية في بضعة أيام، بعد تفجير وقع الأحد الماضي في جنوب دمشق بالقرب من فرع أمني، أوقع قتلى وجرحى؛ بحسب «المرصد» الذي لم يتمكن حتى الآن من تحديد سبب التفجير.
وأوردت وكالة «سانا» الأحد أنه نجم عن «تفجير عبوة مفخخة من دون وقوع ضحايا»، مشيرة إلى «معلومات مؤكدة بإلقاء القبض على إرهابي».
وكان هذا التفجير الأول في دمشق منذ أكثر من عام، بحسب «المرصد» الذي أفاد بأن آخر تفجير تمّ في ديسمبر (كانون الأول) 2017 ونجم عن انفجار عربة مفخخة في جنوب العاصمة، من دون أن يسفر عن سقوط قتلى.
وسبقه في الشهر نفسه تفجيران تبنتهما «هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)» واستهدفا أحد أحياء دمشق القديمة وتسببا بمقتل أكثر من 70 شخصاً، غالبيتهم من الزوار الشيعة العراقيين.
ومنذ عام 2011، بقيت دمشق نسبياً بمنأى عن النزاع الذي تشهده البلاد، إلا إنها شهدت تفجيرات دامية أودت بحياة العشرات وتبنت معظمها تنظيمات متطرقة، بينها تفجير تبناه تنظيم داعش في مارس (آذار) 2017 واستهدف القصر العدلي، مسفراً عن مقتل أكثر من 30 شخصاً.
وشكلت دمشق على مدى سنوات هدفاً لقذائف أطلقتها الفصائل المعارضة التي كانت تسيطر على أحياء في أطرافها وعلى الغوطة الشرقية. لكن إثر عمليات عسكرية واتفاقات إجلاء مع الفصائل المعارضة والجهاديين، استعاد الجيش السوري في مايو (أيار) جميع أحياء مدينة دمشق ومحيطها.
ويأتي تفجير أمس الخميس بعد يومين من مقتل مدني وإصابة 14 بجروح جراء انفجار سيارة مفخخة في مدينة اللاذقية، وفق ما نقل الإعلام الرسمي، في اعتداء نادر في المحافظة الساحلية التي تتحدر منها عائلة الرئيس السوري بشار الأسد وبقيت بمنأى نسبياً عن النزاع منذ اندلاعه.
وفي ريف دير الزور الشرقي، أحصى «المرصد السوري» أمس خروج نحو ألف شخص منذ ساعات صباح أمس من مواقع سيطرة تنظيم «داعش» إلى نقاط وجود «قوات سوريا الديمقراطية».
وقال عبد الرحمن إن «300 شخص بينهم مقاتلون من التنظيم خرجوا بموجب اتفاق مع (قوات سوريا الديمقراطية)»، موضحاً أن «من يواصلون القتال هم الرافضون للاتفاق وتسليم أنفسهم».
وتقود هذه القوات، التي تضم فصائل كردية وعربية، منذ 10 سبتمبر (أيلول) الماضي هجوماً بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، لطرد التنظيم من آخر جيب عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات بمحاذاة الحدود العراقية.
وبعد طرده الأربعاء من الباغوز، آخر بلدة كانت تحت سيطرته في هذا الجيب، بات التنظيم يسيطر على قريتين صغيرتين هما عبارة عن مزرعتين وحقول في محيطهما.
وشهدت المنطقة خلال الأيام الأخيرة موجات نزوح للمدنيين ولعائلات عناصر التنظيم هرباً من المعارك والغارات، كما سلم مئات الجهاديين أسلحتهم إلى «قوات سوريا الديمقراطية»، وفق «المرصد».
وقال المتحدث باسم التحالف الدولي شون رايان أول من أمس إن «قوات سوريا الديمقراطية»؛ «باتت على بعد أقل من 10 كيلومترات عن الحدود العراقية، لكنها لا تزال تواجه مقاومة مقاتلين شرسين».
ورغم خسائره الميدانية في سوريا، فإن التنظيم لا يزال قادراً على شنّ اعتداءات دامية، استهدف آخرها القوات الأميركية في شمال سوريا. وتوعد في بيان نقلته حسابات جهادية على تطبيق «تلغرام» الاثنين الماضي، القوات الأميركية وحلفاءها بمزيد من الهجمات.
وفي المناطق التي تمّ طرده منها، يتحرّك التنظيم من خلال «خلايا نائمة» تقوم بوضع عبوات أو تنفيذ عمليات اغتيال أو خطف أو تفجيرات انتحارية تستهدف مواقع مدنية وأخرى عسكرية.
وتشكل المعارك ضد تنظيم داعش مؤشراً إلى طبيعة النزاع المعقد في سوريا والذي تسبب منذ اندلاعه في عام 2011 بمقتل أكثر من 360 ألف شخص وألحق دماراً هائلاً بالبني التحتية، وأدى إلى نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية من دمشق.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».